البيت الأبيض يقر بالتعاون بين القاعدة والمعارضة السورية
لاحت في الأفق نذر مواجهة جديدة في مجلس الأمن الدولي بين روسيا والصين من جهة وبين دول عربية مدعومة من الغرب من جهة أخرى، مع إعلان باريس أمس أنها وزعت مشروع قرار جديد لصالح وقف لإطلاق نار إنساني في سوريا، فيما كرر رئيس الحكومة وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني دعوته إلى دخول «قوات عربية ودولية إلى سوريا لإيجاد مناطق آمنة وإدخال المساعدات ومراقبة وقف إطلاق النار».
وأعلن البيت الأبيض أن تنظيم القاعدة يحاول الاستفادة من الوضع في سوريا، وأقر بأن هذا الأمر هو أحد الأسباب التي تحول دون وضع مسألة تزويد المعارضين بالسلاح على جدول أعمال واشنطن. وقال المتحدث باسمه جاي كارني «من دون التطرق إلى التقييمات التي قامت بها استخباراتنا، فإني أقول بكل بساطة إننا نعرف أن القاعدة ومتطرفين آخرين يحاولون الاستفادة من الوضع الناتج عن العدوان الوحشي للأسد ضد المعارضة». وأضاف إن عناصر من التنظيم «يحاولون تقديم أنفسهم على أنهم المدافعون عن حرية أكبر وعن الديموقراطية لسكان المنطقة، وعن سوريا في هذه الحالة»، في ما يتناقض مع «تاريخهم وحججهم وعلة وجودهم». وأقر بأن الولايات المتحدة لم «تحدد بشكل واضح إلى أي درجة يتعاون متطرفو القاعدة مع المعارضة السورية»، موضحاً إن «موقفنا لا يعود فقط لهذا السبب، بل أيضاً لأن الوقت لم يحن بعد لزيادة عسكرة الوضع في سوريا».
واعتبرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أن هناك «حججا» قد تتيح ملاحقة الرئيس السوري بشار الأسد بتهمة «ارتكاب جرائم حرب»، إلا أن هذا الخيار قد يعقد التوصل إلى حل في سوريا. وفي حين تأكد تهريب الصحافي البريطاني بول كونروي من بابا عمرو في حمص الى لبنان، فقد تضاربت التقارير حول نقل الصحافية الفرنسية اديت بوفييه إلى الاراضي اللبنانية.
وأصدر الأسد مرسوما يقضي بجعل الدستور الذي اقره السوريون عبر استفتاء الأحد الماضي نافذا اعتبارا من 27 شباط الحالي. وأقر السوريون مشروع الدستور الجديد بنسبة 89،4 في المئة من الناخبين الذين بلغت نسبة مشاركتهم في الاستفتاء 57،4 في المئة.
وأعلنت وزارة الخارجية الفرنسية ان مجلس الامن تسلم مشروع قرار جديد لصالح وقف لاطلاق نار انساني في سوريا.
وقال وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه، لاذاعة «ار تي ال»، ان «مجلس الامن يدرس حاليا قرارا لوقف اطلاق النار بدوافع انسانية ووصول مساعدة انسانية الى المواقع الاكثر عرضة للتهديد. يمكننا ان نأمل الا تستخدم روسيا والصين الفيتو ضد هذا القرار».
ولم يستبعد جوبيه ان يلين موقف موسكو بعد الانتخابات الرئاسية الروسية المقررة في الرابع من آذار المقبل. وقال «هذا ممكن. لا شك ان اجواء ما قبل الانتخابات في روسيا تدفع النظام الى اتخاذ مواقف قومية متطرفة الى حد ما». واضاف ان «النظام يعزل نفسه اكثر فأكثر والعالم العربي لم يعد يفهم روسيا اليوم».
واوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو ان «النص المطروح يقضي خصوصا بوقف العنف والدخول الفوري للمساعدة الانسانية ومن دون عراقيل الى المواقع الاكثر عرضة للتهديد والسكان الاضعف، وتجديد الدعم للجامعة العربية».
وقال دبلوماسيون في الامم المتحدة ان القوى الغربية ربما تسعى الى حل وسط يركز على المساعدة الانسانية لتجنب فيتو جديد من موسكو او بكين. وابلغ دبلوماسي غربي وكالة «رويترز» ان بعض الحكومات الغربية تضغط بقوة من أجل أن يتضمن اي مشروع قرار جديد مطالب بإنهاء العنف وهو يستهدف إلى حد كبير الحكومة السورية. وقال «نبحث ما اذا كانت هناك ارضية مشتركة مع روسيا. من الواضح انه ينبغي أن يتضمن (مشروع القرار) عناصر قوية بشأن العنف».
وقال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية لين باسكوا، امام مجلس الأمن، إن «عدد القتلى في سوريا أعلى بكثير من 7500 شخص». واعتبر أن «القوة النارية للمعارضة تبدو ضئيلة مقارنة بالاسلحة الثقيلة التي يستخدمها الجيش السوري». واضاف «للاسف المجتمع الدولي فشل في مهمته لوقف المذبحة والتحرك وعدم التحرك حتى الان يشجع النظام في ما يبدو على الاعتقاد بأن لديه حصانة ليواصل تدميره السافر لشعبه».
وقال رئيس الحكومة وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، في تصريح لقناة «الجزيرة»، «انا أعتقد أنه يجب أن تكون هناك قوات عربية ـ دولية لجعل مناطق آمنة وإدخال المساعدات ومراقبة وقف إطلاق النار، المشكلة في هذا، هل الجانب السوري سيلتزم بوقف إطلاق النار؟، وأن أي قوات ستدخل حتى لو كانت عملية إنسانية يجب أن تكون معها حماية عسكرية لحماية الأفراد الذين سيقومون بعمل المساعدات الإنسانية سواء دواء أو غذاء».
وعن آليات تسليح المعارضة، قال حمد إن «الدفاع عن النفس مشروع تحت القوانين وبالذات قوانين مجلس الأمن»، مضيفا «نحن طبعا نأمل أن تحل الأمور بأن تتجنب الحكومة السورية وعلى رأسها الرئيس بشار الأسد التصعيد، ولكن هناك كلاما جاريا في المجتمع الدولي عن عمل ما، سواء تسليحا أو مناطق آمنة، لكن السؤال الآن هل تكون هذه القوات عربية أم عربية دولية؟ فهناك خيارات ندرسها بشكل جدي خلال الأيام المقبلة وطبعا طريقة التسليح أيضا تدرس ولكن لابد أن تدرس أيضا من ضمن المجتمع الدولي، فهي مطروحة على الطاولة «.
وعبر عن «أمله بألا نصل إلى هذه النتيجة، لأن هذه النتيجة قد تكون عواقبها ليست جيدة، ولكن هي بسبب الإسراف في القتل، وما يجري بالذات اليوم في سوريا أصبح هناك إلحاح دولي في هذا الشأن».
وعن مخاطر تسليح المعارضة، قال حمد «ليس هناك شك أن أي عمل فيه مخاطر، ولكن هذه المخاطر هل هي بقدر ما يجري الآن، هذا هو التقييم الذي يجب أن يحصل، فهناك أيضا قتل يحصل من جانب واحد وهو من جانب الجهات الرسمية السورية، وإذا استمر بهذه الطريقة هذا غير مقبول لا عربيا ولا إسلاميا ولا دوليا، ولذلك قد يضطر المجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات حتى لو كان لها عواقب، ولكن عواقبها يبررها الاحتياج لإنقاذ هذا الشعب ووقف ما يجري في سوريا».
واعتبرت كلينتون، ردا على سؤال لسناتور في مجلس الشيوخ عما إذا كان «يتوجب في نظرها أن يعتبر المجتمع الدولي الأسد مجرم حرب»، انه «إذا استندنا إلى تعريف مجرم حرب وجرائم ضد الإنسانية هناك حجج للقول انه يمكن أن يدخل في هذه الفئة»، لكنها أضافت «استنادا الى خبرتي الواسعة اعتقد ان هذا الامر قد يعقد التوصل الى حل لوضع معقد اصلا، لأنه سيحد من إمكانات إقناع قادة بالتخلي عن السلطة».
وعما اذا كانت تعتقد ان الاسد في طريقه للخروج من السلطة في آخر الامر، قالت كلينتون «اعتقد ذلك. لكن ما لا اعرفه هو كيف احدد آخر الأمر».
وفي شمال لبنان، كتب مراسل «السفير» غسان ريفي انه وحتى ساعة متأخرة من ليل أمس، بدت عملية التأكد من المعلومات حول كيفية دخول الصحافي البريطاني المصاب بول كونروي أشبه بلغز حيّر الجهات الأمنية المعنية لا سيما في شمال لبنان، والتي جهدت طيلة يوم أمس لمعرفة تفاصيل ما تناقلته وسائل الاعلام الأجنبية عن دخوله الى الأراضي اللبنانية آتيا من مدينة حمص السورية.
وإن كانت عملية خروج كونروي والفرنسية بوفييه، التي لا تزال في حمص، من لبنان الى سوريا وغيرهم من الصحافيين الأجانب قد اتضحت معالمها مؤخرا، فذلك بعد المعلومات المتداولة والتي أشارت الى سلوكهم معبرا غير شرعي يربط وادي خالد بالأراضي السورية ومنها الى حمص، (ومن المرجح أن يكون إما معبر حنيدر أو الكنيسة) وذلك بواسطة عدد من المهربين الناشطين على هذا الخط، ولقاء بدل مالي يتراوح ما بين ثلاثة آلاف الى خمسة آلاف دولار أميركي على الشخص الواحد.
وما زال خروج كونروي، الذي أشارت معلومات صحافية الى أنه تسلل من حمص الى الأراضي اللبنانية، يخضع لكثير من التأويلات والتحليلات الناتجة عن تسريبات إعلامية لم يتسن حتى للأجهزة الأمنية المتابعة التأكد منها، ومن هذه التسريبات، أن مجموعة من المهربين في منطقة وادي خالد المرتبطين مباشرة «بالجيش السوري الحر» عملت بالتنسيق مع عناصر من المعارضة السورية على تأمين خروج الصحافي المصاب بول كونروي من منطقة بابا عمرو في حمص إلى بلدة حنيدر في وادي خالد عند الحدود اللبنانية ـ السورية، وذلك بواسطة دراجات نارية عادة ما تستخدم في سلوك تلك المعابر، حيث تم نقله سريعا من المنطقة الحدودية إلى سفارة بلاده، التي سارعت إلى تأمين علاج كونروي في أحد مستشفيات العاصمة بيروت.
وما يعزز تلك الفرضية ويجعلها قريبة من الواقع هو أن بلدة حنيدر تبعد كيلومترات قليلة عن حمص، وتستغرق عملية الانتقال منها وإليها عبر الطرقات الجبلية الوعرة نحو ربع ساعة على الدراجات النارية السريعة، وذلك بحسب ما أفاد بعض أبناء المنطقة الخبراء في هذا المجال، والذين أشاروا الى أن منطقة وادي خالد شهدت أمس تواجدا صحافيا استثنائيا، فضلا عن تدابير أمنية مشددة اتخذها الجيش اللبناني الذي أقام حواجز ثابتة وسير دوريات على مدار ساعات النهار.
وتضيف هذه المعلومات أنه برغم قيام الجيش السوري بتلغيم المناطق الحدودية للحؤول دون قيام أي حالات تسلل، فان المجموعات الناشطة من المهربين ما تزال قادرة على الخروج والدخول من والى الأراضي السورية عبر بعض الممرات الوعرة التي لم يشملها التلغيم، أو التي تم نزع الألغام منها أو تفجيرها بوسائل مختلفة، وأن هذه المجموعات نفسها هي التي تعمل على إدخال وإخراج من يريد ولا سيما الصحافيين الأجانب.
وتضاربت التقارير لساعات حول وصول بوفييه الى لبنان. وبعد ان اعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي انها اصبحت في لبنان عاد وتراجع عن تصريحه. واعلنت ادارة صحيفة «لو فيغارو» الفرنسية ان بوفييه التي تعمل في هذه الصحيفة لا تزال في سوريا.
وسلمت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أغذية وإمدادات أخرى لمدينتي حمص وإدلب، لكنها قالت إنه ينبغي تحسين الأمن حتى يتسنى توزيعها على المدنيين المحتاجين. وأضافت اللجنة، في بيان، أن من الضروري أن تتفق السلطات وجماعات المعارضة على تنفيذ وقف لإطلاق النار بشكل يومي للسماح بدخول المساعدات.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد