الجمعية العامة تتبنى "المبادرة العربية" وانقسام عالمي حول المسألة السورية

17-02-2012

الجمعية العامة تتبنى "المبادرة العربية" وانقسام عالمي حول المسألة السورية

تمسكت روسيا وفرنسا، أمس، بمواقفهما حيال الأزمة السورية، ففيما كررت باريس مطالبتها بتنحي الرئيس السوري بشار الأسد، أعلنت موسكو أن وقف العنف من قبل كل الأطراف يجب أن يسبق انطلاق العملية السياسية، محذرة من أن سحب السفراء الغربيين والعرب من دمشق «قد يدل على استعدادات لنزاع واسع النطاق في سوريا».
وتبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا غير ملزم يؤيد «المبادرة العربية» التي تدعو الرئيس السوري بشار الأسد إلى التنحي. ووافق على القرار 137 دولة، وعارضه 12 بينها الصين وروسيا، بينما امتنع 17 عن التصويت. يشار الى ان هناك 193 دولة اعضاء في الجمعية العامة.
ويطالب النص، الذي طرحته مصر وعدد من الدول العربية، «الحكومة السورية بإنهاء هجماتها على المدنيين، ويدعم جهود الجامعة العربية لتأمين انتقال ديموقراطي للسلطة في سوريا، ويوصي بتعيين مبعوث خاص للأمم المتحدة إلى سوريا».
وقال مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين بضرورة «وقف العنف من قبل كل الأطراف في سوريا»، مؤكدا أن «روسيا ستواصل جهودها لمساعدة سوريا».
وأدان نظيره الصيني لي باو دونغ «كل أعمال العنف التي تستهدف الأبرياء في سوريا»، داعيا «كل الأطراف الى إطلاق عملية حوار شاملة فورا، والمشاركة في الاستفتاء الذي دعت إليه الحكومة» في 26 شباط الحالي، معربا عن أمله أن «تحل المسألة السورية في إطار الجامعة العربية من خلال الحلول السياسية». وقال «نرفض أي تدخل خارجي في سوريا، ولا نعتقد أن العقوبات ستساعد في الحل».
وقال مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري ان «تناول ملف سوريا من خلال 3 بنود مختلفة خلال 10 أيام يهدد مصداقية الجمعية العامة للأمم المتحدة ويظهر أن سوريا مستهدفة من حيث المبدأ وليس لأي سبب آخر». واعتبر أن «قرارات الجامعة العربية تنتهك سيادة سوريا وتخالف القوانين الدولية وتشجع الجماعات الإرهابية المسلحة وهجماتها»، وأن «الجامعة العربية أصبحت تنافس أعداء العرب في الإساءة إلى سوريا».
في هذا الوقت، برزت تصريحات لافتة لمدير الاستخبارات القومية الأميركية جيمس كلابر الذي رجح ان يكون تنظيم القاعدة هو الذي نفذ التفجيرات الانتحارية في دمشق وحلب، مؤكدا اختراق عناصر التنظيم صفوف المعارضة المشتتة.
وقال كلابر، أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي، إن التفجيرات التي شهدتها دمشق وحلب «تحمل جميعها بصمات القاعدة، لذلك نعتقد أن القاعدة في العراق آخذة في مد نفوذها إلى سوريا».
وأعرب كلابر عن قلقه من أن مسلحين من «القاعدة» اخترقوا المعارضة السورية المنقسمة. وقال إن «ظاهرة أخرى مثيرة للانزعاج هو أننا شاهدنا مؤخرا تواجد متطرفين اخترقوا جماعات المعارضة»، مشيرا إلى أن «جماعات المعارضة في العديد من الحالات ربما لا تعلم بوجودهم بينها».
وأكد كلابر أن المعارضة متشرذمة بشكل كبير، وان النظام السوري على ما يبدو قادر على الاحتفاظ بالسلطة في الوقت الحالي، مشيرا إلى انه لا توجد مؤشرات حاليا على أن الأزمة في سوريا ستنتهي قريبا. واعتبر أن تشرذم المعارضة قد يؤدي إلى فراغ في السلطة إذا سقط الأسد، وان المتشددين قد يسدون هذا الفراغ، واصفا هذا الأمر «بالمقلق» لان سوريا تملك أسلحة كيميائية.
وأضاف كلابر إن أجهزة الاستخبارات الأميركية تراقب «الشبكة الواسعة» من مخزونات الأسلحة الكيميائية السورية، التي اعتبر أنها «تمثل تحديا اكبر» من ذلك التي مثلته الترسانة الليبية قبل سقوط نظام العقيد الليبي معمر القذافي. وتابع «رغم انه حتى هذه اللحظة، فإنها تبدو في أمان، ونحن نراقب ذلك بدقة». وأشار إلى انه يتوقع أن دور «القاعدة» والانقسامات بين صفوف المعارضين ووجود الأسلحة الكيميائية «ستؤثر على أي مناقشة حول تقديم أي مساعدة للمعارضة».
وتبنت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي قرارا يدين استخدام النظام السوري القوة «الوحشية وغير المبررة ضد مدنيين»، ويدعو الى بحث جميع الوسائل القانونية لمحاكمة المسؤولين عن تلك الاعمال. واعرب القرار عن «خيبة امل كبرى» تجاه حق النقض الذي استخدمته الصين وروسيا في مجلس الامن الدولي لمنع ادانة دمشق.
واقر رئيس اللجنة الديموقراطي جون كيري ان النص الذي تم تبنيه اقل قوة من الأصلي الذي أعرب عدد من الشيوخ عن مخاوف بشأنه. وأشار السيناتور الجمهوري بوب كوركر الى ان مشروع القرار الأول كان يمكن استخدامه لإجازة تدخل عسكري أميركي ضد سوريا.
ولم يسفر اجتماع وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، في فيينا، عن إحراز تغيير في مواقف الطرفين من سوريا.
وقال جوبيه في مؤتمر صحافي بعد اللقاء، «يمكننا ربما أن نلتقي حول هدف على المدى القصير جدا، حول وقف المجازر». وأضاف «يجب بذل كل المساعي من اجل وقف العنف وتقديم مساعدة إنسانية كبيرة للشعب السوري الذي يواجه وضعا رهيبا».
وتابع جوبيه «ليس واردا القبول بالأمر الواقع السياسي في سوريا، لذلك نريد أن نعمل مع الجامعة العربية لتطبيق خطتها للفترة الانتقالية السياسية»، مشيرا إلى أهمية الاجتماع الأول في 24 شباط الحالي في تونس لـ«مجموعة أصدقاء الشعب السوري» الذي ستناقش فيه هذه الخطة.
وقال جوبيه إن البلدين مختلفان أساسا بشأن الموقف في سوريا وان موسكو ما زالت تستخدم السياق «الزائف» لليبيا لإعاقة الموقف. وأوضح «نحن مختلفون في تحليلنا للموقف. بالنسبة لي الأمور واضحة فهذا نظام وحشي قمع حركة شعبية».
وأشار جوبيه إلى أن موسكو ما زالت تحاول جمع العنف من جانب السلطات وتصرفات المسلحين معا وهو شيء لا يمكن لباريس أن تقبله. وقال «لا يمكننا لوم الناس على دفاعهم عن أنفسهم». وأضاف «لسنا سذجا. ليس هناك مجال لقبول الوضع الراهن في سوريا ولذلك سنواصل العمل مع الجامعة العربية على خطة نقل السلطة»، معتبرا انه من المهم أن يرسل اجتماع «أصدقاء سوريا» الذي يعقد في تونس في 24 الحالي رسالة واضحة.
لكن لافروف أعلن، في مؤتمر صحافي منفصل، انه لم يسمع بعد ما يكفي من التفاصيل من جوبيه بشأن الخطة. وقال «لا يمكنني أن اعبر عن رأيي بشأن العرض الفرنسي لأنني لم أتلق أي عروض. اخبرني الوزير انهم يفكرون في قرار جديد يستهدف المساعدة في توصيل المساعدات الإنسانية، بموافقة من كل من يحملون السلاح على الأرض». وتابع «أعرب عن استعدادي للنظر في ذلك بمجرد أن يكون جاهزا».
وقال نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف إن الجانب الفرنسي لم يقدم أي شيء محدد. وأضاف إن الفرنسيين «أشاروا إلى الوضع الإنساني المعقد في سوريا وضرورة اتخاذ المجتمع الدولي خطوات لضمان توريد المساعدات الإنسانية، لكنهم لم يوضحوا شيئا ردا على سؤالنا كيف سيتم ذلك».
وأضاف غاتيلوف إن الجانب الفرنسي أكد ثبات موقفه بشأن سوريا، موضحا أن هذا الموقف يتلخص في انه «يجب أن يتنحي الرئيس السوري بشار الأسد وان يتخذ المجتمع الدولي خطوات حاسمة لوقف العنف وإحلال الاستقرار في البلاد». وتابع «من جانبنا جرى التأكيد على الموقف الروسي. فنحن ندعو إلى وقف العنف فورا من قبل جميع الأطراف والى بدء العملية السياسية. ونعتقد أن ذلك فقط، ولا غير، يمكن أن يكون أساسا حقيقيا للتسوية السياسية في سوريا».
واعتبر مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين أن «سحب بعض الدول الأوروبية والعربية لسفرائها من دمشق قد يدل على بدء الاستعدادات لإثارة نزاع واسع النطاق في سوريا».
وقال تشوركين، في مقابلة مع قناة «ان تي في» الروسية بثت أمس، ان «مثل هذه التحضيرات قد تكون وراء ظهور أنباء تحدثت عن إرسال قوات خاصة بريطانية وقطرية إلى سوريا». وحذر من أنه «إذا استمر الغرب في دفع الأوضاع في سوريا إلى التدهور أكثر فأكثر لينتقل عدم الاستقرار إلى إيران ولبنان وغيرهما من بلدان المنطقة، فستظهر من جراء ذلك مشاكل لدى الأوروبيين، وكذلك الولايات المتحدة التي تقف على أبواب الانتخابات الرئاسية».
وأعلنت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، أن قيام السلطات السورية بتحديد موعد إجراء الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد يدل على التزامها بوعودها. وأعربت عن «أملها أن تساهم جميع القوى السياسية السورية في تهيئة الظروف الملائمة لإجراء هذا الاستفتاء العام» في 26 شباط الحالي.
وأضافت «نحن نأمل أن تبذل كافة القوى السياسية السورية، بما فيها المعارضة، جهودا ترمي إلى خلق ظروف مؤاتية لقيام الشعب السوري بالتعبير عن إرادته بصورة ديموقراطية، ما يتطلب وقف إطلاق النار وأعمال العنف مهما كان مصدرها وإطلاق حوار شامل».
وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، في فيينا، انه قرأ عن اعتزام الأسد إجراء استفتاء قد يقود إلى انتخابات متعددة الأحزاب، لكنه شدد على أن «المهم في هذا الوقت هو ضرورة أن تتوقف السلطات السورية أولا عن قتل شعبها وضرورة أن توقف العنف. هذا العنف يجب أن يتوقف من جميع الأطراف، سواء من قوات الأمن الوطنية أو من قوات المعارضة».
وأعلن انه إلى «جانب وقف اطلاق النار فإن الاولوية الاخرى للامم المتحدة هي المساعدة الانسانية حيث ان مكتب الامم المتحدة للشؤون الانسانية يحضر خطة للوصول الى السكان المدنيين». واعتبر انه من المؤكد تقريبا أن «جرائم ضد الإنسانية» ارتكبت في سوريا.
وأعلنت بكين إرسال نائب وزير الخارجية تشاي جون إلى دمشق اليوم وغدا. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ليو ويمين إن تشاي جون، الذي يتكلم العربية وعمل فترة طويلة في الشرق الأوسط، سيزور سوريا «للمساهمة في حل مناسب وسلمي للازمة السورية». وأضاف إن «رسالة هذه الزيارة هي أن الصين تأمل في حل سلمي ومناسب للوضع في سوريا وستؤدي دور وسيط بناء».
وقال تشاي «نحث الحكومة السورية وكل الأطراف السياسية على أن تنهي فورا وبشكل كامل كل أعمال العنف وأن تستعيد الاستقرار والنظام الاجتماعي الطبيعي بسرعة»، مؤكدا أن بكين «لا توافق على استخدام القوة للتدخل في سوريا أو الضغط بقوة من أجل ما يسمى تغيير النظام».
ودعا معارضون الى مقاطعة الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد في البلاد الذي حدد موعده في 26 شباط. ودعت «لجان التنسيق المحلية»، في بيان، «ابناء شعبنا إلى رفض ومقاطعة الاستفتاء المزعوم».
واعلنت «هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديموقراطي» المعارضة في سوريا مقاطعتها للاستفتاء. وقال المنسق العام للهيئة حسن عبد العظيم، في اتصال مع وكالة «فرانس برس»، «لا يمكن ان نشارك في الاستفتاء قبل توقف العنف القتل والقنص» في سوريا.
وذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) أن «قوات الأمن طاردت واشتبكت مع مجموعة إرهابية مسلحة في حي الحميدية بحماه كانت تروع السكان، وألقت القبض على بعض من أفرادها الذين كانوا يحملون بنادق وقذائف صاروخية».

المصدر: السفير+ وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...