الرياض تدافع عن اختطاف «يارا» وزميلها السوري
ردت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمملكة العربية السعودية على موجة الانتقادات الدولية التي تتعرض لها، في أعقاب اعتقال امرأة أمريكية اعتبرت في "خلوة غير شرعية" مع رجل أجنبي"، قائلة إن أفرادها تصرفوا في إطار واجباتهم الوظيفية.
وقالت الهيئة، في بيان نشرته وسائل الإعلام السعودية الثلاثاء، رداً على ما أوردته الصحف بشأن القضية، إن الشريعة الإسلامية لا تسمح باختلاط المرأة مع رجل من غير محارمها.
جاء ذلك في تعليق لها على واقعة إلقاء القبض على امرأة تُدعى يارا، في الرابع من فبراير/ شباط الماضي، بينما كانت تجلس مع زميل لها في أحد مقاهي "ستاربكس" بالعاصمة الرياض.
وقال البيان، الذي حمل توقيع عبد الله محمد الشثري، مدير عام فرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة الرياض، إن الهيئة تحتفظ بحقها ضد الصحفي عبد الله العلمي، كاتب المقال بصحيفة "الوطن"، والذي كان قد اتهم عناصرها بـ"اختطاف" يارا، وفقاً لما نقلت أسوشيتد برس.
وأضاف البيان أنه توافر لعناصر الهيئة معلومات تفيد بـ"وجود امرأة مع رجل أجنبي في أحد المقاهي، والمرأة حاسرة عن شعرها، في وضع من التبرج، وتصدر منها حركات مريبة"، حسبما أفاد محضر الضبط.
واستطرد: "تم الانتقال للتحري والتثبت، وتبين أن المرأة تدعى يارا، سعودية الجنسية، والرجل محمد سوري الجنسية، وعند مناصحة الرجل حيال تبرج المرأة التي معه، تبين أنها لا تمت بصلة شرعية له."
وكانت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمملكة، قد تعرضت لحملة انتقادات واسعة، بعد قيام عناصرها باعتقال يارا، وهي امرأة متزوجة منذ 27 عاماً، ولديها عائلة من ثلاثة أطفال، وتعيش بمدينة جدة.
وأثار نبأ القبض على المرأة التي قالت الوكالة إنها تحمل الجنسية الأمريكية، إذ يُعتقد أنها مزدوجة الجنسية، العديد من الانتقادات.
فقد سماها الصحفي العلمي بعملية "اختطاف"، بينما وصفها مسؤول رفيع بالأمم المتحدة بـ"إنتهاك"، فيما طلبت منظمة حقوقية محلية تفسيراً من الشرطة الدينية السعودية حول الواقعة.
وبدأت القضية عندما شوهدت يارا، تجلس في أحد مقاهي "ستاربكس"، الذي قصدته مع زميلها في العمل، إثر انقطاع التيار الكهربائي في مكاتب الشركة التي كانت تنوي افتتاحها في الرياض، وذلك بانتظار إصلاح العطل.
وقالت يارا إنّها تعرضت إلى التوقيف في الرياض، على أيدي عناصر من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أثناء جلوسها مع زميلها في القسم المخصص للعائلات، وهو الوحيد الذي يسمح فيه بالاختلاط في الأماكن العامة بالمملكة.
وعندما اتضح أن الزميل لا يرتبط بها بعلاقات قربى تم القبض عليها واقتيادها في عربة دفع رباعي مظللة الزجاج إلى قسم النساء في سجن "الملز"، حيث أُرغمت على خلع ملابسها والخضوع لتفتيش صارم، وُطلب منها التوقيع على أنها كانت في وضع "خلوة مع أجنبي،" ومنعت لساعات من الاتصال بزوجها في جدة، إلى أن تم إطلاق سراحها بعد ما يزيد على خمس ساعات ونصف.
وفي وقت لاحق، أن زميل يارا، والذي يشغل منصب خبير اقتصادي، أفرج عنه بدوره، بعد أيام قضاها في زنازين هيئة الأمر بالمعروف.
وبالمقابل، أبدى مصدر في منظمة دولية لحقوق الإنسان(HRW)، هيومان رايتس ووتش استنكاره الشديد للحادث التي تعرضت له المرأة علناً، والتي تم تفتيشها لاحقاً، بعد إرغامها على خلع ملابسها، مشدداً على أن هيئة الأمر بالمعروف "خارجة عن القانون" لمخالفتها الأنظمة، ولعدم وجود مظلة ترعى عملها.
وقال كريستوف ويلكي، المختص بشؤون السعودية في منظمة هيومان رايتس ووتش: "أنا مقتنع بأن هيئة الأمر بالمعروف غير قانونية لأنها لا تتقيد بأحكام القانون، ومنها عدة قرارات من وزارة الداخلية، ولا يوجد قانون يحدد لها عملها."
ووصف ويلكي هيئة الأمر بالمعروف، التي يعرف عناصرها بـ"المطاوعة" بأنها "خارجة عن القانون"، وأنها تتصرف وكأنها "فوق أحكامه،" وقال إن الشعب السعودي "خائف من طغيانها،" على حد تعبيره.
وأكد ويلكي أنه يعمل على إعداد تقرير سيصدر قريباً يتناول فيه الهيئة من باب النظام القضائي والقانون المطبق في السعودية، والقواعد المكتوبة وغير المكتوبة التي تتحكم بعملها، والتي وصفها بأنها "غامضة."
وتُعد هذه القضية، التي تم الكشف عنها لأول مرة بصحيفة Arab News التي تصدر باللغة الإنجليزية، واحدة من العديد من القضايا التي أثارت جدلاً واسعاً حول العديد من الممارسات التي يقوم بها عناصر بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المملكة.
ويقوم عناصر الهيئة، التي تضم نحو خمسة آلاف مطوع، بتسيير دوريات في مختلف أنحاء المملكة للتأكد من التزام النساء بتغطية شعرهن وارتداء ملابس لا تكشف عن أجسادهن، ومنع الاختلاط بين الرجال والنساء، ومراقبة المحال التجارية التي يفرض القانون إغلاقها أثناء تأدية الصلاة.
وبينما يؤكد العديد من السعوديين على أهمية الدور الذي تقوم به هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المملكة، إلا أنهم دعوا إلى تعديل القواعد المنظمة لمهام أفرادها، والذين يستغل بعضهم مهامه الوظيفية في أغراض شخصية.
المصدر: CNN
إضافة تعليق جديد