السوريون يسعون للوصول إلى طاولة الحوار وأزمتهم تدخل مجال التدويل
في الوقت الذي ينتظر فيه الإعلان عن حزمة قرارات إصلاحية جديدة في سوريا، تقر بمبدأ التعددية السياسية وتهيئ لـمناخ حوار سياسي حقيقي في البلاد، قالت مصادر في المعارضة السورية إنها اعتذرت عن تلبية دعوة هيئة الإشراف على الحوار الوطني الى لقاء تشاوري لهذه الغاية بسبب «عدم توفر مناخ مناسب للحوار»، فيما أكد عضو في هيئة الحوار أن «المساعي ستستمر في هذا الإطار، وسنبقي الباب مفتوحا».
في هذا الوقت، كررت واشنطن انه «على الرئيس بشار الاسد ان يبدأ حوارا سياسيا. ويجب ان يكون هناك انتقال. وإن لم يقد الرئيس الاسد هذا الانتقال فعليه ان يتنحى»، فيما اعلنت لندن ان رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان رحب بالجهود البريطانية لممارسة ضغوط على الاسد في الامم المتحدة. ووصف الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الوضع في سوريا بأنه «خطير ومقلق للجميع».
ورأى أحد أقطاب المعارضة الداخلية أن «البيئة غير متوفرة» للحوار مع السلطة، وهو حوار بات من حيث المبدأ «هدفا استراتيجيا» وفق المعلومات المتوافرة ويستند إلى فكرة عقد «مؤتمر حوار وطني شامل» يضم شخصيات من المعارضة والمستقلين والسلطة، وتترأسه القيادة السورية، ويفترض أن يناقش واقع البلاد المستقبلي على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وكان رأي أعضاء هيئة الحوار أن عقد «لقاء تشاوري» سيمهد لوضع أسس هذا الحوار موضع التطبيق، وبالفعل تم اختيار شخصيات من فئات اجتماعية مختلفة، بينها رموز معروفة من المعارضة، سواء تلك التي برزت خلال سنوات سابقة أو التي عرفت في الفترة الأخيرة، كما تم توجيه الدعوة لأصحاب رأي مستقلين مقيمين في الخارج ممن قدموا مبادرات سياسية حصدت تواقيع عامة. إلا أن غالبية الردود كانت سلبية، وتستند الى تبرير واحد يقوم «على عدم توافر البيئة» في إشارة لـ«المعالجة الأمنـية » للأحـداث.
ووفقا لمصدر من المعارضة، فإن الشروط لتحقيق بيئة مناسبة تتمثل في «سحب الجيش وقوى الأمن والسماح بالتظاهر السلمي، إضافة الى عفو عام شامل عن كل من معتقلي الرأي ومن تم اعتقاله مؤخرا (هنــاك ثغرات في قانون العفو الأخير كما تقول المعارضة) كما منع الاعتقال لاحقا». ويضيف هؤلاء أيضا عناصر أخرى من قبيل «الإعلان عن إلغاء المادة الثامنة من الدستور» التي تنص على «قيادة حزب البعث للدولة والمجتمع».
إلا أن البعض في هيئة الحوار يجادل بأن سحب الجيش من المدن التي «كونت ثغرات أمنية قريبة من الحدود الدولية» يعني إمكان «خلق بنغازي تلو الأخرى» خصوصا أن «الجيش يتعامل مع مسلحين لا مع محتجين، بدليل اقتصار تحرك الجيش في المناطق الحدودية أو المطلة على مخارج حدودية أو في المناطق التي حدث فيها توتير مذهبي».
كما يعلق منتقدو موقف المعارضة بأن «السماح بالتظاهر ممكن لكن وفق الأصول القانونية، وهذا يمكن الاتفاق عليه خصوصا في غياب قيادات واضحة للاحتجاجات أو حتى برنامج لها»، وهي «ثغرة سياسية» تعيها المعارضة على ما يبدو، وبدأت تخطط لتجمع حواري خاص بها يسمح لرموزها بالحوار في ما بينها أولا.
وقال الكاتب لؤي حسين على صفحته على موقع «فيسبوك» ان ثمة دعوة للقاء تشاوري لشخصيات مستقلة ستوجه قريبا، وإن السلطات «أخطرت بذلك ولم تبد مانعا». وقال حسين إن الشخصيات التي ستجتمع (بحدود 200 شخصية) أقرب لفكر المعارضة، لكنها غير منتسبة لأي أحزاب وستبحث حال البلد الراهن وكيفية الانتقال الى دولة ديموقراطية مدنية».
من جهته، قال المتحدث باسم التجمع الوطني الديموقراطي حسن عبد العظيم إن هناك حوارا مع «قيادة الأحزاب الكردية وآخرين في الداخل بهدف تشكيل هيئة تنسيق للمعارضة الوطنية في الداخل»، وذلك لغرض «توحيد المواقف والرؤية ووضع تصورنا الوطني للمستقبل، بحيث يتم الترابط مع المعارضة الخارجية التي لديها مشروع وطني».
كلام لا يزعج الأمين العام للحزب الشيوعي في سوريا حنين نمر، ولا سيما باعتباره عضوا في هيئة الإشراف على الحوار، إذ يؤكد أن الهيئة مستعدة للتعامل مع المعارضة في الداخل «لأنها معارضة وطنية»، مشيرا الى أنه «لا توجد مواضيع تشكل خطا أحمر للحوار».
ولدى السؤال عن «اعتذار» معارضين عن اللقاء التشاوري، يقول نمر ان «الدعوات لم توجه بعد بشكل رسمي وإن ما يحصل هو استمزاج للرأي في هذه الفترة»، وإنه يجب الأخذ بالاعتبار «القطيعة التي دامت فترة طويلة بيننا»، لذا يرى أنه «لا يجوز اليأس. لقد سمعنا آراء متفاوتة حول هذا الموضوع وجهدنا مستمر في المساعي والمشاورات ونحن سنبقي هذه الخطوط مفتوحة».
ويرى نمر أن الأيام المقبلة ستخرج «بمجموعة من القرارات الإصلاحية ستمهد لخلق مناخ مناسب» من دون أن يوضح ما هي هذه الحزمة، وإن لفت إلى أن تطبيق قانون الأحزاب والانتخابات العامة الجديدين سيحدث تغييرا كبيرا في الحياة العامة في سوريا.
الى ذلك، (ا ف ب، ا ب، رويترز) أعلن المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني ان الولايات المتحدة «تدين بقوة» أعمال العنف الجديدة التي وقعت في نهاية الأسبوع في سوريا. وجدد دعوة الولايات المتحدة للقادة السوريين الى «بدء حوار سياسي» كي يتسنى للسوريين التعبير عن مواقفهم بشكل اكبر على صعيد حكومتهم. وقال «على الرئيس بشار الاسد ان يبدأ حوارا سياسيا. ويجب ان يكون هناك انتقال. وان لم يقد الرئيس الاسد هذا الانتقال فعليه ان يتنحى».
ووصف الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الوضع في سوريا بأنه «خطير ومقلق للجميع». وقال «إن ما نسمعه ونتابعه عن سقوط ضحايا كثر يشير إلى اضطراب كبير في سوريا فضلا عن نزوح مجموعات من اللاجئين إلى تركيا، كل ذلك يزيدنا حزنا وأسفا على ما يحدث».
وأعلن موسى أن «هناك مشاورات تجرى في هذا الشأن»، مضيفا ان «آراء الدول العربية مختلفة مع أنها كلها في حالة قلق كبير ومتابعة ناشطة وغضب إزاء الأزمة القائمة في سوريا». ونبه إلى أن «قرار الجامعة العربية بشأن الوضع في سوريا يعتمد على موقف هذه الدول، مثلما اعتمد القرار الخاص بالأزمة في ليبيا، ووفقا للتصويت الجماعي للدول العربية تقرر اللجوء إلى مجلس الأمن». وشدد على «أنه يجب الا تترك الأمور في سوريا بهذا الوضع»، قائلا «إننا نتابعها عن كثب».
وحول ما تردد عن إمكان إرسال مبعوث عن الدول الغربية الكبرى إلى سوريا للتوصل إلى مخرج من الأزمة الراهنة، قال موسى «هذا قد يكون مفيدا جدا، وهناك نقاش في مجلس الأمن حول الوضع في سوريا، والأمر يحتاج إلى حركة سياسية عربية تجاه سوريا باعتبار أنها جزء مهم من العالم العربي، واستمرار الوضع الراهن قد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه بالنسبة للناس وبالنسبة لسوريا».
وعما إذا كان قد أجرى اتصالات مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم حول الأزمة في بلاده، قال موسى «تمت اتصالات مع وزير الخارجية السوري من قبل لكن مؤخرا لا، ونرجو أن يكون هناك موقف عربي جماعي نناقشه ونطرحه للنقاش أيضا مع سوريا أيضا».
وقال متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الذي اعيد انتخابه رحب بالجهود البريطانية لممارسة ضغوط على الاسد في الامم المتحدة.
وأجرى كاميرون اتصالا هاتفيا بأردوغان لتهنئته بعد إعادة انتخابه لفترة ثالثة. وقال متحدث باسم رئاسة الوزراء البريطانية في بيان إن «الزعيمين ناقشا الموقف في سوريا، وأشارا إلى أن الوضع تدهور بشكل ملحوظ في الأسبوع الماضي واتفقا على أن العنف يثير شعورا بالقلق العميق».
وذكر أن اردوغان «أطلع كاميرون على الوضع على الحدود السورية التركية. واتفقا على أهمية الوحدة الدولية في مواجهة أزمة تشكل خطورة متزايدة بالنسبة للشعب السوري والمنطقة». وأضاف ان اردوغان «رحب بجهود بريطانيا للضغط على النظام السوري عبر قرار من مجلس الأمن الدولي واتفقا على أن تعمل بريطانيا وتركيا معا لتحقيق ذلك».
وذكرت وكالة «الأناضول» ان التوترات في المنطقة العربية، وخاصة في سوريا، كانت على جدول اعمال الدبلوماسية التركية قبل الانتخابات الاحد الماضي، مشيرة الى ان وزارة الخارجية زادت من اجتماعاتها لبحث هذا الموضوع بعد الانتخابات. واوضحت ان وزير الخارجية احمد داود اوغلو ترأس اجتماعا في انقرة، شارك فيه رئيس الاستخبارات حاقان فيدان، تم خلاله بحث التطورات في سوريا وفرار عدد كبير من السوريين الى تركيا.
ميدانيا، قال سكان فارون إلى تركيا إن القوات السورية ألقت القبض على المئات في عملية تمشيط للقرى القريبة من بلدة جسر الشغور بعد سيطرة الجيش على البلدة. وقال ناشط حقوقي «انتشرت حوالى 10 دبابات و15 إلى 20 آلية لنقل القوات حول مدينة البوكمال» الواقعة على الحدود العراقية.
وادلى لاجئون سوريون في تركيا بشهادات تفيد بانشقاقات في صفوف القوى الامنية واتهموا النظام باختلاق قصة «الجماعات المسلحة» التي تزرع الفوضى في البلاد لتبرير قمعهم للمحتجين. ومنعت لجنة التحقيق التي شكلت في اواخر آذار بأمر من الاسد، ابن خالته ورئيس جهاز الامن السياسي في درعا عاطف نجيب اضافة الى محافظها السابق فيصل كلثوم من مغادرة سوريا.
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد