السيسي للإسرائيليين: تعالوا لسلام أكثر دفئاً
في ظل إحياء الفلسطينيين ذكرى النكبة وفيما تموج المنطقة بأكملها بالتحولات الدموية، ويتزايد انفتاح بعض الدول العربية، والخليجية تحديدا، على اسرائيل، وغياب الادوار الاقليمية لدول مثل مصر وسوريا والعراق، وفيما يمارس العدو كل انواع التحايل والاستخفاف بالحقوق الفلسطينية والمبادرات التي تصور على انها تبحث عن تسوية سلمية، اطلق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي موقفا سياسيا يندرج في اطار التطبيع الاضافي مع الاحتلال حيث دعا الاسرائيليين الى انتهاز الفرصة لتحقيق السلام مع الفلسطينيين، وانجاز سلام دافئ مع مصر.
وقد حاول رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الذي رفض المبادرة الفرنسية، الإيحاء بالتجاوب مع الدعوة المصرية من دون أن يحمل نفسه أي تبعات. في هذه الأثناء، أعلنت فرنسا عن تأجيل عقد المؤتمر الدولي، في خطوة يراد منها إقناع وزير الخارجية الأميركية جون كيري بالمشاركة فيه.
وفي خطاب ألقاه لمناسبة افتتاح محطة جديدة للطاقة، دعا السيسي الى تطوير علاقات مصر مع إسرائيل لتغدو «أكثر دفئاً» وإيجاد حل للقضية الفلسطينية، مبدياً استعداد حكومته للمساهمة في المساعي الرامية لإيجاد حل للصراع. واعتبرت أوساط إعلامية تركيز السيسي في خطابه على التسوية «عودةً» مصرية إلى الاهتمام بالشأن الفلسطيني، رغم الأزمات والمشاكل التي تمر بها مصر منذ ثورة يناير 2011.
وقال الرئيس المصري إن إقامة دولة فلسطينية ستوفر الأمن والأمان والسلام والاستقرار لـ «إسرائيل» والفلسطينيين، مؤكداً أن ذلك سيدخل العرب مع تل أبيب في مرحلة جديدة من العلاقات التي «لن يصدقها أحد»، وفق تعبيره. وطالب السيسي تل أبيب بالقبول بـ «مبادرات السلام المطروحة» على الساحة، ومنها المبادرة العربية للسلام. ودعاها «للاستفادة من تحقيق السلام»، مشدداً على أن «حل القضية الفلسطينية وإقامة دولتها، السبيل الوحيد لتحقيق سلام أكثر دفئاً بين مصر وإسرائيل». واستدرك: «هناك فرصة لكتابة صفحة جديدة من السلام في المنطقة، أقول للإسرائيليين وهم يسمعونني، هناك فرصة حقيقية لتحقيق سلام، رغم عدم وجود مبررات من وجهة نظر كثيرين، في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة».
وقال «لو استطعنا حل المسألة وإعطاء أمل للفلسطينيين في إقامة دولة وتكون هناك ضمانات لكلا الدولتين» وأضاف السيسي «لو استطعنا فعل هذا الأمر سنعبر مرحلة صعبة جداً. هذه المرحلة مكتوبة في التاريخ بأسلوب قاس ومؤلم. سنقضي على إحباط ويأس حقيقي». وعرض الرئيس المصري لعب دور للتوصل لحل للقضية، موضحاً أن «هناك مبادرة عربية وفرنسية وجهود أميركية ولجنة رباعية تهدف جميعا لحل القضية الفلسطينية. ونحن في مصر مستعدون لبذل كل الجهود التي تساعد في إيجاد حل لهذه المشكلة». وأضاف «لو استطعنا كلنا تحقيق حل هذه المسألة وإيجاد أمل للفلسطينيين وأمان للإسرائيليين ستكتب صفحة أخرى جديدة يمكن ان تزيد عما تم إنجازه من معاهدة السلام».
وقال السيسي «أرجو أن تسمح القيادة الإسرائيلية أن يذاع هذا الخطاب في إسرائيل مرة واثنتين. هناك فرصة حقيقية للسلام رغم ما تمر به المنطقة من ظروف». وطالب الأحزاب الإسرائيلية بالتوصل إلى توافق بشأن الحاجة لإيجاد حل للأزمة مع الفلسطينيين. ودعا الفلسطينيين لتوحيد صفوفهم في ظل الخلافات القائمة بين حركتي «فتح» و «حماس» التي تدير قطاع غزة.
وفي أعقاب خطاب السيسي، أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية «مباركته» كلام الرئيس المصري واستعداده «لبذل كل جهد من أجل تحقيق مستقبل من السلام والأمن بيننا وبين الفلسطينيين وشعوب المنطقة». وقال «إسرائيل مستعدة للمشاركة مع مصر ومع الدول العربية الأخرى لحث العملية السياسية والشعبية في المنطقة. وأنا أقدر جهد الرئيس السيسي واستمد التشجيع من الزعامة التي يبديها أيضا في هذا الشأن الهام».
أما زعيم المعارضة الإسرائيلية اسحق هرتسوغ فرد على خطاب السيسي بالقول: «إنني أبارك إعلان الرئيس المصري. هذا بلاغ مثير يعبر عن فرص لعملية تاريخية، فيها العالم العربي المعتدل ينتظر أن تمتد إليه يد إسرائيلية شجاعة، قوية وواعية». وأضاف «واجبنا هو أن نفحص ذلك بجدية، وإلا سنجد أنفسنا نفعل ذلك بعد حملة الجنازات المقبلة. ومن المهم جداً الإصغاء لأقوال الرئيس المصري وفحص الفرص الكامنة في كلامه بجدية ومسؤولية».
وفي رام الله، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال لقاء جمعه بقيادة حزب «ميرتس» الإسرائيلي إنه لا يفهم من يعارضون مبادرة السلام الفرنسية. وأشار إلى أنه «إذا لم نجدد العملية السلمية فإن العنف والتطرف من سوريا سيصلان إلى هنا»، محذراً من أن «داعش وجبهة النصرة سيصلان إلى إسرائيل وإلى الضفة الغربية». وأضاف أن «التنسيق الأمني بين إسرائيل والفلسطينيين مستمر منذ عشر سنوات لإحباط العمليات». وعلق بالقول: «لا تسألوني، اسألوا أجهزة الأمن الإسرائيلية».
وكان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند قد أعلن تأجيل الاجتماع الوزاري التمهيدي الذي كان مقرراً عقده في باريس نهاية الشهر الحالي للتحضير للمؤتمر الدولي بشأن التسوية. وقال هولاند إن المؤتمر سوف يعقد قبل الخريف، و «سوف نخلق مع كل الشركاء والدول المجاورة، المعايير التي تسمح للإسرائيليين والفلسطينيين بالعودة لطاولة المفاوضات». ويأتي هذا التأجيل من أجل اتاحة المجال لوزير الخارجية الأميركي حضور المؤتمر بعدما طالب بتأجيل عقده لتسهيل دراسته والتأثير في وجهته. وكان المتحدث باسم الخارجية الأميركية جون كيربي قال إن أميركا أوضحت لفرنسا أن الموعد المقرر للقاء ليس مناسباً لكيري، وأنه تجري مداولات مع الحكومة الفرنسية من أجل فحص ما إذا كان بالوسع إيجاد موعد بديل للقاء يتيح لنا المشاركة.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد