الشاورما خارج إطار الرقابة الصحيّة
شئنا أم أبينا احتلت الشاورما مكانتها في الصدارة بين أكثر المأكولات الشعبية شيوعاً رغم الفارق السعري الهائل بينهما، والجدير بالذكر ان هذا الطعام الذي تحول الى شعبي بقي خارج إطار الرقابة الصحية التي قصرت عملها على الشكاوى وضبط أسياخ الشاورما التي لا يحيطها قفص زجاج منعاً للتلوث.
وبجولة سريعة في سوق الشاورما المتمركز بين الشيخ سعد بالمزة والجزماتية بالميدان، يلاحظ المدقق مدى المخالفات المرتكبة في تقديم مادة غذائية سريعة العطب، الأغلبية الساحقة من المحال تضع أسياخ الشاورما في الهواء الطلق أمام محالها ولا تبدأ جولة التموين والرقابة الصحية إلا بعد أن يتدارك الباعة هذا الواقع نتيجة «إخبارية» عن موعد الجولة وطبعاً الفاعل مجهول..
الأمر الآخر الملاحظ في هذه المحال هو زيادة الوزن عما هو مقرر حيث نصت لوائح التجارة الداخلية على ألا يزيد وزن اللحم الموجود على سيخ الشاورما أكثر من 50 كيلوغراماً وذلك بغاية النفاد بالكامل حتى لا يبقى شيء من اللحم لليوم التالي تفادياً لكل ما ينجم عن ذلك من تفاعلات في المادة العضوية وبالأخص مع ما يدخل إليها من حوامض وبهارات مختلفة لإزالة ما قد يصدر من رائحة، وما يحدث على أرض الواقع هو تجاوز الباعة للوزن بمقدار الضعف أحياناً لدرجة يحفظ فيها سيخ الشاورما لليوم التالي ليعاد تسخينه وبيعه للزبائن، أما عن الطعم والرائحة عند ذاك فحدث ولا حرج، والأمثلة على زيادة وزن السيخ موجودة في المحال المنتشرة في الميدان والمزة شيخ سعد وساحة القصور.
محمد يقول: أنا شخصياً من أنصار طعام الشاورما عندما يكون معداً على أصوله، ولكن ما نراه حالياً مختلف عما اعتدناه من محال الشاورما، فسابقاً كان البائع يهتم أول ما يهتم بنظافة المحل والمعدات وحتى الورق الذي يلف به لفائف الشاورما، أما اليوم فلا نجد سوى شاورما رفع العتب أي المعدّة بسرعة وكيفما اتفق، وذلك تأسيساً على سمعة المحل فكل محل تراه يهتم بالكبيرة والصغيرة حتى يؤسس سمعة لنفسه ومن ثم يتراخى ويتكل على هذه السمعة حتى يزيد من أرباحه عبر المبيعات.
عمر من سكان المزة شيخ سعد يقول: كنا سابقاً لا نعاني من وجود محال ومطاعم الشاورما، ولم نكن نشم أي رائحة غير طبيعية أما اليوم فالروائح الكريهة هي ما يصلنا من زيوت مغلية ومحترقة إلى رائحة اللحوم النيئة عند إعداد سيخ الشاورما في الصباح الباكر، لتكون ثالثة الأثاني هي رائحة الشاورما المسخنة عند فتح المحل، ذلك أن جملة التخمرات وما ينتج عنها من ملحقات تفوح برائحة كريهة إلى حين سخونة اللحم حيث يبادر البائع إلى قطع الجزء الظاهر ويعاود عمله وكأن السيخ جديد، ويتابع عمر بالقول: إن كانت مديريات الصحة لا تهتم بنوعية اللقمة المقدمة للمواطن، فأين هي المحافظة والبلدية في حماية حق الجوار؟ ومن يضمن لنا عدم تلوث البيئة من حولنا؟ وهل كتب علينا أن نتحمل نحن وأهلنا وأطفالنا الروائح الكريهة التي تتسلل إلى بيوتنا من هذه المحال؟ ولو علمنا بأن مطعم شاورما سيفتح ويباشر عمله أسفل بنائنا لما سكنا أصلاً في هذا البناء، والمحافظة والبلدية والصحة والتموين متفرجون.
وائل «موظف» يقول: أمر محال الشاورما غريب، وأنا لا أتحدث هنا عن الطعام بعد الطبخ، بل حتى قبل إعداد سيخ الشاورما، ومن شاء الحظ أن يسكنه بجانب محل شاورما فسيكتشف عند ذهابه إلى عمله الاستهتار الحاصل في صحة المواطنين، حيث نشاهد سيارات نقل صغيرة تتوقف أمام المحال وترمي أكياس اللحم على الأرض دون عازل أو حتى فاصل بينها وبين الرصيف الذي يدوسه الآلاف بأحذيتهم وتبقى هذه الأكياس على حالها، تتفاعل مع الرصيف بتقديم السوائل المنتنة كريهة الرائحة المتسربة منها، وتأخذ من الرصيف ما يقدمه لها من تلوث وميكروبات وصباغ سوداء من نتاج حقيقي للأوساخ العالقة فيه.
مدير الشؤون الصحية في محافظة دمشق أحمد طارق صرصر قال رداً على ما أدلى به المواطنون: إن المراقب لا يتمكن من قياس وزن سيخ الشاورما بل يعتمد في ذلك على قياسات معينة بحيث يتطابق القياس مع وزن معين، مع الأخذ بالحسبان أن مديرية الشؤون الصحية قد عممت على جميع محال الشاورما بضرورة التقيد بالوزن المحدد للسيخ «50 كغ» وكل تجاوز لذلك يعتبر مخالفة توجب إغلاق المحل، إضافة إلى تسيير دوريات صحية فجر كل يوم للتأكد من عدم رمي أكياس اللحوم على الأرصفة ونقلها بسيارات مبردة وكل سيارة لا تطابق المواصفات تحجز فوراً ويتم تنظيم ضبط بذلك.
مازن جلال
المصدر: الوطن السورية
إضافة تعليق جديد