الشراكة السورية الأوروبية: اتفاق انتهى «إلى ما تريده» دمشق

15-12-2008

الشراكة السورية الأوروبية: اتفاق انتهى «إلى ما تريده» دمشق

تمنى نائب رئيس الوزراء السوري للشؤون الاقتصادية عبد الله الدردري، ألا تحتاج سوريا والمفوضية الأوروبية إلى التوقيع مرة ثالثة على بنود اتفاقية الشراكة بينهما، بعدما مضى على التوقيع الأول أربع سنوات، وذهب ادراج الريح مع تردي العلاقات السورية الفرنسية نتيجة تعقيدات الملف اللبناني.
أمنيات الدردري التي أرفقها بتفاؤل ظاهر، أعقبت قيام رئيس هيئة تخطيط الدولة تيسير الرداوي ونائب رئيس مديرية العلاقات الخارجية في المفوضية الأوروبية هيوغيس منغريللي، بالتوقيع على نص اتفاقية الشراكة الذي تخلله تعديلات »ضرورية«، وذلك بعد ٤ سنوات من الجمود منذ التوقيع الأول الذي جرى في بروكسل وقام به الدردري كرئيس لهيئة تخطيط الدولة، وبحضور نائب رئيس الجمهورية، وزير الخارجية آنذاك، فاروق الشرع.
وجاء في بيان تلاه الدردري، ان التعديلات أخذت بالاعتبار التطورات التي حصلت، ومن بينها التوسع في عدد الدول المنضمة إلى الاتحاد الأوروبي، والتحديثات على الضريبة الجمركية السورية، والتعويضات الزراعية وزيادتها، مقارنة بما كان مقررا في العام .٢٠٠٤
واعتبر الدردري ان هذا التطور »خطوة أساسية في العلاقات الثنائية بين سوريا والاتحاد الأوروبي، القائمة على إرادتهما المشتركة ومصالحهما المتبادلة«، رافضا فكرة أن تكون سوريا استجابت لضغوط سياسية بهدف التقدم في مفاوضات الشراكة، حيث أكد ان »سوريا لا تضحي بمواقفها من أجل اي شيء«، مضيفا ان الاتفاقية »مفيدة للسلام والاستقرار والنمو في المنطقة«.
وتابع الدردري »حين تكون هناك نافذة للتقدم بالاتفاقية، فإن سوريا لن تتردد في ذلك«، موضحا ان التوقيع على الاتفاقية جاء بعدما تبين ان هناك إرادة لدى دول الاتحاد الأوروبي منفردة، والمفوضية للتقدم في العلاقات مع سوريا. كما شرح ان الاتفاقية تهدف إلى بناء منطقة تجارة حرة بين سوريا والاتحاد الأوروبي خلال السنوات الـ١٢ المقبلة، وإجراء »حوار سياسي بين الجانبين وتعاون اقتصادي وثقافي ودعم فني«.
واعتبر المسؤول السوري ان أهم ما في الاتفاقية وضع »عملية الإصلاح الاقتصادي على سكة واضحة«، موضحا ان سوريا نفذت كل التعديلات التشريعية في الاتفاقية »وسبقت في بعض المواضع ما تنص عليه هذا الاتفاق«. وردا على سؤال حول ما إذا كانت هذه الاتفاقية تمثل تحديا لسوريا، قال الدردري »انها فرصة إذا أحسنا استخدامها بشكل جيد وستصبح تحديا إذا لم نفعل«.
وتستفيد سوريا بحسب الاتفاقية، من حرية انسياب البضائع منها وإلى الاتحاد الأوروبي، خصوصا في ضوء موقعها الجغرافي بين أكبر دول المنطقة استهلاكا تجاريا، وهي العراق، وأكثر الأقاليم إنتاجا، وهو أوروبا. كما تستفيد سوريا من عامل المنافسة، وإن كان هناك بعض القلق تجاه الصناعات الصغيرة والناشئة من منافسة عوامل الجودة الأوروبية.
وتعتبر اتفاقية الشراكة التي بدأ التفاوض حولها منذ العام ،١٩٩٥ من أكثر الاتفاقيات استعصاء على الجانب السوري، خصوصا أن المفاوضات استغرقت ما يقارب العشر سنوات وانتهت إلى »ما نريده«، وفقا لما قاله مصدر سوري لـ»السفير« سبق ان شارك في هذه المفاوضات على مدى أعوام، وذلك خصوصا في البنود المرتبطة بالحوار السياسي وحقوق الإنسان، وأيضا في المخصصات الزراعية والتخفيضات الجمركية.
لكن الزخم الذي جرت فيه عملية التوقيع بالأحرف الأولى في العام ،٢٠٠٤ حدت منه السياسة الفرنسية اتجاه دمشق في منتصف العام ٢٠٠٥ حين أصبح التقدم في هذه الاتفاقية بين »أوراق التفاوض« لدى باريس مع دمشق حيال لبنان. وذهبت الآمال بالشروع قدما مع اغتيال الرئيس الوزراء رفيق الحريري، ومن ثم بدأت دمشق باتباع سياسة »تنفيذ شروط الاتفاقية الاقتصادية لكونها استحقاقا لا مفر منه«، فحررت تجارتها نسبيا، وخفضت الضرائب الجمركية، وحسنت الشروط الصناعية، وأقامت منطقة حرة نموذجية مع تركيا اعتبرت مقدمة لأخرى شبيهة مع أوروبا.
وكان ان وصل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الى الحكم، فوعد بإعادة الزخم لاتفاقية الشراكة، وإن كانت قد فقدت قيمتها التفاوضية مع مرور الزمن، وجاءت كخطوة رمزية للدلالة على انتهاء مرحلة جفاء سياسي بين سوريا والاتحاد الأوروبي عموما، وسوريا وفرنسا خصوصا. ومن المتوقع أن يتم التوقيع بشكل نهائي على الاتفاقية خلال النصف الأول من العام ،٢٠٠٩ على أن يبدأ العمل في نظام التجارة الحرة بين الجانبين بعد ٦٠ يوما من المصادقة عليها. *

 

في الآتي المراحل التي مرت بها اتفاقية الشراكة بين سوريا والاتحاد الأوروبي، منذ التوقيع عليها بالأحرف الاولى:
ـ وقعت الحكومة السورية والاتحاد الأوروبي في ١٩ تشرين الأول العام ،٢٠٠٤ بالأحرف الاولى، على اتفاقية شراكة تشمل ثلاثة جوانب للتعاون، سياسية واقتصادية واجتماعية.
ـ نائب رئيس مجلس الوزراء السوري للشؤون الاقتصادية عبد الله الدردري، يؤكد في أيار العام ٢٠٠٥ ان توقيع اتفاقية الشراكة السورية الأوربية »سيتأجل إلى أجل غير مسمّى«، فيما ربط المراقبون هذا الأمر بقضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، والانسحاب السوري من لبنان، وملف حقوق الإنسان في سوريا.
ـ في ٧ أيلول العام ،٢٠٠٦ أجرى الدردري مباحثات مع رئيس وحدة الشرق الأوسط في الاتحاد الأوروبي آلان سيتر، تناولت سبل إحياء ملف الشراكة السورية الأوروبية وإعادته إلى دائرة التواصل بين سوريا والاتحاد الأوروبي.
ـ الرئيس السوري بشار الأسد يزور باريس في تموز ،٢٠٠٨ ومنسق السياسية الخارجية خافيير سولانا يؤكد ان توقيع اتفاقية الشــراكة ممكن خلال عام، وهو ما عاد وأكده في أيلول خلال زيارته الى دمشق ولقائه الأسد.
ـ في ٣ أيلول ،٢٠٠٨ الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يؤكد عشية زيارته الى دمشق، ان بلاده »لن توفر جهدا لجعل اتفاق الشراكة يتقدم«، رغم انه يعتبر انه »من الصعب الحديث عن موعد لعملية التصديق، لأن مسار اتفاقات الشراكة يعتبر معقداً ويتطلب تصديقاً من جانب كل دولة من الدول الأعضاء«.
ـ بيان مشترك لنائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية عبد الله الدردري، ومفوضة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي في بروكسل بينيتا فيريرو فالدنر، في ٢٤ تشرين الثاني ،٢٠٠٨ يؤكد اتفاق الجانبين على جميع القضايا المتعلقة بتحديث اتفاق الشراكة السورية الأوروبية بهدف توقيعه »في المستقبل القريب«.
ـ توقيع اتفاق الشراكة في ١٤ كانون الاول ٢٠٠٨ في دمشق.

*زياد حيدر

المصدر: السفير

إقرأ أيضاً:

دبلوماسية دمشق – الاتحاد الأوروبي ومخاوف اللوبي الإسرائيلي
فوائد توقيع اتفاق الشراكة السورية - الأوروبية على دول حوض المتوسط

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...