العبادي يشكل الحكومة والبغدادي ينتقل إلى سوريا والجيش و"البشمركة" يستعيدان سد الموصل
بدأت عملية تشكيل الحكومة العراقية برئاسة حيدر العبادي، بشكل فعليّ بعد توسع مروحة التوافق بين مختلف القوى السياسية العراقية، والخطوة التي قام بها رئيس الحكومة الأسبق نوري المالكي بتنحيه عن المنصب، ودعم جهود خلفه بهذا الشأن، إذ بدأت تظهر ملامح الحكومة الجديدة التي قد لا تطول مسألة تشكيلها حيث انحصرت آلية العمل على اختيار الأسماء المناسبة وتوزيع الحصص بين مختلف الكتل.
ويجمع العديد من المراقبين على أن العبادي سيتمكن من إنهاء مهمته خلال المهلة الدستورية المحددة، متسلحا بحجم الدعم الداخلي والخارجي من جهة، وبضرورة حسم هذا الملف بأسرع وقت ممكن بسبب ما تمر به البلاد من ظروف استثنائية من الناحية الأمنية من جهة أخرى.
إلى ذلك نجحت العملية العسكرية المشتركة بين الجيش العراقي وقوات "البشمركة" الكردية، بغطاء جوي أميركي، في استعادة سد الموصل والمناطق المحيطة به من يد تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" ـ "داعش"، الذي يتعرض أيضا لضربات جوية مركزة بعد بدء الولايات المتحدة بتنفيذ عملية عسكرية جوية ضد التنظيم في شمال العراق، الأسبوع الماضي، دفعت بحسب مصدر استخباراتي لـ"السفير" بقائده أبو بكر البغدادي للانتقال إلى الأراضي السورية.
في الشأن الحكومي، دخل العبادي ضمن إطار المهلة الدستورية التي تستمر شهراً ويفترض أن يقدم خلالها تشكيلته الحكومية التي يتعين أن تنال ثقة أغلبية مجلس النواب، ويؤكد العبادي في هذا الإطار على أن أولى مهامه ستكون بتخفيض عدد الوزارات حتى عشرين وزارة، بينما تجاوز عددها في الحكومة السابقة الثلاثين.
وأعلن "التحالف الوطني" عن تسمية لجنته التفاوضية التي ستجري الحوارات مع الكتل الأخرى بغية تشكيل الحكومة الجديدة، وذكر بيان صادر عن "التحالف" أنه "تم الاتفاق على تحديد آليّة الحوار مع الأطراف السياسيّة المعنيّة بتشكيل الحكومة، والتركيز على تحلي المُرشَّحين لشغل الوزارات بمعايير الكفاءة، والنزاهة، والوطنيّة، كما تم الاتفاق على إعداد البرنامج الحكوميِّ للمرحلة المقبلة، والذي يتكفـَّل مُعالـَجة الوضع الأمنيِّ، واستراتيجية القضاء على الفساد، وتطوير القطاع الاقتصاديِّ، والصناعيِّ، والاستثماريّ".
وبدا "التحالف" واضحا بتحديد شروط المرشحين لشغل المناصب الوزارية بحصرها بـ"الكفاءة، والنزاهة، والوطنيّة"، إلا أن الأمر لم يقف عند هذا الحد، بل بالتشديد أيضا على أن تكون وزارة الخارجية من حصة المكون العربي بخلاف ما كان معتمدا بإعطائها للأكراد.
ويقول العضو في "التحالف" صادق رسول إنه "يوجد توجه واضح داخل التحالف الوطني على إعطاء منصب الخارجية للعرب السنة أو الشيعة، من أجل تفادي بعض الحساسيات المتمثلة بأن واجهة العراق العربي محصورة برئيس ووزير خارجية كردي".
وبحسب مصدر سياسي مقرب من دائرة القرار، فإن "اتفاقا أوليا يجري بأن يتولى مرشح من دولة القانون منصب الداخلية بينما تذهب المالية والنفط إلى المجلس الأعلى، في حين تناط الدفاع بمرشح من اتحاد القوى، وقد تذهب الداخلية إلى الأكراد الذين يصرون عليها"، مضيفا بأن "التيار الصدري" طالب بالوزارات الخدماتية.
ووفق المصدر فإن اجتماعات مكثفة ستعقد بين الكتل السياسية المختلفة والعبادي من أجل حسم موضوع المرشحين، مشيرا إلى أن وفدا رفيعا من كردستان سيكون في بغداد خلال الأيام المقبلة لمتابعة هذا الأمر.
من جهتها حددت كتلة "اتحاد القوى السنية" شروطا للمشاركة في حكومة العبادي تتصدرها موافقته على تنفيذ وتلبية مطالب المحافظات الست التي شهدت موجة احتجاجات خلال الأشهر الماضية.
وينتظر العبادي العديد من الملفات الشائكة والمعقدة التي تتطلب الحسم في طليعتها ملف "الإرهاب" والنازحين وأزمة تصدير النفط من إقليم كردستان والعلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
إلا أن المحلل السياسي مهدي الشماع يؤكد أن ملف "الإرهاب يعد أمرا مهما بعد الانتهاء من تشكيل الحكومة لما يمثله تهديد عناصر داعش من تمزيق النسيج الاجتماعي وضياع صبغة التنوع الديني الموجودة في البلاد".
ولعب التدخل الأميركي الأخير في مواجهة "داعش" دوراً رئيسا في قلب موازين المعركة، إذ باتت الضربات الجوية الأميركية تشكل أحد أبرز أسباب انكسار التنظيم والحيلولة دون وصوله حتى إقليم كردستان الذي بدأ يشهد حالة أمنية مستقرة.
وكان مجلس الأمن الدولي قد أصدر، القرار 2170 المعني بمكافحة التنظيمات "الإرهابية"، والذي جاء تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ودعا إلى الامتناع عن دعم وتمويل وتسليح تلك التنظيمات.
كما دعا الاتحاد الأوروبي في اجتماع له في بروكسل إلى تحقيق سريع بانتهاكات حقوق الإنسان في العراق، معتبراً أن بعض تلك الجرائم يرتقي إلى حد "الجرائم ضد الإنسانية".
وتشن قوات "البشمركة" التي بدأت بتلقي الأسلحة والذخائر من عدة دول غربية، هجوما مضادا منذ أيام لاستعادة مدن وبلدات خسرتها هذا الشهر في محافظتي نينوى وديالى.
وبحسب ضابط من "البشمركة" فإن العملية العسكرية التي أطلقت لتحرير سد الموصل والمناطق المحيطة به بمساعدة طائرات أميركية، والتي بدأت منذ مساء السبت، قد نجحت في استعادة هذه المناطق من يد تنظيم "داعش".
وأضاف أنه تم "القضاء على أعداد كبيرة من مسلحي التنظيم، بينهم سوريون وسعوديون"، في حين أكد ضابط أمن عراقي أن "هذه العملية لن تنتهي حتى استعادة سد الموصل وقضاء سنجار وتطهير المناطق التي يسكنها المسيحيون".
وأعلنت القيادة الأميركية الوسطى، أن الولايات المتحدة شنت غارات جوية ضد مسلحي داعش قرب مدينة أربيل وسد الموصل، وقالت في بيان لها إن "تسع غارات جوية شُنت وألحقت أضرارا بأربع حاملات أفراد مدرعة وسبع مركبات مدرعة ومركبتي همفي ومركبة مدرعة"، وأضافت إن "طائرات مقاتلة بالإضافة إلى طائرات بدون طيار شاركت في الهجمات".
ويسيطر مسلحو "داعش" على أكبر محطة للطاقة "الكهرومائية" في العراق، وتقع على سد نهر دجلة على بعد 50 كلم عن الموصل، منذ مطلع الشهر الحالي.
ويعد سد الموصل رابع أكبر خزان مائي في العالم العربي، بطاقة استيعابية تبلغ نحو ثمانية مليارات متر مكعب، مع طاقة تخزين قصوى تبلغ نحو 11 ملياراً وتنتج نحو 750 ميغاواط من الكهرباء.
محمد جمال
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد