القذافي متمسك بالزعامة والثوار يعززون جبهة الغرب
حرّك الثوار الليبيون، أمس، خط المواجهة مع القوات الموالية للرئيس معمر القذافي باتجاه الغرب، بعدما تمكنوا من صد الهجوم على بلدة البريقة الإستراتيجية في شرقي البلاد، أمس الأول، دافعين بقوات النظام نحو بلدة رأس لانوف، التي أصبحت هدفاً جديداً قد يسهّل عليهم مواصلة التقدم باتجاه طرابلس لتحريرها من قبضة النظام، في وقت بدا أن الصراع بين الطرفين قد وصل إلى نقطة اللاعودة، وهو ما ظهر في رفضهما وساطة عرضها الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز، صديق القذافي، لحل الأزمة، فيما جدد الرئيس الأميركي باراك أوباما مطالبة الرئيس الليبي بالتنحي، مشيراً إلى أنّ كل الخيارات ما زالت قائمة في تعامل الولايات المتحدة مع الوضع في ليبيا.
وقصفت طائرات حربية تابعة لنظام القذافي مدنا في عمق الشرق الذي يسيطر عليه المتمردون، لكن خط المواجهة البري تحرك إلى بلدة العقيلة الساحلية التي تقع على بعد 40 كيلومترا غربي البريقة. ويمثل الطريق الساحلي المطل على البحر المتوسط شريانا حيويا يربط بين المناطق الشرقية والغربية في ليبيا، ويفصل بين معارضي الرئيس الليبي ومنطقة مركزها طرابلس لا تزال تحت سيطرته.
وقال نصر علي، وهو أحد المنشقين عن الجيش الليبي، «هناك نقطة تفتيش تابعة لقوات القذافي على بعد حوالى 80 كيلومترا من العقيلة فيها 50 جنديا. وبعد 20 كيلومترا أخرى توجد قاعدة للقذافي حولها نحو 100 عربة ومدافع مضادة للطائرات».
وكانت آخر نقطة تفتيش تابعة للثوار في العقيلة صغيرة، حيث وقف عدد صغير منهم مسلحين بالبنادق الآلية والقذائف الصاروخية، موضحين أنهم حركوا قواتهم باتجاه الصحراء لحماية جناحهم. أما في المؤخرة فتسلح الثوار، وهم ليسوا دائما محاربين متمرسين، بالدبابات والقذائف المضادة للدبابات والمدافع المضادة للطائرات إلى جانب أنظمة صواريخ تطلق من على الكتف.
وأرسل الثوار مقاتلين من أجدابيا، الواقعة على بعد 70 كيلومتراً إلى الشرق من البريقة لنصرة رفاقهم هناك. وقال مهندس يعمل في مصفاة البريقة النفطية إنه «من المهم جدا حماية البريقة لان سيطرة أنصار القذافي عليها ستمكنهم من التوجه نحو اجدابيا. وهي المدينة التي تعتبر أساسية بالنسبة لهم لأنها تتيح وصل الغرب بالشرق والجنوب»، فيما قال الموظف محمد خانيس، الذي يعمل أيضا في الموقع النفطي «في حال سيطروا على شركة البريقة النفطية سيكون بإمكانهم قطع الكهرباء عن بنغازي».
وقال عبد الفتاح المغربي، المسؤول في مستشفى البريقة، إن «طائرات حربية ألقت قنبلة على القطاع الواقع بين الشركة النفطية ومنطقة سكنية» من دون أن يشير إلى وقوع ضحايا.
وقال جنود في صفوف المعارضة إنه تم إجبار قوات موالية للقذافي على العودة إلى بلدة رأس لانوف، التي يوجد فيها مرفأ نفطي كبير آخر وتقع على بعد 600 كيلومتر شرقي طرابلس. وقال محمد المغربي وهو متطوع في صفوف الثوار إن «قوات القذافي في رأس لانوف». وفي بنغازي قال متحدث باسم المعارضة إن الجيش الليبي الحكومي بدأ بتعزيز قواته حول مدينة رأس لانوف على بعد نحو مئة كيلومتر غربي البريقة، موضحاً «ننتظر لنرى إن كانوا سيهاجمون أم إنهم سيكتفون بتعزيز مواقعهم». وأضاف أن «مرتزقة» من تشاد يدعمون عناصر الجيش الليبي، و«لا نعرف عددهم إلا انه كبير».
وللمرة الأولى منذ انطلاق الثورة في الخامس عشر من شباط الماضي، اعتقلت القوات الموالية للنظام ثلاثة جنود هولنديين خلال عملية إجلاء كانت تتم في مدينة سرت الليبية مسقط رأس القذافي، حسبما أعلنت الحكومة الهولندية.
وأعلن المعارضون، من جهتهم، أنهم أسروا نحو مئة من المقاتلين الموالين للقذافي خلال الهجوم على البريقة. وأفاد سكان في البريقة بأن عناصر من الموالين للقذافي اقتادوا بالمقابل خمسة من سكان المدينة معهم أثناء انسحابهم منها، بعد هجومهم الذي أوقع 12 قتيلا وشارك فيه الطيران والمدفعية الثقيلة.
وفي طرابلس، قال رئيس مؤسسة النفط الليبية شكري غانم إن انتاج ليبيا من النفط انخفض إلى النصف بسبب أعمال العنف التي تشهدها البلاد. وأوضح أن «إنتاج ليبيا من النفط انخفض إلى النصف بسبب خروج العمال الأجانب لعدم شعورهم بالاطمئنان»، مشيراً إلى أنّ «هناك أيضا خروج العمال الليبيين، لكن الأجانب بمعظمهم من الفنيين، ما أدى إلى انخفاض الإنتاج».
ورفض غانم إعطاء أية أرقام محددة حول كمية الإنتاج النفطي الحالي. ويبلغ إنتاج ليبيا من النفط عادة نحو 1,6 مليون برميل يوميا، يصدر نحو 85 في المئة منه إلى أوروبا وفقا للوكالة الدولية للطاقة.
وساطة تشافيز
في هذا الوقت، أعلن الثوار والنظام، ممثلاً بابن الرئيس سيف الإسلام القذافي، رفضهم عرض فنزويلا تشكيل لجنة دولية لإجراء مفاوضات للتوصل إلى «حل سلمي» للنزاع.
وقال المتحدث باسم «المجلس الوطني» الذي شكلته المعارضة مصطفى الغرياني، من بنغازي، «لن نقبل أبداً بالتفاوض مع أي كان على دماء شعبنا. الشيء الوحيد الذي يمكن أن نتفاوض بشأنه مع تشافيز هو رحيل القذافي إلى فنزويلا». وأضاف «بعدها سنطالبه بتسليمنا القذافي لتقديمه إلى العدالة».
وقال ابن القذافي، سيف الإسلام، رداً على سؤال في مقابلة مع قناة «سكاي نيوز» عن عرض وساطة من فنزويلا في الأزمة الليبية، إنه لا توجد حاجة لأي دور أجنبي في إنهاء الأزمة، مشيراً على أنه لم يسمع بشأن العرض من تشافيز.
وقال وزير الإعلام الفنزويلي اندريس اثارا، الذي أشار إلى أن تشافيز ناقش الاقتراح مع القذافي، إن ليبيا قبلت بهذه الخطة، فيما أعلنت الجامعة العربية أنها «تدرس» هذه العرض الفنزويلي.
واشنطن
إلى ذلك، جدد الرئيس الأميركي باراك أوباما دعوته للزعيم الليبي إلى التنحي. وقال أوباما، خلال مؤتمر صحافي مشترك في البيت الأبيض مع نظيره المكسيكي فيليب كالديرون، إن «القذافي فقد شرعيته للقيادة وينبغي أن يرحل... وهذا هو الشيء الصحيح الذي يجب عمله».
وحذر أوباما المسؤولين المحيطين بالقذافي من أنه تتم مراقبة أفعالهم، وأن المجتمع الدولي لن يسمح بالهجمات ضد المدنيين، مضيفاً أنه «يتعين عليهم أن يعلموا أن التاريخ يتحرك ضد العقيد القذافي... ودعمهم له واستعدادهم لتنفيذ الأوامر لتوجيه العنف ضد المدنيين هي أمور سوف يحاسبون عليها».
وأشار اوباما إلى أن كل الخيارات متاحة امام الولايات المتحدة، بما في ذلك الخيار العسكري، لكنه شدد على أن التركيز حاليا ينصب على الوضع الإنساني. ولفت إلى أنّ فرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا لحماية المدنيين من الطائرات الحكومية ما زال خيارا، لكنه تعهد بأن يتم تنسيق أي رد في اطار دولي، موضحاً «أود ان نتخذ قراراتنا على أساس الشيء الأفضل للشعب الليبي بالتشاور مع المجتمع الدولي».
وكان نحو 400 من عناصر مشاة البحرية الأميركية (المارينز) وصلوا إلى قاعدة «سودا» العسكرية الأميركية في جزيرة كريت اليونانية. وقال المتحدث باسم القاعدة بول فارلي إن «المارينز الذين ينتمون إلى الكتيبة الأولى في كارولاينا الجنوبية وصلوا أمس (الأول) بالطائرة، ويجب نقلهم خلال الأيام المقبلة على متن سفينتين حربيتين أميركيتين موجودتين حاليا في المتوسط»، مضيفا أن وصولهم «يندرج في سياق عملية إعادة تموضع للقوات في المنطقة، وهو مرتبط بالوضع في ليبيا».
من جهته، أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أندريس فوغ راسموسن أن الناتو «ليس لديه النية» للتدخل في ليبيا من دون دعم الأمم المتحدة، ولكنه بصدد إعداد الخطط تحسبا لتلقي دعوة من الهيئة الدولية للتدخل.
وفي باريس، قال وزيرا خارجية بريطانيا وليم هيغ وفرنسا ألان جوبيه إن حكومتيهما ستضغطان من اجل فرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا إذا استمرت الهجمات ضد المدنيين. في المقابل، قال وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله إن بلاده تعارض أي تدخل عسكري أجنبي في ليبيا، قائلاً «نحن لا نشترك في بحث أي تدخل عسكري لأننا نعتقد أن هذا سيأتي بنتائج عكسية، لافتاً إلى أنّ الوضع غير مناسب لاتخاذ قرار بشأن فرض منطقة حظر للطيران فوق ليبيا.
المصدر: وكالات
إقرأ أيضاً:
التعليقات
نصير الشعوب المحرومة تشافيز
إضافة تعليق جديد