المرحلة الأولى في الحرب على داعش

22-12-2014

المرحلة الأولى في الحرب على داعش

الجمل ـ ديفيد أغناتيوس ـ ترجمة وتقديم عبد المتين حميد:

تلاحقت تصريحات المسؤولين الأمريكيين عن ضرورة تواجد قوات برية على الأرض لمحاربة داعش. تُرجمت الرسالة على أنها دعوة أمريكية إلى الجيش العربي السوري للنزول في خندقها مع استعداداها لتقديم ما يلزم عسكرياً و استخباراتياً. ينفي الرئيس الأمريكي باراك أوباما ذلك, دون أن يخفي استهزاءه من السائلين, و لسان حاله "إنّي أعلم ما لا تعلمون". تكثر السخرية من عدم تحقيق التحالف الأمريكي أي هدف ملموس حتى الآن في حربه المعلنة على داعش, بينما القوات الخاصة الأمريكية متواجدة على الأرض العراقية و ربما السورية أيضاً, و المزيد على الطريق. يوحي أوباما لخارجيته أن تتجاوز كتمانه المفضل, فتصرّح: "حربنا هي حرب استراتيجية و متعددة المراحل و على سنوات؛ مرحلتنا الأولى هي العراق". فما الذي يتم تجهيزه في العراق, و ما الهدف الاستراتيجي الحقيقي وراء ذلك, و هل نتكئ على الأرائك أم نجهز أنفسنا  لتلقي الأسوأ؟ بعض هذا سنجده في الواشنطن بوست  16/09/2014:
 
قد يحتار البعض كيف يمكن للرئيس الأمريكي باراك أوباما أن يقدّم دعماً عسكرياً على الأرض بهدف تحجيم داعش و القضاء عليها دون أن يحنث رسمياً بتعهده؛ التعهد بعدم إرسال قوات عسكرية أمريكية؟ الجواب يكمن في فقرة في التشريع القانوني تُعرَف باسم "العنوان 50", و هي الفقرة الناظمة لنشاطات وكالة الاستخبارات المركزية CIA, بالتحديد "البند 413 (ب)" الذي يتناول الموافقة الرئاسية و السماح بالقيام بـ "عمليات عسكرية سريّة", هذا البند يخوّل الرئيس الأمريكي إرسال قوات العمليات الخاصة للقيام بعمليات شبه عسكرية تحت إمرة الـ CIA؛ و ما عملية اغتيال أسامة بن لادن في أبوت أباد في باكستان إلا خير مثال على تفعيل هذا البند.
يُجمِع الخبراء العسكريين الأمريكيين و الأجانب في الحرب على داعش على ترابط موضوعين ببعض: الأول, إنّ هذه الحملة تتطلب (بالإضافة إلى القوة الجوية الأمريكية) تدريباً و دعماً أمريكياً للقوات البرية مجاوراً لمكان المعركة. ثانياً, من الأفضل تقديم هذا الدعم تحت قيادة الفرع البري لقسم العمليات الخاصة في الـ CIA.
بإمكان أوباما الآن أن يستند إلى البند المذكور مدعوماً برأي الخبراء لإرسال فرق من القوات الخاصة تابعة للـ CIA إلى العراق, و القيام بعمليات خاصة هناك يصفها بالـ "سريّة" على الرغم من علانيتها, و إنشاء قوات عسكرية غير رسمية (ميليشيات) في سورية و العراق من مواطني هذين البلدين. من المحتمل أن تقوّض هذه القوات المساعي المبذولة لعودة هذين البلدين للاستقرار و أنظمة الحكم فيهما و سير العمليات العسكرية, فالتاريخ يخبرنا (من فيتنام إلى أمريكا الوسطى مروراً بالشرق الأوسط) عن شناعة العمليات السريّة و انتهاجها للتعذيب و الإعدام و الاغتيال, لذا لا بد من خضوع هذه العملية لمراقبة الكونغرس مع تحديد مهامها بوضوح تام.
تملك الولايات المتحدة خبرة واسعة في إدارة و تنفيذ هكذا نوع من العمليات شبه العسكرية السريّة, خصوصاً في العراق و مناطق أخرى من الشرق الأوسط. ففي العام 2001 أدارت الـ CIA حملة عسكرية لإسقاط طالبان في أفغانستان مستخدمةً فِرقاً من قوى العمليات الخاصة لتحريك المقاتلين من التحالف الأفغاني الشمالي. و في العام 2002, قبل اجتياح العراق, تم استقدام القوات الخاصة الكردية إلى قاعدة عسكرية في غرب الولايات المتحدة و تدريبهم على "تكتيكات التمرد", و لقد أدوا واجبهم في القيام بأعمال هجومية شرسة في بداية الحرب على العراق. أما في العام 2003, بعد غزو العراق, قمعت الـ CIA التمرد السنّي في العراق باستخدام مجموعات كوماندوز سنيّة تُطلق عليها لقب "UTP" أي المجموعات غير الشرعية (حرفياً: مجموعات تحت الطاولة). كما أنّ رئيس المخابرات العراقية الفريق محمد شهواني جنّد قوى غير رسمية سنيّة عُرفت بكتائب الشهواني حاربت إلى جانب قوات المارينز الأمريكية في معركة الفلوجة أواخر العام 2004.
أما حالياً و تحت عنوان الحرب على داعش, تستهدف الولايات المتحدة و حلفاؤها تحريك مقاتلي القبائل السنّة, و لم يجد أوباما من هو أفضل من الجنرال المتقاعد جون ألين (من المارينز) لتسميته كمبعوثه الخاص لسببين؛ الأول: لقد كان الجنرال ألين منسّق الاتصالات مع قادة العشائر السنّة في الأنبار و المحرّك لـ "قوات الصحوة" بهدف قمع التمرد السنيّ هناك في العام 2003؛ أما الثاني: تواصل العديد من قادة العشائر السنّة في سورية و العراق معه تحديداً بغية طلب مساعدة الولايات المتحدة الأمريكية.
التجاوب الأمريكي كان سريعاً. أرسل البيت الأبيض مجموعة القوات الخاصة الخامسة في الجيش الأمريكي لتدريب مقاتلي القبائل السنة؛ برنامج التدريب سيكون محصوراً في تكتيكات حرب الشوارع, بعدها سيتم تحريك المقاتلين لمحاربة داعش في شوارع الموصل و الفلوجة و الرقة. ليس واضحاً بعد فيما إذا كانت القوات الخاصة الأمريكية ستنضم إلى قوات القبائل السورية و العراقية التي تدربها و ستقاتل بصحبتها على الأرض أم لا. قال رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي: "أعتقد بوجوب مصاحبة خبرائنا للقوات العراقية البرية على الأرض لتنفيذ أهداف محددة في الحرب, و أنا سأنصح الرئيس بذلك".
- كل ما يمكن أن يحدث سوف يحدث، توقعوا الأفضل, و لكن تجهزوا للأسوأ, والمسألة مسألة وقت فحسب.

 

الجمل 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...