المساعدات السعودية تباع في السوق السوداء اللبنانية

04-12-2006

المساعدات السعودية تباع في السوق السوداء اللبنانية

مساعدات غير مطروحة في السوق اللبنانية جاءت إلى الهلال الأحمر السعودي، خرجت عن مسار التوزيع إلى الجمعيات، لتحط في أحد مواقف الشاحنات في بئر حسن. وإذ بالأصناف نفسها تحط ثانية في سوق صبرا وشاتيلا... وربما في غيرها أيضاً
كثرت الشائعات التي تناولت موضوع تسرب بعض المساعدات الدولية إلى السوق السوداء. جميع المعنيين بهذا الملف نفوا هذه الشائعات، إلى أن قُبض على أحد الموظفين في وزارة الصحة يبيع متلبساً كميات من الأدوية. فر الموظف بشفاعة أحد كبار السياسيين...  اقتفينا أثر التجاوزات تلك، وفي أكثر من مرة كانت أقرب إلى اليقين بوجودها، لكن أعوزها الدليل، حتى توافر بالصورة.
رحلة معلومات بدأت بكميات من المواد الغذائية ومعجون الأسنان تم بيعها في باحة للشاحنات في محلة بئر حسن. قصدنا المكان، فلم نر أثراً للمواد الغذائية، لكن وجدنا كمية من معجون الأسنان «كلوز أب» و «سينيال» مصنعة في المملكة العربية السعودية مخبأة تحت شادر بين شاحنتين. سألنا بعض المعنيين فقالوا إنها منتهية الصلاحية ومرمية في الأرض تمهيداً لتلفها. تفحصنا البضاعة خلسة، فاكتشفنا أنها صالحة حتى 2009. الهلال الأحمر السعودي في لبنان الذي يوزع المساعدات على المتضررين من الحرب الاخيرة، نفى أن تكون هذه الكميات خرجت من مستودعاته. فيما أكد شهود عيان في الموقف أنها خرجت من هناك. شركة فتال، وكيل «كلوز أب» و«سينيال» في لبنان أكدت أن الأصناف هذه غير مطروحة في السوق اللبنانية. فلمن تعود هذه الكميات؟
الأصناف هذه آتية إلى الهلال الأحمر السعودي من المملكة العربية السعودية للمتضررين، وهي بحسب المنسق العام لبعثة الهلال الأحمر السعودي في لبنان أحمد عبد الله سلامة لا تُنقل من المستودع الكائن في منطقة طريق المطار إلا تحت إشرافه شخصياً. ويلفت إلى أن التوزيع للجمعيات يكون مباشرة من المستودع من دون أن تبيت هذه البضاعة في مكان آخر. فما الذي أوصل معجون الأسنان إلى موقف للشاحنات؟ سلامة ينفي أن تكون هذه البضاعة خارجة من مستودع الهلال الأحمر السعودي ويرى أن اللبس الحاصل يعود إلى وجود لافتات مكتوب عليها اسم الهلال الأحمر السعودي «ركنت في موقف الشاحنات في بئر حسن نظراً إلى ضيق المستودع».
ولكنّ مستودعاً للمواد الغذائية يضيق ببضع لافتات؟
يؤكد سلامة «إفادته». لأن «المستودع صغير جداً».أصناف دخيلة تباع في أحد المحال في سوق صبرا
بحسب سلامة إن الهلال الأحمر السعودي تسلّم كمية من معجون الأسنان لتوزيعها على المدارس بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم العـــــالي. وهـــــــــذا المشـــــــــروع لــــــــن يباشــــرتنفيذه قبل أسبوع...
كمية معجون الأسنان الموجودة كانت تتعدى مئة صندوق مصدرها السعودية مباشرة. وصنفها في لبنان يستورد الوكيل من مصر. إذاً هي من مخزون المساعدات قطعاً. وجودها في الموقف يثير الشكوك، فهي ليست متوجهة إلى الجمعيــــــــــات لأن الأخيرة بحسب سلامة «تحصل على المساعدات بنقلها مباشرة من المستودع». وليست للتلف وفق تاريخ الصلاحية الموسوم عليها. هنا بدأ نصف الصورة في الظهور.
شهود عيان في الموقف أكدوا أن البضاعة كانت موجودة منذ أيام، تأتي بها شاحنات من الهلال الأحمر السعودي وتنقلها شاحنات صغيرة على دفعات في اتجاه غير معلوم. سلامة يقول إن كميات معجون الأسنان المنتهية الصلاحية التابعة للهلال الأحمر السعودي موجودة في المستودع. ويشير إلى أن عددها نحو 200 علبة.
ولكن كيف توجد عينات منتهية الصلاحية ضمن مساعدات آتية من أجل مشروع سيباشر بتنفيذه بعد أسبوع؟ يشير سلامة إلى أن الهلال الأحمر تسلم عدداً كبيراً من المساعدات من جهات مختلفة وتضمنت عينات فاسدة...
ويلفت إلى احتمال أن تكون هذه البضائع إلى الهلال الأحمر الكويتي لكونه ترك كمية من المساعدات في مستودع الـ«BHV» قبل مغادرته. وعن احتمال سرقة صاحب الشاحنة البضاعة قبل وصولها إلى الجمعيات.
قال: «ممكن ولكن لا أريد اتهام أحد». وتابع: «سأضع اللافتات في المستودع لأتفادى المشكلات»... ولكن لم التشكيك في احتمال السرقة وهو المشرف الشخصي على توزيع البضاعة؟ وكيف ستوضع اللافتات في مستودع يضيق عليها؟...وهو ما أفاد به سابقاً.
المسؤول في شركة فتال، حسين صبري، قال إن «تسويق هذه المساعدات يضر بمصالح شركة بن زقر ليفر المصنّعة، بعمل شركة فتال لكونها الوكيل الحصري لتسويق هذه الأصناف في لبنان».
ويلفت إلى أنه لا يستطيع سوى رصد الأماكن التي تباع فيها المساعدات كي يتم حصرها، إضافة إلى محاولة معرفة كمية البضائع الموجودة في السوق.
وأشار إلى أن «شركة فتال لا يمكنها مصادرة هذه البضائع لأنها لا تضر في صحة المواطنين. وغالبية الأصناف التي توفرها فتال في السوق اللبنانية تأتي من السوق المصرية، إضافة إلى صنف من «سينيال» يستورد من إنكلترا».
وشدد على أن العرض الموجود على علبة «كلوس أب» الموجودة في السوق اللبنانية التي تعد بجوائز سيارات وغيرها لم تضعها شركة فتال في السوق بعد.
ولفت إلى أنه رصد كمية من البضائع المصرية في السوق اللبنانية على الرغم من أنها لا تملك وكيلاً لها في لبنان، جازماً بأن هذه الأصناف آتية للمساعدات، ومنها صابون «أوليفيا» ومياه معدنية.
اتجهنا إلى أكبر سوق تباع فيه البضائع غير الشرعية لقطع الشك باليقين. وفي جولة على سوق صبرا وشاتيلا كان الدليل شاهداً في واجهة المحال. أحد التجار أكد  أن الكميات المعروضة والآتية من السعودية ليست شرعية.
وقال إن «أحدهم» جاء بشاحنة صغيرة محملة بكمية من معجون الأسنان «كلوز أب» و«سينيال» وعرضها عليه. ولفت إلى أنه يفضل الحصول على بضائع غير شرعية ليبيعها بأسعار مخفوضة. وأوضح أن «كلوز أب» الذي يبتاعه من الوكيل «كلفته مرتفعة وأبيع العلبة بـ3 آلاف ليرة، في حين أن الأصناف المهرّبة بألفين و250 ليرة. وبذلك أزيد أرباحي».
مساء ذهبنـــــــا إلى مـوقف الشاحنات في بئر حسن. البضائع اختفت واللافتات كذلك.. «لمسح آثار العدوان».

 

رشا أبو زكي
المصدر: الأخبار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...