المسلسلات السورية الاجتماعية متهمة بتشويه الواقع
دأبت الدراما السورية في كل عام على تقديم وجبة من يتلقى كتالمسلسلات التي تحاكي تطورات المجتمع السوري بايجابياته وسلبياته.
ووقعت تلك المسلسلات المصنفة اصطلاحا على أنها (اجتماعية) بين تجاذبات آراء الجمهور والنقاد، ففي الوقت الذي اب هذه المسلسلات الشكر من المتابعين على ما يقدمونه من صور وأحداث وقضايا كانت في الماضي القريب ممنوعة من الطرح، يتوجه البعض الآخر نحوهم بالنقد والاتهام بالإساءة إلى المجتمع من خلال تناول الأمور على أنها واقعية مستمدة من الشارع الذي لا يحتمل في كل الأحيان المصارحة.
وصف القائمون على النوع الاجتماعي من المسلسلات أعمالهم بأنها حالة تصوير لمشاهدات رصدوها في محيطهم، ذهب آخرون إلى اعتبار ذلك تشهيراً بمجتمع ما زال محافظا على الحد الأدنى من قيمه التي لا يساوم عليها متهمين كتاب تلك المسلسلات ومخرجيها بالابتذال والابتداع بدلا من الإبداع. وبعد تجربته في “أبناء القهر” و”عصر الجنون” و”أسياد المال” و”حاجز الصمت، يرى المخرج يوسف رزق أن الأعمال الاجتماعية حالة مكاشفة لا بد منها في عملية تطوير الاتجاه وتكوينه عند المواطن السوري.
وانتقد أحدهم الكاتب الكبير هاني السعدي قائلا: ليس هذا هو المجتمع السوري يا هاني السعدي، في إشارة إلى مسلسلاته الأربعة سابقة الذكر والتي عالجت بجرأة غير مسبوقة قضايا الإيدز والمخدرات والعلاقات المشبوهة والنصب والسرقة والاحتيال وغيرها.
السعدي قال رداً على هذا النقد، إن المجتمع السوري مجتمعه، ومن غير الممكن له أن يسيء إلى أهله، موضحاً أن المجتمع الذي يصور في المسلسلات الاجتماعية التي يكتبها ليس المجتمع السوري وحسب وإنما هو المجتمع العربي بالكامل، وأضاف: القلم الذي أحمله عربي وليس سوريا فقط، عندما كنت أكتب “الفانتازيا” قبل انتقالي إلى الاجتماعي كانت مسلسلاتي عبارة عن حوار عربي عربي ينتهي بضرورة وحدة البلاد العربية، وهكذا هو المجتمع المعاصر لا يختلف فيه وضع السوريين عن المصريين أو المغاربة أو الخليجيين وكلنا في الهم شرق.
وكتبت المسلسلات الأربعة وفق مشاهداتي وليس وفق ما سمعت. فهل يريدون منا أن ندفن رأسنا في الرمال كما تفعل النعامة؟
هناك من يتساءل: هل يملك أحد من الحق في أن يكون رقيبا على تجسيد ظواهر اجتماعية في مسلسل تلفزيوني؟
للمخرج والمنتج المعروف مظهر الحكيم رأي في ذلك يعمم فيه المسألة ضمن ثقافة وليس مجتمعا فقط ويقول: نعيش في خضم ثقافة عامة وسياسة اجتماعية عامة وإطار ثقافي عام، لا تخصيص فيه لأحد، وبالتالي يجب ألا يتصور أحد نفسه على أنه مستهدف من هذا المسلسل أو ذاك.. نحن في مجتمع لا يملكه أحد، وشعبنا طيب وذواق للإبداع وعلى هذا الأساس تكتب المسلسلات وليس على أي أساس آخر.
ورداً على المنتقدين لهذه المسلسلات يقول:
ينتقد بهذا الأسلوب من النقد سوى من لا يعرف شيئا عن المجتمع المعاصر، وما زال يعيش على أنقاض الماضي، وينتقد فقط لأنه يرى عيوبه في تلك المسلسلات، وإلا لماذا لا يقوم المجتمع بأكمله ليعترض على ما نقدمه؟!.).
ولا يكاد مسلسل اجتماعي يعرض يسلم من تهمة التكلف والابتذال والمبالغة في الطرح، فمسلسل (الخط الأحمر) الذي عرض في رمضان المنصرم نموذج يؤكد ذلك، إذ اعترض البعض على اقتحام ثلاثة شبان لمصح ليغتصبوا فتاة مصابة بالإيدز، كما انتقد البعض الآخر ذهاب نصف أبطال العمل إلى المصح، ما يوحي بارتفاع نسبة الإصابة بمرض الإيدز في سوريا، وهذا ما سماه المنتقدون مبالغة وابتذالا.
ويرد مخرجه يوسف رزق على هذه الانتقادات بقوله: “خيال الكاتب في إيجاد المصح غير الموجود في سوريا أصلا هو حالة استباقية لما سيحدث لاحقا وهذا تنويه إلى أن المستقبل القريب سيشهد وجود مصح لمعالجة الإيدز يكون تابعا للأمم المتحدة، والخيال في هذا الجانب ليس مبالغة، وإذا كنا نقدم العمل على أنه حال سوريا بعد 20 عاما إذا لم نتنبه لخطر الإيدز، فمن الضروري أن نشير إلى كل الاحتمالات التي قد تسببه السؤال الأهم في تلك المعادلة المتعددة الأطراف هو في رأي كثيرين: هل وصل الجمهور السوري إلى مرحلة من النضج تساعده على تقبل هذ النوع من المكاشفة، وهو الذي يفخر بمجتمع منغلق جسده له (باب الحارة)؟
يوسف رزق يرى قوة المجتمع السوري بهذه الحالة المتناقضة قائلا: لو لم يكن الجمهور ناضجا لما قدمنا هذا النوع، المجتمع السوري يتقبل كل الألوان، ف”باب الحارة” على هذه القناة و”الخط الأحمر” على تلك وبالنتيجة أنه يشاهد العملين في يوم واحد ولاخوف عليه).
علاء محمد
المصدر: الخليج
إضافة تعليق جديد