النعاس في النهار مرض البدناء والمكتئبين و«السكريين»
يقضي الإنسان ثلث حياته في النوم الذي هو حاجة جوهرية لكل الناس من أجل التخلص من التعب واستعادة حيوية الجسم والعقل.
وقبل الدخول إلى عالم النوم يدهمنا النعاس (الرغبة في النوم)، وهو هنا نداء يدعونا إلى الذهاب إلى الفراش كي ننعم بساعات كافية من النوم.
والنعاس تحت جنح الليل أمر طبيعي، لكن المصيبة هي عندما يزورنا نهاراً من دون أذن، ليسبب إزعاجاً شديداً إلى درجة أنه يفقدنا المقدرة على التفكير والعمل والتفاعل مع الآخرين.
وإذا كان الأرق المشكلة الرقم واحد في لجة مشاكل النوم، فإن فرط النعاس يعتبر هو الآخر مشكلة طبية لا تقل أهمية، خصوصاً أن مضاعفات خطيرة قد تنشأ عنه في حال قيام المصاب بأعمال حساسة تتطلب منه الدقة والوعي والحذر والانتباه وزيادة التركيز.
وتفيد الإحصاءات الميدانية أن ١٢ إلى ١٥ في المئة من الناس يشكون من فرط النعاس خلال النهار، وفي هذا الخصوص، لفتت كل الدراسات إلى أن فرط النعاس يعتبر عامل خطر مهماً في وقوع الحوادث، خصوصاً تلك التي تتعلق بالسير، والمصيبة أن الأشخاص الذين يعانون منه (فرط النعاس) يستمرون في القيادة ناكرين ما يشعرون به من رغبة ملحة في النوم. وبحسب تقرير للإدارة الوطنية لسلامة الطرق في الولايات المتحدة فإن أكثر من نصف السائقين يستمرون في قيادة سياراتهم على رغم شعورهم بالنعاس الشديد.
ما هي أسباب فرط النعاس النهاري؟
1- البدانة والاكتئاب، فقد أظهرت ثلاث دراسات لباحثين من ولاية بنسلفانيا الأميركية أن الوزن الزائد والاكتئاب هما من بين أقوى العوامل التي تسبب فرط النعاس النهاري واستمراره وذلك على رغم الحصول على قسط كاف من النوم ليلاً. ونصح الباحثون بضرورة خفض الوزن وعلاج الاكتئاب للوقاية من الاختلاطات التي يمكن أن تتمخض عن فرط النعاس.
2- نقص الفيتامين د. أكد باحثون أميركيون من مركز علوم الصحة بجامعة لويزيانا، وجود علاقة وثيقة بين نقص فيتامين د وفرط النعاس في النهار، وأنه كلما قلّ مستوى الفيتامين في الجسم ساهم ذلك في زيادة حدة النعاس.
3- فقر الدم، وهو يؤدي إلى نقص عدد كريات الدم الحمر التي تتولى نقل الأوكسيجين إلى مختلف أنسجة الجسم، ما يؤدي إلى ضعف تروية الأخيرة فيشكو الشخص المصاب من عوارض يطغى عليها الخمول والنعاس النهاري.
4- نقص نشاط الغدة الدرقية، وهو سبب شائع لنوبات النعاس المفرط نهاراً، وطبعاً يظهر هذا العارض من ضمن مجموعة كبيرة من العوارض تضم نقص الشهية على الأكل، وزيادة الوزن، وعدم تحمل الجو البارد، وجفاف الجلد، وخشونة الصوت، وتساقط الشعر، وبطء في التفكير وفي الحركة، والإمساك، إضافة إلى تبدلات في العضلات والمفاصل وفي الحال النفسية.
5- نقص السوائل في الجسم، وهو يقود إلى تباطؤ ملحوظ على صعيد العمليات الاستقلابية في الجسم فيعاني الشخص من التعب والفتور والنعاس.
6- الطقس الحار. كثيرون يعانون من هجمات النعاس عند اشتداد موجات الحر، ويفسر الباحثون ذلك بأن القلب يعمل على ضخ كميات أقل من الدم إلى الجلد من أجل تبخير الماء الموجود فيه وبالتالي إلى إثارة البرودة في الجسم، وينتج عن هذه الآلية تراجع في تدفق الدم إلى العضلات والأعضاء الداخلية، خصوصاً المخ، فيشكو الشخص من التعب والضعف العام والنعاس.
7- أمراض القلب، إن عجز القلب عن ضخ الدم بكميات كافية إلى مختلف أنحاء الجسم يقلل من نشاط وحيوية الجسم ما يسهم في إرهاق الشخص وفي معاناته من النعاس النهاري.
8- الحمل، إن التقلبات الهرمونية التي ترافق بدايات الحمل، خصوصاً ارتفاع مستوى هرمون البروجيسترون في الدم، تسبب نوبات من النعاس الشديد لا تقاوم، إضافة إلى التعب، والإجهاد، والشعور بالخمول والكسل.
10- الشخير. إن التوقفات التنفسية أثناء النوم والتي تلازم المصابين بالشخير يمكن أن تطلق العنان لحزمة من العوارض، من بينها الخمول والنعاس الشديد خلال النهار، خصوصاً خلال ساعات العمل. والمعروف أن الشخير أثناء النوم يعتبر أحد أسباب ارتفاع ضغط الدم والأزمات القلبية والدماغية الوعائية.
11- الداء السكري، فقد وجد باحثون بريطانيون أن النعاس المفاجئ والمتكرر يمكن أن ينتج من ارتفاع معدل السكر في الدم لدى المصابين بالداء السكري النوع الثاني، لكن قائد الدراسة نيل توماس من جامعة برمينغهام، نادى بضرورة عدم التسرع في اعتبار النتيجة كإحدى المسلمات، ودعا إلى إجراء المزيد من التحريات من أجل معرفة ما إذا كان النعاس المفاجئ يلعب دوراً مسبباً في تطور المرض أم أن ثمة عوامل أخرى متورطة في الموضوع.
12- مرض النوم القهري، وهو سبب مهم لزيادة النعاس في النهار، ويشاهد هذا المرض في جميع الأعمار، لكنه يضرب أكثر الفئة العمرية من 15 إلى 25 سنة. وتمتاز نوبات النعاس التي يسببها المرض بأنها تحدث نهاراً وتكون من النوع الذي لا يقاوم. كما يتميز المرض بظهور الشلل المفاجئ أثناء اليقظة الذي يستمر عادة للحظات، لكنه أحياناً قد يستغرق دقائق معدودة، وهو عارض قد يطاول بعض عضلات الجسم أو كلها، وفي الحال الأخيرة يقع المريض أرضاً ككتلة واحدة ويظهر وكأنه مغمي عليه لكنه في الواقع يكون في كامل وعيه. أيضاً قد يعاني المصاب بمرض النوم القهري نوبات هلوسة عند بداية النوم.
ما هو الحل؟ يجب البحث عن السبب أو الأسباب التي تقف خلف فرط النعاس والعمل على إزالتها، أما في حال عدم التوصل إلى السبب الحقيقي فإن النصائح الآتية مفيدة:
- التعود على عادة النوم المبكر، وهذه العادة قد لا يمكن تحقيقها منذ الليلة الأولى بل يجب إدخالها تدريجياً من خلال الذهاب إلى النوم في وقت أبكر بربع ساعة مثلاً حتى تحقيق الهدف المرجو.
- النوم بشكل كاف خلال الليل، أي بمعدل 7 إلى 8 ساعات يومياً.
- النوم والاستيقاظ في الوقت نفسه كل يوم حتى أثناء الإجازات والتوقف عن العمل.
- أخذ غفوة قصيرة إذا كان ذلك ممكناً، لاستعادة النشاط عند الشعور بالنعاس الملح.
- تناول القليل من القهوة، وهذه يكون فعلها محدوداً في حال النعاس الشديد.
- تناول الوجبات في أوقات محددة، فهذا يساعد على تنظيم العمليات الحيوية في الجسم خصوصاً تلك التي على علاقة بالنوم.
- ممارسة التمارين الرياضية لأنها تعمل على صرف الطاقة الفائضة، وتساهم في التخلص من الضغوط الذهنية، وتعمل على مقاومة الشعور بالنعاس.
- التنفس بعمق، إن أخذ أنفاس عميقة يمكن أن يحسن من مستوى الأوكسيجين في الدم، ويبطئ من ضربات القلب، ويخفف من ضغط الدم، ويحسّن سريان الدم إلى المخ.
- تجنب العمل الروتيني الممل لأنه يثير الدوخة ويحرّض على النعاس.
- التعرض لأشعة الشمس، فهو يساهم في تنظيم الساعة البيولوجية في الجسم، وبالتالي يمنع النعاس نهاراً.
- تناول وجبة خفيفة غنية بالسكر من أجل بعث الطاقة في الجسم ودب النشاط في العقل.
- أخيراً، يجب الابتعاد عن السهر والعمل ليلاً.
ختاماً، إذا لم تفلح النصائح الواردة أعلاه في طرد النعاس النهاري المتكرر الذي يحل على صاحبه غصباً عنه، فإنه لا بد من التوجه إلى الطبيب للكشف عن أسباب النعاس من خلال إجراء فحوص طبية.
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد