الولايات المتحدة تسلح ‘عَرصاتها’ الوهابيين
الجمل- بيبي إسكوبار- ترجمة- د. مالك سلمان:
الحياة جميلة عندما تكون عضواً في "النادي الخليجي المناهض للثورات", المعروف بشكل رسمي باسم "مجلس التعاون الخليجي" [يحمل الاسمان نفسَ الأحرف الأولى باللغة الإنكليزية: جي سي سي]. يمكنك أن تسحقَ الربيع العربي كما يحلو لك. ويمكنك أن تستأجرَ المعاتيه والمجرمين في كافة أنحاء دار السلام لخلق انقسام سني- شيعي. كما يمكنك أن تتورط حتى أذنيك في تدمير سوريا. ويمكنك أيضاً أن تعاملَ جزأ كبيراً من شعبك كمواطنين من الدرجة الثالثة.
وأنت لا تنجو بفعلتك هذه فقط, بل تكافأ بألعاب ثمينة. وفي إحدى الحالات – المملكة السعودية – تكافأ بمقعد لسنتين في مجلس الأمن/الأمم المتحدة.
هذا فيما عدا عن إفلات آل سعود من استغلال الإسلام بصفته ركيزة ﻠ "شرعيتها". فآل سعود يتحكمون بالحج – الذي حصل هذا الأسبوع؛ وهو عبارة عن عملية لوجستية ضخمة تعمل على "نشريع" دورها كزعيم للإسلام السني, وبشكل أوتوماتيكي, للعالم الإسلامي ككل. لكن المسلمين الواعين مدركون لهذا الزيف – بقدر إدراكهم للطريقة التي يحول بها آل سعود مكة إلى منتجع ترفيهي على نمط لاس ڤيغاس تدفع فيع مقابل كل صلاة تؤديها. ومن يفيد من ذلك؟ ليس الحجاج بالتأكيد.
هذا الأسبوع, أعلنت "وكالة التعاون الأمني الدفاعي" الأمريكية أنها أعلمت الكونغرس ببيع أسلحة متطورة جداً للمملكة السعودية والإمارات المتحدة. وتتلخص الصفقة في "ذخائرَ متنوعة وعتاد وقطع غيار وتدريب ودعم لوجستي" للرياض بقيمة 6.8 مليار دولاراً ولأبو دبي بقيمة 4 مليار دولاراً.
إن تسليحَ "عرصاتنا" الوهابيين هي أجمل صفقة بالنسبة إلى المجمع الصناعي- العسكري – الأورويللي. وماذا عن الحجز؟ والميزانيات القليلة؟ ومن يهتم بذلك؟ فهناك مناجم من العقود اللامتناهية في الخليج – متجذر في السرد الذي تقدمه القوة العظمى "المحسنة" لتلك المشيخات النفطية والغازية العاجزة وتدافع عنها ضد مجموعة متنوعة من الأشرار؛ فأحياناً يكون الشرير هو العراق, وفي اليوم التالي إيران, ومن ثم يمكن أن يكون شعوبها نفسها, ولذلك على المرء أن يكون مستعداً لكافة الاحتمالات.
وبين الفينة والأخرى تستعرض إسرائيل استغرابَها المطلوب, لكن هذا مجرد مظاهر فقط. إذ إن هناك تحالفاً بين إسرائيل و "مجلس التعاون الخليجي" ضد الكتلة المعروفة في المنطقة باسم "محور المقاومة" – إيران والعراق وسوريا وحزب الله. لا تمنع إسرائيل "مجلس التعاون الخليجي" من الحصول على مقاتلات "إيغلز إف-15", و "ديزرت فالكونز إف-16", و صواريخ كروز التي يتم إطلاقها من الجو, والقنابل الموجهة من الأقمار الصناعية, والكثير من معدات الاتصالات الحديثة. شيء من قبيل "التعاون العسكري والدفاعي" البريء والعادي.
هناك مشاكل في هذه العلاقة الحميمة بالطبع. ففي الوقت الراهن, آل سعود مهتاجون من إمكانية حل تفاوضي لملف إيران النووي – مباشرة بعد الصفقة الروسية- الأمريكية حول الأسلحة الكيماوية السورية. وقد وجد آل سعود المنبر الملائم للتعبير عن غضبهم؛ فقد فازت السعودية مؤخراً مقعداً مؤقتاً لمدة سنتين في مجلس الأمن/الأمم المتحدة – حيث جاءت بعد باكستان كممثل لمنطقة آسيا- الباسيفيك.
طالما تجنبَ آل سعود المنافسة على مقعد في مجلس الأمن في الماضي. ولكن الآن – وفي مواجهة قصتهم المفبركة عن "التهديد الوجودي", الذي لا يتمثل في إيران فقط بل في أسد سوريا أيضاً – دقت ساعة العمل.
لذلك استعدوا لمشاهدة مملكة نفطية قروسطية غاضبة وخائفة مشهورة بسجلها الفريد حول حقوق الإنسان وحقوق النساء, ومغرمة بالجَلد وقطع الرؤوس, تقوم بالتنظير على المسرح الكوني حول ... حقوق الإنسان. هذا ما تصفه "الخزانات الفكرية" الأمريكية ﺑ "السعي إلى لعب دور أكثر نشاطاً في المحافل الدولية الرئيسة". عندما ينطبق ذلك على "عرصاتنا" بالطبع؛ وإلا فالأمر يتعلق ﺑ "الدول الإرهابية" التي تسعى إلى تدمير النظام العالمي.
هناك عدد من أمراء آل سعود الغارقين في معركة قاتلة من أجل العرش السعودي – بما أن الملك عبد الله على وشك أن يلتقي خالقه. هل يستحق هؤلاء الأمراء اللقبَ الماكيافيللي؟ لا تحبسوا أنفاسَكم.
علمنا ماكيافيللي أن الإرادة الفردية مهمة مثل علاقات القوة الدولية في صنع قرارات السياسة الخارجية. وقد ركز الفيلسوف الفلورنسي كيف يمكن "للحظ" أن يكون متقلباً, وكيف يمكن للتاريخ أن يكون طارئاً. ولذلك كيف يدير الأمير العظيم دولته؟ من خلال "الفضيلة".
ولكن لا, لا علاقة لهذا بالخليط المسيحي الذي ينوء بالإحساس بالذنب الذي صادف كونه ركيزة أساسية من ركائز مفهوم "الاستثنائية الأمريكية". فهذا متعلق بالقيم الكلاسيكية التي كانت سائدة في العالم القديم – من اليونان إلى بلاد فارس. الفضيلة بمعنى المعرفة, والقوة, والشجاعة, والاحتيال.
تبعاً لهذا المعيار, يستحق فلاديمير بوتين لقب "الأمير". وكذلك دينغ جياوبينغ. ويمكن للرئيس الإيراني روحاني أن يرتقي إلى هذا المستوى. ولكن ماذا عن أولئك الأمراء العرب الهائجين, الخائفين, المتعصبين, والمدججين بالسلاح؟ لا يحتاج المرء إلى الحج إلى مكة-ديزنيلاند لكي يقعَ على الإجابة.
http://www.atimes.com/atimes/Middle_East/MID-02-181013.html
تُرجم عن ("إيشا تايمز", 18 تشرين أول/أكتوبر 2013)
الجمل
إضافة تعليق جديد