انطباعات غير ودية عن نشاطات العاصمة الثقافية
مرّ على بدء انطلاقة احتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية ثلاثة أشهر وثمة من يتحدث عن ملاحظات كثيرة على الاحتفالية سواء أكان في الكواليس أم حتى في الإعلام.الاحتفالية وفعالياتها مثار نقاش للكتاب والأدباء والمعنيين بالحركة الثقافية في سورية ودائماً نسمع الملاحظات وبعضها مؤلم أحياناً. توجهنا بالسؤال إلى عدد من الكتاب والأدباء، كيف تقيمون المرحلة الأولى للاحتفالية خلال الأشهر الماضية؟! وما ملاحظاتكم عليها؟!
نزار بريك هنيدي: مازلنا ننتظر
منذ بدأت فكرة اختيار عواصم سنوية للثقافة العربية، ونحن ننتظر بفارغ الصبر عام 2008 الذي كنا نراه متأخراً جداً لتكون دمشق عاصمة للثقافة العربية، فهي أحق بذلك من كثير من العواصم التي سبقتها.
وما إن بدأت الإعدادات لهذا العام حتى استبشرنا خيراً. ولاسيّما أنه قد أسندت الأمانة العامة لهذه الاحتفالية لسيّدة دمشقية معروفة برصانتها، وبعدها عن أساليب العمل التقليدية التي تنتهجها مؤسساتنا الثقافية. وجاءت احتفالية الانطلاق ليتعزز تفاؤلنا بالكلمة الهامة التي ألقاها السيد الرئيس، وبالعروض ذات المستوى الفني العالي الذي يحترم العقول وينفذ إلى القلوب.
كما كان لاختيار السيدة فيروز لافتتاح نشاطات هذا العام، أثر بالغ، تعزّز أيضاً بالعروض الموسيقية والأوبرالية التي تلته مثل عرض (كارمن) وغيره. إلا أنني، كشاعر، كنت كلما دعيت إلى مهرجان شعري في إحدى العواصم العربية أو العالمية، يحزّ في نفسي ألا يقام مثل هذا المهرجان في دمشق، ليعيد إلى ذاكرتنا المهرجانات الشعرية التي كانت تعقد فيها قبل عقود، وكان يلتقي فيها كبار الشعراء العرب.
وأعتقد أن مناسبة دمشق عاصمة ثقافية تتيح الفرصة المناسبة لإعادة إحياء مثل هذه المهرجانات الشعرية العربية الكبيرة. كما ما زلنا ننتظر أن تعقد مؤتمرات وملتقيات عربية كبيرة للرواية والقصة والمسرح، وندوات حول المسائل الفكرية التي تشغل بال المثقفين والمفكرين العرب في مختلف أقطارهم، وجمعهم على أرض دمشق، وليتم بذلك التأسيس لنشاطات دورية سنوية تتجاوز هذا العام، لتبقى دمشق
أسامة حويج العمر: الحاجز وخيبة الأمل
قالت الأمانة العامة للاحتفالية في بداية انطلاقتها: إن الاحتفالية سوف تكون لكل الجمهور وسيشعر فيها أينما حل وهذا لم يتحقق.
فقط حفلة فيروز وفعاليات أخرى قليلة جداً لكن بقي حاجز سميك بين المواطن والاحتفالية عكس ما أعلن.
ككاتب- وزملاء كثر لي- لم أشعر أنني داخل هذه الاحتفالية وهذا شعور مشترك للكتاب الشباب. اعتقدنا أن الاحتفالية ستكون فرصة جيدة للشباب كي يستعيدوا حقهم أو جزءاً منه.
فالملاحظ مثلاً أن الفعاليات الثقافية في المراكز مهملة في غياب واضح للتنسيق.
الاحتفالية ركزت على الموسيقا والمسرح أكثر من الأدب فلماذا لا يكون هناك تناغم بين الفنون جميعها؟!
وهناك مسألة تتعلق بالحفلات المقامة في دار الأوبرا فعدا كونها- كلها- نخبوية فإن بطاقات الحفلات تنفد بسرعة مريبة.
أشعر بخيبة الأمل فأسعار حفلات فيروز عالية جداً ولم يتسن لنا- ونحن عشاق فيروز- أن نشم رائحتها، وخيبة الأمل هذه لا تخصني وحدي فهي تخيم على الكثير من الكتاب والأدباء فعسى ألا تبقى هذه الخيبة خلال المراحل المتبقية من الاحتفالية.
مريم خير بك: غياب الترابط والتنسيق
كثيرة هي الملاحظات التي يمكن أن أتوقف عندها من خلال ما شهدناه في الاحتفالية في الفترة الماضية فالثقافة التي محورها الكتاب غائبة والعلاقة بين الاحتفالية والكتاب غائبة والسؤال من يقرر مسألة الاشتراك في الفعاليات؟ ومن يختار؟ ومن يشارك؟ والملاحظة أن هناك فشلاً في الاختيارات فعلى مستوى الطفولة مثلاً ماذا فعلت أمانة الاحتفالية سوى بعض القراءات؟! فثمة غياب لشريحة الطفولة وثمة غياب للتنسيق بين وزارة الثقافة واتحاد الكتاب العرب، والاحتفالية بصرف النظر عن العيوب في مؤسساتنا الثقافية فماذا قدمت الوزارة؟ وماذا قدم الاتحاد؟! وماذا قدمت الأمانة لهما؟!
احتفالية ساحة الأمويين كلفت الملايين ولو تم صرفها على الفعل الثقافي الذي محوره الكتاب لكان أجدى.
إن أحد أهم عوامل النجاح هو مسألة الترابط بين أصغر مسألة وأكبرها وهذه لم تتحقق فالمفترض أن نشهد ترابطاً عضوياً حقيقياً فاعلاً بين كل الجهات المعنية وألا تحصر المسألة أو تقتصر على ارتباطات!! فالجهة القائمة على الاحتفالية يجب أن تكون متواصلة مع المؤسسات الثقافية والتعليمية وكان يجب أن نشهد ورشات عمل ثقافية وتعليمية يقوم عليها أناس حقيقيون معنيون ثم أين دور النشر وهل طلب شيء من اتحاد الناشرين؟
أحزنني أن بعض الكتب التي صدرت عن دمشق هزيلة وهذه سوف تخرج خارج سورية فهل نترك هذه الآلية أو الأسلوب لشخص أو لجهة؟! وأين الكتب المترجمة عن سورية وحضورها الثقافي، هل قاموا بذلك؟!
أختم بأن التنسيق الثقافي غائب عن أذهان من يقومون على الاحتفالية وهذا ما لمسناه على الواقع من خلال المتابعة لما أقيم من فعاليات وما كتب عنها.
علي الطه: علاقات دبلوماسية.. والاصطدام
لم تحاول الأمانة العامة للاحتفالية شد المثقف أو بالأحرى لم تنجح بأن تجعله يأتي إلى فعاليات الاحتفالية التي اتخذت طابعاً رسمياً في برنامج «لافت» أكثر مما هو «فاعل».
ماذا عملوا في الاحتفالية فالبرنامج غير متكامل بالمسرح ولا حتى على صعيد الكتاب فلم نشهد مثلاً معارض للكتب وغاب التنسيق مع جهات كثيرة خاصة أرادت أن تقدم فعاليات في إطار الاحتفالية فاصطدمت بعراقيل كثيرة.
المفترض أن المثقفين هم من يقومون على الاحتفالية ولكن ما حصل أن مجموعة مؤلفة من 50 شخصاً تقوم على الاحتفالية قامت بدعوة من يعرفون فعابد عازاريه أو فيروز مثلاً لم يُقدما بشكل لائق فالاحتفالية الحقيقية تعني أن يكون المثقف موجوداً ومعنياً فيها وعندما يشعر المثقف أنه معني تكون الصورة مغايرة ويكون الجمهور معنياً، فهل نجحت الاحتفالية بأن تجعل الجمهور يأتي من مدينة أخرى إلى الفعاليات؟! هذا لم يحدث فما بالكم بأن تنجح الاحتفالية باجتذاب جمهور من بلدان أخرى؟
أيعقل مثلاً أن كتاب «شاميات» يتحدث عن الطبخ والخضراوات- مع الاحترام لكاتبه- يعمم في حين يغيب أعلام دمشقيون كثر!!
أين العجيلي مثلاً؟! وأين المفكر يوسف سلامة وأين...؟! وأين...؟!
أستطيع القول إن الحوار بين المؤسسة والمثقف مفقود وحتى الحوار بين الحضارات التي أرادت الأمانة العامة أن تجسره فاستقدمت أوبرا كارمن بنسختها الفرنسية وليست الإسبانية وهي الأصل، هنا الاحتفالية في كثير من فعالياتها ليست سوى علاقات دبلوماسية لا أكثر.
لينا تقلا: كأي تظاهرة.. والتغييب
هناك بالأساس سوء تفاهم بين المثقف والمؤسسة سواء أكان المثقف متماهياً مع خطابها أم منفصلاً عنها في خياراته المختلفة وفي الحالتين ثمة مشكلة أو أزمة ودائماً كان تاريخ المبدع مع المؤسسة إشكالياً وأرى أن الحل- ونحن نتحدث عن احتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية وبعد مرور أشهر ثلاثة- يكمن في تفعيل دور المثقف خارج المؤسسة ليظهر دوره أيضاً في المؤسسة ذاتها وهذا لم يحدث في الاحتفالية التي جاءت إلى الآن على شكل تظاهرة كأي تظاهرة ينشغل عنها المثقف ولم تجذبه وربما: ينجذب إليها الإعلام، وبعض من جاء إليها ليس سوى متعيش، شعراء غيبوا وكتاب وروائيون لم يحضروا وعلى أية حال ننتظر خيراً خلال الأشهر التسعة القادمة والسؤال ربما: هل يفترض بنا أن نأتي «بخبراء» من غير سورية ليضعوا لنا احتفالية مميزة علماً أنه في سورية مَنْ هم أهل للثقافة والفن.
الجديد ذكره في آراء كل من لينا تقلا وعلي الطه أنه أيّد كل منهما الآخر فيما ذهبا إليه لدرجة التبني في الرأي للآخر كما الأنا من منطلق أنهما ككاتبين لهما تجارب في كتابة النصوص المشتركة.
علي الحسن
المصدر: الوطن السورية
إضافة تعليق جديد