بريطانيا – إسرائيل، وخرافة السمسار الذكي

25-05-2006

بريطانيا – إسرائيل، وخرافة السمسار الذكي

الجمل: إن تورط بريطانيا الواضح، في اعتداءات إسرائيل، قد قضى تماماً على ادعاءات الساسة البريطانيين، وتباهيهم بنزاهة سياستهم الخارجية، وقد دل على ذلك اقتحام القوات الإسرائيلية لسجن (جيريشو)، والادعاء بوجود أسلحة الدمار الشامل في العراق.. ورغم كل ذلك، تأتي الأخبار من لندن، لتقول بأن بريطانيا ما تزال تحاول القيام بدور "السمسار الذكي" في الشرق الأوسط، على أساس أنها تستخدم نفوذ واشنطن، للضغط على إسرائيل، من أجل السلام مع الفلسطينيين. والآن، ومع الصورة القاتمة لهذا السلام، جراء مواقف إسرائيل والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، بعد فوز حماس، أصبحت حقيقة الدور البريطاني "المزعوم" أكثر وضوحاً.
منذ اللحظة التي أتى فيها شارون إلى السلطة، وحتى الآن، قدمت بريطانيا عتاداً لإسرائيل، بلغت قيمته حولي 150 مليون دولار. وفي العام الماضي فقط، قدمت بريطانيا المزيد من تكنولوجيا الطائرات الحربية، وعتاد صواريخ أرض - أرض، وعدداً كبيراً من العربات المدرعة، والبنادق والرشاشات الآلية، وبعض قطع الدبابات وطائرات الهيلوكبتر، والقنابل والمدافع والمنصات الصاروخية.
أصبحت العلاقات العسكرية، بين بريطانيا وإسرائيل، أكثر جلاء في أنشطة الشركة الإسرائيلية (ألبيت سيستيم)، التي حصلت على عقود من وزارة الدفاع، بلغت قيمتها حوالي 600 مليون دولار؛ وأيضاً شركة (مود) التي حصلت على امتياز القيام بتجارب الصواريخ الإسرائيلية الصنع المضادة للدبابات وتطويرها، لاستخدامها ضد المدنيين في المناطق والأراضي المحتلة. وقامت بريطانيا بشراء 26 ألف قنبلة عنقودية، خلال عامي 2003 و2004، واتضح أن هذه القنابل قد استخدمتها القوات البريطانية في العراق.
تتجاهل الحكومة البريطانية النظر في محاسبة الشركات البريطانية المتورطة في انتهاك حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة. وعلى سبيل المثال، قامت شركة (كاتيربيلار)، ذات رأس المال المشترك البريطاني - الأمريكي، ببيع البلدوزرات العسكرية لإسرائيل، التي استخدمتها في هدم وإزالة حوالي 4000 منزل، ودهس أحد هذه البلدوزرات راشيل كوري الناشطة في مجال السلام، أمام كاميرات الصحافة والإعلام. وهناك دليل يقول بأن الشركات البريطانية قد قامت بتصدير المعدات التي تستخدم الآن في بناء الجدار العازل الإسرائيلي، داخل المناطق الفلسطينية.
الخطوة الدبلوماسية البريطانية تجاه إسرائيل، كانت "صاعقة" ومثيرة للجدل والدهشة؛ فقد كان الإنجاز الأول لحكومة شارون في إسرائيل، يكمن في تشدد توني بلير وإلحاحه الدائم «أكثر من الرئيس بوش نفسه» على أنه لن تكون هناك مفاوضات سلام إلا «بعد القضاء على الإرهاب» قبل كل شيء. والجدير ذكره أن بعض الإسرائيليين، من جماعات أنصار السلام داخل إسرائيل، انتقدوا رئيس الوزراء توني بلير على مواقفه المتشددة ضد السلام، أكثر من انتقادهم لشارون.
لوحظ أن تصريحات بلير، تخلو من أي انتقادات لإسرائيل، وعادة ما يستخدم بلير عبارة «كلا الطرفين»، في الإشارة إلى الإسرائيليين والفلسطينيين. واعتبر المحللون أن هذه العبارة تحمل مضموناً خبيثاً، ينم عن الرغبة المتعمدة من جانب بلير في تجاهل أن أحد الطرفين (وهو إسرائيل) يحتل، بشكل غير قانوني، أراضي الطرف الآخر، ويقصف المدنيين بطائرات (إف- 16). ولم يحدث أن تطرق توني بلير إلى موضوع إنهاء الاحتلال. إضافة إلى أن تصريحات السفارة البريطانية في تل أبيب، تؤكد على وصف بريطانيا بالبلد الصديق "المخلص لإسرائيل"، وبأن إسرائيل "شريك طبيعي لبريطانيا"، طالما أن رئيس الوزراء شارون، ومن أتى بعده، يحافظان على التواصل الدائم، وعلى حالة التفاهم والعمل المشترك.
أسهم توني بلير في تأليف القصة التي تقول بأن حكومة شارون تؤيد الجهد المشترك لقيام الدولة الفلسطينية "المحتملة"، والتي نفاها شارون، غير عابئ بـ (رواية) توني بلير. واتضح ذلك، حين تسربت وثيقة، أعدتها القنصلية البريطانية في القدس الشرقية، إلى صحيفة الغارديان اللندنية، تقول بأن بناء شارون غير القانوني للمستوطنات في القدس الشرقية، يهدف للحيلولة دون جعل المدينة عاصمة لأي دولة فلسطينية.
كذلك، ظلت الحكومة البريطانية تدافع عن إسرائيل في الاتحاد الأوروبي، وترفض تطبيق أي إدانة أو عقوبات ضدها، إضافة إلى أن بريطانيا تمارس الكثير من التشدد ضد المنظمات الفلسطينية.
رغم ذلك، يدعي "السمسار الذكي" توني بلير، بأنه سوف يستخدم نفوذ واشنطن للضغط على إسرائيل!!

 

الجمل: قسم الترجمة
الكاتب: مارك كورتيز
المصدر: غلوبال ريسيرتش

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...