ترتيبات أردنية في مواجهة «الخلافة» وصفقة ضمنية بين السلفيين والحكومة
رفض مجلس النواب في عمان طلباً للبهائيين للاعتراف بهم كطائفة، وفقاً لقانون الطوائف الدينية غير المسلمة. جاء هذا الإعلان على لسان وزير الداخلية، حسين المجالي، أمام المجلس، مؤكداً أن الحكومة تلقت أيضاً طلباً من الإنجيليين للاعتراف بهم، وأشار في الوقت نفسه إلى أنه لا وجود لقرار رسمي بذلك.
كذلك، وافق مجلس النواب على تغيير اسم قانون «الطوائف الدينية غير المسلمة» إلى قانون «مجالس الطوائف المسيحية» لسنة 2014، بعد جدل واسع حول تسمية القانون الذي يشمل 11 طائفة مسيحية. وشطب المجلس بتوصية من لجنته القانونية طائفتي الإدفنتست السبتيين الإنجيلية، والعنصرة الدولة المتحدة، من قائمة الطوائف المسيحية. باعتبارهما من الطوائف غير المعترف بها.
هذا الجدل يترافق مع مراقبة الأردن أي تطورات تنجم عن سيطرة «الخلافة الإسلامية» على مناطق واسعة قرب حدودها، إذ لم يعد بإمكان الشباب الأردنيين الذين تراوح أعمارهم بين 18 و38 عاماً السفر خارج البلاد من دون مراجعة مكاتب الخدمة العسكرية (خدمة العلم)، وذلك بعد أن أصدرت الحكومة قراراً يقضي بمنع أي من هذه الفئة العمرية من مغادرة البلاد ما لم يكونوا يحملون دفتر خدمة العلم ويثبتون فيه تأجيل خدمتهم العسكرية، وهي إجراءات احترازية يقول مراقبون إنها ناجمة عن التخوف من التحاق عدد من «الشباب المندفعين» بساحة العراق بعد حدوث ذلك في سوريا.
«الإخوان» طالبوا الحكومة برفض الإذعان لأي طلب بالتدخل في العراق
على صعيد آخر، كانت الدولة قد أفرجت عن منظّر التيار السلفي عاصم البرقاوي، الملقب بـ«أبو محمد المقدسي»، ما عزاه المراقبون إلى كونه إجراءً احترازياً ضد انتشار فكر «الخلافة» في المملكة. المقدسي خرج عن صمته وقال إن «إعلان الخلافة الإسلامية يهدد بفلق هامات المسلمين بالرصاص»، حتى بالغ المتابعون في وصف حديثه بأنه تنفيذ لاتفاق بين المقدسي والأجهزة الأمنية التي أفرجت عنه.
بيان «المقدسي» حمل عنوان «هذا بعض ما عندي وليس كله»، ونشره على صفحته في «الفايسبوك». عن رؤيته إلى مسألة الخلافة استطرد: «نتمنى رجوع الخلافة وكسر حدود رايات التوحيد، وتنكيس رايات التنديد، ولا يكره ذلك إلا منافق». لكنه تساءل: «ماذا سيرتب القوم على هذا الإعلان، والمسمى الذي طوروه من تنظيم إلى دولة عراق، ثم إلى دولة عراق وشام، ثم إلى خلافة عامة؟».
ووجه البيان أسئلة أخرى إلى تنظيم الخلافة: «هل ستكون هذه الخلافة ملاذاً لكل مستضعف، أو سيتخذ هذا المسمى سيفاً مصلتاً على مخالفيهم من المسلمين وغير المسلمين، وتشطب به جميع الإمارات التي سبقت دولتهم المعلنة؟». وتعلق مصادر صحافية بالقول إن موقف المقدسي الذي يعتبر المرجعية الأبرز للتيار الجهادي السلفي في المملكة يمثل ضمانات تؤكد أن سلفيي الأردن لن يكونوا جزءاً من عناصر الصدام بصورة تحافظ على الاتفاقات القديمة بين الجانبين وفكرتها أن «المملكة ساحة نصرة وليست ساحة جهاد».
عن البيان، يقول الباحث مروان شحادة الذي قضى مدة طويلة قريباً من التيارات الجهادية، إن أكثر ما يخيف في فكر «الخلافة» أنها تعتمد مفهوم «التترس»، وهو يعني أن يحتمي أو يتترس الجنود في ساحة المعركة ببعض المدنيين في حال المواجهة. ويوضح شحادة أن «التترس» تعرض لإساءة في تطبيقه، «فصار القتل يستهدف مدنيين آمنين بحجة التترس، دون مراعاة الشروط والقيود الفقهية، وهذا ما دفع منظر السلفية المشهور (المقدسي) إلى إطلاق انتقادات مباشرة لتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين بزعامة أبو مصعب الزرقاوي آنذاك».
على النقيض، يرى الكاتب الصحافي علاء الفزاع في مقارنته الأحداث بين الأردن وباكستان «أن كليهما نظامان حليفان لأميركا والغرب، والاثنان تمارس أجهزة مخابراتهما لعبة التحكم بالإرهاب والتيارات الجهادية في محاولة لتسويق دورها الأمني لدى الغرب». ويؤكد الفزاع أن للأجهزة الأمنية في الأردن صلات بالغة التعقيد مع كل التنظيمات الجهادية في العراق وسوريا وعموم المنطقة. «بل من اللافت أن المملكة تضم في هذه المرحلة أهم منظري التيارات السلفية الجهادية بما فيها القاعدة الأم والخلافة وجبهة النصرة والجبهة الإسلامية وغيرها. كذلك غادر عدد إلى سوريا للمشاركة هناك». أكثر من ذلك، فهو يشير إلى أن السلفيين الجهاديين باتوا يتبعون براغماتية غير مسبوقة، «لأنهم مستعدون للتعامل مع أي جهاز مخابرات في العالم، بل يشعرونه بأنهم تحت سيطرته حتى تحدث الاستطاعة التي تمكنهم من تغيير موازين القوى، فينتفضون بعنف غير متوقع».
بالتوازي مع ذلك، ظهر حراك إخواني بعد إثارة اتهامات ضد جماعة الإخوان الأردنية، وقاد هذا الحراك الذراع السياسية المتمثلة في حزب جبهة العمل الإسلامي. الجبهة علقت على الشأن العراقي في بيان أول من أمس بالقول: «نراقب الوضع في العراق المفتوح على جميع الاحتمالات، وهو جاء نتيجة الاحتلال الأجنبي، والسياسات غير السليمة للحكومات المتعاقبة التي استأثرت بالسلطة، وهمشت بعض مكونات الشعب العراقي، واعتمدت الحلول الأمنية».
اللافت أن البيان استنكر التهديد الأميركي باستخدام القوة ضد «الخلافة» باعتباره «انحيازاً إلى طرف على حساب طرف آخر»، ورأى في تدخل واشنطن استمراراً لعدوانها على بغداد. واللافت أكثر كان مطالبة الحزب، الحكومة الأردنية، برفض الاستجابة للضغوط الإقليمية والدولية من أجل تدخلها العسكري في العراق. ودعوتها إلى الاقتصار على حماية الحدود الأردنية من الاختراق.
عبد الرحمن أبو سنينة
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد