تطويق دمشق عبر مجلس الجامعةالعربية
الجمل: بدأت جامعة الدولية العربية مجدداً المزيد من تحركاتها الساعية إلى احتواء ملف أزمة الحدث الاحتجاجي السياسي السوري، وفي هذا الخصوص ذهبت وجهات النظر مذاهب شتى في تقييم محتوى ومضمون جهود الجامعة العربية، الأمر الذي أسفر عن طرح المزيد من التساؤلات الحرجة: فما هي حقيقة جهود جامعة الدول العربية، وما هي مدى مصداقية طبيعة الدبلوماسية الوقائية التي سعت من قبل وتسعى حالياً الجامعة العربية لجهة القيام بها بعد أن تعذرت عمليات إقلاعها وإعادة إقلاعها لأكثر من مرة؟
* تحركات الجامعة العربية إزاء الحدث السوري: توصيف المعلومات الجارية
عقد مجلس وزراء خارجية الدول العربية اجتماعاً يوم الأحد 16 تشرين الأول (أكتوبر) 2011م، تطرق فيه إلى ملف أزمة الحدث الاحتجاجي السياسي السوري، وفي هذا الخصوص توصل الاجتماع إلى النقاط الآتية:
• تكليف لجنة مكونة من وزراء خارجية خمسة دول عربية (الجزائر ـ مصر ـ عمان ـ السودان ـ قطر) لجهة القيام بإجراء الاتصالات والمحادثات بين طرفي الأزمة.
• سوف تتطرق المحادثات والتفاهمات سبل التوصل إلى حل للأزمة، مع الاقتراح بإمكانية أن يتم إجراء المحادثات في مقر جامعة الدول العربية.
هذا، وأضافت التسريبات المزيد من المعلومات حول الخطوط العامة لتحركات جامعة الدول العربية، والتي قيل بأنها سوف تتضمن المحددات الآتية:
• أن تتم عملية تنظيم فعاليات إطلاق الحوار الوطني السوري خلال 15 يوماً.
• أن يتم التأكيد على أربعة مبادئ محددة، هي:
ـ وقف إطلاق النار.
ـ إنهاء عمليات إطلاق النار ضد المتظاهرين.
ـ إطلاق سراح كافة السجناء السياسيين.
ـ إعداد خارطة الطريق السياسية الانتقالية.
التدقيق الفاحص في معطيات تحرك جامعة الدول العربية الجديد الحالي، يشير بوضوح إلى صعود العديد من الأسئلة الهامة إلى الواجهة، ومن أبرزها:
• هل بالإمكان إطلاق فعاليات جولة الحوار الوطني السوري خلال 15 يوماً؟
• هل حصلت جامعة الدول العربية على موافقة جميع الأطراف السورية؟
• هل تتمتع لجنة وزراء الخارجية الخمسة بقبول الأطراف السورية؟
• يوجد حوار وطني سوري مستمر قيد التنفيذ، فهل يا ترى سوف يشكّل حوار الجامعة العربية امتداداً له؟ أم أنه يهدف إلى إلغائه؟
• من الذي سوف يمثل المعارضة السورية، وهل ستقبل دمشق بوجود ما يعرف بـ(المجلس الانتقالي)، وبالتالي تكون دمشق قد قدمت ورقة اعتراف الأمر الواقع بهذا المجلس المرفوض لديها جملةً وتفصيلاً.
وإضافة لذلك، إذا كانت فعاليات اجتماع وزراء الخارجية العرب قد وضعت المحددات والمبادئ، فلماذا المشاورات؟ وهل يا ترى الأنسب أن تسعى اللجنة الخماسية لجهة التفاهم مع الأطراف حول المحددات والمبادئ أولاً. ثم تقوم بعد ذلك بوضعها. أم أن تضع المبادئ والمحددات، وتأتي بعد ذلك من أجل التشاور والتفاهم حولها؟
* الدبلوماسية الوقائية العربية: لعبة الأطراف الثالثة
بدت دبلوماسية الجامعة العربية الوقائية وهي تأخذ شكلاً ناعماً برئياً لجهة الظهور بمظهر الحريص على استقرار وسلامة سوريا، ولكن، عند القراءة في الحدث الموازي لهذه الدبلوماسية نلاحظ الآتي:
• الاهتمام الفرنسي المتزايد بتحركات جامعة الدول العربية، والحديث بلهجة تنطوي على التهديد، ضمن مفردات تقول بأن "فرنسا ما تزال في حالة دراسة للأمر".
• الاهتمام البرتغالي المتزايد عبر تصريحات وزير الخارجية البرتغالي، الذي تتولى بلاده عضوية مجلس الأمن الدولي، ورئاسة لجنة العقوبات الدولية التابعة للمجلس، إضافة إلى أن البرتغال كانت طرفاً رئيسياً في مشروع القرار الدولي الذي سقط بفعل الفيتو المشترك الروسي ـ الصيني.
• وجود قطر ضمن عضوية اللجنة الوزارية الخماسية، علماً بأن قطر قد طرحت في الاجتماع الوزاري اقتراحاً يطالب بتجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية، وقوبل الاقتراح القطري برفض قاطع من جانب مصر وسلطنة عمان والسودان والجزائر وفلسطين ولبنان.
هذا، وتقول التسريبات بأن أمين الجامعة العربية الدكتور نبيل العربي قد تعرض لموقف في غاية الحرج، فقد عقد الاجتماع في مبنى فندق فور سيزون، وتحديداً في الجناح الخاص بإقامة المندوب القطري في الجامعة العربية، وتأسيساً على ذلك أعلن المندوب السوري يوسف الأحمد بأن سوريا سوف لن تعترف بقرارات أي اجتماع يتم عقده خارج مقر الجامعة العربية! وإضافة لذلك، أكدت سوريا مطالبتها بضرورة أن تتنحى قطر عن رئاسة اللجنة الوزارية الخماسية لأن قطر تمثل في الوقت الحالي طرفاً في الأزمة. وبسبب التعنت ورد الفعل القطري الغاضب، تحدث المندوب السوري قائلاً بأنه خلال فعاليات مؤتمر الدوحة لحل الأزمة اللبنانية كانت سوريا تتولى الرئاسة، وطلبت منها قطر آنذاك ضرورة التنحي لأن دمشق تمثل طرفاً في الأزمة، وبالفعل وافقت دمشق على التنحي لقطر التي تسلمت الرئاسة.
لاحظت بعض التحليلات السياسية أن فعاليات التحرك الدبلوماسي الوقائي العربي بواسطة جامعة الدول العربية قد تضمنت الآتي:
• التأكيد على الخطوات المحددة الأربعة يشكل سابقة تدخلية هي الأولى من نوعها التي تقوم فيها الجامعة العربية بالتدخل في الشأن الداخلي السيادي لأحد دولها العربية الأعضاء.
• سعى قرار الوساطة العربية لجهة التعامل مع دمشق كـ(فصيل) في الصراع مع الفصائل المعارضة الأخرى.
• عقد فعاليات الحوار الوطني السوري في مقر جامعة الدول العربية سوف يعطي الجامعة الحق في إدارة الحوار، ووضع الأجندة، وتحديد الأطراف المشاركة، بل وربما يحول أمانة الجامعة العربية إلى "هيئة تحكم" في ملف يتعلق بالشأن السيادي السوري.
هذا، وتقول بعض التسريبات الخافتة، بأن فعاليات اجتماع وزراء الخارجية العرب، وتكوين اللجنة الوزارية الخماسية، والمحددات الأربعة، هدفت جميعها إلى إنفاذ سيناريو يهدف إلى الوصول إلى نتيجة فاشلة تم الإعداد لها سلفاً، وبالتالي، فإن الهدف الحقيقي هو إضفاء بعد عربي تدخلي يتم الاستناد عليه لاحقاً من أجل توفير الغطاء اللازم لتدخل دولي أكبر.
اللافت للنظر أن فعاليات التحرك الدبلوماسي الوقائي التدخلي العربي قد تزامن مع اتصالات سورية ـ تركية، وتشير المعطيات إلى أن هذا التزامن يخلق انطباعاً لجهة احتمالين متعاكسين الأول يفترض وجود توزيع أدوار تركي ـ عربي، والثاني يفترض وجود تباين مواقف، بين موقف عربي أقرب إلى التصعيد، وموقف تركي أقرب إلى التهدئة.
الجمل ـ قسم الدراسات والترجمة
التعليقات
استنتاجي
حمص القصد والهوى
مع محكومة بالأمل
اقتراح !!!
اذا اعترفت الحكومة بما يسمى
جامعة أو غيرها
لا تكونوا أتباعَ هذا " الدِّيـك "
إضافة تعليق جديد