تغيير «قواعد الاشتباك» ومرحلة أمنية جديدة في الجنوب

30-06-2007

تغيير «قواعد الاشتباك» ومرحلة أمنية جديدة في الجنوب

عصر يوم الأحد في 24 حزيران /يونيو  دخل لبنان مرحلة أمنية جديدة مع استهداف القوات الدولية المعززة للمرة الأولى في تطور هو الأخطر منذ حرب تموز /يوليو وصدور القرار 1701.
هذا التطور جاء بعد اسبوع بالتمام من اطلاق ثلاثة صواريخ كاتيوشا على مستعمرة كريات شمونة اتهمت فيه اسرائيل مجموعة فلسطينية لم تسمها وقالت انها لن تنجر الى رد فعل ما طرح علامات استفهام كبيرة على رد الفعل الاسرائيلي الذي جاء بعد اقل من نصف ساعة على اطلاق الصواريخ والذي سرت اجتهادات بأنه يمكن ان تكون منظمة «القاعدة» او عناصر مرتبطة بـ«فتح الاسلام» وراء عملية الصواريخ. الا ان الملاحظ ايضا ان عملية التفجير اعقبت تهديدات اطلقتها «القاعدة» ضد «اليونيفيل» واخرى صدرت عن قيادة «فتح الاسلام» بتوسيع عملياتها خارج مخيم نهر البارد, رداً على ما سمته «استهداف المخيم من قبل البوارج الحربية الدولية», وكذلك اعترافات موقوفين من «فتح الاسلام» بأنهم كانوا يحضرون لمهاجمة «اليونيفيل».
جاء الهجوم في وقت سياسي وظروف صعبة يمر بها لبنان يمكن ان تخدم اهدافاً على مستوى المنطقة والعالم في اطار الصراع الآخذ في التشدد , الا ان اللافت إن القوات الدولية ومؤسسات الأمم المتحدة بدأت تأخذ اجراءات امنية واسعة ودقيقة منذ فترة ومن بينها في محيط «الاسكوا» حيث ارتفع جدار اسمنتي بارتفاع يصل الى ثلاثة امتار مع تشديد الاجراءات السلكية والعوارض. كذلك عمليات التفتيش المشددة التي اعقبت ما تناقلته اروقة الأمم المتحدة عن تقارير استخباراتية محلية ودولية عن احتمال تعرض القوات الدولية لعمل ارهابي ما من دون ان يجري التلميح الى كيفية ذلك مع الاخذ بالحسبان ان الاعتداء يمكن ان يحصل على طريق الجنوب وليس في العمق, مع الاشارة الى ان القوات الدولية تلقت تحذيرات من نيويورك ومن قيادة الجيش اللبناني في ضوء معطيات معينة, وتم رفع مستوى تدابير «اليونيفيل» الوقائية في الاسابيع الاخيرة بصورة واضحة, كما تم تكثيف وتيرة العمل الاستخباراتي, وعقدت اجتماعات مع الجيش اللبناني و«حزب الله» وتم خلالها التنبيه الى خطورة المعلومات حول ما تبيته بعض المجموعات الارهابية من محاولة لنقل حالة اللاستقرار التي تشهدها معظم المناطق اللبنانية في اتجاه الجنوب الاكثر استقراراً منذ سنة حتى الآن.
وحذرت المصادر من وجود «خلايا ارهابية نائمة» في منطقة الجنوب وفي مناطق اخرى قد تبادر الى تنفيذ اعمال من هذا القبيل في المستقبل. واشارت الى ان جنود «اليونيفيل» طُلب منهم الحذر حتى في تنقلاتهم الشخصية خارج نطاق المهمات العسكرية.
ويقول مصدر لبناني واسع الاطلاع ان التحقيقات تتركز وتتكثف حول السيارة والاشلاء البشرية التي عثر عليها في منطقة الدردارة بين الخيام ومرجعيون, لتأكيد ما اذا كان الاستهداف للقوات الاسبانية العاملة في اطار قوات الطوارئ ناجماً عن عملية انتحارية. المصدر نفسه يضيف ان المؤكد حتى الآن هو ان السيارة هي من نوع رينو Rapid, وان زنة العبوة في داخلها سبعون كيلوغراماً من مادة «تي. ان. تي» الشديدة الانفجار, وهي عبوة موجهة شبيهة بتلك التي استخدمت في اغتيال النائب جبران تويني مع الاختلاف في زنة العبوة, والذي ضاعف من قوتها الانفجار الذي حصل داخل الآلية الدولية اذ انفجر خزان الوقود مما ادى الى انفجار الذخيرة في الآلية. وقد اشار الى ان هذا الاعتداء الارهابي يستهدف لاول مرة قوات الطوارئ المعززة العاملة في الجنوب وهو فاتحة استهدافات على ما يبدو, لانه استهداف مباشرة سبقته تهديدات ضد قوات الطوارئ .
وواضح ان العمليات الامنية الارهابية التي حصلت وتحصل في لبنان استهدفت رموزا واماكن معينة, اما هذا الاستهداف يظهر انه يريد ايقاع اكبر قدر من الخسائر والاصابات في صفوف قوات الطوارئ, وهذا يحرج الجيش اللبناني الذي سبق وابلغ قوات الطوارئ ان هناك تهيددات جدية مباشرة ضدها اتخذت على ضوئها تدابير واجراءات استثنائية, وقد تبين ان هذه التهديدات لم تأتِ من فراغ. ولفت المصدر الى انه يجب ان لا يغيب عن البال وجود قوات اسبانية في العراق, وبالتالي لا يمكن الفصل بين هذا الاستهداف, والاستهدافات للقوات المتعددة الجنسيات في العراق وافغانستان, خصوصا انه سبق وجهت اكثر من مرة تهديدات مباشرة وصريحة للقوات الدولية في الجنوب من تنظيم القاعدة الذي وصفها بأنها قوات احتلال صليبية. واشار المصدر الى ان جماعة «فتح الاسلام» سبق واتهمت ايضا قوات الطوارئ بالمشاركة في قصف نهر البارد ومساعدة الجيش في العمليات العسكرية ضد مواقعها وعناصرها ووجهت تهديداً مباشراً للقوات الدولية, وبالتالي يجب وضع هذا التهديد في الحسبان وفي سياق التحقيقات لتحديد الجهة التي تقف وراء الاعتداء الارهابي.
واذا كان تنظيم «القاعدة» على رأس الذين تشير اصبع الاتهام اليهم فإن بعض التلميحات السياسية أشارت الى «حزب الله» من باب رفضه بعض بنود القرار 1701, الا ان هذه المحاولة لم تجد آذاناً صاغية لدى القوات الدولية واجهزة امنها ولا سيما ان التنسيق مع «حزب الله» في اعلى درجاته على المستوى الامني, وذلك لا يمنع من وجود ثغرات يتسلل منها الذين يريدون ايقاع الشر وتنفيذ خطة خطيرة تستلزم سقوط ضحايا من القوات الدولية.
ويمكن ان تكون اسرائيل مهتمة بتغيير امر العمليات الذي بموجبه وصلت القوات الدولية الى جنوب لبنان واسرائيل قادرة ميدانيا وبسهولة على أن تنفذ مثل هذه العمليات سيما وان موقع التفجير يبعد نحو كيلومتر واحد عن المطلة وبالتالي يتم دفع الأمم المتحدة الى اتخاذ قرار تتغير بموجبه مهمة القوات الدولية فتصبح قوات ردع ومداهمة تحت ذريعة ان الجيش اللبناني غير قادر على المواجهة وتأمين الأمن وعليه يجب تغيير قواعد الاشتباك وهذا ما جرى طرحه بعد ساعات من وقوع الاعتداء بحيث يتغير امر العمليات وتصبح القوات الدولية قوات رادعة وتمتد منطقة عملياتها الى كل لبنان ولا سيما الحدود اللبنانية­ السورية.
وفي اطار تعديل مهمات القوات الدولية لمراقبة الحدود مع سوريا يجري التداول بخطة تشمل استحداث 38 موقعا دوليا للمراقبة في الجنوب وصولا الى البقاع يتواجد في كل واحد اثنا عشر عنصرا تدعمهم 16 مروحية تتموقع في مطارات القليعات­ ورياق مع فرز قوة مشتركة قوامها 2500 عنصر مزودة بناقلات جند وسيارات رباعية الدفع سوف تتبرع الامارات العربية المتحدة بـ306 سيارات منها لصالح جهاز الامن والمعلومات.
وتحضيرا لهذه الخطة يتوقع أن ترتفع وتيرة الحديث عن تهريب السلاح عبر الحدود اللبنانية­ السورية لتهيئة الظروف لصدور قرار دولي جرى التمهيد له بتقرير فريق الخبراء الاجانب الذي ارسل الى الحدود ووزعه الامين العام للأمم المتحدة وقيل انه سوف يتبناه . والواضح ان الرئيس فؤاد السنيورة وبالرغم من نفي وزير الدفاع الياس المر وجود اي عمليات تهريب للاسلحة لا يزال مصراً علي وجود عمليات من هذا النوع من دون ان يقدم اي دلائل. وهذا ما دفع الوزير السابق محسن دلول الذي اعلن انه لم يزر قريطم «منذ استشهاد الرئيس رفيق الحريري الى اعتبار ان السنيورة يعمل لصالح الاميركيين منذ زمن طويل وانه كان مزروعا في فريق الحريري».
وسوف تبدأ عملية البحث في مسألة تغيير قواعد الاشتباك في الجنوب للقوات الدولية في احتمال تمرير تزويد القوات العاملة هناك بطائرات تحمل مجسات للمراقبة والمسح. وهذا الموضوع كان طرح سابقا مع الجيش اللبناني بعيد دخول القوات المعززة بحيث تطلق القوات الدولية طائرات من دون طيار وكان جواب الجيش اللبناني يومذاك ان ذلك مسألة سيادية لا يمكن التخلي عنها او القبول بما يخرقها خلافا للقرار 1701 واذا كان هناك اصرار من الباب الامني فيمكن تأمين مثل هذه الطائرات للجيش اللبناني حتى ولو بدفع ايجارها على ان يتولى الجيش مثل هذه المهام لا غيره.
وخلاصة القول ان ما يجري في لبنان ليس ازمة طارئة, ولا ازمة موقتة, ولا ازمة محلية, بل هو امتداد لنار تتأجج في كل ارجاء المنطقة, وتمتد من افغانستان الى العراق الى فلسطين الى الصومال, وان اي شرارة تتطاير من المناطق الملتهبة مرشحة لتفجير لهب الازمات في اي موقع آخر, مهما اعتقد انه بعيد وآمن.
ومع ذلك فإن بعض المعلومات يتحدث عن احتمال ان تكون «القاعدة» في بلاد الاندلس هي وراء الهجوم لأسباب تعود الى الاجراءات التي تقوم بها اسبانيا بحق مناصري «القاعدة» هناك منذ عملية تفجير القطارين في مدريد في العام 2004 بسبب مشاركة اسبانيا في قوات التحالف في غزو العراق .


يونس عودة
 المصدر: الكفاح العربي

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...