توصيات مؤتمر البحث العلمي بدمشق

19-12-2006

توصيات مؤتمر البحث العلمي بدمشق

اطلاق ست شبكات بحثية في مجالات مختلفة، ومساندة الباحثين العراقيين، إضافة إلى خمس مبادرات لكبار العلماء في الوطن العربي؛ تمثّل جزءاً أساسياً من حصيلة مؤتمر «آفاق البحث العلمي والتطوير التكنولوجي في الوطن العربي» الذي استضافته دمشق أخيراً، بفضل تعاون بين وزارة التعليم العالي في سورية و «المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا».

وأثمرت بحوث 800 متخصص شاركوا في المؤتمر توصيات عدّة، الامر الذي دعا وزير التعليم العالي السوري غياث بركات إلى تشكيل لجنة ارتباط عربية لتفعيل توصيات المؤتمر.

وشدّد بركات على ضرورة «تضافر الجهود بين الجهات الحكومية في الوطن العربي لإيجاد آلية فعالة لإقامة بحث علمي عربي مشترك في سبيل دعم مجتمعنا لتطوير العلوم».

وفي الوقت الذي اعتبر رئيس «المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا» عبدالله النجار ان المؤتمر «يشكل منعطفاً حاسماً في انطلاق المشاريع البحثية العربية المشتركة»، أشار في اختتام اعماله إلى إطلاق ست شبكات بحثية في مجالات مختلفة هي «الرابطة العربية للإعلاميين العلميين» و «الشبكة العربية للبحث العلمي والتطوير والابتكار في الالكترونيات»، و «شبكة الأنشطة المتخصصة» و «جمعية هندسة عربية للالكترونيات والمصادر المفتوحة» و «الشبكة العربية لتكنولوجيا النانو» و «شبكة تحلية المياه ومعالجتها بالطاقات المتجددة».

وأشار النجار إلى ان المؤتمر أطلق ايضاً خمس مبادرات لكبار العلماء في الوطن العربي: مبادرة لتمويل البحث العلمي والتطوير التكنولوجي؛ ومبادرة لصناعة «النانو» التكنولوجي؛ ومبادرة لانشاء مختبر بحثي عالمي يهتم بالتنمية العلمية في المنطقة العربية؛ ومبادرة لبناء سوق عربية للتكنولوجيا؛ ومبادرة لربط الجامعة بالصناعة؛ إضافة إلى اطلاق مسابقة «صُنع في الوطن العربي».

- وشكّل المؤتمر الذي تضمن 48 جلسة عمل «فرصة ذهبية لمعرفة نتاج الباحثين والعلماء العرب في البلدان العربية والمغترب، والمراحل والأشواط التي قطعوها في موضوع البحث العلمي»، بحسب الدكتورة خديجة عباس المعطي من جامعة الخرطوم. وأشارت المعطي إلى ان البحث العلمي لم ينل نصيبه في التمويل بالنسبة الى البلدان العربية. ولفتت إلى «ان جامعة الخرطوم تعاني من ضعف التمويل الأمر الذي لا يرضي طموحات المفكرين والباحثين على صعيد الإبداع وتوفير المستلزمات التقنية».‏

وركز المؤتمر على ثلاثة محاور تناولت تحصيل نتاج الأداء العربي في العلوم والتكنولوجيا لتحقيق التنمية المستدامة في الوطن العربي، والمجتمع العلمي والعربي واقتصاديات البحث العلمي، وأولويات البحث العلمي في الوطن العربي إضافة إلى محاور علمية متخصصة.

ولاحظ رئيس جامعة حلب الدكتور محمد نزار عقيل أن العلوم التطبيقية والتكنولوجيا شكلت النواة الأساسية لكل محاور المؤتمر. وفيما أكد «أهمية هذه العلوم للرقي بمجتمعاتنا», انتقد غياب العلوم الإنسانية «لا سيما في وقتنا الحاضر نظراً لحاجتنا إلى خبراء قادرين على بيان حقوقنا والتعبير والدفاع عنها في المحافل الدولية».

وأكّد عقيل أن أهم ما تضمنه المؤتمر «إقامة شبكة تعاون عربي علمي بحثي أكاديمي ليس فقط على مستوى الباحثين بل على مستوى تبادل الطلاب والأساتذة والخبرات الأمر الذي يساعد في الوصول إلى نتيجة ايجابية بالعمل البحثي. ويعني ذلك العزوف عن تكرار تجارب معينة مرّت فيها أكثر من جامعة عربية، ويمكن البدء من حيث انتهى الغير وبذلك نقلص من تكاليف البحث العلمي خصوصاً أن دولنا العربية ليس بمقدورها مواكبة التكاليف الباهظة للبحوث كما هو الحال في العالم الغربي».‏

من جهته، رأى سمير رضوان رئيس قسم العضوية الزراعية مركز بحوث القاهرة، ان المشكلة التي يعانيها البحث العلمي العربي لا تكمن في العقول والإرادات والأفكار، لأن «هذه متوافرة على جميع المستويات... هذا ما يشهد له الغرب حيث يسجل العلماء العرب نسبة جيدة وممتازة من الحضور في كامل الاختصاصات». ويرجع رضوان السبب «إلى توافر الإمكانات والبيئة الصالحة لهؤلاء, في حين أن معظم الدول العربية لم تعط الفرصة الكاملة والمناسبة للباحثين والمختصين لأن العملية بالأساس مرتبطة بالأجهزة والتقنيات التي يحتاجها الباحث للتمكن من إجراء التحاليل والاختبارات لمجاراة التطورات, وبالتالي فإن الإمكانات المحدودة تعوق مسيرة التطوير التكنولوجي في شكل عام».‏

وعلى رغم غنى العناوين التي طرحت في المؤتمر في مقابل غياب التجارب الفعلية، بقي التساؤل «عن آلية التنفيذ على الأرض بما يساهم إلى حد ما بإنشاء مشاريع ومؤسسات يمكن أن تعطي قيمة مضافة وتوفر فرص عمل لمن يستحق في هذا المجال أو ذاك»؟ على حدّ تعبير رضوان.

واعتبر الدكتور سامي الشل، البروفسور المصري في علوم الكيمياء الهندسية من جامعة فرجينيا كومنويلث الاميركية، المؤتمر «صحوة» من العالم العربي «لتطوير وتحديث البحث العلمي الغائب عن الدول العربية تماماً». ورأت لارا كامبل استاذة البحوث العلمية في مركز «كوبرنيك للعلوم الدولية» الاميركي ان المؤتمر «يفتح آفاقاً للتعاون العلمي بين اميركا والدول العربية بما فيها سورية لافتة إلى انها ستسعى «إلى جمع المهتمين بالمجالات نفسها لأن وجودهم في مكان واحد سيكون فعالاً جداً, وتقديم الدعم لهم».

- وفي خطوة تسعى إلى تعزيز دور الاعلام في رفع مستوى الوعي بأهمية العلوم والتكنولوجيا في الوطن العربي، أعلن على هامش المؤتمر عن تأسيس «الرابطة العربية للاعلاميين العلميين» كشبكة من شبكات المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا. ووُقّعت اتفاقية التأسيس بين ممثلين عن الرابطة ومدير المؤسسة العربية عبدالله النجار «في محاولة لإحداث نهضة وتنمية في العالم العربي من خلال النهوض بالإعلام العربي العلمي ودوره في إطار منظومة العلوم والتكنولوجيا وعلاقتها بالواقع العربي».

وأكد النجار ان الإعلان جاء «نتيجة قناعة المؤسسة التامة بدور الإعلام العلمي للوصول إلى متخذي القرار والتواصل مع المجتمع».

وفي هذا السياق، نوّهت رئيسة مجلس إدارة الرابطة الدكتورة ناديا العوض بالجهد المبذول لأكثر من سنتين في البحث عن دولة عربية تحتضن الجمعية بشروط تسمح ان تكون ذات بعد إقليمي تضم أعضاء من مختلف الجنسيات العربية ولكن من دون جدوى.
ولفتت إلى ان الأهداف والرؤى للعلماء تلاقت مع نظيراتها عند المسؤولين في المؤسسة العربية التي تبنت هذه الشبكة. وفتحت الرابطة باب الانتساب من كل الوطن العربي للصحافيين العلميين العاملين في دولهم او في المهجر على ان يكون المقر الرئيسي للرابطة في القاهرة.

- ودعت إحدى توصيات المؤتمر إلى إطلاق مبادرة إنشاء مركز عربي يهتم بـ «النهضة العلمية والتكنولوجية العربية» بهدف إعادة هيكلة الجهود العلمية والتكنولوجية للمجتمعات العربية المحلية والمجتمع العربي ككل لمواجهة تحديات العلم في القرن 21.

وأكدت التوصيات أيضاً ضرورة قيام مبادرة عربية لدراسة وإنشاء اول مركز عربي لـ «الميكاترونيكس» وتصميم الالكترونيات والهوائيات الدقيقة، تناط به مهمات البحث والتطوير والتأهيل والتدريب والعمل على إنشاء «مركز افتراضي عربي» لنقل وإدارة ونشر وتسويق المعرفة والمعلومات والاحصاءات الخاصة بنتاج البحث العلمي والتطوير التكنولوجي في العالم العربي.

وشددت التوصيات على أهمية العمل على تحسين وتطوير البيئات التمكينية العربية على الصعيد المالي والاجتماعي والاكاديمي والتشريعي ولا سيما في ما يتعلق بحقوق الملكية الفكرية، بهدف تفعيل نشاطات البحث العلمي والتطوير والابتكار ورفع عائداتها ومردودها.

وحضت على تفعيل التعاون العلمي العربي البيئي بما في ذلك التعاون مع العلميين العرب في المغترب والعمل لرفع الأداء التخطيطي والأداء التنظيمي في نشاطات البحث والتطوير والابتكار بالاعتماد على مبادئ إدارة الجودة وإقامة التجمعات والنوادي العلمية والتكنولوجية على مستوى العلماء والباحثين العرب بما فيها نوادٍ للصحافيين العلميين ونادٍ للعلماء العراقيين. إضافة إلى المبادرة بتشبيك الجامعات ومراكز البحوث في العالم العربي باستخدام تكنولوجيا المعلومات الحديثة.

وكذلك دعت التوصيات مؤسسات التعليم العالي في الدول العربية إلى تبني اللغة العربية في تعليم جميع الاختصاصات العلمية الاساسية والتطبيقية.

وفي ما يخص اقتصاديات البحث العلمي والتطوير التكنولوجي في العالم العربي أكدت التوصيات ضرورة وضع سياسات وطنية عربية لزيادة الاستثمار في رأس المال الفكري العربي بما في ذلك بناء القدرات البشرية في مرحلتي التعليم الأساسي والثانوي، وكذلك في إطار المعاهد المتوسطة الفنية.

وأملت التوصيات بـ «إطلاق مبادرة لإنشاء وكالة فضاء عربية مشتركة لتوطين تطبيقات الفضاء في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومبادرة نوعية على مستوى العالم العربي حول العوائد الاقتصادية والتنموية للعلم والتكنولوجيا والابتكار وتشكيل فريق عمل عربي للترويج للاستثمار في مشاريع العلوم والتكنولوجيا والابتكار».

وفي مجال التكنولوجيا الحديثة والعالية، أكدت التوصيات ضرورة إطلاق مبادرة عربية مشتركة للتكنولوجيا الحيوية والاخلاقيات ذات الصلة وتشجيع الجامعات ومعاهد البحوث العربية على توطين تكنولوجيا النانو والمواد الذكية وتطبيقها.

وأوصت بإقامة محطات تحلية المياه بين الدول العربية المتجاورة باستخدام التكنولوجيات الحديثة وإقامة مجلس استشاري عربي يختص بقضايا المياه، وضرورة الاستفادة من تقانة الطاقة النووية لأغراض الاستخدام السلمي. وإطلاق مشاريع مشتركة في الطاقات المتجددة بين الدول العربية وخصوصاً الطاقة الشمسية والحيوية.

وبالنسبة الى العلوم الأساسية والتطبيقية، أوصى المشاركون بإعادة هيكلة تعليم الرياضيات والنمذجة في الدول العربية وإقامة مراكز متخصصة ووحدات بحث في ميادين أمراض السكر والقلب والتداوي بالأعشاب ونشر التوعية الصحية. وكذلك إنشاء شبكة نظم خبيرة عربية في القطاع الزراعي لرفع السوية العلمية والعملية للعاملين في قطاع الإرشاد الزراعي ولمكافحة الجفاف.

وبهدف تفعيل دور الإعلام العلمي العربي في البحث والتطوير دعا المشاركون الى تأسيس «وكالة أنباء عربية» تناط بها مهمة توزيع الأخبار الخاصة بالعلوم العربية ونواتج الإعلام العلمي الدولي بلغات عدّة، إضافة الى إقامة مسابقات عربية وتصميم جائزة تحمل شعار واسم المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا لأفضل بحث علمي عراقي، وإنشاء مكاتب قادرة وفاعلة للإعلام العلمي في مؤسسات البحث والتطوير.


 سمر أزمشلي

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...