جيش العدو الإسرائيلي يستعد لأن يكون البادئ في مهاجمة «حزب الله»
شكلت الحربان الأخيرتان على غزة مدرسة لإسرائيل في كل ما يتعلق بالمخاطر التي قد تصيب الجبهة الداخلية جراء الصواريخ التي تتساقط.
ويعتبر صاروخ «فجر» الذي أطلق من غزة نهاية حرب «عمود السحاب» في العام 2012 أحد النماذج على ذلك، إذ أصاب مبنى في «ريشون لتسيون» ودمر طابقاً فيه. وأشار الخبراء إلى أن الصاروخ لو أصاب بيتاً أقدم منه لدمره، وأوقع قتلى وإصابات فيه. وقد بينت الحربان الأخيرتان على غزة أهمية الإنذار للسكان، وأهمية الوقاية عبر التواجد في أماكن آمنة، لكن ذلك لا يحول البتة دون احتمال وقوع قتلى وإصابات ودمار جراء انفجار الوضع على عدة جبهات.
وبحسب الحلقة الثالثة من تقرير المراسل العسكري لموقع «والا» أمير بوحبوط، حول مخاطر الحرب المقبلة مع «حزب الله»، فإن الاحتمال الآنف الذكر سيتجسد إذا بوغت الجيش الإسرائيلي، ولم يكن هو البادئ بالحرب. ولهذا فإن الجيش الإسرائيلي يستعد لأن يكون البادئ في مهاجمة «حزب الله»، وضرب منظوماته الصاروخية في أرجاء لبنان، مع التركيز على الجنوب اللبناني.
وهناك خشية في المؤسستين، العسكرية والسياسية الإسرائيلية من ألا تكون منظومة «القبة الحديدية» المضادة للصواريخ ناجعة في حماية الإسرائيليين في المرحلة الأولى من الحرب. ومن النقاشات الأولية بين المؤسستين يتبين أن «القبة الحديدية» ستركز على عدم المساس بالمنظومات الحيوية للجيش الإسرائيلي، فضلا عن المنشآت الحساسة للدولة، مثل شركة الكهرباء والمياه ومصانع خليج حيفا.
وفي المناورة الشتوية الأخيرة لقيادة الجبهة الداخلية، جرى التدرب على سيناريوهات معالجة إصابات في عشرات المواقع دفعة واحدة. وكانت حرب لبنان الثانية، وكمية الأضرار والإصابات التي وقعت في إسرائيل، قد دفعت إلى توسيع طواقم الإنقاذ والطوارئ. وبدلاً من فصيلي إنقاذ في تلك الحرب، توجد حالياً أربع كتائب إنقاذ نظامية، فضلا عن الاحتياطية التي تضم عشرات الآلاف من جنود الاحتياط.
عموما أبلغ قائد لواء الإنقاذ في قيادة الجبهة الداخلية العقيد يورام لاردو، موقع «والا»، أن الحرب المقبلة لن تميز بين الجبهة الحدودية والجبهة الداخلية، و «الحرب لن تكون حرب تقنيات نارية، إذ أن حجم الإطلاقات الصاروخية سيكون كبيراً. وهذا سيتجلى، ليس فقط في حجم الذخائر وإنما أيضاً في أنواعها، وزنها ومدى دقتها». وقال إن «أحد الأخطار هو أن يتعامل المدنيون مع الحرب المقبلة كما تعاملوا مع عملية الجرف الصامد، إذ ربما يفكر الجمهور بأن الحرب المقبلة هي حرب تقنيات نارية، يتم خلالها إطلاق صواريخ، وتقوم باعتراضها مضادات الصواريخ، وتسير الحياة كالمعتاد من دون عراقيل، خصوصا في وسط الدولة. وأنا أفهم الخطر بشكل مغاير: النيران ستكون أدق، أشد وأقوى».
وحسب لاردو فإن «حزب الله» عمل على معالجة نقاط ضعفه، وحسن قدراته بشكل جوهري منذ حرب لبنان الثانية، «فقد تعلم حزب الله الدرس من حرب العام 2006. وهو ليس مغفلاً. لقد خلق منظومة متنوعة تعرف كيف تطلق النيران. وهذا كان فعالاً بشكل محدود في حرب لبنان الثانية، حيث كان خطأه أنه لم يعمل على ما بعد حيفا. فقد قضت إسرائيل على خطر ما بعد حيفا، ما جعل هذا التهديد فارغاً، ولم يكن لديه حقا أدوات في ترسانته (بعدما دمر سلاح الجو صواريخ فجر في بداية الحرب). لكن حزب الله بعد انتهاء الحرب اهتم بهذه النقطة. لقد عمل حزب الله على معالجة نقاط ضعفه، ونحن نعرف حالياً أن بمقدوره الوصول إلى كل أرجاء الدولة. وهو يفهم أنه إن بدأ بضربة نيران كبيرة، سوف يكون نجاحه أكبر».
وإحدى نقاط ضعف إسرائيل، وفق تقرير «والا»، هي الأبراج السكنية في تل أبيب ومحيطها. وقد أشار لاردو إلى أن قواته ستعمل وفق اعتبارات باردة، وضمن جدول أولويات واضح. وفي كل حال حاول «حزب الله» في حرب لبنان الثانية، ولم يفلح، حسب التقرير، شل وحدة مراقبة إقليمية لسلاح الجو الإسرائيلي، وأيضاً ضرب بؤر تجنيد القوات الاحتياطية بالصواريخ. وثمة تقدير في إسرائيل أن «حزب الله» استخلص العبر، وهو سيحاول ضرب وحدات إمداد وقواعد سلاح الجو وتشويش حركة القوات شمالاً، بما في ذلك ضرب مراكز التجنيد. والهدف واضح: تحقيق هدف معنوي من البداية، وأن يفرض على إسرائيل إنهاء القتال بسرعة من منطلق الضعف. ولا تستبعد قيادة الجبهة الداخلية أن يوجه «حزب الله» صلية صواريخ نحو أبراج عزرائيلي أو معسكر هيئة الأركان في تل أبيب.
ويحاول الجيش الإسرائيلي منذ مدة فحص المخاطر ومحاولة مواجهتها بطرق مختلفة. وقال مصدر عسكري، لموقع «والا»، أنه «عدا منظومات الدفاع الفعال التي ستحمي قواعد الجيش الإسرائيلي، قمنا في السنوات الأخيرة بعمل كبير في مجال التطوير، والطاقة البديلة وحماية منظومات القيادة والسيطرة. في النهاية أفضل الرد هو السلوك القتالي للقوات».
ويجهد الجيش الإسرائيلي لتركيز جهده الأولي على أهداف «حزب الله» بقصد تقليص حجم الإطلاقات والمس بمخزون الصواريخ. وبالتوازي تقود قيادة الجبهة الداخلية جهدا يهدف لتقليص الإصابات والأضرار ودعم عملية اتخاذ القرارات.
وهنا يظهر أن أكثر من ثلث الإسرائيليين يعيشون من دون حماية، وهذا معطى مقلق، لأنه يتضمن توزيعهم ونقلهم إلى ملاجئ إقليمية ومواقف تحت الأرض. فقط ثلث الإسرائيليين لديهم غرف آمنة وأقل من الثلث لديهم ملاجئ. وقد قسمت إسرائيل في الحرب الأخيرة على غزة المناطق إلى خطرة، وأقل خطراً. وهكذا فإن إيلات ومناطق الضفة الغربية بين الأقل خطراً، وفي المقابل كان غوش دان (تل أبيب الكبرى) وخطوط المواجهة في الشمال وحيفا ومنطقة الجنوب، خصوصا المدن الكبيرة تحت خطر أكبر، حيث التقدير هو أن 80 في المئة من الصواريخ ستطلق على تل أبيب الكبرى.
ويشير تقرير «والا» إلى أنه في كل حال، فإن مصدراً سياسياً يعرف جيداً «حزب الله»، قال إن خطر الحزب صعب ولا يجب الاستهانة به. وأضاف «ليس بين كل أعدائنا في العالم العربي أحد يفهمنا مثل (الأمين العام لحزب الله السيد حسن) نصر الله. لقد لاحظ أن الجبهة الداخلية هي نقطة ضعف إسرائيل، وهو اتجه نحو ذلك، وينبغي لمواطني إسرائيل اجتياز حاجز سيكولوجي، وفهم أن هذا خطر جدي، ليس واضحاً متى يتجسد».
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد