حوار القاهرة الفلسطيني: انفراج «انتخابي» يبشر بحلحلة «حكومية»

16-03-2009

حوار القاهرة الفلسطيني: انفراج «انتخابي» يبشر بحلحلة «حكومية»

الحوار الوطني الفلسطيني يقترب من مراحله النهائية الحاسمة، وإن كان يصعب التكهن في فرص النجاح او الفشل، لا سيما في ضوء الانجازات البسيطة التي تحققت حتى الآن، وفي ظل الخلافات الداخلية التي ظهرت في الساعات الماضية في حركتي فتح وحماس.
وبعدما جرى تمديد عمل اللجان الفرعية المنبثقة عن مؤتمر الحوار في القاهرة ليوم واحد، أمس، تقرر أن تغادر الوفود العاصمة المصرية يوم غد الثلاثاء. ورغم أجواء التشاؤم التي شاعت في اليومين الأخيرين جرّاء انعدام التقدم في عمل اللجان، فإن إنجازا تحقق في اللحظة الأخيرة في الساعات الماضية، بالتوافق على تشكيل اللجنة العليا للانتخابات.
وتنحصر الخلافات بين الأطراف الفلسطينية بشكل مركزي، حول تشكيل الحكومة ومهامها من ناحية، وحول الانتخابات من ناحية أخرى. ومن الجلي أن التقدم الذي تحقق يوم أمس حول لجنة الانتخابات، بالاتفاق على صيغة تسمح بأن تنسب أسماء أعضاء لجنة الانتخابات بالتوافق وأن يقوم الرئيس بتعيينها، يشكل اختراقا للطريق المسدود الذي كان قائما والذي نبع من إصرار ممثلي حركة فتح على عدم المساس بصلاحيات الرئيس. وقد تم التوافق أيضا على تشكيل محكمة قضايا الانتخابات من رئيس وثمانية قضاة تعلن بمرسوم رئاسي بالتشاور والتوافق مع القوى السياسية الفلسطينية بما لا يمس السلطة القضائية،  على ان تجري الانتخابات الرئاسية والتشريعية بحلول كانون الثاني 2009.
ومع ذلك، لا يزال الخلاف يدور في لجنة الانتخابات حول مبدأ الانتخاب النسبي ونسبة الحسم. وبحسب ما توفر لـ«السفير» من معطيات، فإن حماس التي اعترضت في الأيام الأخيرة على مبدأ التمثيل النسبي، عادت ومالت إلى قبول هذا المبدأ. وتدرك حماس أن مبدأ الانتخابات النسبية يمس بقدرتها على التوصل لغالبية في الانتخابات المقبلة. ولهذا كانت تعارض تغيير القانون الحالي الذي يسمح بانتخابات مناصفة بين مبدأ التمثيل النسبي وتمثيل الدوائر.
وربما لهذا السبب، فإن مناقشة مسألة نسبة الحسم لا تزال موضع خلاف، حيث إن الفصائل والقوى الصغيرة تحاول تقليص نسبة الحسم إلى أدنى مدى: واحد ونصف في المئة. وفي المقابل، فإن حماس طالبت بأن تكون نسبة الحسم بحدود ثمانية في المئة لمنع تعدد الأحزاب في المجلس التشريعي. غير أن الميل الغالب هو القبول بنسبة حسم قد تتراوح بين 3 و4 في المئة.
أما على صعيد الحكومة، فإنه ورغم العثرات الكبيرة التي لا تزال تعترض تشكيلها، فإن الانفراجة البسيطة في موضوع الانتخابات وهي تتعلق بصلاحيات الرئيس، قد تقود إلى انفراجة في موضوع الحكومة. ومع ذلك، فإن أفكارا أولية حول الحكومة طرحت من جانب عدد من القوى وفي مقدمتها حركة حماس. 
وقالت مصادر أن اقتراحا مقدما من حركة حماس، طالب بتشكيل الحكومة وفق الصيغة التالية: عشرة وزراء لحماس، ثمانية لفتح، وستة للفصائل والمستقلين. وقد رفضت فتح هذه الصيغة وطالبت بالمساواة في المقاعد من جهة، وبعدم توزيع الحقائب وفق صيغة فصائلية من جهة أخرى. وتتمسك فتح بالعبارة التي وردت في خطاب مدير الاستخبارات العــامة المصرية اللواء عمر سليمان والذي طـــالب بتشكيل حكومة «غير فصـــائلية».
وتلحظ أوساط فلسطينية في المؤتمر ان هناك إصرارا من جانب مصر على دفع الفلسطينيين نحو تحقيق اتفاق. ومع ذلك، تشدد هذه الأوساط على أن الدور الفاعل لمصر في المداولات ومن وراء الكواليس، يضغط أكثر باتجاه قبول حماس بالتنازل عن مواقف معلنة لها. وفي كل الأحوال، من الواضح أن هناك رأيين في فتح تبديا خلال المباحثات: رأي يمثله أنصار السلطة في فتح وهم يلتزمون مواقف الرئيس محمود عباس، وهو أكثر تشددا إزاء حماس، ورأي يمثله أبو علاء ونبيل شعث، وهو يحاول الوصول إلى حلول وسط. ومع ذلك، فإن الصوت الغالب في فتح هو صوت الرئاسة التي تحظى بدعم إقليمي في المباحثات.
وفي المقابل، يرى فلسطينيون أن هناك أيضا خلافات في داخل حماس بين من يميلون إلى تحقيق اتفاق ولو بتنازلات لا تقصم ظهر الحركة، ومن يتشددون في المواقف ولا يأخذون بالحسبان «الجغرافيا السياسية». ومع ذلك، فإن الصوت الغالب في المداولات بالنسبة لحماس هو صوت الميالين للتوصل الى اتفاق.
وعلى هامش الخلافات الداخلية في كل من فتح وحماس تجاه قضايا رئيسية، فإن هناك فصائل محسوبة على أي من الفصيلين الكبيرين أدت أدوارا سلبية في النقاشات. فبعض ممثلي الفصائل الصغيرة كانوا يركزون على نقاط الخلاف ويشددون مثلا على وجوب التمسك بصلاحيات الرئيس. والأمر نفسه يذكر بخصوص البعض الذي حاول أن يشدد على «حماية» المقاومة.

حلمي موسى

المصدر: السفير


 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...