خريطة الطريق الأميركية في سوريا

19-11-2011

خريطة الطريق الأميركية في سوريا

العنوان الأساسي لخريطة الطريق الأميركية هو الضغوط متعددة الإتجاهات: "سلمية" عبر التظاهرات، "عسكرية" عبر الجنود المنشقين، "عربية" عبر الجامعة العربية، "تركية" عبر إقامة المنطقة العازلة، "إقتصادية ومالية" عبر الضغوط الدولية. لكن الأهم في هذه الضغوط هو توفير المناخات الدولية والعربية والإقليمية لإحداث انشقاقات في الجيش العربي السوري وتأسيس مجلس عسكري للمعارضة بقيادة العقيد رياض الأسعد.

الخريطة الأميركية
                 منطقة عازلة + انشقاق الجيش + حرب أهلية + تقسيم سوريا.
التركيز الأميركي هو على النموذج الليبي: توفير مجموعة جيدة من القوات المسلحة. والرهان الأميركي هو أنه يستحيل على النظام السوري الإنسحاب من المدن وبالتالي لن يقوم بأي عمل إصلاحي جدّي. وهذا ما سيؤدي إلى خروج الوضع عن سيطرة النظام ما يجعل الأزمة مفتوحة ويرفع من نسبة المنشقين عن الجيش الذين ستوفـّر لهم تركيا الملاذ الآمن كقاعدة للإنطلاق إلى الداخل السوري.

- زيارة المجلس الإنتقالي إلى تركيا مقدّمة للإعتراف به.
- تركيا ودول الخليج تسعى لحماية وترتيب مصالحها عبر الرهان على إسقاط النظام.
- الإرتباك في التوجه الأميركي مرتبط بعدم معرفة الجواب على سؤال ما هو مستقبل سوريا. أيضا من أسباب الإرتباك هو أن المعارضة غير موحدة وأن النظام السوري يخترق تشكيلاتها المختلفة.
- الرهان الأميركي على تخلي الحليفين الروسي والإيراني مستقبلا عن النظام السوري. وفي معطيات هذا الرهان أن هناك رسائل روسية وإيرانية لدمشق تحت عنوان "يكفي القمع".
- ثمة تخوّف أميركي وتركي من نجاح الجيش السوري في تقطيع أوصال المعارضة المسلحة باعتماد الأسلوب الإيراني.

 ملاحظات على خريطة الطريق هذه
واضح أن خريطة الطريق الأميركية تعتمد في شكل أساسي على توفير غطاء رسمي عربي لها وعلى احتضان تركي وأوروبي. وأما اعتماد "المثال الليبي" فيعترضه وجود مؤسسة عسكرية سورية متماسكة وبنية دولة قومية وتنوّع ديني بحيث أن "النموذج التركي الإسلامي" لا يشكّـل إغراء. هذا عدا عن "التقاليد العلمانية" التي ترسّخت إلى حدود بعيدة. وقد يكون انجراف المعارضة السورية إلى ممارسة العنف المسلح أحد الأخطاء القاتلة التي لمّحت إليها دولة غربية مثل ألمانيا التي استنتجت بأن "النظام السوري سيصمد ذلك أنه ليس هناك من قوة داخلية قادرة على إسقاطه في ظل استحالة عملية لتدخل عسكري من الناتو نظرا لخصوصية الجغرافيا السياسية لسوريا". ولعل هذا الإستنتاج الألماني هو ما دفع مارك تونر إلى قراءة جديدة براغماتية عنوانها "لا نقر العنف لا من جانب الجيش السوري ولا من جانب المعارضة..".   لكن الواضح مع تصاعد العنف من جانب المعارضة السورية أن نسبة المشاركين في التظاهرات السلمية تراجعت وانكفأت عكس ما هو عليه الحال بالنسبة للتظاهرات المؤيدة للنظام السوري. كما أن إصرار معارضة الخارج (المجلس الإنتقالي) على المطالبة المسبقة بتنحي الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد وعلى رفض الحوار يدفع باتجاه المواجهة المسلحة حيث يستحيل "المخرج السلمي" الذي يستتبع مزيدا من التحاق "المجلس الإنتقالي" بحسابات الخارج الدولي والاقليمي.
لا شك أن إرباك النظام السوري مطلوب أميركيا. لكن هذا الإرباك لا يصل إلى إسقاط النظام طالما تدرك واشنطن "حدود قدرة المعارضة السورية" واستحالة "الحل العسكري" من جانب الناتو أو تركيا. والإرباك مرغوب أميركيا خلال فترة الإنسحاب الأميركي من العراق.. إنما بعد فترة ستكون الولايات المتحدة الأميركية منشغلة بالتحضير للإنتخابات الرئاسية الأميركية وبتداعيات الأزمة الإقتصادية والمالية البنيوية. كما أن الرهان الأميركي على "تخلي الحليفين الروسي والإيراني مستقبلا عن النظام السوري" هو في غير مكانه. فسوريا أصبحت مفتاح التحولات في المنطقة. وإيران تدرك أنها مستهدفة في سوريا. وكذلك هي حال روسيا التي منحها النظام السوري إطلالة على المتوسط وفرصة لإيجاد تعددية قطبية في ظل تراجع مشروع الأحادية الأميركية. وأكثر من ذلك فإن واشنطن لم تختبر حتى الآن مدى "التوافق" الذي يمكن أن تمضي إليه مع "السلفية الإسلامية" ومدى التزامها بالديمقراطية وفكرة الدولة المدنية.. وخصوصا أنه في تونس هناك من يدعو إلى الخلافة الإسلامية السادسة بعد أن صار طرفا رئيسيا في السلطة.
باختصار أرسى الأميركي أرضية خليجية وعربية وتركية وأوروبية للعلاقة مع سوريا.. لكن بالتأكيد يريد أن يقصر الحوار بين واشنطن ودمشق على "الأوراق التي تملكها العاصمة السورية"...

عبد الهادي محفوظ-رئيس المجلس الوطني للاعلام

المصدر: النشرة الالكترونية اللبنانية

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...