دي ميستورا يحيّد ملفات أستانة عن جنيف وخلاف أولويات بين «الوفود» السورية
لا يعكس الهدوء الذي يرافق جولة المحادثات الجارية في جنيف حجم الخلافات بين الأطراف السورية المشاركة فيها، والتي قد تنفجر عند أول صدام حادّ يحتمل أن تحمله اللقاءات لاحقاً. وكانت المشاحنات التي حملتها تصريحات الجانبين الحكومي والمعارض، على خلفية تفجيرات حمص الانتحارية، أول من أمس، فرصة لإظهار التباين في أولويات الوفدين، وهو ما يتوقع أن يظهر خلال اجتماعين يعقدهما المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، اليوم وغداً، مع كل من الوفدين بشكل منفصل، سيتضمنان ردّهما على ورقة مقترحاته «الثلاثة».
المقترحات التي قدمها دي ميستورا تشتمل على ثلاثة عناوين مقترحة للبحث فيها خلال الأيام المقبلة. وتتحدث نسخة الوثيقة التي اطلعت عليها وكالة «فرانس برس»، وهي التي سلمها دي ميستورا للوفد الحكومي وممثلي منصات المعارضة، عن نقاش قضايا «الحكم والدستور الجديد والانتخابات»، وهي من ضمن النقاط التي يشير إليها قرار مجلس الأمن (2254)، الذي يحدد «خارطة طريق دولية» حول الحل السياسي.
ولفتت الوثيقة إلى أن بحث النقاط الثلاث سيتم «بشكل متواز»، واصفة الاجتماعات المقررة بأنها «مباحثات أولية» تجرى بهدف «التمهيد لمفاوضات في العمق» حول العناوين الثلاثة المذكورة، ومشيرة إلى ضرورة عقد «عدة جولات» بغية التوصل إلى نتيجة. كذلك أشارت بوضوح إلى أن قضايا وقف إطلاق النار ومكافحة الإرهاب والجانب الإنساني سيتم بحثها في إطار آلية أخرى، هي عملية أستانة.
ورغم تحييد ورقة دي ميستورا للنقاط الخلافية التي عالجها أستانة، فإن حديث الوفد الحكومي السوري عن ضرورة طرح قضية «مكافحة الارهاب» كأولوية على جدول أعمال المحادثات، يشير إلى أن خلافات الوفدين قد تسبق مرحلة الجدل القديمة حول مفهوم «الانتقال السياسي»، إذ لفت رئيس الوفد الحكومي بشار الجعفري، عقب لقائه دي ميستورا، مساء أول من أمس، إلى أن تفجيرات حمص هي «السبب الرئيسي الذي يحدونا لوضع بند محاربة الإرهاب كأولوية في محادثات جنيف». وطلب من دي ميستورا خلال الاجتماع أن «ينقل طلب إصدار بيانات واضحة لا لبس فيها إلى المنصات (المعارضة) المشاركة في محادثات جنيف».
وفي المقابل، قال رئيس الوفد المعارض نصر الحريري، في معرض تعليقه على الهجمات، إن الوفد «يدين كل الأعمال الإرهابية التي تقوم بها كل الجهات الإرهابية، وإذا كانت حادثة حمص تخضع لهذه الأعمال الإرهابية، فهذا واضح من كلامي». وأضاف أن «النظام يحاول تعطيل المفاوضات... ولكننا لن ننسحب منها».
أما المبعوث الأممي فقد ذهب إلى إدانة التفجيرات ووصْفها بـ«الإرهابية»، معتبراً أنها تهدف إلى «تخريب» المحادثات. وقال في بيان إنه «كان من المتوقع دوماً أن يحاول المخربون التأثير على مجريات المحادثات. من مصلحة جميع الأطراف المناهضة للإرهاب والملتزمة بعملية السلام في سوريا عدم السماح بنجاح تلك المحاولات».
وعلى صعيد متصل، اتهم عضو وفد المعارضة فاتح حسون قوات الحكومة السورية بتنفيذ هجوم حمص. وأوضح أن المنطقة التي شهدت الهجوم «آمنة للغاية وتخضع لرقابة دائمة»، مضيفاً أن «أي عملية أمنية لا يمكن أن تحدث هناك دون تسهيل... وهي تصفية من قبل النظام لأشخاص مطلوبين في محاكم دولية».
وبالتوازي، شهد يوم أمس لقاءين منفصلين، بين المبعوث الأممي وممثلين عن منصّتي موسكو والقاهرة. وقال رئيس وفد «منصة القاهرة»، جهاد مقدسي، في مؤتمر صحافي عقب الاجتماع، إن هناك خلافات بين أعضاء وفد «الهيئة العليا» المعارضة حول «تبنّي الحل السياسي حصراً دون العسكري». ونقلت وكالة «تاس» الروسية عن مقدسي قوله إن «الهيئة» أدلت بتصريح «من شأنه إرضاء الجماعات المسلحة... وهذا يعدّ خطأً سياسياً». ودان باسم «منصة القاهرة» التفجيرات التي جرت في مدينة حمص، واصفاً إياها بأنها عملية «إرهابية».
وعلى صعيد متصل، قال المتحدث باسم «الهيئة العليا» المعارضة سالم المسلط، أول من أمس، إن وفد المعارضة «لن يكون سبباً في فشل» جولة المحادثات الحالية. وأشار في مقابلة مع وكالة «الأناضول» التركية إلى أن من يرفض من ممثلي منصات المعارضة الأخرى رحيل الرئيس السوري بشار الأسد، في المرحلة الانتقالية، «يجب عليه الجلوس على طاولة وفد النظام».
ولفت إلى أن تطلعات المعارضة «ليست أقل من هيئة حكم انتقالي بصلاحيات كاملة... وإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية»، مؤكداً رفض طرح تشكيل «حكومة وطنية موسعة... إنما بتغيير كامل يذهب رأس النظام».
المصدر: الأخبار+ وكالات
إضافة تعليق جديد