دير الزور تصب ملوثاتها في فراتها

12-07-2007

دير الزور تصب ملوثاتها في فراتها

ولمحافظة دير الزور نصيبها من التلوث، وكيف لا؟ وهي التي تشكو من مخلفات الصرف الصناعي الناجم عن بعض المعامل مثل معمل السكر والورق والكونسروة.

ونواتج هذه المعامل كيماوية تصب في نهر الفرات ومعها مصبات الصرف الصحي والصرف الزراعي ومخلفات المشافي ومعامل الغاز، فكل ملوثات محافظة دير الزور لا تجد إلانهر الفرات يحتويها، وهذا ما أدى إلى تدني جودة ونوعية نهر الفرات، وبالتالي فقدان الثروة السمكية بسبب التلوث، والصيد الجائر الذي يمارسه البعض!! ‏

وطبعا قائمة الملوثات تطول لتصل الى النفايات المتراكمة وغياب المطامر الصحية، وتدهور نوعية التربة وتلوث الأراضي حيث تسقى الخضراوات والمزروعات بمياه الصرف الصحي فتنشر معها الأوبئة والأمراض وتعرض حياة الناس للخطر. ‏

أما منشآت القطاع الخاص فتم إغلاق العديد منها بسبب مخالفتها للشروط البيئية. ‏

الواقع البيئي للمنشآت الصناعية في دير الزور ولاسيما التابعة للقطاع العام شرحته مديرية البيئة في دير الزور في كتاب وجهته الى الهيئة العامة لشؤون البيئة أقرت فيه ان شركة سكر دير الزور تصرف المياه الصناعية الناتجة عنها الى قناة صرف مكشوفة وهي قناة صرف زراعية ضمن المنطقة دون أي معالجة لتصب أخيرا في نهر الفرات علما انها تمر عبر قريتي الصالحية وحطلة وتصب قبل محطة مياه للشرب بحوالي /500/م وتصدر عنها روائح كريهة وبقايا مياه آسنة تسبب الأذى والأمراض للأهالي، ودورة المعمل حوالي 4 شهور وينتج عنه مياه صرف صناعي، اضافة الى المياه المالحة الخارجة من المعمل وكذلك الوحل الناتج عن غسيل الشوندر. ‏

وشكلت لجنة مهمتها المراقبة البيئية للمعمل، وأجرت الشركة دراسة لمحطة معالجة مياه الصرف الصناعية الناتجة عن المعمل، أما بالنسبة لمخلفات الوحل الناتجة عن الشركة فيتم دفنها وفق الشروط البيئية والفنية في أماكن المقالع. 
 وبالنسبة لشركة الفرات للغزل لا يوجد فيها صرف المياه صناعية سوى مياه صرف صحي (مالحة) تتجمع في محطة معالجة خاصة بها وهي عبارة عن محطة معالجة ميكانيكية للصرف الصحي تعتمد على مبدأ فصل (الحمأة) في أحواض وترسيب وتجميع أما معمل الكونسروة فيتم تصريف مياه الصرف الصناعي للمعمل في مياه نهر الفرات مباشرة دون معالجة، مختلطة مع الصرف الصحي في مجرور واحد وحاملةمعها البقايا العضوية والنباتية، حيث يعمل المعمل حسب توفر المادة الأولية وغالبا ما تكون في فصل الصيف. ‏

وفيمايتعلق بالشركة العامة للورق، يتم تصريف المياه الصناعية الخارجة من المعمل الى القناة الراجعة المكشوفة والممتدة حوالي 3كم ضمن أراضي الحسينية لتصب أخيرا في نهر الفرات علما بأنه تتم معالجة المياه الصناعية الخارجة من المعمل عن طريق محطة معالجة كيميائية تعتمد على مبدأ الترسيب والترقيد واضافة بعض المواد الكيميائية مثل الكلور ـ الشب ـ سلفات الألمنيوم. ‏

وهذه المحطة لا تؤدي الغرض المرجو من معالجة تلك المياه، فهي تخفف من التلوث ولا تقضي عليه، إضافة الى أن المياه المالحة الخارجة من المعمل والتي يتم تصريفها عن طريق قساطل بيتونية تصل الى القناة الراجعة التي تصب فيها مياه الصرف الصناعي، اضافة الى تعديات يقوم بها الأهالي على القناة ما يزيد من تلوث المياه العائدة للنهر. ‏

ومعمل الورق أنشئ في نهاية السبعينيات لانتاج الورق من قش النباتات (قش القمح) وكانت التكنولوجيا المعتمدة آنذاك لتحضير عجينة الورق وعمليات تبييض العجينة تتم باستخدام ماءات الصوديوم وغاز الكلور وهيبوكلوريد الصوديوم وحمض كلور الماء. 
 والمعمل كوحدة انتاجية متكاملة يشمل اقساماً رئيسة كقسم تحضير العجينة وقسم آلات الورق وأقسام مساعدة وقسم المراجل البخارية وقسم التحليل الكهربائي الذي كانت مهمته انتاج المواد الكيميائية بتقنية الخلايا الزئبقية، لذلك يجب اتخاذ اجراءات في معامل الخلايا الزئبقية لضبط انبعاثات الزئبق، منها تخفيض نفايات الزئبق عن طريق استخدام محلول ملحي منقى مسبقا وإزالة الزئبق من وحل تنقية المحلول قبل رميه إما بالمعالجة الحرارية وإما بالترشيح، اضافة الى تخفيض المياه المصروفة عن طريق تجميع المياه من كل المصادر ومعالجتها وكذلك تخفيض انبعاثات الخلية وتخفيض الزئبق في ماءات الصوديوم. ‏

كمية صغيرة من الزئبق يمكن أن تسبب اضراراً كبيرة، والتعرض لهذا المعدن على المدى الطويل والقصير يسبب أضراراً جسيمة للانسان والحياة البرية، وتأتي خطورته في تأثيراته المدمرة على الجهاز العصبي المركزي وما ينتج عنه من اختلال في وظائف الجسم الأخرى، والتعرض يكون عن طريق التنفس من تلوث الهواء أو عن طريق الشرب من تلوث المياه الجوفية أو مياه الانهار أو مباشرة عن طريق ملامسة الجلد، فقد أكدت دراسات عدة على السمية الشديدة والاضرار التي يسببها معدن الزئبق، وأشارت الى أن الاسماك ليست الوحيدة التي يصيبها التسمم بالزئبق ومعروف ان الاسماك لها قدرة كبيرة على تثبيت وتجميع هذه المادة السامة في اجسامها على مر السنين ولكن أيضا التسمم يصيب العديد من الحيوانات الأخرى مثل الطيور والزواحف والثدييات الصغيرة عن طريق السلسلة الغذائية، ولا يمكن لعملية الطبخ أن تزيل هذا المركب مقارنة ببعض الملوثات الأخرى، والخطورة تصيب اكثر الاشخاص الذين يستهلكون كميات كبيرة من الاسماك في البحيرات والانهار الملوثة. ‏

فالزئبق له مقدرة كبيرة على قتل الخلايا الحية لسهولة تراكمه في خلايا الدماغ والاعصاب ويضر ويضعف الجهاز المناعي للانسان فتنتج عن ذلك امراض الحساسية والربو وأضرار للكلى، ويضر ويشوه الجنين في حال تعرضت المرأة الحامل للتلوث بالزئبق، كما أنه يسبب أذيات للقلب والأوعية الدموية والجهاز التناسلي الذكري. ‏

ـ والحد الأقصى المسموح به للزئبق في المياه الصناعية المصروفة الى الصرف الصحي 0.01ملغ/ل. ‏

ـ الحدود المسموح بها لمؤشرات تلوث الهواء عند المصدر للزئبق ومركباته 0.5 ـ 5ملغ/م3. ‏

ـ الحدود القصوى لمؤشرات التلوث من الصرف الصناعي الى البيئة المائية 0.005ملغ/ل الى البحار أو سطح الأرض أو الانهار أو قنوات الصرف الزراعي.. ‏

كما تؤكد الجهات المعنية فإن استخدام الزئبق في معمل الورق يتم في قسم التحليل الكهربائي فقط وبالتحديد في الخلايا الزئبقية، ومنصرفات القسم السائلة تلتقي مع منصرفات معمل الورق حيث تخضع لمعالجات ترقيد وإزالة الأوحال والاوساخ وتعديل الحموضة فقط ثم عبر قناة مكشوفة بطول 3كم تصل الى نهر الفرات. ‏

أما انبعاثات الزئبق في بيئة العمل في المنتجات والى البيئة المجاورة فهي عديدة وغير محددة وتتجلى خطورتها في المنتجات في انها تستخدم في معالجة المياه أو في المنشآت الغذائية ويمكن ان يؤدي ذلك الى وصول الزئبق أو احد مركباته الى الانسان. ‏

وبالنسبة للتعامل مع الزئبق في المعمل فإنه يتم بشكل مباشر وبوسائل مكشوفة ودون اتخاذ التدابير الكافية. ‏

ومن المعروف أن التقنية وبعض التجهيزات قديمة ما يزيد من الانبعاثات الأخرى مثل غاز كلور السام وأبخرة ماءات الصوديوم وهي انبعاثات غير مضبوطة وغير محددة، فالاتجاه العالمي يؤكد ضرورة استبدال تقنية الخلايا الزئبقية بتقنيات آمنة لا تستخدم الزئبق وهذا ما ذكرته اللجان العلمية التي زارت المعمل في السنوات الأخيرة. ‏

وهكذا تستمر المشكلة من عام إلى آخر والتوصيات كما هي دائماً تؤكد ضرورة تطبيق الاجراءات البيئية اللازمة لخفض وضبط انبعاثات الزئبق وتطبيق نظام إدارة النفايات الخطرة المعتمدة في سورية على نفايات قسم التحليل الكهربائي ولذلك يجب عدم الموافقة على استيراد كميات إضافية من الزئبق والاسراع في عملية استبدال التقنية، خاصة أن قسم التحليل الكهربائي منشأة رابحة وتنتج مواد ضرورية، ويجب دراسته دراسة كافية لاتخاذ اجراء اسعافي عاجل إذا لزم الأمر، فربما أكدت النتيجة على ضرورة إغلاقه بأقصى سرعة. ‏

هذه هي النتائج والتوصيات وهي ليست جديدة ولابخافية على أحد، فالجميع يدرك حجم المخاطر التي تتعرض لها البيئة والإنسان. ‏

هذا كله ولم نتحدث عن التلوث النفطي وتلوث الهواءوغيرها الكثير!! فإلى متى يبقى نهر الفرات يئن تحت وطأة الاستغلال والتلوث؟!! ‏

سناء يعقوب

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...