ساركوزي يجمع بين باراك وحمد بن جاسم في الإليزيه

24-01-2008

ساركوزي يجمع بين باراك وحمد بن جاسم في الإليزيه

ليس سبقا صحافياً أن يلتقي رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني بوزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك. وعادة، لا يتردد الشيخ حمد في إعلان لقائه بالوزير الإسرائيلي، فالدولة التي يسوس حكومتها تضع قدما في قلب الممانعة، وتستوي على القدم الأخرى في قاعدة العديد الأميركية في قطر.
ومع ذلك كان صعبا الجزم، ليلة أمس، ما إذا كان رواح القطري والإسرائيلي زمنا واحدا تحت سقف القصر الرئاسي الفرنسي، مجرد صدفة أم اجتماعا رتب في اللحظات الأخيرة بينهما، وبرعاية فرنسية.
على جدول أعمال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أمس، يأتي حمد بن جاسم للقاء في الإليزيه متأخرا ساعة عن لقاء مع باراك مقرر عند الساعة الخامسة مساء، وهو ما يتطابق مع ذهاب ومجيء الشرطة بدروعها في الـ«فوبور سانت هونوريه»، ويمنح معنى لانتشار أمني كثيف خلف الأسوار، تزامناً مع إبعاد التظاهرة الفرنسية العربية في احتجاج مسائي على حصار غزة والزائر الإسرائيلي.
وسهر طابور من الشرطة خلف كنيسة «المادلين» على إبقاء الجمع على مبعدة بضع مئات من الأمتار من نوافذ الإليزيه. وبانتظار باراك، فتحت البوابات ليلج الباحة وزير الخارجية برنار كوشنير، تهادى فوق حصى الباحة، ثم غربت قامة الوزير المتواضعة بين السيوف الفضية المشهرة للحرس الجمهوري على المدخل الأخير للإليزيه.
وبانتظار باراك، خطرت سيارة دبلوماسية وحيدة في الباحة وجاء الأمين العام للرئاسة كلود غيان مستقبلا، وشد البروتوكولي نحوه بابا مصفحا وثقيلا، فانحنت قامة عالية، ليتسنى لها النزول، وبان وجه قال الصحافيون القليلون في المكان، في همهمة تساؤلهم عن الضيف، إنه ليس باراك فأطفئت الكاميرات، وصافح القادم غيان، واستعجل الخطو نحو القصر، ولم يلتفت لصياح الصحافيين، إلا عندما سمع نداء عربيا، «يا صاحب السمو»، فاستدار وابتسم وعرف الحاضرون الشيخ حمد.
انتشر الأمن الإسرائيلي، ووصل باراك بعده بدقائق. مصور التلفزيون الإسرائيلي بعد إيابه من نافذة الثواني التقليدية، التي تخلد فيها اللقطات لنشرات الأخبار المسائية، قال إنه لم ير الشيخ حمد إلى جانب الرئيس ساركوزي وضيفه الإسرائيلي في قاعة واحدة .
ورفض الاليزيه تأكيد نبأ اللقاء الثلاثي، وقالت مترجمة في المكان إن حمد بن جاسم يجالس كلود غيان في قاعة منفصلة. لكن صدفة وجود القطري والإسرائيلي والفرنسي لا يملك أحد مقاومة الإغراء بتوصيفها اجتماعاً، وهمس صحافي عربي أن التزامن في مواعيد الرئيس مع باراك والشيخ حمد ليس بريئا، خصوصا أن باريس احتضنت في الماضي لقاءات قطرية إسرائيلية كثيرة، كان القطريون خلالها يقومون بدور الوسيط بين تل أبيب ودول عربية ممانعة ومهادنة، ويحملون رسائل عاجلة، ويتحدثون إلى الجميع من مواقع متعارضة، من دون أن يصاب موقعهم بضرر.
وخرج وزير الدفاع الإسرائيلي ليقول إنه قد بحث في نصف الساعة مع الرئيس ساركوزي «الأوضاع في غزة ومع الجيران في لبنان وسوريا والمسألة الإيرانية». و»مع حمد بن جاسم؟»، يجيب «هذا لقاء مع ساركوزي لا أتحدث عنه». لم يسمع سؤالا يستعد للانطلاق، عما إذا كان قد تحادث معه أم لا، وغادر الكاميرات والباحة.
ثم جاء صف من الحرس الجمهوري، وركنت سيارة الشيخ حمد عند درجات القصر وهبط من إعلاميي الرئيس من قال للجمع الصحافي إن اللقاء مع رئيس الوزراء القطري ليس مفتوحا أمام الصحافة فغادروا من دون يقين يقطع بلقاء ثلاثي.
لكن تتقاطع الأسئلة مع واقعة أن الدبلوماسية القطرية أصبحت رديفا للدبلوماسية الفرنسية. فقطر تعمل في الملف اللبناني على استكشاف هوامش المبادرة الفرنسية واحتمالات استعادتها، وتحتفظ بعلاقات مميزة مع المعارضة ومع دمشق، وكان القطريون أول من نصح ساركوزي بفتح حوار مع دمشق، وشجعوه على إرسال كلود غيان إليها، كما قاموا بدور رئيسي في صفقة إطلاق الممرضات البلغاريات في ليبيا فدفعوا فدية الـ450 مليون دولار لإطلاق سراحهن تاركين لساركوزي حق استثمار الإنجاز الإنساني سياسيا وإعلاميا.

محمد بلوط

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...