سيناريو حكومة ليفني – موفاز وشبح نتينياهو
الجمل: اكتسب الصراع السياسي الإسرائيلي قوة وزخماً جديداً بعد فوز تسيبي ليفني بزعامة حزب كاديما. وتقول المعلومات بأن فوز ليفني لن يمر بشكل عادي شأنه شأن أي انتخابات حزبية داخلية في إسرائيل لأن التداعيات المترتبة عليه بفعل عمليات التعبئة السياسية السلبية الفاعلة وما تؤدي إليه من استقطابات جديدة في الساحة السياسية الإسرائيلية ستعمل مجتمعة على الدفع باتجاه تغيير خارطة التحالفات الإسرائيلية.
* استبدال بؤرة أزمة إقالة أولمرت ببؤرة أزمة فوز ليفني وهزيمة موفاز:
استطاع رئيس الوزراء الإسرائيلي وزعيم حزب كاديما التغلب على تداعيات أزمة هزيمة لبنان عن طريق الالتفاف على توصيات تقرير فينوغراد، ولكن وقبل أن يكتمل سيناريو الالتفاف جاءت أزمة الرشاوى وتحقيقات الشرطة الإسرائيلية لتلف الحبل من جديد الحبل حول عنق أولمرت بما يترتب عليه نشوء أزمة ثانية كادت أن تطيح بتحالف كاديما الحاكم، وقد نجحت محاولة كاديما للالتفاف على الأزمة ولكن هذه المرة عن طريق الإطاحة بأولمرت وانتخاب زعيم جديد للحزب، ولكن بعد انتخاب ليفني رئيساً لكاديما وقبل أن تتمكن من الجلوس على كرسي الوزارة بدأت أزمة ثالثة في الظهور مهددة هذه المرة بانقسام كاديما وذلك بسبب موقف الجنرال موفاز المتعلق بقراره الانسحاب من النشاط السياسي.
* ماذا تقول سردية سيناريو أزمة كاديما الثالثة:
ترشح لرئاسة كاديما أربعة من زعماء الحزب ولكن الحملة الانتخابية أوضحت أن عملية استقطاب واسعة قد حدثت لجهة انقسام عضوية الحزب حول الزعيمين تسيبي ليفني وزيرة الخارجية وشاؤول موفاز وزير النقل.
وبعد معركة انتخابية ساخنة تبودلت فيها الاتهامات بين الاثنين وأنصارهما، انجلى الأمر عن فوز ليفني بفارق ضئيل بلغ 1.1% من الأصوات أي 431 صوتاً فقط من إجمالي عدد الناخبين الذين شاركوا في الانتخابات وعددهم 74 ألف ناخب.
الفارق الضئيل بين أصوات ليفني وموفاز عكس بقدر كبير مدى حرارة المنافسة بين الطرفين وذلك على النحو الذي أشعل ما وصفه أحد الإسرائيليين بظاهرة صراع الأميرة مع الجنرال على النحو الذي أدى إلى صعود الأخيرة وسقوط الجنرال الذي بدوره لم يتحمل الإهانة وقرر التخلي عن السياسة.
ولكن، برغم ذلك، تقول التسريبات الإسرائيلية بأن أنصار الجنرال شاؤول موفاز، بدأوا في تجميع صفوفهم والقيام بهجوم مضاد على أمل "عودة الجنرال" وتشير التوقعات إلى أن خارطة طريق الجنرال وأنصاره ستتضمن الآتي:
• التشكيك في مصداقية نتائج الانتخابات وذلك بتصعيد حملة تقوم على توظيف استبعاد لجنة الانتخابات لأصوات البدو في منطقة راحال الأمر الذي ترتب عليه تقدم ليفني خاصةً وأن أصوات البدو التي تم استبعادها كانت حوالي 300 صوتاً جميعها كانت لصالح موفاز.
• تجميع أكبر ما يمكن من عضوية الحزب حول الجنرال موفاز ومحاولة استقطاب الأعضاء الذين لم يشاركوا في التصويت إضافةً إلى محاولة ضم بعض أنصار ليفني المترددين.
• التفاهم مع الأحزاب السياسية الإسرائيلية التي ستسعى ليفني إلى التحالف معها من أجل تشكيل الحكومة بما يؤدي إلى إغلاق المنافذ أمام ليفني.
• الدفع باتجاه إعادة الانتخابات داخل كاديما أو باتجاه الدخول في جولة انتخابات مبكرة يتم خلالها التخلص من تيار ليفني داخل الحزب.
* جدول أعمال ليفني القادم:
بعد إعلان فوزها بقيادة كاديما فإن الخطوات المطلوب من ليفني القيام بها تتمثل في:
• أن يقوم رئيس الوزراء الحالي أولمرت بتقديم استقالته رسمياً للرئيس بيريز.
• بعد المشاورات مع زعماء كاديما يقوم الرئيس بيريز باختيار عضو الكنيست الذي ستكون في هذه الحالة تسيبي ليفني المكلفة بتشكيل الحكومة الائتلافية الجديدة.
• سيكون أمام عضو الكنيست المكلف (ليفني) فرصة 42 يوماً لإجراء المشاورات والتفاهمات وصولاً إلى تشكيل الحكومة الجديدة ثم تقديم الأسماء للكنيست من أجل الحصول على موافقة رسمية.
• إذا نجح العضو المكلف في تشكيل الحكومة الجديدة فإن الانتخابات العامة سيتم إجراؤها بعد 90 يوماً وهو أمر ستغطيه إجراءات تشكيل حكومة جديدة مرة أخرى.
• سيبقى أولمرت في منصب رئيس الوزراء كمكلف بالأمانة إلى حين يتم تشكيل الحكومة الجديدة والموافقة النهائية عليها بواسطة الكنيست.
* سيناريو حكومة ليفني – موفاز وشبح بنيامين نتينياهو:
من المعروف أن الصراع السياسي الإسرائيلي يرتبط بشكل أساس بالعديد من الصراعات القديمة، والتي من أبرزها:
• الصراع المجتمعي الإسرائيلي بين جماعات السفارديم والأشكينازي.
• الصراع على خلفية العلاقات المدنية – العسكرية.
• الصراع بين التوجهات العلمانية وتوجهات المؤسسة الدينية الإسرائيلية.
• الصراع بين الأحزاب السياسية الإسرائيلية وعلى وجه الخصوص تلك الصغيرة منها التي أتقنت لعبة المناورة في التحالف مع الأحزاب الكبيرة الثلاثة: كاديما، العمل، الليكود.
إضافةً لذلك، تلعب مؤسسات وجماعات اللوبي الإسرائيلي الأمريكي دوراً كبيراً في التأثير على توجهات الإسرائيليين. حتى الآن، ما يزال بنيامين نتينياهو يمثل المرشح المفضل لأغلبية الرأي العام الإسرائيلي، إضافةً إلى المساندة القوية التي ما زال نتينياهو يحظى بها في أوساط جماعات اللوبي الإسرائيلي الأمريكي واليهود الأمريكيين، ولكن، تحالف كاديما – العمل – شاس أدى إلى دفع نتينياهو ليقف خارج حلبة مجلس الوزراء الإسرائيلي. وبالنسبة لجنرال شاؤول موفاز فهو يشكل الخيار الثاني البديل لنتينياهو في أوساط المتشددين وعلى وجه الخصوص أوساط المؤسسة الدينية الإسرائيلية والمؤسسة العسكرية.
وعلى هذه الخلفية، فإن ليفني ستواجه المزيد من المصاعب التي سيكون من أبرزها:
• عرقلة استقالة أولمرت ومحاولة تأخيرها لأطول فترة ممكنة بما يمكن أن يؤدي إلى تصعيد الخلافات بين كاديما والعمل.
• عرقلة التفاهمات والمشاورات بين زعماء كاديما وذلك بما يمكن أن يؤدي إلى إضعاف موقف ليفني بما يتيح الفرصة لاحتمالات اختيار مكلف آخر غيرها بأعباء تشكيل الحكومة خاصةً أنه لا يوجد ما يلزم الحزب باختيار رئيسه حصراً للقيام بهذه المهة.
• عرقلة مشاورات وتفاهمات كاديما مع الأحزاب الصغيرة مثل شاس وإسرائيل بيتنا وحزب ميريتس.
تقول التسريبات الأولية بأن ليفني قد بدأت مشاوراتها مع حزب ميريتس الذي يعتبر من أحزاب يسار الوسط وتقول بعض التحليلات أن هذه المشاورات تهدف لتخويف حزبي شاس وإسرائيل بيتنا، لجهة إبلاغهم رسالة مفادها أن الحليف البديل موجود إذا حاولوا التشدد والوقوف إلى جانب الجنرال موفاز وبنيامين نتينياهو.
* احتمالات انقسام كاديما: مدى صحة السيناريو:
خرج موفاز غاضباً بعد إعلان نتائج الانتخابات بفوز ليفني وتحدث أحد مساعديه قائلاً بأنه أحس بالحرج والإهانة التي لحقت به خاصةً وأنه على مدى أسبوعين كاملين ظلت أجهزة الإعلام الإسرائيلية والأمريكية تصوره وكأنه الجسر المرتقب الذي سيربط بين التوجهات السياسية الحديثة والتوجهات السياسية القديمة من خلال تفاهماته مع الساسة الجدد والقدماء التقليديين الموجودين على الساحة السياسية.
وتقول التسريبات بأن موفاز ما زال واقعاً تحت تأثير مشاعر الجنرال القوي الذي لن يقبل بأي حال من الأحوال العمل تحت تسيبي ليفني التي كانت مجرد عميل صغير للموساد عندما كان موفاز جنرالاً كبيراً ورئيساً لهيئة أركان خامس أقوى جيوش العالم أجمع، كما يقول الإسرائيليون.
هذا، وتشير التسريبات بأن خيار موفاز بالتخلي عن السياسة بعد هزيمته سيكون من الصعب إقناعه بالتراجع عنه في ظل وجود ليفني إضافةً إلى ذلك فإن ابتعاد موفاز سيشكل ضربة موجهة لحزب كاديما ولتسيبي ليفني نفسها، والتي لا يمكن القول بأنها غير محتاجة لخبرة وقوة شخصية الجنرال موفاز، لجهة دعم وتعزيز قوة الحكومة الإسرائيلية الجديدة.
مسلسل الخروج من كاديما سوف لن يكون حصراً في خروج موفاز فقد خرج إرييل شارون وشيمون بيريز والآن موفاز، وعلى ما يبدو فإن حاييم رامون ومائير شيتريت في طريقهما إلى الخروج من كاديما.
تقول بعض التسريبات بأن خروج حاييم رامون سيضر كثيراً بموقف ليفني لأن يهود المزراحي سيخرجون معه وما هو أكثر خطورة يتمثل في التسريبات الجديدة القائلة بأن مخطط إعاقة تسيبي ليفني لو فشل فإن الجنرال موفاز سيأخذ طريقه مرة أخرى إلى الليكود ولن يكون وحده وإنما سيأخذ معه على الأقل 40% من عضوية كاديما.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد