شريط الأربعين دقيقة هزّ أركان «المستقبل»

09-11-2008

شريط الأربعين دقيقة هزّ أركان «المستقبل»

هزّ شريط الأربعين دقيقة، الذي بثه التلفزيون العربي السوري مساء الخميس الفائت عن اعترافات عشرة من تنظيم «فتح الإسلام» تبنوا تفجير دمشق في السابع والعشرين من أيلول الفائت الذي أدى إلى سقوط 17 شهيداً، الرأي العام اللبناني بالقدر نفسه الذي هز عرش قوى الموالاة، وفي طليعتها تيار «المستقبل» المتهم الأساسي بتوفير التمويل واللوجستية لهذا التنظيم الإرهابي، إضافة إلى تجار في شمال لبنان، وأثرياء في دول الخليج وفي مقدمتهم السعودية، وفق اعترافات أفراد هذا التنظيم. 
 وسارع تيار «المستقبل» ومن يدور في فلكه إلى شن حملة شعواء في محاولة لطمس أثر هذه الاعترافات، على حين لم يجد رئيسه النائب سعد الحريري الموجود في موسكو سوى القول إنه لن يعلق على الشريط وتوابعه إلا بعد عودته إلى بيروت «احتراماً لروسيا»!
وأتت الاعترافات الصاعقة من باب تأكيد المؤكد. إذ سبق أن أشارت أصابع الاتهام بتمويل «فتح الإسلام» إلى «المستقبل» وراعيه منذ أكثر من عام، وتحديداً منذ عملية السطو التي قام بها أفراد من «فتح الإسلام» على أحد فروع بنك «البحر المتوسط» في الكورة (شمال لبنان) لسرقته بعدما احتج التنظيم مراراً على قطع «المستقبل» التمويل عنه الذي كان يؤمنه عبر حوالات مصرفية موثقة ومثبتة بدلائل حسية وورقية. لكن أهمية هذه الاعترافات أنها أتت في سياق مغاير تماماً وفاضح لما حاول «المستقبل» وحلفاؤه تظهيره للجهة المصدرة للإرهاب والتطرف والأصولية والسلفية. كما أنه فتح الباب واسعاً أمام الأصوات المطالبة بمحاكمة تيار «المستقبل» وقادته على جريمة تمويل تنظيم إرهابي ورعايته في مخيم نهر البارد التي تسببت بمعركة طاحنة قادها الجيش اللبناني ببسالة للقضاء على «فتح الإسلام» واستشهد فيها 163 ضابطاً وجندياً من خيرة الوحدات المقاتلة في الجيش، عدا المئات من المعوقين جسدياً.
وأشارت مصادر سياسية رفيعة، في اتصال بـ«الوطن»، إلى أن اعترافات الخلية الإرهابية في سورية يجب أن تفتح الباب واسعا أمام فتح تحقيق جدي وموسع في أحداث مخيم نهر البارد وخلفياتها، بدءاً بالهجوم الذي شنته وحدات من فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي صباح 20 أيار 2007 على أحد الأبنية في شارع المئتين في طرابلس التي كان يقطنها عناصر من «فتح الإسلام» من دون تنسيق مع مديرية الاستخبارات في قيادة الجيش، الذي دفع إليه يومها قيام مجموعة من «فتح الإسلام» بنحر 14 جندياً من الجيش كانوا نائمين في مخدعهم في تلة المحمرة وهي منطقة محاذية لمخيم نهر البارد.
ولفتت إلى أن التحقيق يجب أن يشمل أيضاً ما تردد في الكواليس عن تصفيات قام بها أحد الأجهزة الأمنية لطمس حقائق فتح الإسلام بحيث أقدم على تصفية أكثر من مسؤول فيه كان على دراية كاملة بعلاقة هذا التنظيم مع تيار «المستقبل» ومع شخصيات سلفية قريبة منه.
وكان تقرير صحفي نقل عن مصادر متابعة للتحقيقات السورية أن ما ظهر على شاشة التلفزيون ليل الخميس ما هو إلا «القمّة الظاهرة من جبل الجليد»، بمعنى أن أجهزة التحقيق السورية ما زالت تحتفظ بفيض من المعلومات تُثبت علاقة «المستقبل» بتنظيمَي «فتح الإسلام» و«القاعدة». وقال التقرير: إن في حوزة القضاء السوري مستندات، من بينها شيكات مصرفية وتسجيلات لشهادات عن علاقة بعض قياديي «المستقبل»، ومنهم وزراء سابقون ونواب، بقياديين في تنظيمات إرهابية، وإن السلطات السورية ستكشف عنها في الوقت الذي تراه مناسباً.
في غضون ذلك، ثمة من يجزم أن اعترافات الشبكة الإرهابية في سورية والتنسيق الأمني اللبناني السوري سينتج حتماً تعاوناً استثنائياً سيؤدي إلى كشف كامل خيوط هذه التنظيمات الإرهابية التي تتهدد الأمن القومي في كل من البلدين.
وتمثلت أولى ثمار الكشف عن الخلية الإرهابية في العملية التي شهدها مخيم البداوي يوم الجمعة وأفضت إلى توقيف عنصرين من «فتح الإسلام» هما جزء رئيس في شبكة عبد الغني جوهر، وتبين في التحقيقات الأولية معهما علاقتهما بالتفجير الأخير الذي استهدف الجيش اللبناني في المدخل الجنوبي لمدينة طرابلس.
وأمكن الأجهزة العسكرية والأمنية اللبنانية، خصوصاً في ضوء نتائج التحقيقات السورية التي تقاطعت في جزء منها مع التحقيقات اللبنانية، أن ترسم ما يشبه الهيكلية التنظيمية الكاملة لبنية تنظيم «فتح الإسلام» ولعدد كبير من مجموعات تنظيم «القاعدة» التي تعمل في لبنان. ونقل عن مرجع عسكري أن «هناك عملية أمنية قد بدأت ولن تتوقف قبل القضاء على بنية هذه المجموعات بكاملها».
وكانت اعترافات عناصر «فتح الإسلام» في سورية قد أفضت إلى استعجال تسريع تنفيذ قرار توقيف عدد من المطلوبين للأجهزة الأمنية اللبنانية في مخيم البداوي، حيث أوقف كل من خالد العتر ونادر العلي وسلما إلى الاستخبارات العسكرية التي لا تزال تلاحق اثنين آخرين عضوين في شبكة جوهر.

المصدر: الوطن السورية


 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...