ضغوط أميركية ـ أوروبية لعقد «جنيف 2»: «مكافحة الإرهاب» مقابل انسحاب «حزب الله»؟
واصلت الولايات المتحدة ودول أوروبية ضغوطها على قوى وشخصيات «الائتلاف السوري» المعارض، وذلك للتوصل إلى إعلانه قبول المشاركة في مؤتمر «جنيف 2»، ولو من دون موعد محدد يمكن الالتزام به قريبا.
ووفقا لمصادر ديبلوماسية عربية في القاهرة ودمشق، فإن إستراتيجية الضغط تقوم على «التهديد بشق الائتلاف عبر تسمية معارضين مستعدين بتسويات معينة للحضور وتمثيل قواهم السياسية في الاجتماع».
وعرضت دولة أوروبية مؤخرا على الولايات المتحدة أن تكون «محاربة الإرهاب» عنوانا جامعا للمجتمعين في «جنيف 2»، على أن يتم مقايضتها بأمور أخرى.
ووفقا لمصادر إعلامية وأخرى ديبلوماسية، فإن الأوروبيين يرغبون في تحرك سريع لمواجهة تصاعد نفوذ القوى الإسلامية المتطرفة في سوريا، ولا سيما المرتبطة بتنظيم «القاعدة».
ووفقا للمقترح الأوروبي يمكن العمل على «مقايضة انسحاب قوى حزب الله من سوريا بإنشاء تحالف دولي لمكافحة الإرهاب»، والذي يتمثل حصرا وفق هذا المفهوم بتنظيمي «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) و«جبهة النصرة». ومعروف أن «النصرة» بنت تحالفا مع مجموعات «الجيش الحر» وباقي الكتائب الإسلامية، إلا أن قدرتها الميدانية تراجعت مع صعود قوة «داعش».
وسبق لديبلوماسيين أوروبيين مطلعين على الشأن السوري أن حذّروا من تصاعد نفوذ القوى الإسلامية المتطرفة في سوريا. وفي تقرير أمني، رفع ربيع العام الماضي، حذّر ديبلوماسيون من «سعي قوى إقليمية لتشكيل تنظيمات إسلامية متطرفة بقاعدة مذهبية سنية، لتكون عنصر مقايضة ثمين في وجه حزب الله الشيعي».
ولم يلق التقرير انتباها يذكر، وفقا لما ذكره ديبلوماسيون إلا حين تم التنبيه له، مع الإعلان هذا الصيف، عن جهود تشكيل «جيش محمد» من المقاتلين السنة في سوريا، بتزامن مقصود حينها، مع انسحاب بعض قادة الكتائب المقاتلة من «المجلس العسكري الأعلى» التابع لـ«الجيش الحر».
وتشكل المقايضة بالنسبة للدول الأوروبية، كما بالنسبة للولايات المتحدة، عنصرا رابحا، إلا أن مراقبين يقللون من احتمال نجاحها. وينسجم في هذا السياق محاولة قوى استخباراتية إقليمية تعويم «جبهة النصرة» عن «داعش» عبر تنشيط دعوة زعيم تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري الأخيرة.
ووفقا لهذا التحليل، سيساعد شريط الظواهري الذي يعود لأشهر مضت في استعادة «النصرة» لمقاتليها العرب المنضوين تحت لواء «القاعدة» تنظيميا، كما يمكن أن يساهم في رفع مستوى الدعم اللوجستي للتنظيم، خصوصا من الخليج العربي وإفريقيا، على أمل أن يساهم ذلك أيضا في تهميش المعركة مع «النصرة» في سبيل تعويمها مع «داعش».
وتنسجم مصالح عدّة في ذات الإطار، بينها المصلحة التركية التي اقترب التنظيم الأخطر في سوريا من حدودها في أكثر من منطقة، كما يكسب اتفاقا لمحاربة الإرهاب شرعية جديدة للحكومة السورية على المستوى الدولي.
إلا أن معيقات هذا الطرح تبقى كبيرة، بينها ما هو إسرائيلي، بالإضافة الى ما هو إقليمي، حيث يرجح ديبلوماسيون أن تفضل تل أبيب في مشاوراتها مع واشنطن بقاء مقاتلي «حزب الله» في سوريا على وجودهم قرب «حدودها» الشمالية، وإن كان يمكن الابقاء على المسألة في إطار الضغط السياسي والإعلامي. كما تفضل تركيا صراع الأكراد و«داعش»، رغم أن مقاتلي الأولى يحافظون على تفوقهم، وإن منعتهم الأخيرة من بسط سيطرة كاملة على المناطق الشمالية.
ومن المتوقع أيضا، أن ترفض دمشق هذا الطرح، في حال تحقق، لسببين، أولهما عدم اعترافها أصلا بدور «حزب الله» في المعارك، إلا في ما يتعلق بمناطق المقامات الدينية، وثانيا لأن اتفاقا من هذا الطابع يعطي شرعية لمقاتلي المعارضة المصنّفة معتدلة، وهو ما لن تقبل به سوريا.
من ناحية أخرى، يستند المقترح على فهم أوروبي ايضا، بأن أي قبول لـ«الائتلاف» بالمشاركة في جنيف قد يعني إحراجا للجانب السوري. وتقدر تحليلات غربية أن دمشق تفضل أن تفرض قناعاتها ميدانيا قبل مناقشة تسويات في جنيف، معتبرة أن الوقت يسير في مصلحة الجيش السوري. وسبق للقيادة السورية أن أبدت تحفظاتها على بنود «جنيف 1»، ومن بينها المرحلة الانتقالية، وموضوع الصلاحيات الرئاسية، وإن ظلت إعلاميا تشير إلى قبولها الحضور إلى «جنيف 2» من دون شروط مسبقة.
من جهتها نقلت صحيفة «الوطن» السورية، أمس، عن مصادر ديبلوماسية عربية في باريس أن «روسيا مصممة على عقد جنيف2، وخلال المواعيد المقترحة، وفي حد أقصى النصف الثاني من كانون الثاني العام 2014، وإلا فستبحث عن حلول أخرى من دون تدخل أميركي».
وتوقع المصدر أن يعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في الـ25 من تشرين الثاني الحالي موعد جديدا لجنيف بغض النظر عن قرار «الائتلاف الوطني» المعارض.
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد