فرضيات السيناريو الأمريكي الجديد في الشرق الأوسط
الجمل: على المدى القريب، سوف تقوم الحركة الأمريكية الناشطة في منطقة الشرق الأوسط بالعمل وفق مسار، يتضمن الآليات الآتية:
• آلية تنفيذ القرارات الدولية: لم يعد خافياً أن الإدارة الأمريكية تقوم (استباقياً) بتضمين أجندتها ومشروعاتها الخاصة، داخل بنود القرارات الدولية كلياً أو جزئياً، ومن أبرز الأمثلة على ذلك القرار 1559 الذي أصدره مجلس الأمن الدولي، والذي جاء نسخة تتطابق مع قانون محاسبة سورية، الذي أصدره الكونغرس الأمريكي، مع ملاحظة أن استخدام الإدارة الأمريكية لآلية القرارات الدولية سوف يكون استخداماً انتقائياً، يركز على الجهد (وحيد الاتجاه الذي يدعم إسرائيل) من جهة، ومن الجهة الأخرى يتعمد تفادي وتجاهل القرارات الدولية الأخرى التي لا تخدم إسرائيل،كذلك سوف تحاول الإدارة الأمريكية بمساندة بريطانيا وفرنسا القيام باستخدام المزيد من الصفقات مع الصين وروسيا، وذلك من أجل توفير المزيد من الغطاء الدولي الداعم لمخطط الشرق الأوسط الكبير.
• آلية دعم وتعزيز قوة الـ(ردع) الإسرائيلي: إضافة إلى أمريكا من أجل خلق قبول دولي لمبررات قيام إسرائيل بمواصلة اعتداءاتها في المنطقة، على أساس اعتبارات مزاعم مفادها أن إسرائيل قد انسحبت من لبنان، وبالتالي نفذت القرار الدولي بالكامل، وأن من حقها الدفاع عن نفسها عن طريق شن الهجمات الانتقامية، وتوجيه الضربات الاستباقية ضد التنظيمات المتطرفة الـ(إرهابية) التي تستهدف أمن ووجود إسرائيل، والغرض من هذا التبرير واضح، وهو إفساح السبيل أمام إسرائيل لكي تواصل عملياتها العدوانية، دون اعتراض من أحد، وبالتالي، فإن كل من يعارض مشروع الـ(شرق الأوسط الكبير) هو بالضرورة يهدد أمن إسرائيل، ومن حق إسرائيل توجيه ضرباتها واعتداءاتها ضده.
• آلية الثواب والعقاب: وتركز هذه الآلية بشكل بسيط على تقديم الـ(دعم الأمريكي) لمن يمتثل لمشروع الشرق الأوسط الكبير وينخرط فيه من جهة، ومن الجهة الأخرى إيقاع مختلف أصناف الـ(عقاب) بمن يرفض أو يقاوم هذا المشروع، وتبعاً لذلك، سوف تقوم الإدارة الأمريكية بتنشيط وكالات التنمية والمعونة الأمريكية، ذات الخبرة الواسعة في تقديم ألـ(وعود) و(إعداد دراسات الجدوى) التي تفتح شهية النخب الحاكمة للانسجام والامتثال مع أجندة مشروع الشرق الأوسط الكبير. والجدير ذكره أن (مؤتمر المانحين بباريس) و(مؤتمر المانحين لإعمار أفغانستان)، و(مؤتمر المانحين لإعمار السودان، بعد اتفاقية السلام بين الشمال والجنوب) جميعها تمثل نموذجاً بارزاً يجب أخذه بالحسبان عند التعاطي مع الوعود الأمريكية بالدعم والمساعدة، وذلك لأنها انتهت جميعاً إلى (قبض الربح)، ولم تسفر عن شيء، بل ظل المانحون بقيادة أمريكا يفرضون المزيد من الشروط، بحيث كلما نفذت الدولة لهم شرطاً، قاموا بتوليد شروط جديدة أكثر صعوبة. أما آلية العقاب، فعلى الأغلب، قد تم إعداد ووضع الترتيبات الـ(مؤسسة) التي تمهد لها، مثل إعداد قوائم الإرهاب، وتوجيه الاتهامات، وتوجيه ماكينات الإعلام ببناء وحشد الرأي العام، وذلك على النحو الذي يسهل ويمهد الخلفية التي تبرز (فرض العقوبات) والـ(عدوان العسكري).
• آلية (تعزيز الاستقرار) فيما بعد الانسحاب: وتعدّ هذه الآلية من أهم الآليات، وذلك بسبب (غموضها)، جراء (سيوله) المضمون الذي تتميز به، فهي تشير بشكل عام إلى ضرورة قيام الولايات المتحدة بترقية وتطوير (الترتيبات الأمنية والإجرائية التي تساعد في رصد ومراقبة الامتثال للقرارات والاتفاقيات الرسمية وغير الرسمية، المعلنة وغير المعلنة، وبالتالي، فإننا لا نجد شيئاً سوى أمراً واحداً، هو أن تحدد أمريكا كل شيء، حسب ما تفهمه، وتريده، في الوقت الذي يناسبها، وبالطريقة التي تريدها، لذلك عند توقيع أي اتفاق مع أمريكا أو مع أي جهة دولية، يجب الانتباه جيداً لمثل هذه النصوص المائعة غير المحددة، والتي ظل المفاوضون الامريكيون يعملون على (زراعتها) ضمن نصوص كل البيانات والاتفاقيات والمباحثات التي يشتركون فيها حول الشرق الأوسط..
• آلية الانخراط في الدبلوماسية الوقائية: الدبلوماسية الوقائية هي مصطلح يقصد به التحركات السياسية التي تحدث قبل وقوع النزاع، وذلك من أجل منع حدوثه، ولكن إزاء (ملف النزاع الشرق الأوسطي) ظلت الدبلوماسية الأمريكية تلعب دوراً متآمراً، وذلك بأن يقوم المسؤولون الأمريكيون بطرح وتبني الشروط الإسرائيلية الأخرى، ويطلبون من أطراف الصراع الأخرى الموافقة عليها، من أجل درء الصراع ومنع وقوعه، لذلك سوف تنشط حركة الدبلوماسية الأمريكية وفقاً لآلية الدبلوماسية الوقائية، وذلك على أساس هدف يتمثل في الضغط على الأطراف الأخرى من أجل الموافقة على المطالب الإسرائيلية، بشكل يجعل من الدبلوماسية الأمريكية، دبلوماسية (وقائية) تهدف إلى تحقيق المطالب الإسرائيلية بشكل استباقي، وذلك بما (يقي) إسرائيل من مجهودات وخسائر شن الحرب والعدوان، اللذين قد يكلفا إسرائيل الكثير من الأرواح والعتاد العسكري.
لقد ظل لبنان خلال صراعاته السابقة حقلاً ومخبراً لتجارب للأجندة الإسرائيلية- الأمريكية في الشرق الأوسط، وهذه المرة سوف يكون الاختبار لعدة فرضيات تم التخطيط لها بين الأمريكيين والإسرائيليين أبرزها:
- مدى فعالية الخطط الموضوعية لزرع الخلافات، خاصة الخلاف والصراع السني- الشيعي.
- مدى فعالية توريط القوى الإقليمية الأخرى (الحليفة لإسرائيل وأمريكا) مثل تركيا في الصراع الحالي والقادم.
- مدى سلبية ولامبالاة ردود أفعال الأطراف العربية الأخرى إزاء الجرائم الجديدة التي يتم ارتكابها كل يوم.
- مدى نجاح عملية توجيه الرأي العام العربي والعالمي إلى مناطق بعينها دون سواها، بحيث يتم تصعيد الأمور في المنطقة (أ)، بما يوفر الغطاء لتمرير مخطط أخر في المنطقة (ب).
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد