قسمٌ للعذرية في ألبانيا لتعيش المرأة رجلاً

07-10-2008

قسمٌ للعذرية في ألبانيا لتعيش المرأة رجلاً

أمضت درين ماركيوني وهي شابة 12 عاما في معسكر أشغال شاقة لأن زوجها قبل ستين عاما, فر من النظام الشيوعي السابق في ألبانيا, وأقسمت منذ ذلك التاريخ على أن لا تعاني من أجل أي كان, وقررت العزوف عن الجنس والزواج. 
 ماركيوني الآن في الـ85 من عمرها, شعرها شبه الحليقِ أشيب. تلبس قميصا رجاليا أزرق مخططا, وسراويل سوداء, وتصافح الزوار بقبضة يد رجالية, وعندما تمشي فحركاتها الواثقة وكل شيء فيها ذكوري.

وحده صوتها النسائي الرقيق يشي بأنها آخر من نذرن أنفسهن لحياة العذرية في ألبانيا. إنهن نساء يسمح لهن بأن يلبسن ويتصرفن كالرجال, وكالرجال يعاملن. 
 "لست نادمة على ذلك" تقول ماركيوني التي تعيش في بلد ذكوري لم يكن للنساء فيه لقرون أية مكانة. لكن من نذرن أنفسهن للعذرية كانت لهن حقوق كحقوق الرجال واحترام كاحترام الرجال, فبإمكانهن أن يرثن ويكسبن رزقهن بالعمل, وكن يشاركن في اجتماعات مجالس القرية, حتى إن لم يكن لهن حق التصويت.
لكن كل ذلك بثمن, وهو يمين بأن يبقين عازبات وألا تكون لهن علاقات جنسية, وألا يعدن أبدا إلى وضعهن النسوي.
 لا أرقام رسمية عن عدد النساء اللائي نذرن أنفسهن لحياة العذرية في ألبانيا, لكن باحثة بريطانية هي أنتونيا يانغ تقول إنهن مطلع تسعينيات القرن الماضي كن نحو مائة, وبالتأكيد تراجع العدد الآن كثيرا بتراجع الظاهرة ووفاة عدد منهن. 
 الأسباب التي تجعل امرأة تقسم قسم العذرية أسباب عملية, فقد يموت رب البيت ولا يكون له وريث ذكر, وقد تكون الأسباب عاطفية كأن لا تحب المرأة الرجل الذي اختير زوجا لها.
 في ألبانيا خاصة في الشمال الريفي الفقير, لم يكن مقبولا أن تبقى امرأة عزباء وتعيش وحدها. لكن بقرارها بأن تصبح رجلا أصبحت ماركيوني حرة, تستطيع أن تكسب رزقها بالعمل مع الرجال, وتستطيع أن تأكل وتشرب معهم, ويسمح لها بسلوكات تحظر على بقية النساء الألبانيات: التدخين ولبس الساعة.

تقول ماركيوني إنها اشتغلت في النجارة والزراعة والبناء في شبابها, وبفخر كانت تحمل بلاطات بقوة رجلين. والآن لا تزال ماركيوني تعمل, وإن كان عملها أقل إجهادا, فهي تصنع المسابح لكنيستها الكاثوليكية في بلدة سكودرا في شمال ألبانيا.

تعود ظاهرة قسم العذرية إلى القرون الوسطى, حيث ساد قانون تناقلته الأجيال شفاهة, قبل أن يقنن مطلع القرن العشرين.
 كان القانون يتجاوز الديانات, وكانت ظاهرة قسم العذرية توجد هناك لدى المسلمين, ولدى المسيحيين بأرثوذوكسهم وكاثوليكهم. 
 وحسب هذا القانون لا تستطيع المرأة أن ترث, وكان عملها يقتصر على تربية الأولاد والبيت.
 لكن علماء الأنثروبولوجيا يشددون على أن قسم العذرية لا يعني أن المرأة المعنية من المثليين, وهي شريحة منحتها ألبانيا حقوقا في تسعينيات القرن الماضي.

فـ"بشكل ما, فإن من تنذر نفسها للعذرية تؤيد ذكورية المجتمع, لأنها تقبل مبدأ أن من يقود هو الرجل", تقول يانغ.
 أما كاميل ستيما التي تعيش في قرية كرويي (88 عاما), فقد قررت أن تنذر نفسها للعزوبية لترعى والدتها بعد أن تزوج من بقي حيا من أخواتها وانتقلن إلى أماكن أخرى.
 تلبس ستيما السراويل المنتفخة, مع صدرية سوداء وقبعة صوفية بيضاء تميز مسلمي الشمال الألباني.
 إنها آخر الأحياء ممن أدين قسم العذرية في قريتها حيث عاشت حياة منطلقة, وإن كانت حياة وحدة.
 "لقد تحدثت إلى بقية الرجال, وسافرت معهم, بل إنني شاكست النساء" تقول ستيما, وهي اليوم لا يخامرها أي ندم على قرارها.

المصدر: الجزيرة نت نقلاً عن أسوشيتد برس

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...