قصة باص الثقافة الوطنية (2)
قال السيد المسيح: «لأنك فاتر ولست بارداً ولا حاراً فقد عافتك نفسي»، والحال نفسه ينسحب على النقاد الذين يتجنبون تناول نصٍّ أو شخصٍ هو في منزلة بين المنزلتين أي أنه ليس جيداً لامتداحه ولا سيئاً لهجائه.. وهذا أحد الأسباب التي تمنعنا من الخوض في الحديث عن أمينة احتفالية دمشق عاصمة الثقافة الوطنية للعام 2008 والتي هي ليست بروائية أو مسرحية أو رسامة أو شاعرة، كما أنها ليست بصحفية أو ممثلة لامعة.. ومع ذلك أعطيت صلاحيات ثقافية لم تعط لأي من مبدعي الأمة من قبل ومن بعد؟! ونظراً لما تقدم لن ننتقد أو نمتدح د. حنان قصاب حسن وإنما سنوجه بعض الأسئلة بعد انصرام "عام الزعيق الثقافي":
- ترى هل كانت دمشق عاصمة للثقافة العربية أكثر من القاهرة أو دبي أو بيروت؟ هل استطاعت "الأمانة" أن تحيي مهرجاناً شعرياً بمستوى أي من المهرجانات الشعرية التي تقام في المدن السورية؟ أو هل قدمت نشاطاً مسرحياً يعادل نصف الإنتاج المسرحي الذي يقدمه مهرجان دمشق المسرحي؟ وهل طبعت كتباً تعادل إنتاج أي دار نشر محترمة في القطر؟ هل أنتجت نشاطاً فلسفياً يعادل أسبوع الفلسفة الذي كان يقدمه قسم الفلسفة في جامعة دمشق؟ هل قدمت إنتاجاً سينمائياً يعادل إنتاج مخرج سوري واحد؟ وهل قدمت إنتاجاً موسيقياً سورياً أكثر مما كان يقدم في دمشق قبل أن تكون عاصمة للثقافة؟ وهل يمكن لمطبوعات الاحتفالية مجتمعة أن تعادل في أهميتها وجودتها كتاباً واحداً مثل كتاب «رواية اسمها سورية»؟ هل استطاعت أن تطلق موقعاً للاحتفالية بمستوى أضعف موقع إلكتروني سوري؟ هل استطاعت أن تقدم أمسيات ومحاضرات أكثر مما تقدم مراكزنا الثقافية البائسة؟ ولماذا استبعدت فحول الثقافة السورية من نشاطاتها الاحتفالية؟ وكيف انفض عنها العديد من أصدقائها المخلصون بعدما عملوا معها لشهر أو شهرين؟ وكيف استبدلت المحترفين بالمتمرنين والموهوبين بالعاديين لتسيير شؤون عاصمة الثقافة السورية؟ وهل من حقها أن تتكتم على الميزانية المالية التي اقتطعت من ضرائبنا السنوية؟ وهل كان الأجدر أن تصرف هذه المبالغ على الإنتاج الثقافي العربي السوري أم اللبناني والفرنسي والإسباني؟ وهل استشارت المثقفين في اقتطاع جزء من الميزانية لاختراع مشاريع تضمن استمرار زعامتها الثقافية بعد انتهاء الاحتفالية؟ وكيف تمكنت من استبعاد وزارة الثقافة واتحاد الكتاب عن المشاركة الفعلية في عاصمة الثقافة العربية؟ وأخيراً، هل يستدعي هذا الفشل أن نخترع مجلساً أعلى للثقافة لكي نضمن استمرار زعامة د. حنان قصاب حسن على سدة الثقافة والمعرفة الوطنية.. أسئلة لا تنتظر أية أجوبة من شوفيرباص الثقافة الوطنية الذي يقود ثقافتنا على هواه..
نبيل صالح
إضافة تعليق جديد