لافتات تدعو إلى عدم التكلم بالسياسة.. في لبنان طبعاً
منذ أن نزلت قوى المعارضة إلى الشارع لتنفيذ إضراب عام هدفه إسقاط حكومة فؤاد السنيورة الشهر الماضي, يعيش اللبنانيون بشكل عام والمسلمون السنة والشيعة بشكل خاص, حالة من التجييش الطائفي والاحتقان المذهبي لم يشهدوا مثيلاً لها حتى خلال الحرب الأهلية.
وجرى التعبير عن هذا الاحتقان عبر عدد من الحوادث والإشكالات الأمنية، التي كان آخرها المواجهات التي جرت في محيط الجامعة العربية في بيروت والتي أسفرت عن مقتل خمسة أشخاص وإصابة حوالي مائتين بجروح إضافة إلى خسائر مادية جسيمة.
ومن خلال التحقيقات التي أجرتها القوى الأمنية في أسباب هذه الأحداث تبين أن شراراتها الأولى كانت مجرد تلاسن حصل بين طالبين داخل كافتيريا الجامعة أحدهما يؤيد السلطة وآخر يؤيد المعارضة.
هذا التلاسن، ونتيجة الاحتقان المذهبي تحول إلى مواجهات واسعة ليس بين طلاب الجامعة من السنة والشيعة فحسب، بل بين أبناء المنطقة المحيطة بالجامعة العربية من السنة، وآخرين من الشيعة أتوا من الضاحية الجنوبية لمساندة طلاب الجامعة، مما اضطر الجيش اللبناني إلى إعلان منع التجول للحؤول دون تمدد المواجهات إلى مناطق أخرى.
جمعية تجار منطقة المزرعة في محاولة منها لمنع أي احتكاك أو تصادم قد يمتد إلى أسواقها بادرت لدعوة أصحاب المحال التجارية إلى تعليق لافتة كتب عليها "الرجاء عدم التكلم بالسياسة". فالمزرعة منطقة مختلطة بين السنة والشيعة، وقد شهدت المناطق المحيطة بها قبل أسابيع مواجهات حامية بين مؤيدين لحزب الله وحركة أمل وآخرين مؤيدين لتيار المستقبل.
رئيس جمعية تجار المزرعة سعد الدين بعاصيري قال للجزيرة نت إن فكرة منع التكلم بالسياسة ليست جديدة، "فمبادرتنا هذه كانت قبل حصول الإشكالات الأمنية الأخيرة، لكن تركيز الصحافة عليها سببه حالة الاحتقان التي أدت لعدد من الإشكالات الأمنية".
وأضاف "حرصا منا على عدم تمدد هذه الإشكالات إلى منطقتنا، ومحاولة للحفاظ على حالة الوئام والهدوء فيها، قمنا بهذه المبادرة، خاصة أن المزرعة منطقة مختلطة طائفيا". وقال بعاصيري إن هذه الخطوة لاقت ترحيبا واسعا من الزبائن ومن أصحاب المحال على حد سواء.
وأشار إلى أن جميعة تجار المزرعة لم تلزم أحدا بتعليق اللافتة، لكن المفاجأة أن الجميع التزم بها بترحيب، وكأن التجار والمواطنين كانوا يتشوقون لخطوة مماثلة تبعدهم عن حالة الاحتقان والتجييش الطائفي التي تعيشها البلاد، بعد أن ملوا النزاعات والاختلافات التي تحصل بين أبناء المنطقة الواحدة والوطن الواحد، وقد أثمرت هذه الخطوة استقرارا في المنطقة ندعو الله أن يستمر.
وقال بعاصيري إن المبادرة بدأتها جمعية تجار المزرعة إلا أن أسواقا تجارية أخرى أعجبتها الفكرة وقامت بالمثل.
فارس غندور أحد أصحاب المحال التجارية في سوق المزرعة أشار إلى التزام جميع التجار بمنع التكلم بالسياسة، لكنه لفت من جانب آخر إلى أنه لايخفى وجود بعض التجاوزات، لاسيما حين يطمئن التاجر والزبون أنهما متوافقان في انتمائهما السياسي.
ليلى عبد الله إحدى المواطنات التي كانت تتجول في سوق المزرعة للتسوق أشادت بالخطوة التي أقدمت عليها جميعة التجار، وتمنت لو أن عدم التكلم بالسياسة يعم جميع الأسواق اللبنانية.
وأضافت "لايجوز أن تستمر النزاعات بين اللبنانيين، فأنا غير عابئة بالخلافات الدائرة بين السلطة والمعارضة، ما يهمني هو أن أعيش بكرامة أنا وأولادي وأن أضمن لهم مستقبلا مشرقا".
أواب المصري
المصدر: الجزيرة
إضافة تعليق جديد