ما العلاقة بين مقتل الجاسوس الروسي ومقتل الحريري

05-12-2006

ما العلاقة بين مقتل الجاسوس الروسي ومقتل الحريري

الجمل: رصد الكاتب الأمريكي، المحلل السياسي، ورئيس تحرير موقع انتي وار: جاستن ريموندو عملية اغتيال ضابط جهاز الكي. جي. بي السابق اليكساندر ليتفينينكو في أربعة من المقالات التحليلية، والتي تتبع فيها تسلسل معلومات عملية الاغتيال وصفاً تحليلياً، بحيث جاء مقاله الأخير بمثابة النتيجة النهائية الحاسمة.
ويمكن استعراض هذه التحليلات على النحو الآتي:
1- الدعاية المسمومة وكان هذا عنوان المقال التحليلي الأول، والذي ركز فيه على الحملة الدعائية المكثفة التي أعقبت مباشرة عملية اغتيال الضابط ليتفينينكو، وأشار رايموندو إلى أن هذه الحملة الدعائية تم التمهيد لها بخبث وذكاء عندما كان الضحية يحتضر على فراش الموت في لندن.
أشار الكاتب إلى أن الحملة الدعائية استهدفت من بدايتها الأولى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عن طريق بناء نموذج افتراضي مسبق، يقوم على أساس اعتبارات أن الضحية كان يقوم بدور هام في أوساط المعارضين لإدارة بوتين، وبالتالي فقد قامت إدارة بوتين بالتخلص منه بسبب ما يعرفه من أسرار ومعلومات فائقة الأهمية بالنسبة لإدارة بوتين.
2- مهاجمة اليكسندر ليتفينينكو بأسلحة الطاقة الإشعاعية النووية، كان هذا عنوان المقال التحليلي الثاني والذي تناول فيه ظاهرة الاغتيالات السياسية ذات الطابع الذي يتميز بتداعياته الدولية والعالمية، والتي تزايدت بشكل  غير مسبوق (التي حدثت في الآونة الأخيرة)، مشيراً إلى اغتيال رفيق الحريري، وبيير الجميل، وإلى اغتيال المعارضان: الصحفية الروسية انا بوليتكوفسكايان والقتيل الروسي الحالي اليكساندر ليتفينينكو.
ويقول الكاتب: إن هذه الاغتيالات كانت تتسم بالغموض والتعقيد من حيث جهة هوية القاتل، إضافة إلى أنها تتسم بالتماثل من حيث الجهة التي تم إلقاء اللوم عليها، والتي كانت تتمثل في طرفين لا ثالث لهما: سوريا وروسيا.
كذلك استعرض الكاتب طبيعة التصريحات الأمريكية المسنودة بالتواطؤ الغربي في كيل الاتهامات ضد هذين البلدين. وقد ركز على تصريحات الإدارة الامريكية المنددة بعمليات الاغتيال والتي كانت تصدر قبل مجرد البدء في التحقيقات الأولية وعلى عجلة، بطريقة تثير الشكوك بأنها تصريحات تم إعدادها مسبقاً.
ويجادل جاستين راموندو قائلاً: إنه لو أرادت موسكو التخلص من هذا الضابط، فإن طلقة واحدة من مسدس كاتم للصوت تكفي، وبالتالي لماذا اللجوء لاستخدام مادة اليولونيوم-210 العالية الإشعاع. ويضيف رايموندو قائلاً: إن الذين قتلوا هذا الضابط قد تعمدوا استخدام هذه المادة المشعة التي لا يتم إنتاجها إلا في الدول النووية الكبرى مثل روسيا وأمريكا.. ومن ثم فهناك قصد مبيت بالتلميح بأن روسيا هي التي نفذت عملية الاغتيال طالما أن الضحية معارض لنظام بوتين الروسي الحالي، وذلك لأن أمريكا وفرنسا وبريطانيا ليست لهما أي مصلحة في اغتيال المعارضين الروس.
3- معضلة ولغز ليتفينينكو: وهو عنوان المقال التحليلي الثالث، وتعرض فيه ريموندو إلى الأدلة والتفاصيل الخاصة بعملية الاغتيال، ذاكراً الحقائق الآتية:
- الأشخاص الروس الذين قابلهم القتيل في اليوم الذي تعرض فيه للإشعاعات القاتلة كانوا جميعاً من المعارضين لنظام بوتين، والمعادين لجهاز المخابرات الروسي الحالي.
- شخص إيطالي هو البروفيسير ماريو إسكرا ميلا،  يعمل في لجنة ميتروخين، ويترأس برنامج درء الجريمة البيئية. ويُقال: انه قابل القتيل من أجل تحذيره وإخطاره بأنه تلقى تهديداً عن طريق البريد الالكتروني حول عملية اغتيال سوف تحدث.
- قابل القتيل ثلاثة من الروس في بار ياينه الواقع بفندق الميلينيوم، وكان أحد هؤلاء الروس الثلاثة هو اندرييه لوقوفوي، ضابط جهاز الكي.جي.بي السابق، والذي كان يعمل ضمن طواقم الحرس الشخصي ذو القبعة الحديدية والكاريزما القوية في أيام الكي.جي.بي، وكان دائم المرافقة لكبار السياسيين السوفييت آنذاك. وقد هرب لوقوفوي هذا من روسيا بشكل غامض، وذلك عندما تم اعتقاله في روسيا، وفجأة أطلقوا سراحه بشكل مازال محيراً ومثيراً للتساؤل، خاصة وأن المعروف عنه أنه تم اعتقاله بسبب مساعدته للملياردير الروسي بوريس بيريزوفيسكي في الهرب من السجن، بعد اتهامه بالنصب والاحتيال واختلاس 250 مليون دولار أمريكي.
- تم تحديد يوم 1 تشرين الثاني الماضي باعتباره اليوم الذي تم فيه إدخال السم الشعاعي القاتل في جسد القتيل، ويعتقد أن (شخصاً ما) قابله في الطريق ونفذ المهمة القاتلة.
- تتبع جهاز التحقيقات البريطاني (اسكوتلنيارد) تحركات الضحية خلال يوم 1 تشرين الثاني، وذلك من أجل محاولة تركيب مشهد سيناريو الأداء السلوكي لتحركات القتيل، كذلك قام المحققون البريطانيون بفحص كل من تبين أنه قد قابل القتيل في ذلك اليوم، وقد أوردت صحيفة الاندبندنت البريطانية الوقائع الآنية لتحركات القتيل يوم 1 تشرين الثاني:
* الساعة 10 صباحاً، الاجتماع الأول في وسط لندن بفندق ميلينيوم ماي فيرن مع سيرجي لوقوفوي (ضابط الكي.جي السابق)، والذي يدير شركة أمن خاصة في موسكو، وقد أفاد سيرجي لوقوفوي بأنه قد حضر إلى انجلترا في زيارة خاصة من أجل حضور مباراة في كرة القدم بين فريقي الارسنال الانجليزي وفريق سيسيكا موسكو.
وكان في الاجتماع بعض الأشخاص الغرباء غير المعروفين للقتيل، وقد تبين أنهم شخصان، هما: ديميتري كوفتون، شريك سيرجي لوقوفوي في الشركة، وفيا فيشلاق سوكولينكو وهو صديق سيرجي لوقوفوي.
* الساعد 3 ظهراً: الاجتماع مع ساكرا ميلا- الإيطالي.
الهدف من هذه التفاصيل هو معرفة الشخص أو الأشخاص الذين قابلوا القتيل قبل ساعة من ظهور أعراض التسمم الشعاعي عليه، (تبدأ أعراض التسمم بشعاع اليولونيوم-210 بعد ساعة واحدة من حدوث عملية (التشعيع).
كذلك تتبع جهاز سكوتلنديارد، الأماكن التي طاف عليها القتيل في يوم 1 تشرين الثاني، وتم فحص الآثار الشعاعية فيها، وقد حدد المحققون ستة أماكن حتى الآن، ثم فحصها:
- الأماكن التي تم العثور فيها على آثار ومخلفات شعاعية هي: منزل القتيل- مكان المعالجة في المشفى- مكتب في غرب لندن- أحد الأماكن بالقرب من مايفير.
- الأماكن تحت الفحص والاختبار للبحث عن المخلفات الشعاعية هي: مطعم باينابار بفندق الميلينيوم، ومطعم اتسوشوشو.
الكساندر ليتفينينكو: ابتزازي، مهرب، ورجل عصابات غير عادي، وهو عنوان المقال التحليل الثالث، والذي أشار فيه تحديداً إلى أن القتيل ظل دائم العيش ضمن العالم السفلي، وذلك على النحو الذي جعل القتيل يتمتع بعدد لا يحصى من الأعداء.
أنشطة ليتفينينكو في العالم السفلي كانت تتضمن:
- تنسيق أنشطة المافيا الروسية في أوروبا وبعض أنحاء العالم.
- غسيل الأموال، وبالذات لصالح الجماعات العراقية والشرق أوسطية، التي ترتبط عبر قنوات العراقي أحمد الجلبي، وكان آخر العمليات يتمثل في تنفيذ تحويل دفعة مالية بلغت 80 مليون دولار بناء على عقد يتعلق بحماية بنيات النفطية التحتية العراقية، وقد تبين أن هذا العقد قد كان مجرد غطاء وهمي لتحريك تحويلات الدفعات المالية.
- تهريب المواد النووية من جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق.
- تهريب الأسلحة إلى مناطق النزاعات.
- ابتزاز شبكات عملاء الكي.جي.بي السابقين في غرب أوروبا، وبيع قوائم بأسماء بعضهم للمخابرات ا لأمريكية والبريطانية والإسرائيلية.
برزت عدة نظريات حاولت تفسير مقتل ليتفينينكو، أبرزها:
• كان يعمل مع المخابرات الروسية، ولكنه تمرد عليها لاحقاً وأصبح مارقاً، الأمر الذي دفع المخابرات الروسية إلى تصفيته لإسكاته نهائياً، خوفاً من قيامه بتسريب المعلومات.
• قيام ليتفينينكو بالانتحار.
• قيام الثلاثي ال مكون من أندريه لوقوفوي، ديميتري كوفتين، فيا شيسلاف سوكولينكو (الذين قابلهم قبل ساعات من ظهور أعراض التسمم الشعاعي في جسمه بارتكاب الجريمة.
• قيام البروفيسير الإيطالي ماريو سكرا ميلا يقتله تصفية لحسابات سابقة بينهما، خاصة وأن هناك شكوكاً بأن القتيل قد سبق وأن قام بتسريب بعض المعلومات لصحيفة التايمز اللندنية حول بعض الأنشطة السرية الغامضة لهذا البروفيسير.
حتى الآن ماتزال التحقيقات مستمرة، وماتزال الصحافة البريطانية والغربية أكثر اهتماماً بترويج وتسويق إلقاء اللوم والمسؤولية على عاتق الحكومة الروسية.. وفي غمرة الأخبار والتداعيات، نشر تقرير واينماديسون الاستخباري الصادر في العاصمة واشنطن، المعلومات الآتية حول القتيل.
- برغم كل أنشطة ليتفينينكو، فقد تبين أنه تحول لاعتناق الدين الإسلامي.
- كان مؤيداً وداعماً للمعارضة الشيشانية الإسلامية وحركات المجاهدين في منطقة القوقاز وأيضاً تنظيم القاعدة.
- قام بتهريب مواد نووية من روسيا إلى زيوريخ في سويسرا عام 2000م.
- كانت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية تراقبه عن طريق عميلة تدعى فاليري بلاما ويلسون.
- علاقته بمجموعات المافيا الروسية المقيمة في إسرائيل تقدم دليلاً حول مصداقية علاقاته مع الشيشان والمجاهدين والقاعدة.
ويعلق تقرير ماديسون على هذه المعلومات قائلا: إن ليتفينينكو كان يمثل الجسر والصلة التي تربط معسكر إسرائيل- المحافظين الجدد، بمعسكر الحركات الإسلامية المتطرفة في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وأفغانستان، ويتم عن طريقه تزويد هذه الحركات بالدعم اللازم لكي تبقى منطقة الشرقين الأوسط والأدنى مشتعلة، كذلك هناك دور مشابه كان يقوم به القتيل بين معسكر إسرائيل- المحافظين الجدد، والجماعات الإسلامية المتطرفة في أوروبا تهدف إلى تنشيط هذه الجماعات لكي تقوم بالمزيد من أعمال العنف، بما يجلب المزيد من الكراهية للعرب والمسلمين في أوروبا.
وبرغم كل ذلكن يبدي التقرير دهشة من قيام ليتفينينكو وهو في لحظات الاحتضار الأخيرة من حياته بالتوصية بأن يتم نقل جثمانه إلى الشيشان لكي يتم دفنه مع المجاهدين. ويضيف التقرير: إن جثمان ليتفينينكو قد تم دفنه في مقابر المسلمين ببريطانيا، وقد قرأ على جثمانه أحد رجال الدين المسلمين في بريطانيا سورة يسين.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...