مجتمع سيدات الأعمال من الداخل

سيدات الأعمال السوريات تحت عنوان لمشروع كبير، يتراءى لسامعه بأنه مجتمع يضم عدداً من المثقفات والراغبات بتجسيد صورة المرأة العاملة المنتجة والفاعلة في هذا المجتمع لكن وللأسف عجز بعضهن عن الابتعاد عما يسمى بالعامية «القيل والقال» رغم حجم العمل الذي يقمن به فالإبحار في مجتمع سيدات الأعمال السوريات ليس بالأمر السهل وخاصة حينما تكون المرأة هي المعنية بالأمر وهي المسؤولة عن قيادة المرأة.
عام 2003 اقتحمت سيدات الأعمال مجتمع رجال الأعمال وتم إقرار مشروع سيدات الأعمال السوريات الهادف إلى تمثيل المرأة السورية محلياً وعربياً وعالمياً، والأخذ بيدها للمساهمة في الاقتصاد الوطني، إضافة إلى توعيتها بدورها ومكانتها في المجتمع، جميع هذه الأهداف تدل على أن الغاية من سيدات الأعمال هي تطوير ودعم المرأة من خلال المرأة لكن ينطوي تحت هذا العنوان فروع عدة حيث تضم لجان سيدات غرف الصناعة ولجان سيدات غرف التجارة ولجان سيدات الريف، إضافة لذلك تتضمن كل لجنة عدداً من السيدات والتي تختلف أسباب دخولها لمجتمع الأعمال فمنهن نتيجة لعمل العائلة وبعضهن كبرستيج اجتماعي وأخريات بدأن بأنفسهن دون دعم من أحد.
وهنا نسلط الضوء على كواليس مجتمع سيدات الأعمال وكيفية تعاملهن مع بعض ومدى تقبل المجتمع لهن.
المجتمع تقبل عملنا لكن رفضنا بعضنا
الصناعية ناديا المنجد تعمل في مجال ألبسة السهرة تقول: «منذ صغري كانت لدي رغبة بالخياطة ثم انتسبت لغرفة الصناعة بتشجيع من والدي ورغم الصعوبات التي واجهتها في البداية من المجتمع إلا أنني استطعت إثبات وجودي وتحقيق طموحي وحين تأسس ما يسمى لجنة سيدات الأعمال انتسبت إليها على أمل أن يكون هذا المجتمع هو الداعم لنا كسيدات أعمال وعلى الرغم من المؤتمرات والاجتماعات التي تقام لكن للأسف ينقصنا التكاتف والتواصل الدائم النابع من محبة».
على حين تبين الصناعية ميساء دهمان التي تعمل في مجال ألبسة الأطفال أن المرأة السورية استطاعت في السنوات الأخيرة أن تحقق دورها ومكانتها في المجتمع العملي رغم معارضة الرجل لوجودها بجانبه، لكون الرجل أنانياً بطبعه ويسعى دائماً لمحاربة المرأة الناجحة، مضيفة إن مجتمعنا كسيدات أعمال يحتاج لمن يدعمه ويسانده ليتطور بشكل أفضل.
بينما توضح رئيسة لجنة السيدات الصناعيات مروة الأيتوني بأن المجتمع عارض عمل المرأة في البداية لكن مع مرور الوقت اعتاد عليها وشعر أن وجودها بجانب الرجل فيه فائدة للمجتمع، وتضيف نحن سيدات الأعمال غايتنا هي تحفيز النساء على الخروج من قوقعتهن والاندماج ضمن مجتمع الأعمال، وفي السنوات القادمة لن يبقى هناك ما يدعى سيدات أو رجال أعمال بل سيكون العمل عملاً والصناعة صناعة سواء كان ذلك رجلاً أو امرأة.
وتؤيد رئيسة لجنة سيدات غرفة التجارة سونيا خانجي كلام أيتوني مضيفة «منذ القدم كانت المرأة تعمل بجانب الرجل في التجارة والزراعة والمعروف عنها أنها المتحكم الاقتصادي في المنزل، والمجتمع السوري منح المرأة حقها بالعمل، وبما أنني من عائلة صناعية وتجارية لا تفرق بين عمل المرأة والرجل فهذا ساعدني كسيدة ومسؤولة عن سيدات غرفة تجارة دمشق على أن أتعامل مع المرأة والرجل بشكل متساو دون الانحياز لطرف دون آخر ولا أفضل أن أقارن بامرأة تفكيرها محدود».
قدمنا للمرأة السورية خطابات ومؤتمرات
إن الغاية والهدف من سيدات الأعمال هو العمل على دعم المرأة السورية لكن للأسف لم تحظ المرأة خلال السنوات التي تلت تأسيس هيئة سيدات الأعمال بأي مشروع فعلي داعم لها بل حظيت بالمؤتمرات والاجتماعات والخطابات وموائد الطعام التي لا تضيف إلى حياتها أي شيء.
وهنا أوضحت المنجد أنه يجب على المرأة السورية أن تبادر بنفسها لتطوير ذاتها، وأن تسعى لتحقيق طموحها، فعملها أهم من الرجل وعليها ألا تنتظر لجان سيدات الأعمال فهن لن يقدمن سوى الكلام متمنية بالوقت ذاته من سيدات الأعمال صاحبات القرار أن يفعلن ما يقلن أثناء الاجتماعات وأن يتعاملن بتواضع مع بعضهن لا أن يكن كالباربيات في المؤتمرات فالمرأة السورية أرقى من ذلك.
وتؤيد دهمان ذلك قائلة: «لا نستطيع أن نتجاوز مديرة اللجنة في حال قررنا أن نقدم عملاً حقيقياً للمرأة فالسيدة أيتوني هي المسؤولة عن الحاضنة التي تتبنى المشاريع الداعمة للمرأة وهي صاحبة القرار في ذلك وفعلياً لم نقدم للمرأة السورية سوى الكلام والخطابات».
نطالب بوزارة للمرأة والشؤون الاجتماعية
بينما تعزو أيتوني أسباب عدم تحقيق مشروع فعلي لخدمة النساء إلى عدم دعم الحكومة لسيدات الأعمال اللواتي يسعين لدعم المرأة السورية والأخذ بيدها حيث تقول: «بدايةً يجب أن نتوحد وأن تعمل جميع لجان سيدات الأعمال بجميع أصنافها تحت نطاق موحد ومنظم فالمؤتمرات لا تقدم شيئاً للمرأة السورية سواء العاملة أو غير العاملة ونحن كسيدات لا يمكن أن نقدم سوى ضمن نطاقنا الصناعي ومع ذلك قدمت وبشكل شخصي لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل طلباً لتأمين مكان لإقامة معمل لعدد من النساء اللواتي يرغبن بالعمل وحصلت على مشروع أول حاضنة سمي مدينة ميدوم الصناعية وحتى الآن لم أحصل على المكان وبكل شفافية الدولة لا تساعدنا في تنفيذ مشاريعنا على أرض الواقع، وأتمنى من الحكومة أن تنشئ وزارة للمرأة والشؤون الاجتماعية فوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لم تقدم أي شيء من مهامها حتى اليوم، لذلك يجب أن نجزئ الأعمال وأن نمنح المرأة مساحة كافية في العمل فالمؤتمرات لا تقدم شيئاً رغم أن مؤتمراتي مجانية وموجهة لجميع نساء سورية دون استثناء.
المرأة الفارغة عدو النجاح
بينما ترى خانجي أن أي عمل أو مؤتمر مجاني ليس له أي اعتبار أو ثبات للمشاركة، لذلك جميع مؤتمرات غرفة التجارة تقام على أساس الاشتراك حيث تقول قشيشو: «إن تكلفة الاشتراك رمزية وهي نصف القيمة الحقيقية والتي تقدر بمبلغ 2500 ل.س».
وهنا نتساءل هل المرأة السورية سواء العاملة أم غير العاملة تملك المقدرة المادية لدفع مثل هذا المبلغ لحضور اجتماع أو مؤتمر لمدة يوم أو يومين؟
تقول خانجي: وزارة التجارة والاقتصاد لا تتكفل بدعم مؤتمراتنا وإلا لكانت مؤتمراتنا بالمجان على حين أن المؤتمرات الخارجية موجهة لفئة ميسورة اقتصادياً، وتطالب قشيشو بإقامة لجنة سيدات عاملات سوريات تشمل سيدات الصناعة والتجارة معاً وهنا تؤكد خانجي أن السيدة المحدودة هي التي تفرق بين غرفة الصناعة وغرفة التجارة داعيةً في الوقت ذاته إلى إدراج النساء غير المنظمات في قطاعات العمل واللواتي يعملن خلف الأبواب بالانضمام إلى مجتمع سيدات الأعمال ومنحها كل ما تحتاجه من دعم مادي ومعنوي لتبدأ مشروعها العملي وتؤكد قشيشو أن المرأة الفارغة هي عدوة المرأة الناجحة.
عبارة تشعل حرب سيدات الأعمال
وفي سياق آخر بعيداً عن الشعارات التي تبدو في عديد من الأحيان مخالفة للواقع التقينا سيدة الأعمال أمل جبان التي كانت لها تجربة مع مجتمع سيدات الأعمال، بينت من خلالها تناقض كلام المرأة مع أفعالها حيث، قالت: بدايتي كانت من خلال الملتقى الأول لسيدات الأعمال الذي أقيم برعاية غرفة تجارة دمشق ومن خلال اللقاءات والمؤتمرات خطر لي فكرة إنشاء مركز يعنى بخدمة سيدات الأعمال غايته تسهيل التواصل بين السيدات سواء محلياً أو عربياً وقمت بإنشاء موقع إلكتروني خاص لخدمة السيدات والحديث عن نشاطاتهن ومؤتمراتهن وبتشجيع من غرفة تجارة دمشق ورئيسة اللجنة سونيا أتممت الفكرة وأطلقت المشروع واستطعت تحقيق نجاح بسيط من خلاله وخاصة أنه لم يكن بحاجة لتمويل مالي بعد ذلك بدأت الطلبات تكثر من السيدات سواء على صعيد التسويق وغير ذلك ومهامي كمركز لخدمة سيدات الأعمال لا يمت بصلة لمهام اللجان والجمعيات الخاصة بسيدات الأعمال سواء في الغرف الصناعية أو التجارية لكن حصل التباس بسيط سبب إشكالية بيني وبين سيدات الأعمال في غرف التجارة والصناعة والخلاف على عبارة سيدات الأعمال.
شعارات لامعة غايتها الظهور
وهنا تتساءل جبان قائلةً: عندما نسمع أن لجان سيدات الأعمال تسعى لدعم وتطوير المرأة لماذا يتم استبعادي ونقدي؟! وتابعت جبان يجب أن تتم مساعدتي كسيدة بدأت وحدي دون أي معونة وأن أقدر كمثال لسيدة عملت وأثبتت وجودها لا أن أهاجم، لكن للأسف المشكلة تكمن في الظهور والبروز الاجتماعي صحيح أني بفضلهم بدأت لكن نجاحي ليس بسببهم.
أول من دعمتني كانت أول من حارب نجاحي
تتابع جبان قائلةً: أول السيدات اللواتي شجعنني كانت السيدة سونيا وللأسف كانت أول من انتقدني، في النهاية نجاح أي سيدة وثقة المجتمع بها هو المقياس لوجودها وإن ما ينقص سيدات الأعمال هو التواصل والمشاركة في المشاريع والنشاطات وتقبل نجاح أي منا ودعم أي سيدة لكن، للأسف فمجتمع سيدات الأعمال هو غطاء لمشاريع ومصالح شخصية فقط بدليل الأجندة السنوية لسيدات الأعمال والتي لا تحوي أكثر من عملين خلال العام، وأتمنى من أعضاء اللجان تقبل فكرة مركزي ومهنتي كشخص من ضمن هذه الحلقة أن كان ما يهدفون إليه حقيقياً.
هدفنا التعاون مع المرأة لكن الأفضلية للرجل
يبدو أن الإشكالية ليست بالتسمية بل هي أبعد من ذلك حيث أجمعت بعض سيدات الأعمال على أن العمل مع الرجل أفضل وأنجح من التعامل مع المرأة حيث تقول دهمان «أفضل العمل مع الرجل مع اعتذاري للسيدات لكون الحياة فيها سالب وموجب فالمرأة التعامل معها صعب ومن خلال خبرتي وجدت أن العمل مع المرأة خاسر وفاشل».
وتؤكد أيتوني الفكرة بقولها «المرأة لا تقبل أن تقودها امرأة» وتؤيد جبان ذلك حيث ترى أن التعامل مع الرجل أسهل لكون له أقدمية وخبرة أكثر في مجال العمل، لكن تعارض خانجي ذلك بقولها إن العمل عمل سواء كان مع امرأة أو رجل.
وهنا نقول صدق من قال: «يموت الرجل وعينه على المرأة وتموت المرأة وعينها على المرأة»

 إيفلين المصطفى

المصدر:الوطن