ملايين الطيور تقتل سنوياً وقانون الصيد مازال حبرا على ورق

24-04-2007

ملايين الطيور تقتل سنوياً وقانون الصيد مازال حبرا على ورق

نعلم تماماً إن التشريعات الخاصة بمنع الصيد قوية وحازمة، كما ان البلاغ الأخير الصادر عن رئاسة مجلس الوزراء والذي يلغي بموجبه الموافقات الخاصة الممنوحة للسماح بالصيد.

شدد على منع صيد الطرائد من طيور وحيوانات برية، وبالرغم من كل ذلك فمازال الصيد مستمراً، ومازالت الاخطار تهدد التنوع الحيوي، وبعضهم للأسف يستثني نفسه من كل قرارات المنع ويمارس هوايته المفضلة!! ‏

ولايكفينا صيادونا المحليون، حتى يأتينا صيادون من بعض الدول العربية، دون أن يسألهم أحد ماذا تفعلون؟ ‏

فملايين الطيور تقتل سنوياً، وبعضها مهدد بالانقراض فإلى متى تستمر عمليات الصيد العشوائية، ومتى تطبق فعلياً العقوبات بحق من ينتهك القانون؟!! ‏

يعتبر الصيد في العديد من دول العالم نشاطاً اجتماعياً متنوع الغايات فمنه مايهدف الى الحاجة الغذائية وفي غالبه هواية، وتعبير عن الرفاهية والغنى، حيث يقوم بعض الصيادين بقتل معظم الطيور التي تعتبر بلافائدة مادية، والتي تشكل عنصراً وركناً من أركان السلسلة الغذائية ضمن النظام البيئي الذي تعيش فيه، إضافة الى ازعاج الطيور في مواقع الصيد واجبارها على الهروب من هذه الموائل الى مواقع قد يكون حتفها فيها، اضافة الى تلويث موائلها من خلال معدن الرصاص المتبقي من مخلفات اطلاق النار في عمليات الصيد، وخاصة في الاماكن الرطبة، حيث تكون نسبة تأكسد الرصاص عالية، وتعتبر هذه المشكلة من المعضلات البيئية الخطيرة. ‏

وفي متابعة لاحصاءات بعض الدول ومنها لبنان، تبين أنه يتم بيع 20 ـ 25 مليون طلقة سنوياً وهذا يعادل 64 ـ 88 طناً من معدن الرصاص وطبعاً وكالعادة مثل هذه الاحصاءات لم تتم في سورية حيث مازالت تجوبها شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً بعض رحلات وحملات الصيد للصيادين من الدول العربية دون رقيب، بالرغم من وجود قرار لمنع الصيد منذ سنوات، اضافة الى الصيد الخفي للصيادين المحليين. ‏

ويتم في سورية اصطياد مايفوق عن 200 نوع من الطيور المهاجرة مثل العويسق البط الحمراوي أبيض العين ، بط أبيض الرأس، الحبارى، الاوز البري، حيث يجري الصيد بشكل عشوائي، وبدون تحديد للأنواع، فمثلاً يقتل الصيادون معظم الطيور التي يتم مصادفتها، ويقتل صائدو الصقور الحية معظم الطيور التي تعتبر بلافائدة مادية، كما يقتل الصيادون سنوياً ملايين الطيور خلال هجرتها ضمن حوض البحر الأبيض المتوسط فقط، حيث يتكاثر العديد منها في أوروبا وشمالها صيفاً، وتقضي فترة الشتاء في افريقيا والوطن العربي، وبعض هذه الطيور تعتبر مهددة عالمياً بالانقراض. ‏

في محاولة لمعرفة مالدينا من طيور في سورية ومايهددها من أخطار ذكر الدكتور أكرم درويش مدير التنوع الحيوي في الهيئة العامة لشؤون البيئة، أن عدد أنواع الطيور التي يشهدها القطر بشكل مؤكد ونظامي في كل عام 312 نوعاً موزعاً في ثماني عشرة رتبة، تضم سبعة وخمسين فصيلة طيرية، ويضاف الى ذلك ثمانية وأربعون نوعاً استثنائياً بين ضال لطريقه او مجبر على تغيير مساره واللجوء الى الاراضي السورية واحياناً بسبب الأحوال الجوية الطارئة. فهناك 143 نوعاً مهاجراً يتوقف في سورية للتكاثر، و71 نوعاً عابراً غير معني بالتكاثر فيها، و83 نوعاً زائراً يقضي الشتاء في الاقاليم التي تناسبه، و15 نوعاً زائراً اعتاد قضاء الصيف هنا وهناك وبذلك تصل الثروة الطيرية السورية الى مايقرب من 360 نوعاً لاتعدو 3.5% من مجموع انواع الطيور في العالم، الامر الذي يؤكد ضرورة ضمان الحفاظ عليها بالقدر الذي لايسمح بالاساءة اليها من خلال العبث بموائلها او تعريضها للصيد الجائر أو اضطرارها لتغيير مسار هجرتها عبر بلادنا. ‏

وفي أراضينا السورية أقاليم متنوعة تقدم الموائل المناسبة للعديد من انواع الطيور، وفي متابعة لحالة تكاثر الطيور في بلادنا، هناك ارتياح لوضع بعضها ومنها رتبة الطيور الجواثم، باستثناء مثلاً السنونو الأحمر العجز والذي لم يعد يشاهد في دمشق ومنطقة الفرات ومحيط القامشلي، وكذلك الغراب الأعصم أحمر المنقار، اضافة الى ماتتعرض له السمنة الفريدة من صيد مكثف، اذ يقتل منها 25 ألف طائر سنوياً وغيرها. ‏

أما رتبة الصقريات فقد سجلت الوثائق فيما يخص الفصيلة النسرية انعدام ظهور النسر الملتحي،ويتعرض النسر الأحمر لتهديد الانقراض بالرغم من ملاءمة الظروف لتكاثره في حلبون تحت ضغط الصيد الجائر من أجل التحنيط، وسعياً وراء شحومه في الطب الشعبي، كما انقرضت بعض أنواع الفصيلة الصقرية بسبب جور الانسان صيداً، وشح الطبيعة جفافاً وغذاءً؛ وغيرها الكثير من الطيور التي انقرضت او التي في طريقها للانقراض. ‏

مجموعة من الأخطار تهدد التنوع الحيوي للطيور في سورية منها وطأة الصيد المكثف ودونما ترشيد، وارتفاع نسبة التلوث المدني والصناعي في موائل تفريخ الطيور وأماكن استراحتها أثناء العبور الخريفي جنوباً والربيعي باتجاه الشمال وذلك بسبب الانفجار السكاني ومخلفاته وبسبب التنامي الصناعي دونما التفكير بالعواقب البيئية، اضافة الى اجتثاث الموائل الطبيعية عبر التوسع العمراني المكتظ بالاسمنت، وقلة الفسحات الفاصلة بين هذه الكتل الاسمنتية وعبر الزحف الصحراوي الطبيعي والمفتعل وعبر الحرائق في الغابات واستخدام الشجيرات والأنجم في الشعاب والبوادي في الرعي الجائر. ‏

يؤكد الدكتور أكرم درويش ان حماية الطيور المهاجرة والمحلية، يعتبر هدفاً ومسؤولية يتطلب التعاون المشترك بين الحكومة والجمعيات الاهلية والسكان المحليين والصيادين، وذلك من خلال تنظيم عملية الصيد ومنح التدريب الكافي والقناعة الكاملة لدى الصيادين بضرورة الحفاظ على الثروة الطيرية، وبما يضمن استمراريتها وهذا السلوك اضافة الى النشاطات البشرية الاخرى كاستخدام المبيدات الزراعية اوصل البعض من أنواعها الى درجة التهديد بالانقراض. لذلك ولحماية هذه الطيور لابد من القول انه لايوجد لدينا سوى تشريع واحد يعتمد عليه في تنظيم عملية الصيد وهو المرسوم التشريعي رقم 152 تاريخ 23/7/ 1970، المتعلق بتنظيم الصيد البري، وتم تحديد عقوبات المخالفين وفقاً لاحكام المرسوم، وأرفق بجداول تحدد الطيور والحيوانات المسموح صيدها، ولكن لعدم التطبيق الفعلي لهذا التشريع، فقد وصلت الطيور الى حد الخطر، ونتيجة لتسارع عملية الصيد ومن أجل الحد من ضررها، كان اصدار قرار منع الصيد العام 1994، والذي ينص على منع صيد الطرائد بأنواعها بكافة مناطق القطر لخمس سنوات، وتم تحديد مفعول القرار، بقرار جديد بتاريخ13 ـ 12 ـ 1999 ولخمس سنوات اضافية، ومن ثم مدد لمدة سنتين اعتباراً من 23 ـ 10 ـ 2004، ومن ثم لمدة عام واحد تاريخ 5 ـ 10 ـ 2006،وبناء على هذا التمديد الأخير اصدرت رئاسة مجلس الوزراء تعميماً يشدد على تطبيق قرار منع الصيد، بهدف حماية انواع الطرائد المستهدفة بشكل عام والطيور بشكل خاص، كونها تشكل الطريدة الاولى للصيادين في المنطقة، والذين يتبعون الصيد بكافة أشكاله كالصيد بالاسلحة والمصائد واستعمال الشباك والسموم، خاصة في المناطق الريفية، ويدعم ذلك العديد من المجموعات كصانعي مصائد الطرائد وبائعي الاقفاص. ‏

ويتابع الدكتور درويش ان قرار منع الصيد ليس الغاية منه منع الصيد فقط، وانما خطوة ايجابية لمنح الكائنات الحية بأنواعها الفرصة الكافية لزيادة اعدادها بعملية التكاثر من جهة، ومن جهة أخرى منح فترة زمنية، ريثما يتم صدور قانون الصيد الجديد المعدل عن المرسوم التشريعي السابق، والذي سينظم هواية الصيد بشكل يؤمن الاستدامة لهذه الكائنات ضمن البيئة التي نعيش فيها ، كما يتميز التعديل الاخيربوضع التشريع اللازم لتدريب الصيادين على الانواع المسموحة والممنوعة وكيفية معرفة وتمييز هذه الانواع، وذلك قبل منح الرخص اللازمة وكذلك اقامة مزارع تربية لبعض الانواع البرية والصيد فيها ضمن نطاقات محددة جداً، والتي ستخفف عن الحياة البرية. ولغاية التعديل فقط تم تشكيل لجنة متخصصة من المختصين في وزارة الزراعة ، والادارة المحلية والبيئة ووزارة الداخلية والمالية والجمعيات الأهلية المختصة بحماية الحياة البرية وتم التوصل الى المسودة النهائية للقانون الجديد، وقد تأخر صدور هذا المرسوم بسبب ظاهرة انتشار مرض انفلونزا الطيور في العالم، حيث نصح باستمرار منع الصيد، ونأمل صدوره قريباً هذا فيما يتعلق بالاجراءات المتبعة على المستوى المحلي أما على المستوى الدولي ولأن الطيور لاتعرف الحدود لذلك لابد من التعاون الدولي، وقد حرص المهتمون بالطبيعة ومكوناتها على هذا التعاون وانبثق عن ذلك العديد من الاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية الطيور وتنظيم الصيد ومنها معاهدة الطيور المهاجرة الافريقية ـ أورو آسيوية وانضمت سورية اليها، اضافة الى العديد من الاتفاقيات الدولية في مجال حماية الطيور والحيوانات البرية. ‏

سناء يعقوب

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...