نتنياهو يعزز تحالفه مع المتطرفين: سنوسّع الاستيطان بآلاف الوحدات
بعد أن أبرم رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو صفقة مع الجناح الأشد يمينية في حكومته لتسريع الاستيطان في الضفة والقدس الشرقية المحتلة، استغل افتتاح الدورة الشتوية للكنيست بالصدام جبهويا مع الإدارة الأميركية.
إذ لم يمر وقت طويل على تهديد حزب «البيت اليهودي» بالانسحاب من الحكومة إذا لم تقر الحكومة توسيع الاستيطان في الضفة الغربية، أعلن نتنياهو خطة لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية وتوسيع الطرق المؤدية إلى المستوطنات في الضفة. وبدا واضحا للجميع أن ذلك جزء من صفقة أبرمها نتنياهو مع المستوطنين و«البيت اليهودي» من أجل ضمان استقرار الائتلاف، حتى لو قاد ذلك إلى إثارة غضب العالم بأسره.
واستهل نتنياهو كلمته أمام الكنيست ليعلن أن حرب «الجرف الصامد» ضد قطاع غزة أظهرت أن «إسرائيل وحدها تقف أمام قوة إرهاب إسلامي متطرف.. وصمودنا مصدر هائل للأمل. أمل بالأمن، وأمل بالمستقبل».
ورفض أن «يملي أحد على إسرائيل شروطا يمكن أن تعرض أمننا ومستقبلنا للخطر وتبعد السلام الذي نتمناه». وشدد على أن إسرائيل «لن تقبل بدولة فلسطينية، إلا ضمن تسوية سلمية حقيقية يعترف بها كدولة قومية للشعب اليهودي، وتتضمن ترتيبات أمنية صلبة وبعيدة المدى ميدانيا، ويمكن لها في إطارها أن تدافع عن نفسها بقواها الذاتية ضد أي خطر».
وانتقل بعدها للصدام مباشرة مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ليعلن أن «هناك اتفاقا جماهيريا واسعا بأن لإسرائيل الحق التام في البناء في الأحياء اليهودية في القدس وفي الكتل الاستيطانية. فكل حكومات إسرائيل في الخمسين عاما الماضية فعلت ذلك. وحتى الفلسطينيون يعرفون أن هذه المناطق سوف تبقى بأيدي إسرائيل في أي تسوية مستقبلية. الفرنسيون يبنون في باريس، والانكليز يبنون في لندن، والإسرائيليون يبنون في القدس. لماذا يقولون لليهودي لا تبني في القدس؟ هل لأن هذا يسخن الأجواء؟ في نظر جهات معينة في المنطقة مجرد وجودنا هو ما يسخن الأجواء». واعتبر أن الأمل كبير في أن تتفق الدول الغربية، ولو ببطء، مع إسرائيل في أن الكثير من المخاطر التي تواجهنا تأتي من الإسلام المتطرف.
وكانت القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي كشفت النقاب عن صفقة أبرمها نتنياهو مع زعيم «البيت اليهودي» نفتالي بينت تقضي بتوجيه عشرات ملايين الشواقل إلى مستوطنات الضفة الغربية لإقامة آلاف الوحدات الاستيطانية وشق الطرق الخاصة بالمستوطنين وتوسيعها. وفاجأت هذه الصفقة الحلبة السياسية الإسرائيلية التي عادت أمس من إجازتها الصيفية إلى الكنيست لتبدأ الدورة الشتوية. فقد عنت أن نتنياهو قرر تعزيز تحالفه مع الجناح الأشد يمينية وإلغاء ما عرف بسياسة «التجميد الصامت» في مواجهة الحملة الدولية ضد الاستيطان.
وأعلن نتنياهو أنه سيسرع خطوات إنشاء 1060 وحدة استيطانية في القدس الشرقية، 660 منها في «رمات شلومو» و400 في جبل أبو غنيم. كما كشفت أوساط استيطانية عن أن الحديث يدور أيضا عن إنشاء ما لا يقل عن ألفي وحدة أخرى في الكتل الاستيطانية داخل الضفة الغربية بعد إنجاز البنية التحتية لها.
وكان بينت هدد، مطلع الأسبوع الماضي، بزعزعة استقرار الائتلاف الحكومي إذا لم يجر توسيع الاستيطان في الضفة الغربية. والتقى بينت مع نتنياهو الأربعاء بحضور وزير الإسكان أوري أرييل وبعض قادة المستوطنين حيث تقرر الشروع بخطة لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية وشق المزيد من الطرق. وأشارت القناة الثانية إلى أن معظم مشاريع البناء الجديدة ستجري في الكتل الاستيطانية، وأنه تمهيدا للمشاريع الجديدة سيتم شق 12 طريقا جديدا. وضمن الخطة إنشاء قرى للطلاب وثلاثة متنزهات عامة. ويبدو أن اتفاقا تم بين ديوان نتنياهو ومجلس المستوطنات حول التفاوض على تسويغ عدد من البؤر الاستيطانية التي تعتبر غير شرعية.
ومن التحليلات الصحافية الإسرائيلية يتبين أن كلا من «هناك مستقبل» برئاسة وزير المالية يائير لبيد و«الحركة» بزعامة تسيبي ليفني، ورغم اعتراضهما على هذه الخطوة في هذا الوقت، إلا أنهما لن يتسببا بأزمة ائتلافية. لكن استقرار الائتلاف لا يعني أن الخطوة الإسرائيلية لن تجد لها ردا على الصعيدين الفلسطيني والدولي. وهناك نوع من التقدير لاحتمال أن تواجه حكومة نتنياهو جبهة دولية واسعة معارضة لخطوات توسيع الاستيطان.
ورغم ذلك أعلن ديوان لبيد أن «وزير المالية يرفض بشدة تجسيد خطط بناء واسعة النطاق في المستوطنات، بما في ذلك تسويغ بؤر استيطانية. إن خطة في هذا الوقت تقود إلى أزمة خطيرة في علاقات إسرائيل مع الولايات المتحدة، وتضر بمكانة إسرائيل في العالم».
كما حمل «حزب العمل» بشدة على الخطة، وقال إن «نتنياهو يبيع كل المصالح السياسية لإسرائيل مقابل عدة شهور أخرى على كرسي رئاسة الحكومة». وأضاف «إذا كان هذا هو حله للأزمة السياسية، أو لضائقة غلاء السكن، فإنه فقد تماما البوصلة. نحن نطالب ليفني ولبيد باستخلاص العبر واتخاذ موقف عملي».
وقالت زعيمة «حركة ميرتس» زهافا غالئون إن «نتنياهو يعمل لدى المستوطنين ويثبت مرة أخرى أن كل كلامه عن الأفق السياسي مجرد ضريبة كلامية لأغراض سياسية». وشددت على أن «متطلباته السياسية مرهونة لدى المستوطنين».
تجدر الإشارة إلى أن السفير الأردني في تل أبيب وليد عبيدات حذر، خلال حفل لمناسبة الذكرى العشرين لإبرام اتفاقية الصلح مع إسرائيل، من أن الاتفاق في خطر إذا استمر الاستيطان في الضفة والقدس الشرقية. وقال إن العلاقات بين الدولتين قد تنهار جراء استمرار الاستيطان في الضفة ومواصلة عمليات تهويد القدس.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد