هل حصلت دمشق على القنبلة النووية: علماء إسرائيل يجيبون على ذلك

02-12-2007

هل حصلت دمشق على القنبلة النووية: علماء إسرائيل يجيبون على ذلك

الجمل: نشرت صحيفة التايمز اللندنية تقريراً أعده كل من عوزي ماهنايمي مراسلها في تل أبيب وميشيل شيريدان مراسلها في سيول، حمل عنوان "الإسرائيليون يضربون مصنعاً سورياً للقنبلة النووية".
يقول التقرير:
أطلع خبير نووي إسرائيلي كبير صحيفة صندي تايمز بأن الغارة الجوية الإسرائيلية السرية جداً على سوريا في أيلول قد دمرت مصنعاً للقنابل يعمل في تجميع الرؤوس الحربية التي تستخدم البلوتونيوم الكوري الشمالي.
وأشارت صحيفة التايمز إلى أن عوزي إيفين (البروفسير في جامعة تل أبيب) كان أحد مؤسسي المفاعل النووي الإسرائيلي الموجود في ديمونة بالنقب والذي يعتبر مصدر الترسانة النووية غير المعلنة للدولة اليهودية، قد قال مصرحاً "أشك في أن ذلك قد كان مجمعاً لمعالجة البلوتونيوم وتحديداً مصنعاً لتجميع القنابل" وأضاف قائلاً "أعتقد بأن كوريا الشمالية قد حولت إلى سوريا البلوتونيوم الصالح للاستخدام في الأسلحة بشكله الخام على شكل كتل لمعدن يتم نقله ضمن صفائح محمية، وأعتقد بأن عملية تشكيل وسباكة البولتونيوم من المفترض أن تتم في سوريا".
وأشار تقرير صحيفة التايمز إلى أن كل الحكومات التي كانت معنية –بما في ذلك دمشق- قد حاولت الإبقاء على سرية كاملة حول الغارة، ويضيف التقرير قائلاً بأن هذه الأطراف كانت تتخوف من أن يؤدي ذلك إلى مواجهة يمكن أن يترتب عليها اشتعال واندلاع الحرب بين إسرائيل وسوريا بشكل يؤدي إلى القضاء على محادثات سلام الشرق الأوسط ويقوّض المفاوضات الأمريكية التي وصلت إلى مرحلة متقدمة فيما يتعلق بنزع أسلحة كوريا الشمالية النووية.
ويضيف التقرير بأن الرهانات السياسية قد يكون من الصعب المبالغة فيها، فالبلوتونيوم هو العنصر الذي كان مستخدماً في القنبلة النووية الأمريكية التي قضت في 9 آب 1945م على مدينة ناكازاكي اليابانية.
إن الانتقادات في الولايات المتحدة التي تحاول أن تثبت بأن كوريا الشمالية قد زودت سوريا بمواد صنع الأسلحة النووية والتي تعتبر في حالة حرب مع إسرائيل، هي انتقادات يمكن أن تؤدي إلى القضاء على ثقة الكونغرس في مدى مصداقية دبلوماسية إدارة الرئيس بوش.
برغم السمسرة وعملية حجب المعلومات العسكرية، فقد أشار بعض المعلقين الغربيين بأن الهدف كان مفاعلاً نووياً "تحت التشييد" وقد أشار البروفيسور الإسرائيلي عوزي إيفين قائلاً بأنه على أساس اعتبارات الملاحظة العلمية الخالصة فقد استطاع التوصل إلى استنتاج مختلف –لقد كان ذلك مصنعاً للقنبلة النووية يفرض خطراً ماثلاً كبيراً على إسرائيل. وقال بأن صور الأقمار الصناعية الخاصة بالموقع والتي تم التقاطها قبل قيام إسرائيل بغارة 6 أيلول لم توضح وجود أي من أبراج التبريد والسمات المتعلقة بالمداخن ومواقد المفاعلات النووية.
وأشار تقرير الصحيفة بأن سوريا قد سارعت بعد الغارة إلى القيام بطمر الموقع  تحت أطنان من التراب ضمن مساحة تبلغ مئات الياردات التي لحقت بها الأضرار وأضاف البروفيسور إيفين قائلاً بأن هناك مخاوف من حدوث الإشعاع.
ويقول التقرير بأن السوريين منذ ذلك الحين قاموا بإغلاق الموقع نهائياً وطمر الموقع وتحويل انتباه الصحفيين إلى مكان آخر لم يتعرض للغارة الإسرائيلية.
يعلق تقرير الصحيفة قائلاً بأن نظرية البروفيسور الإسرائيلي تسري على الدليل التكنيكي المصرح به حول برنامج أسلحة كوريا الشمالية النووية، فالكوريون الشماليون قادرون على إنتاج الأسلحة التي تستخدم البلوتونيوم والتي يمكن تركيبها ضمن الرؤوس الحربية، وذلك بحسب ما أورده بعض خبراء الأسلحة النووية الأمريكيين المتميزين الذين قاموا بزيارة معامل البرنامج النووي الكوري الشمالي، وأحد هؤلاء العلماء هو سيغفريد هيكر، قد سمح له الكوريون الشماليون بتلمس إحدى العينات وأخبروه بأن هذه قنبلة تتضمن نوعاً جيداً من البلوتونيوم العالي النقاء طالما أنها تتضمن محتوىً قليلاً من البلوتونيوم 240.
إن تجميع وصناعة قنبلة على غرار قنبلة ناكازاكي يتضمن القيام بمزاوجة خام البلوتونيوم مع غلاف اليورانيوم وإدخال كمية صغيرة من البولونيوم والبريليوم لكي تساعد في التفاعل المتسلسل. ويقول البروفيسور عوزي إيفين بأن البلوتونيوم يعتبر من المواد الخطيرة جداً بسبب سهولة تأكسده في الجو، إلا إذا تم اتخاذ بعض الإجراءات والضوابط الوقائية. وهذا الأوكسيد يمكن بسهولة أن يتشتت وينتشر في الجو على هيئة "غبار"، وذلك عندما يتم استخدام البلوتونيوم في عملية خلق الثقب الصغير الذي يستخدم عادةً في الأسلحة النووية والذي عندما يتم استنشاقه فإنه يسبب الموت في أقل من دقيقة. ويضيف البروفيسور بأن كرات البلوتونيوم يتم التعامل معها واستخدامها حصراً ضمن صفوف مرتبة من الصناديق الحاوية وذلك لحماية التقنيين والبيئة المحيطة بهم، وهذا هو السبب الذي يستلزم ضرورة إقامة بناء كبير نسبياً طالما انه لا يمكن بالضرورة تجميع الأسلحة النووية ضمن الأماكن الصغيرة إلا إذا كان القائمون بعلية التجميع هم من الانتحاريين.
الحطام الذي نتج من الغارة على مبنى المنشأة يمكن تبعاً لذلك أن يحتوي على النفايات المشعة، ولكن الخطر بالنسبة لسوريا سوف يكون متمثلاً في دلالات انكشاف هذه العناصر عن طريق تجسس الأقمار الصناعية الأمريكية. كوريا الشمالية من جانبها تمتلك بلوتونيوم زائد عن الحاجة بما يكفي لبيع بعضاً من مخزونها لسوريا. ونفس الفريق المكون من العلماء الأمريكيين الزائرين الذين قدروا بأنه في نهاية عام 2006م فإن كوريا الشمالية قد قامت بصنع ما بين 40 إلى 50 كغ (من 88 إلى 100 رطل) من المواد، علماً بأن الكمية اللازمة لإنتاج الأسلحة النووية هي بين 6 إلى 8 كغ. وبالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها- كما يقول تقرير صحيفة تايمز- فإن صلة سوريا، تثير مخاوف عميقة باحتمال أن تكون كوريا الشمالية قد نجحت في بناء ما أطلق عليه العلماء الأمريكيون تسمية "تصميم فائق التطور ذو أبعاد صغيرة وكتلة تتناسب وتتلاءم مع.... الصواريخ متوسطة المدى".
أصبح الوضع المرتبك أكثر تعقيداً عندما أعلنت كوريا الشمالية بأنها جربت قنبلتها النووية الأولى في 9 تشرين الأول العام الماضي. وقد كان تأثير الانفجار صغيراً –أقل من 20 جزءاً من قنبلة ناكازاكي- الأمر الذي أشار إليه بعض العلماء إلى أن جهاز التفجير كان متطوراً وصغيراً وفي نفس الوقت اعتقد آخرون بأن الكوريين -بكل بساطة- لم يقوموا بصنع قنبلة نووية جيدة.
ويشير تقرير التايمز بان البروفيسور الإسرائيلي يعتقد بأن الكوريين الشماليين لم ينجزوا بعد الرؤوس الحربية الصغيرة وذلك "لأن الأبعاد الميكانيكية في هذه المرحلة تتطلب تماماً (ما هو أقل من 0.01 ملم) بحيث يكون صب المواد المتفجرة حول نواة البلوتونيوم وإطلاق عملية الانفجار الداخلي".
ويقول التقرير بأن المسألة ما زالت تخضع للدراسة العاجلة بواسطة البلدان التي يمكن في يوم من الأيام أن تكون هدفاً لأجهزة كوريا الشمالية التي باعتها إلى سوريا أو إيران. فمن المعلوم أن إيران مولت صفقات الصواريخ والأسلحة بين كوريا الشمالية وسوريا على النحو الذي لفت انتباه إسرائيل والولايات المتحدة. ويضيف التقرير قائلاً بأنه بعد يوم واحد من الغارة الإسرائيلية قام الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد بإرسال أحد أقربائه برسالة شخصية إلى القيادة السورية.
يشير التقرير إلى أن نظرية البروفيسور الإسرائيلي المتعلقة بالخطر الواضح والماثل من جراء حصول دمشق على القنبلة النووية يمكن أن تستخدم ضمن التفسير الوحيد الذي يحاول توضيح لماذا قامت إسرائيل بتنفيذ غارتها العسكرية ضد سوريا وغامرت مخاطرةً بإمكانية مواجهة الصراع الشامل. ويضيف التقرير بأنه -بالفعل- في يوم 6 أيلول الماضي كانت إسرائيل مستعدة للحرب مع سوريا وأشار التقرير إلى أن مصادر إسرائيلية قالت بأن قادة الجيش من كبار العسكريين الإسرائيليين قد افترضوا بأن سوريا سوف تقوم بشن هجوم انتقامي وبرغم توقعهم ذلك، فإن الرد لم يأت.
خلال ذلك الوقت أصدر الرئيس بوش أمره إلى كبير المفاوضين كريستوفر هيل لكي يمضي قدماً في المحادثات مع كوريا الشمالية من أجل السعي باتجاه الحل السلمي، وسوف يزور هيل بيونج يانج خلال هذا الأسبوع من أجل الاستمرار في المفاوضات بعد أن بدأ الخبراء الدوليون في العمل من أجل إيقاف المفاعل الموجود في مدينة يونج بيونج وهو المفاعل الذي يمثل مصدر البلوتونيوم في كوريا. وتقول صحيفة التايمز بأن الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ إيل من المفترض أن يعلن تماماً عن برامجه النووية في يوم 31 كانون الأول 2007م القادم، وأضاف التقرير بأن الأمريكيين يقولون بأن إعلان الرئيس الكوري يجب أن يتضمن المعلومات حول صفقاته من الأسلحة مع سوريا وإيران.
(انتهى تقرير التايمز)

عموماً، على ما يبدو أن أهم ما ورد في تقرير صحيفة التايمز البريطانية هو الأسطر الأربعة الأخيرة وهي الأسطر التي ظلت عناصر اللوبي الإسرائيلي تنتظرها بفارغ الصبر، وذلك لإكمال الملف الافتراضي الخاص بما أطلقوا عليه تسمية البرنامج النووي السوري. بكلمات أخرى، إذا تحدث الرئيس الكوري الشمالي مشيراً إلى أن بيونج يانج قد قدمت المساعدات إلى إيران أو سوريا فإن عناصر اللوبي الإسرائيلي سوف تحاول استخدام ذلك كذريعة لإلزام وكالة الطاقة الذرية العالمية بالقيام بعملية الضغط على سوريا من أجل توضيح تعاونها مع كوريا الشمالية.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...