هل وفرت سورية بنية خدمات استثمارية جاذبة لرؤوس الأموال؟

21-04-2007

هل وفرت سورية بنية خدمات استثمارية جاذبة لرؤوس الأموال؟

لا تزال دمشق بالنسبة للمستثمرين هي المدينة السورية الوحيدة التي تجتذب إليها رؤوس الأموال، والمشاريع الاستثمارية على حساب المدن السورية الأخرى، التي لم تنل بعد حقها من الاهتمام رغم الموارد والإمكانات الأولية التي تتوفر فيها، والسوق الواعدة التي لم تستثمر بعد، فمن بين ما يزيد على 700 مشروع استثماري شملت بقانون الاستثمار للعام الماضي لم تنل المحافظات الشرقية سوى النذر اليسير من هذه المشاريع، وذهبت أكثر من نصفها إلى دمشق رغم أنها تزداد اكتظاظاً يوماً بعد يوم، وبقيت محافظات أخرى في آخر أجندة المستثمرين ربما لأنهم يعتبرون أن الخدمات المصرفية والبنية التحتية متوفرة أكثر في دمشق، وليكونوا أكثر قرباً من مواقع صنع القرار عندما تتعرض معاملاتهم للعرقلة، في حين تبدو لهم المحافظات الأخرى نائية وبعيدة عن الخدمات الضرورية لنجاح أي استثمار وأكثر تحفظاً وتمسكاً بالروتين.

الدكتور عبد الله الكفري مدير عام هيئة الاستثمار قال في حديث لـ(المال) إن هيئة الاستثمار لاحظت أن هناك تركزاً للمشاريع التي تنفذ أو تشمل وفق أحكام تشجيع الاستثمار في عدد من المحافظات أو المدن مثل دمشق، حلب، ريف دمشق، وهذا يعتبر طبيعياً من الناحية الاقتصادية لأن مشاريع الإنتاج تتمركز في التجمعات السكانية الكبيرة وهذه التجمعات هي المدن الكبيرة، إذا حسبها المستثمر اقتصادياً سيوفر عليه تكاليف النقل، فهي ظاهرة طبيعية وموجودة في أغلب دول العالم. ولاحظنا من خلال الإحصاءات أن هذا التمركز يكون في الأغلب في المشاريع الصناعية الخدمية، ودرسنا إمكانية منح مزايا وإعفاءات وتسهيلات أكثر للمستثمرين الذين يقيمون مشاريعهم في المدن النائية أو المحافظات البعيدة، تتمثل بزيادة فترة الإعفاء الضريبي، وزيادة نسبة الحسم الضريبي الديناميكي، بحيث نشجع المستثمرين على إقامة مشاريعهم في هذه المناطق، لكن قرار المستثمر يبقى مرتبطاً بعوامل اقتصادية، فهو يحسب التوفير الذي يحقق نتيجة الإعفاءات الضريبية، ويحسب التكاليف التي ستنجم عن إقامة هذه المشاريع في المناطق النائية، ويكون قراره مرتبطاً بعامل اقتصادي بحت.
ويشير إلى أن هيئة الاستثمار قد رصدت عمليات الاستثمار، ويسرت الإجراءات على المستثمرين خاصة بعد إحداث النافذة الواحدة، بحيث يستطيع المستثمر إنجاز معاملته من خلالها بأقصر وقت وبأبسط إجراءات، حيث يتواجد في النافذة الواحدة ممثلو كافة الوزارات المعنية بالاستثمار وهم مفوضون بمنح التراخيص والإجازات، إضافة لإمكانية قيام هيئة الاستثمار بمتابعة شؤون المستثمرين وتقليص احتكاك المستثمرين بجهات أخرى.
ولكن تشجيع الاستثمار لا يتوقف عن تسهيل الإجراءات، مع أن هناك من يرى أن المحافظات الأخرى تحصل على حصتها من الاستثمار.
السيدة سمر دالاتي مديرة الاستثمار في هيئة تخطيط الدولة أكدت لـ(المال) اختلافها مع الرأي القائل بأنه لا توجد عوامل جذب في المحافظات البعيدة لتجذب إليها رؤوس الأموال والمستثمرين، فهي ترى أن هناك مزايا كثيرة تشجع على الاستثمار في المحافظات فهناك شبكة طرق متميزة، وقد انتشرت الاتصالات ووسائل النقل بذات السوية المتوفرة في العاصمة. أما بالنسبة للبنى التحتية (الماء والكهرباء) فلا يوجد محافظات تتمتع بحصص أكثر من غيرها، وقد بدأت المصارف الخاصة تنتشر الآن في عدد كبير من المحافظات، مما سيخلق ميزة تنافسية لتقديم التسهيلات، لكن المشكلة أن المستثمرين يحددون مسبقاً فكرتهم عن الاستثمار ومكانه، ومعظم الاستثمارات التي تستأثر بها دمشق تتعلق بالاستثمارات العقارية والمال والتأمين والمولات الكبيرة. وهو الأسلوب الذي تلجأ إليه هيئة تخطيط الدولة لتوجيه الاستثمارات، تضيف: يمكن أن نوجه الاستثمار بالطريقة التي تناسب عملية التنمية، وفي الخطة الخمسية العاشرة هناك أولوليات تعتمد على معايير ومؤشرات نحن بحاجة لكل أنواع الاستثمار، لكننا نركز على الاستثمار الصناعي لأننا نعتبر أن الصناعة قاطرة النمو، ويمكن أن نضيف قيمة مضافة للمواد الأولية المحلية، وهناك خارطة استثمارية سنعتمد عليها بالترويج للاستثمار، اعتمدنا فيها على خصوصية كل منطقة ومناخها ومواردها الأولية، وستركز الخطة الخمسية العاشرة على تنمية المنطقة الشرقية حيث سيعقد هناك مؤتمر استثماري تعرض فيه أهم فرص الاستثمار وعناصر الجذب. وتشير إلى أن أهم مقومات المناخ الجاذب للاستثمار في سورية تتمثل في حدود مقبولة للدين العام، وثبات سعر الصرف والبنى التحتية الملائمة وانخفاض تكاليف الإنتاج وتوفر الموارد الطبيعية، وقد اتخذت سورية عدة خطوات لتحسين المناخ الاستثماري لتحرير الاقتصاد، ودخول منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، والتركيز على إصلاح القطاع النقدي والترخيص للمصارف الخاصة، وتوحيد سعر الصرف، إضافة إلى رزمة تشريعات هامة وفتح باب قطاع التأمين أمام الاستثمار الخاص، وإحداث سوق دمشق للأوراق المالية، منوهة إلى أن قطاعات اقتصادية جديدة قد طرحت للاستثمار كالإسمنت والأجهزة التلفزيونية والإلكترونية وتعبئة المياه، وإن إحداث المدن الصناعية وتوزعها في المحافظات من شأنه أن يوفر للمستثمر المناخ المناسب والجاذب لاتخاذ قراره بالاستثمار في سورية.
يبدو أن هيئة الاستثمار تنوي أن تفتح صفحة جديدة وتقدم للمستثمرين رؤية جديدة بقالب جديد عن تجربة الاستثمار في سورية والإمكانيات والفرص المتوفرة، ويشير هيثم المصطفى من هيئة الاستثمار إلى أن خطة للترويج للاستثمار على وشك أن تطلق قريباً بالتعاون مع وزارة السياحة والمدن الصناعية للقيام بحملة ترويجية من خلال المواقع الإلكترونية ووسائل الإعلام وعدد من المعارض والندوات التخصصية، وأن هذه الحملة ستترافق مع إطلاق الخارطة الاستثمارية التي تحدد عناصر الجذب ومواقع الفرص الاستثمارية في مختلف المحافظات، بعد دراسة متأنية لإمكانيات كل محافظة والفرص المتوفرة فيها، ويتوقع لهذه الخارطة أن تزيد من تدفق رؤوس الأموال على محافظات أخرى غير العاصمة دمشق، منوهاً إلى أن أهم الصناعات التي يتوقع أن نشهد قيامها في:
دمشق: الألبسة والمواد الغذائية وهذه طاقة متكررة كمن لم يستطع الخروج من حفرة وقع فيها وأصر على بناء منزله فيها ليقضي باقي حياته فيها.. يبدو أن حياة السوريين قدرية وحتمية رسمية.
حلب: الصناعة النسيجية ـ الكيميائية ـ الغذائية.
المناطق الشرقية: الصناعات الغذائية وتعبئة المياه.
مؤكداً أن الخارطة الاستثمارية بعد الانتهاء من وضع اللمسات الأخيرة عليها ستكون بنسختيها الورقية والإلكترونية دليلاً للمستثمرين، وستقدم لهم المعلومات المفصلة التي ستساعدهم على اتخاذ قرارات الاستثمار والتعرف على الفرص الجديدة.
وتشير المعلومات الإحصائية إلى أن هناك 7,3 مشروع مشملاً بالقانون رقم /10/ لعام 2006 كان القسم الأكبر منها في الصناعة 351 مشروعاً، والزراعة 66 مشروعاً، والنقل 280 مشروعاً، إضافة إلى 6 مشاريع أخرى بقطاعات متنوعة وصلت تكلفتها الاستثمارية إلى 470 مليار و 143 مليون ليرة سورية.
وعلى صعيد توزع المشاريع الاستثمارية على المحافظات بين الأعوام 91-2006 فقد كانت دمشق أولاً بـ 55,9% من المشاريع، تلتها حلب 22,9 بواقع 875 مشروعاً، ثم ريف دمشق 22,3%، حمص 411 مشروعاً، حماه 435 مشروعاً، اللاذقية 218 مشروعاً، طرطوس ,216 إدلب ,143 الرقة 111 مشروعاً، درعا ,106 دير الزور.71
وتشير مؤشرات الادخار والاستثمار إلى عدم الاستقرار المناخ الاستثماري خلال الأعوام الخمس الماضية، فهي تهتز صعوداً وهبوطاً من 24,2 عام 2000 إلى 22,6 عام ,2004 ويشير الجدول إلى تذبذب هذه المؤشرات.
تذبذب  مؤشرات الادخار والاستثمار
المؤشرات           2004 2003 2002 2001 2000
معدل الادخار  22,6 26,2 28,2 26,7 24,2
معدل الاستثمار  21 23,3 20,3 20,2 17,3

سهام طلب

بالتعاون مع مجلة المال

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...