وزراءنتنياهويؤدّون يمين الولاءللاستيطان
قبل يوم واحد فقط من لقاء الرئيس المصري حسني مبارك بالرئيس الأميركي باراك أوباما في واشنطن، وقبل أسبوع واحد من لقاء رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بالمبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل في لندن، تبارى وزراء إسرائيليون بارزون في مغازلة اليمين المتطرف.
وأقدم أربعة من كبار وزراء حكومة نتنياهو على إجراء أكبر تظاهرة دعم للبؤر الاستيطانية في الضفة الغربية التي تختلف إسرائيل بشأنها مع الولايات المتحدة. واعتبر نائب رئيس الحكومة، زعيم حزب «شاس» إيلي يشاي البؤر الاستيطانية التي تعهدت حكومته بإزالتها مستوطنات شرعية «أنشأتها حكومات إسرائيل». وشدد على أن خطة الفصل في قطاع غزة كانت خطأ جسيما.
كما أن وزير الشؤون الإستراتيجية موشيه يعلون طالب بإعادة النظر في قرار إسرائيل، ضمن خطة الفصل قبل أربع سنوات، إزالة مستوطنة حوميش قرب مدينة جنين الفلسطينية في الضفة ، ودعا إلى إعادة استيطانها. وقال يعلون وهو يقف في إحدى البؤر الاستيطانية إنه «عندما نقف هنا نفهم معنى تعبير «ظهر الجبل». وعندما نتحدث عن الأمن، يمكننا أن نتذكر أقوال (رئيس الوزراء الراحل اسحق) رابين الذي شدد على أن لا عودة إلى حدود العام 1967. إن السيطرة على ظهر الجبل هي ما يسمح بالدفاع الحقيقي عن دولة إسرائيل». وأضاف يعلون «أنه من الناحية السياسية والاستراتيجية لا ريب في أهمية السيطرة على هذه المنطقة. واليوم نحن بعد أربع سنوات من تنفيذ خطة الفصل، التي وفرت الإسناد للإرهاب. إن معظم الشعب يفهم أن الانسحابات عززت فقط الإرهاب وقادت إلى التطرف الإسلامي الجهادي. وهذا ما يجب إيقافه».
وختم يعلون كلامه بالقول «للأسف تم تجذير تعبير (غير قانوني). وهذا التعبير هو غير قانوني. فالأمر يتعلق ببؤر أقيمت بإذن وصلاحية، فقط لم تكتمل فيها إجراءات التخطيط والبناء. والردود التي قدمتها الدولة للنيابة العامة غير مناسبة، وقد توجهت بهذا الشأن إلى وزير الدفاع الذي تعهد بدراسة الموضوع».
كما أن وزير العلوم والتكنولوجيا دانييل هرشكوفيتش قال إن «أرض إسرائيل ملك لشعب إسرائيل. فهل يطلب الأميركيون الإذن للاستيطان في غرب أريزونا؟ إن بوسع شعب إسرائيل الاستيطان في أي مكان في أرض إسرائيل». وأكد هرشكوفيتش أنه لا يفهم سبب تردد الحكومة في اتخاذ قرار بالعودة إلى استيطان مستوطنة حوميش. وأضاف هرشكوفيتش: «كان ظلما اقتلاع حوميش وغوش قطيف. وأحيانا فإن حجرا يلقيه أحمق في بئر لا يستطيع مائة من الحكماء إخراجه. وتحديدا في حوميش نعرف أن علينا في الحكومة والكنيست أن نتخذ القرارات حتى إذا كانت مؤلمة وتمكين المستوطنات التي زرناها من ترسيخ نفسها وفقا لقرارات الحكومات السابقة».
من جانبه أكد الوزير يولي أدلشتاين على أنه «بعد إزالة عقبة تجميد البناء في المستوطنات سوف نتفرغ للعودة إلى حوميش. وإن شاء الله خلال هذه الولاية سنرى بؤر الاستيطان تصعد إلى حوميش». وشدد على أن الخطأ في إخلاء حوميش يمكن تصحيحه.
ورغم أن الميل اليميني لحكومة نتنياهو كان ظاهرا منذ يوم تشكيلها إلا أن أحدا لم يكن يتصور أن يسارع أعضاء هذه الحكومة لقضم «التصلب الأميركي» ضد المستوطنات بهذه الصورة. ويبدو أن إسرائيل، وخاصة بعد ما جرى الحديث عن «وديعة» تجميد الاستيطان تحاول الرد على عجز الأميركيين توفير «مقابل» تطبيعي من الدول العربية. ومع ذلك ليس من المستبعد أن تقع هذه التصريحات في دائرة «دبلوماسية العلاقات العامة» الرامية لتمهيد الطريق أمام معادلة «التطبيع مقابل الاستيطان»، بدلا من التطبيع مقابل الانسحاب التام.
وقد أثارت تصريحات الوزراء الإسرائيليين الأربعة الذين زاروا يوم أمس البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية وخصوصا مستوطنة «حوميش» المخلاة قرب جنين، ردود فعل غاضبة من الساسة الخائفين على العلاقات مع أميركا. وأعلن عضو الكنيست أوفير بينيس من حزب العمل أن «على نتنياهو أن يقرر ما إذا كان هو رئيس حكومة الشعب أم رئيس حكومة اليمين المتطرف». ووصف تصريحات هؤلاء الوزراء بأنها «عديمة المسؤولية، وتضعنا في مسار تصادمي مع الولايات المتحدة».
كما أن حزب كديما أصدر بيانا قال فيه إن «نتنياهو يضلل الرأي العام العالمي وإسرائيل قد تضطر مرة أخرى لدفع الثمن». وأشار البيان إلى أن «من حق الجمهور في إسرائيل أن يلقى جوابا على السؤال: أي نتنياهو يصدقون؟ ذاك الذي يتحدث عن دولتين لشعبين أم الذي يرسل كبار وزرائه لأداء يمين الولاء لكل البؤر الاستيطانية غير المرخصة وانتهاج خطوات تحبط كل ميزة محتملة لحل دولتين لشعبين».
وقال عضو الكنيست إيتان كابل من حزب العمل إنه «من الجلي اليوم أكثر من أي وقت مضى أن الأمر يتعلق بحكومة يمين متطرفة ومهووسة. ويا ويل دولة يشارك وزراؤها بشكل فاعل في الدوس على سلطة القانون».
وتأتي زيارة الوزراء كنوع من الرد على التدابير التي اتخذها وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك في الأسبوع الفائت لزيادة الرقابة على أعمال البناء في المستوطنات. كما أنها تستبق استعدادات لتنفيذ عمليات هدم لأبنية «غير مرخصة» في المستوطنات وإخلاء بؤر استيطانية وعدت حكومات إسرائيل الإدارات الأميركية المتعاقبة بإخلائها.
تجدر الإشارة إلى أنه لا يمكن فهم زيارة هؤلاء الوزراء من دون معرفة أن مفاوضات تجري بين إسرائيل وإدارة أوباما لتجميد البناء في المستوطنات. ومعروف أن وزير الدفاع إيهود باراك قدم للأميركيين صيغة تجمد فيها إسرائيل الاستيطان لثلاثة إلى ستة شهور ولكن في إطار رؤية إقليمية للسلام. ومن المعروف أيضا أن بنيامين نتنياهو سيجتمع الأسبوع المقبل في العاصمة البريطانية مع المبعوث الرئاسي جورج ميتشيل حيث يقف تجميد الاستيطان على رأس قضايا البحث بين الجانبين.
وفي هذا الإطار فإن هناك من يعتقد أن زيارة وزراء اليمين للمستوطنات تأتي لتسهيل تذرع نتنياهو بأن ضغوطا داخلية تحول دونه والتنازل في هذا الشأن, على الأقل من دون مقابل معقول.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد