10 دول عربية تتعهّد العمل مع واشنطن لمواجهة «داعش» أينما وجدت
غداة إعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما إطلاق حملة «بلا هوادة» ضد تنظيم «داعش» بما في ذلك عبر تنفيذ ضربات جوية في سوريا كما في العراق، وفي خضم حشد الأميركيين الدعم لمساعيهم الرامية لتشكيل تحالف دولي من أكثر من 40 دولة لمحاربة التنظيم، أكدت الولايات المتحدة ودول الخليج مع مصر ولبنان والأردن والعراق أمس، التزامها العمل معاً على محاربة تنظيم «داعش»، وذلك في ختام اجتماع إقليمي عقد في جدة بحضور وزير الخارجية الأميركي جون كيري.
وأكدت الدول العشر مع الولايات المتحدة أنها «تتشارك الالتزام بالوقوف متحدة ضد الخطر الذي يمثله الإرهاب على المنطقة والعالم بما في ذلك ما يعرف بتنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام».
وإذ لم تشارك تركيا في البيان بالرغم من مشاركتها في الاجتماع، شدّدت الدول الـ11 في بيانها المشترك على أنها «وافقت على أن تقوم كل منها بدورها في الحرب الشاملة ضد تنظيم الدولة الإسلامية»، معتبرة أن ذلك يشمل «وقف تدفق المقاتلين الأجانب عبر الدول المجاورة ومواجهة تمويل الدولة الإسلامية وباقي المتطرفين، ومكافحة أيديولوجيتها التي تتسم بالكراهية، ووضع حد للإفلات من العقاب وجلب المرتكبين أمام العدالة والمساهمة في عمليات الإغاثة الإنسانية والمساعدة في إعادة بناء وتأهيل مناطق الجماعات التي تعرّضت لبطش التنظيم ودعم الدول التي تواجه الخطر الأكبر منه».
وأشارت الدول أيضاً إلى «المشاركة، إذا كان ذلك مناسباً، في الأوجه المتعدّدة للحملة العسكرية المنسقة ضد تنظيم الدولة الإسلامية».
ورحبت الدول الموقعة على البيان بـ«تشكيل حكومة عراقية جامعة والخطوات الفورية التي تعهّدت هذه الحكومة باتخاذها لخدمة مصلحة جميع المواطنين العراقيين بغض النظر عن الدين او المذهب او العرق».
وشارك في الاجتماع، بالإضافة إلى الولايات المتحدة والسعودية، كل من الإمارات والكويت والبحرين وقطر وسلطنة عمان ومصر والعراق والأردن ولبنان، إضافة إلى تركيا التي امتنعت عن المشاركة في البيان الختامي.
وفي مؤتمر صحافي عقب الاجتماع، أكد كيري أن «الدول العربية تلعب دوراً محورياً في التحالف» ضد التنظيم المتطرف. وأضاف أن «لا يوجد أي دولة تتحدث عن إرسال قوات برية. ولن تمنعنا الدفاعات الجوية السورية من القيام بضربات إذا أردنا ذلك».
وقال كيري «سنتصدّى لشر داعش ونسعى إلى سلام شامل يريده الجميع، واستراتيجية الرئيس أوباما تقوم على ائتلاف عالمي. كما أكدنا ضرورة الوقوف في وجه المخاطر وتشويه صورة الإسلام، وما يقوم به داعش لا علاقة له بالإسلام».
وأضاف «نعرف جميعاً أن داعش هو تنظيم لا يعرف حدوداً، وهو تنظيم يمارس الاغتصاب ويقوم ببيع النساء، ويتعرض لمجموعات دون التمييز بين دين وآخر وعرق وآخر، بما فيهم الأيزيديون والمسيحيون، لان هؤلاء الناس لا يشبهونهم، حيث قاموا بالعديد من الجرائم ومنها قتل الصحافيين الأميركيين»، لافتاً إلى «أننا نعمل مع باقي الدول من أجل بناء أكبر ائتلاف ممكن لمواجهة التنظيم الذي يمارس العنف ويقوم باضطهاد الناس ويقف في وجه أي سيادة للقانون. وقف التمويل هو أبرز وسائل المحاربة والقضاء على هذا التنظيم».
وأكد وزير الخارجية الأميركي أن «هذا اليوم مهم جداً لأنه يصادف 11 أيلول، بعد 11 سنة من الاعتداءات والتداعيات التدميرية الذي خلفها التطرف المشبع بالكراهية ضد الشعب الأميركي».
وبحسب «رويترز» فإن كيري وخلال الاجتماع طلب تصريحاً بمزيد من الاستخدام للقواعد في المنطقة وتحليق المزيد من الطائرات الحربية في أجوائها.
وسخر وزير الخارجية الأميركي خلال المؤتمر من اعتبار موسكو أن أي عمل عسكري ضد «داعش» على الأراضي السورية يجب أن يحظى بتفويض دولي من مجلس الأمن الدولي، وذلك على خلفية الأحداث في شبه جزيرة القرم وشرق أوكرانيا.
وقال كيري «عليّ أن أقر بأنه لو لم يكن ما يحصل في أوكرانيا جدياً، لكان بإمكان المرء أن يضحك على فكرة طرح روسيا لمسألة القانون الدولي أو أي أمر يتعلق بالأمم المتحدة». وأضاف «أنا متفاجئ بالحقيقة أن روسيا تتجرأ على التطرق لأي مفهوم للقانون الدولي بعد ما حصل في القرم وشرق اوكرانيا».
وكان المتحدث باسم الخارجية الروسية ألكسندر لوكاشيفيتش قال في وقت سابق أمس، إن توجيه ضربات لمواقع «الدولة الاسلامية» في سوريا من دون موافقة نظام الرئيس بشار الأسد و«في غياب قرار من مجلس الأمن الدولي سيشكل عملاً عدائياً وانتهاكاً فاضحاً للقانون الدولي».
من جانبه، أكد وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل أن الاجتماع شدّد على «التعامل بمنظور شامل» مع مسألة الإرهاب، بما يشمل «ليبيا ولبنان وسوريا والعراق واليمن».
وإذ أكد الفيصل أن «التقاعس والتردد لن يساعدا في اقتلاع ظاهرة الإرهاب من جذورها»، شدد على أن «اي تحرك أمني ضد الإرهاب لا بد أن يصاحبه تحرك جاد نحو محاربة الفكر الضال الذي يؤدي إليه».
بدوره، شدد وزير الخارجية والمغتربين اللبناني جبران باسيل على أنّ «لبنان شريك العالم في الحرب ضد الإرهاب»، مشيراً إلى أنّ «الأولوية هي لاستئصال داعش وليست تحجيمه أو احتواءه فقط، فيجب أن لا يوجد أساساً، وأيديولوجيته يجب أن تزول وتختفي».
ورأى باسيل أن «من الضروري تجفيف مصادر تمويل داعش ووقف منابعه السياسيّة الظاهرة منها وغير المباشرة»، مضيفاً أنه «علينا عدم الرهان على البحث عن أي نوع كان من فائدة لوجودها، فلا مكان أو ملاذ آمناً يجب أن يترك لها بيننا».
ودعا باسيل إلى «حماية الأقليات في الشرق الأوسط وحماية ثقافة الحوار ضد العنف ورفض الآخر»، شاكراً كلاً من «السعوديّة على هبتها السخيّة، دعماً للجيش اللبناني، والولايات المتحدة على تجاوبها السريع».
وطالب باسيل بـ«خطة تدعمها الأمم المتحدة، على أن تضم الدول الراغبة في خوض المعركة بما فيها كل مكونات المجتمع اللبناني والمنطقة للمشاركة الإلزامية في هذه الحرب، وبدعم عسكري للقوات المسلحة اللبنانية التي أثبتت دائماً وطنيتها ومهنيتها، وبحماية الأقليات عبر إعطائهم الضمانات الكافية بأنّهم كمكون أساسي من مجتمعات الشرق الأوسط يجب أن يبقوا متجذرين في أرضهم الأصلية. وكل تهجير لهم باتجاه الغرب يصبح مضراً تماماً مثل استجلاب المقاتلين الأجانب نحو الشرق».
وفي السياق نفسه، قال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية إن «جميع الدول المشاركة في اجتماع جدة هي ضحية لتنظيم الدولة الاسلامية أو ضحية محتملة له»، مؤكداً أن كيري سيسعى إلى «إعطاء زخم» لجهد هذه الدول في مواجهة التنظيم.
وأضاف المسؤول أن الولايات المتحدة تنوي «تعزيز قواعدها» في الخليج و«زيادة طلعات المراقبة الجوية». وبحسب المسؤول، فإن السعودية «ستكون العنصر الأساسي في هذا التحالف نظراً إلى حجمها ووزنها الاقتصادي وتأثيرها الديني على السنّة».
وبحسب مسؤولين أميركيين، يناقش كيري بالتفصيل مع السعوديين برنامج تشكيل وتجهيز مسلحي المعارضة السورية، ويفترض أن يشدّد كيري أيضاً مع الطرف السعودي على ضرورة تجفيف منابع التمويل لـ«داعش»، لا سيما أن واشنطن تشير بأصابع الاتهام إلى مواطنين قطريين وكويتيين.
وكالات
إضافة تعليق جديد