160 ألف لاجئ سوري في مصر: تفاوت في الثراء والفقر
عامان مرّا على اللاجئين السوريين في مصر، لكن هذه الفترة لم تكن كافية لتحسن أحوال هؤلاء الذين يقدر عددهم الرسمي بـ15 ألفاً، بينما يكاد يصل إلى 160 ألف سوري يشكلون نحو 15 في المئة من اللاجئين السوريين في العالم منذ آذار العام 2011.
اللافت في أحوال اللاجئين السوريين في مصر، هو التفاوت الظاهر في أحوالهم الاقتصادية، فمن بينهم من يسكن في تجمعات فقيرة بعضها يضم مخيمات على أطراف مدينة 6 أكتوبر المتاخمة للقاهرة، بينما قدم بعضهم إلى مصر، وهو يحمل في جعبته ملايين الدولارات، بل ومعدات صناعية كاملة، على استعداد للبدء في الاستثمار بشهية مفتوحة في البلد الذي صار رغما عنهم، وطنا موقتا.
وقد بلغ عدد المصانع التي أقامها سوريون في مصر حتى نهاية العام الماضي 350 مصنعا، تركزت أساسا في المدن الصناعية مثل العبور وأكتوبر والعاشر من رمضان ودمياط الجديدة والسادات، وتختص أغلبيتها في مجالات الغزل والنسيج والملابس الجاهزة والخيوط والأقمشة التي يحوز السوريون سمعة جيدة فيها بالأساس، حتى أن المعارض التي كان ينظمها رجال أعمال سوريون في مصر قبل بدء الحرب، كانت تحظى بمشاركة واسعة.
ودفعت الاستثمارات السورية المتدفقة على مصر وزير التجارة الخارجية والصناعة حاتم صالح لأن يُصرّح مؤخرا بأن الاستثمارات السورية ليست بديلاً من الاستثمارات القطرية، وذلك تعليقاً على تخصيص منطقة صناعية في مدينة العاشر من رمضان «شرق القاهرة» لإقامة 50 مصنعا سوريا في مجال الصناعات النسيجية. وذلك باستثمارات قدرها 7 مليارات جنيه، أي نحو مليار دولار، وهي المصانع التي ستوفر ما يقرب من 40 ألف فرصة عمل للسوريين والمصريين معاً.
هذا كان حال أصحاب رأس المال الضخم من رجال الأعمال السوريين، أما أصحاب رأس المال المتوسط والصغير فلجأوا إلى الاستثمار في مجال الأغذية والحلويات. وقد انتشرت بكثافة المحال التي تقدم وجبات وحلوى سورية في المدن الجديدة المجاورة للقاهرة. ويقول أحمد منعم وهو سوري يمتلك محلا لصنع وبيع الفطائر في مدينة العبور، إن هذا اتفاق غير معلن، في محاولة لاحتواء البطالة المنتشرة بين اللاجئين، وفي محاولة أيضا لعدم إضافة عبء جديد على البلد الذي يستضيفهم ويعاني بالأساس من بطالة نحو 12 في المئة من قواه العاملة. ويضيف موضحا: «معظمنا اختار مصر للإقامة بها لأنها أقل تكلفة من لبنان والأردن، والأقرب إلى سوريا».
وإذا كانت هذه المحال مثلا تضم عمالة ماهرة ومتخصصة في صناعة الحلوى والفطائر، فإنها تضم أيضا آخرين لا علاقة لهم بالمهنة بالأساس، لكنهم مضطرون للعمل في محاولة للاستمرار في الحياة. من هؤلاء طبيب أسنان يقول: «حاولت العمل في احد مستشفيات القاهرة، لكن لم أفلح بذلك». وكذلك يتحدث أحد الباعة في محل فطائر سوري موضحا أنه «لا يعرف قطعا كيف تتم صناعة الفطائر، لكنه يعرف كيف يبيعها حتى يجد عملا يتلاءم مع تخصصه الذي كان يعمل به في موطنه».
وتقدّم بعض المؤسسات الخيرية العون للاجئين السوريين في مصر، وإحدى أبرز هذه الجمعيات «جمعية الحصري»، نسبة إلى قارئ القرآن الشهير خليل الحصري، والكائنة في مدينة 6 أكتوبر. وتوفر الجمعية لهم شققاً بإيجارات منخفضة، وفي بعض الأحيان تقوم هي بسداد قيمة الإيجار بالنيابة عنهم. كما أسس عدد من السوريين الميسوري الحال لجانا شعبية لمتابعة أحوال اللاجئين.
وقد أدى توافد السوريين على هذه المدن، إلى ارتفاع أسعار العقارات بنسب متفاوتة تتراوح ما بين 20 في المئة إلى 40 في المئة، لكن هذه الزيادة بحسب أسماء أسامة، وهي سمسارة عقارات، استقرت في الآونة الأخيرة بعدما أصبح وجود السوريين في مصر أمرا عاديا، كما تقول .
وإضافة إلى الوضع الاقتصادي الصعب، يبرز تحدٍّ خطير يتمثل في محاولة البعض الزواج من الفتيات السوريات لفترة زمنية موقتة، بشروط وقواعد متدنية في محاولة لاستغلال ظروفهن الاقتصادية السيئة، إلى حدّ وجود سماسرة من الطرفين المصري والسوري. ولا يزيد المهر الذي يدفعه المتطلع للزواج من السورية في بعض الأحيان عن 100 دولار فقط. وبرغم أن الظاهرة ذاتها قوبلت بموجات رفض قوية من منظمات حقوق المرأة في مصر، إلا أنها لا تزال ملحوظة، خاصة في مدينة 6 أكتوبر، وقد عزّزها القبول الموجود لدى أسر سورية رضخت لهذه الشروط المتدنية بسبب شظف العيش.
وعلى جبهة أخرى، يواجه السوريون في مصر مشكلة ارتفاع مصاريف التعليم التي تفرضها الجامعات المصرية على الأجانب، لحدّ وصولها إلى 50 ألف جنيه في العام الواحد، أي نحو 7500 دولار. وفيما ساهم قرار رسمي في أيلول من العام الماضي بمساواة الطلاب السوريين بالطلاب المصريين في تخفيف عبء المصروفات الدراسية، بقي على السوريين أن يواجهوا باقي الأعباء بأنفسهم، في ظلّ حرب مستعرة في بلادهم، لا يبدو أنها ستضع أوزارها قريباً.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد