وحش في العتمة
من حق كل شخص أن يعارض السلطة لكن ليس من حقه أن يلغي مؤيديها من قاموس الوطنية.. من حق كل شخص أن لا يحب الرئيس لكن ليس من حقه أن يهمّش الذين يحبونه.. من حق كل شخص أن يرفض النظام الذي لم يصوّت له ولكن ليس من حقه أن يفتح أبواب الوطن أمام جيوش الأعداء.. من حق كل شخص أن يبول في لباسه نكاية بالطهارة ولكن ليس له أن يمنع الآخرين من الوضوء بالماء أو حتى التيمم بوعود الإصلاح، فالحياة رحبة عندما لا تعيشها (جكارة) ، وتغدو ضيقة عندما تكون أعمالك هي ردود فعل على الآخرين..
فيا أيها السادة الذين تشعلون نيران الشوارع من خلف الشاشات: هل ما يجمعكم هو حب الوطن أم كراهية النظام؟ وإذا ذهبت السلطة ماذا ستفعلون بكل هذه الكراهية التي تقتاتون عليها؟ هل ستوجهونها ضد بعضكم كما فعل إسلاميوا أفغانستان بعد سقوط نظام كابول الشيوعي، أم ستفعلون كما شباب المجاهدين في الصومال، أو مسيحيي جنوب السودان الذين راحوا يقتتلون على الحصص قبل الانفصال رسمياً، أم أن مثال المعارضين العراقيين أقرب إلى فهمكم..
أرى سجناء مظلومين لم يتحرروا من قضبان السجن على الرغم من إطلاق سراحهم، ومنفيين بجرم آبائهم لا يعرفون عن أوطانهم سوى حكايات الكراهية، وفقراء بائسين أعماهم جوعهم عن التفكير، وأغنياء جشعين يأكلهم حسدهم: ضحايا يحملون أمراض الجلاد وعقده، ومغلوبين يتشبهون بالغالبين.. قتلى بدم غيرهم وغيرهم قتيل بدمهم.. قضاة كمجرمين يغسلون أيديهم من الدم بالدم، ومجرمين قضاة ساطورهم قانونهم .. فهل أنتم شفاه الحياة أم أنياب الكراهية، والحجارة والنيران بأيديكم للبناء أم للتدمير؟!
استيقظوا فقد خُطِفت الثورة من أيديكم قبل أن تخرج من درعا، خطفت منذ أن اقتحم القتلة مساكن عائلات العسكريين بصيدا، ولم تعودوا بعدها أكثر من غطاء شرعي لنشاط غير شرعي .. لقد أعمتكم كراهيتكم عن ثورتكم وغدوتم أشبه بطالبي ثأر منكم بطلاب حرية..
إنها حرب يخسر فيها طرفان: النظام الذي خسر الكثير، والثوار الذين خطفت ثورتهم ولم يعودوا قادرين على التقدم أو التراجع، فغدا فعلهم كأثر السكون في الإعراب: لها شكل ولكن من دون فعل إعرابي في الجملة .. لهذا أرى أن لا مخرج للنظام والمعارضين وبقية الخاسرين إلا بالحوار الوطني للخروج مما نحن فيه قبل أن يصل الذئب إلينا..
سؤال: أيهما يخيفك أكثر: وحش في الضوء أم وحش في العتمة.. وحش السلطة الذي عرفته وخبرت سلوكه وردود فعله، أم وحش الظلام المستتر بين حشود المتمردين؟
خيبة: فيما مضى خضت في آلاف المظالم لصالح المواطنين، وكنت ضيفا مستمرا على محاكم سورية، وطريدا لمذكرات التوقيف، وكنت أظن أني بذلك أساعد في حماية الأرانب الأهلية من شرور الثعالب الحكومية، لأكتشف اليوم أن بإمكان الجميع أن يصبحوا ذئاباً بمجرد أن يتوفر لهم مخالب وأنياب .. ففي أية غابة نحيا إذا كان كل من فيها مفترس ؟
كلمة باطل يراد بها حق: على الرغم من احتجاج العلمانيين، أؤيد إطلاق فضائية (نور الشام) الدينية بتمويل رسمي، شرط أن تكون محطة ثقافة دينية للتعريف بكل المذاهب والطوائف والأعراق السورية، وليس مجرد قناة إسلامية أخرى تضاف إلى مئات القنوات التي تزدحم بها السموات لتحجب نور الإيمان عن الأوطان...
تعريف: إذا كان بإمكاننا تعريف الإنسان على أنه حيوان ناطق، فإنه يمكننا القول أيضاً أن الإنسان حيوان متدين يود الارتقاء إلى السماء في الوقت الذي يمعن في سقوطه نحو الأرض.. فالعرق دساس ومن شابه آدم ما ظُلم..
نبيل صالح
التعليقات
أخي نبيلأنت كتبت بنبل ،
أستاذ نبيل
المتوحش السوري
Pagination
إضافة تعليق جديد