«الروشيد» بانتظار «يقظة» أردنية بعد «نصيب» الصادرات السورية عبر التنف أو بحراً أو جواً
قبل نحو عامين، لم تجد شاحنات الصادرات السورية بديلاً مؤقتاً يجنبها الظروف الأمنية الصعبة المحيطة آنذاك بمعبر نصيب الحدودي، سوى التوجه نحو الأراضي العراقية للمرور ترانزيت باتجاه الأردن عبر معبر طريبيل.
اليوم، بعد إغلاق السلطات الأردنية المعبر ومن ثم سيطرة المسلحين على الجانب السوري منه، تبحث المؤسسات السورية المعنية بالتصدير وتجارة الترانزيت في إمكانية إعادة التجربة إلى جانب دراسة حلول أخرى، تتيح للبلاد المحافظة على حد أدنى من تدفق صادراته نحو دول الخليج واستمرار تجارة الترانزيت، وهي حلول تبقى ذات تكلفة أعلى وتستلزم مزيداً من الوقت والتنسيق مع الدول المجاورة المعنية.
الرئة الرئيسية
تتباين التقديرات المتعلقة بحجم الصادرات السورية المنفذة عبر معبر نصيب الحدودي، والمتجهة نحو أسواق الأردن ودول الخليج، ففي الوقت الذي تؤكد فيه هيئة تنمية وترويج الصادرات الحكومية أن قيمة إجمالي الصادرات السورية في عام 2014 تتجاوز ملياري دولار، يقدر رئيس اتحاد المصدرين محمد السواح، في حديثه ، قيمة الصادرات السورية المنفذة عبر معبر نصيب «بما يراوح ما بين 1.5-2 مليار دولار سنوياً»، وهي تقديرات تعززها عدة مؤشرات، أهمها استحواذ كل من مصر والأردن على أكثر من 48% من إجمالي الصادرات السورية في العام الماضي، واستمرار تدفق جزء من الصادرات السورية التقليدية نحو معظم دول الخليج كالخضر والفواكه والألبسة رغم ظروف الأزمة والتورط المباشر لبعض دول الخليج في محاولة إسقاط الدولة السورية.
وما يعزز أكثر أهمية معبر نصيب، لدرجة يمكن وصفه بـ«الرئة الأساسية» للاقتصاد السوري، تركيبة المستوردات السورية من جهة، التي تشير إلى ارتفاع نصيب الدول العربية منها لتصل إلى نحو 22% في العام الماضي بزيادة قدرها 61.8% مقارنة بمستوردات عام 2010، وتركز تجارة الترانزيت بهذا المعبر بشكل أساسي بعد سيطرة المجموعات المسلحة وبدعم تركي على معبر باب الهوى في الربع الأخير من عام 2012. وبحسب رئيس اتحاد شركات شحن البضائع الدولي صالح كيشور، فإن معبر نصيب الحدودي «كان يشهد يومياً دخول وخرج ما يزيد على 300 شاحنة»، مضيفاً أن «التقديرات تشير إلى أن قيمة الصادرات السورية وتجارة الترانزيت المنفذة عبر المعبر تصل إلى نحو 10 ملايين دولار يومياً»، أي ما يعادل سنوياً نحو 3.6 مليارات دولار. لا تبدو البدائل المطروحة أمام المصدرين السوريين يسيرة، فإلى جانب الأوضاع الأمنية غير المستقرة على طرفي الحدود مع كل من الأردن والعراق، فإن المواقف السياسية بين عواصم الدول الثلاث تؤدي دوراً أساسياً في تسهيل التجارة المتبادلة أو عرقلتها، ولا ننسى بالطبع ما يمكن أن تحمله جميع الخيارات البديلة من ارتفاع في التكلفة وزيادة في الوقت.
معبر آخر مع الأردن
يضع رئيس اتحاد المصدرين السوريين جميع البدائل على الطاولة لدراستها، فإذا تعاونت الحكومة الأردنية وجهزته بما يلزم من جانبها، فإن «معبر الروشيد يمكنه أن يكون البديل الأفضل، والذي من شأنه تسهيل تدفق صادرات البلدين ومستورداتهما دون أي تأثير ملحوظ في التكلفة»، إذ إن خيارات الأردن هي الأخرى مرتفعة التكلفة وذات أثر سلبي على أسعار السلع والبضائع في السوق الداخلية، هذا فضلاً عن الخسائر التي تحذر الفعاليات الاقتصادية الأردنية من ارتفاعها في حال استمرار إغلاق معبر نصيب وعدم إيجاد بديل مناسب.
انطلقت اليوم أول عبّارة
حاملة للسيارات الشاحنة من ميناء طرطوس باتجاه مصر
ويبدي مدير هيئة تنمية وترويج الصادرات إيهاب اسمندر تفاؤلاً حيال إمكانية تشغيل معبر السويداء (الروشيد على الجانب الأردني) «ففي النهاية تسهيل التبادل التجاري بين الدول يحقق مصلحة مشتركة للجميع، ولا أعتقد أن هناك من سيعارض تحقيق مصالحه»، موضحاً أن هناك لجنة شكلت أخيراً تعمل على دراسة البدائل الممكنة، وتقديم الاقتراحات اللازمة لمعالجة الأثار الناجمة عن إغلاق معبر نصيب.
من ناحيته، يجزم كيشور بحتمية إيجاد منافذ برية للمحافظة على ما بقي من «حركة الترانزيت» بيد سوريا، ولذلك يطرح فكرة «تحويل الشاحنات باتجاه معبر التنف مع العراق للمرور ترانزيت في أراضيه قبل توجهها نحو الأردن أو الكويت أو السعودية»، وعلى طول مسافة هذا الطريق إلا أنه يبقى مجدياً ومنافساً أكثر للبديل البحري، الذي تحاول تركيا فرضه على دول المنطقة بالتعاون مع «إسرائيل»، والمتمثل بميناء مرسين على الشواطئ التركية وميناء حيفا على شواطئ فلسطين المحتلة.
وكما هي حال البدائل المطروحة أمام الصادرات اللبنانية، لا يجد المصدرون السوريون مهرباً من دراسة إمكانية اللجوء إلى النقل الجوي والبحري رغم التكلفة العالية، وهنا يُذكر مدير هيئة تنمية وترويج الصادرات الحكومية بالاتفاقية الموقعة مع مصر، التي يمكن بموجبها «إحداث خط بحري يربط ما بين ميناء طرطوس وميناء الإسكندرية» ليشكل بذلك إضافة مهمة لمنافذ التصدير. فهناك ضرورة لمحافظة الصادرات السورية على وجودها في أسواق الخليج والأردن وزيادتها، وبحسب السواح فإن ذلك «يفرض دعم المصدر للتخفيف من الأعباء والكلف العالية التي سيتحملها».
وأمس، أعلن اتحاد المصدرين أن أول عبّارة حاملة للسيارات الشاحنة ستنطلق اليوم الثلاثاء من ميناء طرطوس باتجاه مصر، وعلى متنها 40 شاحنة براد محملة بالمنتجات الزراعية، مضيفاً أن 170 سائقاً سورياً حصلوا على «فيزا» لدخول الأراضي المصرية.
زياد غصن
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد