أرقام المركز السوري لبحوث الدراسات محل تشكيك!..آثار كارثية على قطاعات الصحة والمياه والأغذية
أظهر التقرير الصادر مؤخراً عن المركز السوري لبحوث الدراسات الذي جاء لرصد الآثار الاقتصادية والاجتماعية للأزمة في سورية للعام 2104 أن هناك ارتفاعاً في كلف المعيشة للمواطن قد فاق جميع التوقعات.
وبالأرقام وبناء على بيانات المكتب المركزي للإحصاء حتى أيار 2014 وإسقاطات المركز السوري لبحوث السياسيات للأشهر السبعة المتبقية من العام المنصرم وبدعم من وكالة الأمم المتحدة للإغاثة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فقد قدر مؤشر أسعار المستهلك بأن هناك تراجعاً بنسبة 4.3% في الربع الأول من العام ذاته، على حين ارتفع بنسبة 5% في الربع الثاني، بعد أن قفزت أسعار البنزين بنسبة 20% وتشير الإسقاطات إلى أن هذا الاتجاه قد استمر مع زيادة مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 10.3% في الربع الثالث وبنسبة 22% في الربع الرابع، ونجمت هذه الزيادة خلال النصف الثاني من العام 2014 عن مجموعة من العوامل، منها الزيادات في أسعار السلع والخدمات الأساسية كالخبز، والرز، والسكر، والارتفاع الكبير في أسعار الطاقة في الربع الأخير من العام الماضي، إضافة إلى ندرة السلع الأساسية مثل الغاز المنزلي، بسبب الأوضاع الأمنية، وعلاوة على ذلك، فإن أسعار هذه السلع ذاتها تختلف اختلافاً جذرياً بين المناطق، إذ إن الأسعار في مناطق النزاع تكون عادة أعلى من المناطق الأخرى بسبب ندرة السلع الأساسية.
وقد أدى قرار الحكومة برفع أسعار العديد من السلع والخدمات الأساسية إلى قفزة كبيرة في مؤشر أسعار المستهلك خلال النصف الثاني من العام ذاته ويمكن لهذا القرار أن يؤدي إلى زيادة الإيرادات الحكومية، إلا أنه على الأرجح سيترك تبعات سلبية على معيشة الأسر.
وتحت عنوان الصحة كارثة راهنة ومستقبلية أوضح التقرير أن استمرار الحرب على سورية قد أدى إلى تزايد في عمق أثره الكارثي في القطاع الصحي، الذي أدى تدهور في المؤسسات الصحية والمؤسسات المرتبطة بها في مناطق عديدة في أنحاء البلاد، وفي تزايد الخسائر في الأرواح البشرية. كما أن النزاع يسهم بصورة غير مباشرة في تزايد أعداد الوفيات جراء غياب العلاجات الطبية لبعض الأمراض، وهي وفيات كان يمكن تلافيها وتفادي حصولها لو قدمت تلك العلاجات. ومن المتوقع أن يستمر هذا التوجه في مرحلة ما بعد النزاع. وتظهر دراسات عديدة بأن طول أمد النزاع المسلح يترك آثاراً غير مباشرة على معدلات الوفاة والمرض في مرحلة ما بعد النزاع التي تكون غالباً أكثر حدة من التأثيرات المباشرة.
أسفرت العمليات العسكرية المتواصلة عن المزيد من الأضرار والتدمير التي طالت البنية التحتية لقطاع الصحة. وتشير البيانات المستمدة من منظمة الصحة وتشير البيانات المستمدة من منظمة الصحة العالمية، ووزارة الصحة، والعاملين المدنيين إلى أن محافظات حلب، ودير الزور، والرقة، وريف دمشق، وحمص، ودرعا هي الأكثر تأثيراً جراء فقدان المرافق الصحية العاملة بسبب الحرب. غير أن حجم الأضرار الحقيقية في المناطق التي شهدت اشتداد المعارك في كل من حلب، ودير الزور، والرقة، ودرعا، وإدلب، وحماة، والحسكة سيظل غير معلوم وستظل تقديرات هذه الأضرار أقل من المواقع بسبب النقص في المعلومات نتيجة محدودية إمكانية النفاذ إليها. لكن يمكن الافتراض بأن هؤلاء السكان الذين يعانون أقصى درجات الحرمان يحصلون على أسوأ الخدمات الصحية.
وبيّن التقرير أن مراكز الرعاية الصحية قد شهدت خراباً كبيراً نتيجة الأزمة، علماً بأن نصف المراكز التي كانت قائمة قبل الأزمة فقط لا تزال تعمل مع نهاية الماضي وتظهر بيانات وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية التي تعود إلى منتصف العام ذاته بأن 21% من المراكز الصحية كانت تعمل جزئياً على حين إن 18% منها كانت خارج الخدمة، وغابت المعلومات بخصوص 19% حسب تقديرات وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية للعام الماضي وقد كانت محافظات حلب، والرقة، دير الزور، تضم العدد الأقل من المراكز العاملة. أما أثر الأزمة في البنية التحتية للمشافي في أنحاء البلاد فقد كان أكثر تدميراً بالمقارنة مع الدمار الذي طال مراكز الرعاية الصحية الأولية نتيجة للأهمية الأكبر التي تتمتع بها المستشفيات من الناحيتين المؤسسية والسياسية.
تواجه أغلبية المستشفيات نقصاً في الكادر الصحي، مع وجود عوز حاد في أطباء الطوارئ. ففي محافظة إدلب، أفادت كل المستشفيات التي لا تزال تعمل عن غياب أطباء الطوارئ بين صفوف موظفيها، على حين قالت 8 مستشفيات من أصل11 مستشفى في حلب، و4 من أصل 5 في دير الزور، و7 من أصل 8 في ريف دمشق، و3 من أصل 4 في الحسكة بأنها تفتقر إلى أطباء الطوارئ ذوي الاختصاص المناسب حسب منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة للعام 2014. ولا تقتصر الندرة في هذه الفئة من الأطباء على مناطق النزاع وإنما نراها أيضاً في مناطق أكثر أماناً نسبياً، مثل دمشق، حيث أفادت 10 من أصل 13 مستشفى بافتقارها إلى أطباء الطوارئ.
وهناك أمر آخر يفاقم المخاوف الصحية الأوسع يتمثل في تدهور الوضع الغذائي للسكان الذين يعانون نقصاً في الأغذية، ومياه الشرب، والصرف الصحي، والأدوية الأساسية، ومن محدودية في الحصول عليها. وقد تزايد اعتماد السكان في مناطق عديدة على مصادر بديلة لمياه الشرب تعرضهم، ولا سيما الأطفال منهم، إلى مخاطر أعلى بحصول الأمراض. وفي بعض المناطق، يضطر السكان إلى الاعتماد على أغذية وأدوية ذات جودة غير مضمونة بما أنها تأتي من الأسواق السوداء وغالباً ما تُهرَّب عبر الحدود، كما أنها غالباً ما تكون ملوثة أو منتهية الصلاحية. وإضافة إلى كل ما سبق، ما زالت صحة السوريين معرضة للخطر نتيجة لندرة المنتجات الدوائية، مع تنامي التفاوت بين مختلف المناطق في البلاد. وإضافة إلى ما سبق، من المرجح أن يتسبب تخفيض الدعم الحكومي على الأغذية وزيادة أسعار الدواء إلى تفاقم تدهور الوضع الصحي العام للفقراء، ولا سيما الأشد فقراً بينهم.
ولمعرفة رأي الجانب الحكومي حول دقة أرقام المركز السوري لبحوث الدراسات اتصلنا مع معاون وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك جمال شعيب الذي قال: لا أعتقد أن هناك دقة في الأرقام الصادرة عن المركز السوري لبحوث الدراسات، ولاسيما فيما يخص أسعار المواد الغذائية والتي كان للوزارة من خلال مؤسسات التدخل الإيجابي دور مهم في الحد من ارتفاع الأسعار، وتجنب حالات الاحتكار، لافتاً إلى أن هذا الارتفاع الذي طال بعض أسعار السلع والمواد في الأسواق مؤخراً نتيجة ارتفاع أجور النقل والمشتقات النفطية وغيرها من ظروف الأزمة، مشيراً إلى أن هناك موارد وسلعاً هي بالأصل محررة ولا دخل للوزارة في لجم زيادة الأسعار التي قد تطولها.
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد