أليكس جيني.. الفائز بجائزة غونكور عن رواية «فن الحرب الفرنسي»

11-11-2011

أليكس جيني.. الفائز بجائزة غونكور عن رواية «فن الحرب الفرنسي»

حين زار أليكسي جيني بيروت، مؤخراً، خلال معرض بيروت الفرنكوفوني، لم يتسنَّ له أن يبقى لأكثر من يوم واحد، إذ بعد لقائه، غادر بسرعة، فروايته الأولى كانت على قائمة جميع جوائز الخريف الأدبية الفرنسية. حدس لم يخب، إذ بعد يوم واحد، فاز بجائزة غونكور، وهي أهم الجوائز الأدبية الفرنسية.
رواية أولى، تضع الكاتب تحت مجهر الأضواء. لكن علينا الاعتراف أيضاً، أن الرواية منذ صدورها عرفت الكثير من الحفاوة النقدية، حيث اعتبرها الجميع واحدة من أفضل الروايات الفرنسية الصادرة هذا العام.
حول روايته هذه، وقبل فوزه بالجائزة، أجرى موقع (فلوكتويا) الالكتروني حواراً طويلاً مع الكاتب، هنا ترجمة لأبعض أبرز ما جاء فيه...

÷ وقّعت مع "فن الحرب الفرنسي" أكثر الروايات ظهوراً مع بداية هذا الموسم الأدبي. السؤال هل كتابك رواية فعلاً؟
} عليّ أن أعترف فعلاً بأن لديّ مشكلة مع التخييل الروائي. في كتابي، هناك 3 أنساق من الكتابة: الرواية، الجانب الشفوي الإيقاعي، البحث. ولكل واحد منه حدوده. الرواية، أمر جيد، لكن في العمق، لم أعد أومن بها. أما البحث، ففي لحظة ما يبدو مضجراً. أما الجملة الطويلة المتعرجة، فهي تبدو جميلة بالنسبة إلى المولعين بالجماليات، إلا أنه سرعان ما أتبرم منها. من هنا، مررت من نسق إلى آخر. وهذا ما أعطى كتاب "فن الحرب الفرنسي" هذا الإيقاع الخاص. أضف إلى ذلك، نجد أن كل ما ينتمي إلى تاريخ القرن العشرين، يبدو أنه يضعنا في مجال مليء بالصور، بالتوصيف. لذلك، علينا أن نتصرف لكي نجد شكلاً متفرداً.

÷ هل بحثت عن أن تبقى مخلصاً للحقيقة التاريخية أم أنك سمحت لنفسك ببعض الحرية؟
} لست مؤرخاً، وتوجب عليّ أن أعود للوثائق بشكل كبير: كان على السياق الذي أضع فيه شخصياتي أن يبدو على كثير من الصحة. من هنا، ذهبت في كل الاتجاهات على طريقة ساعي البريد القديم، حيث وجدت أشياء أعجبتني، لذلك وضعتها في جعبتي بسرعة (يضحك...). تردّدت إلى المكتبات العامة، إلى عند الوراقين، إلى الانترنت. شاهدت في مواقع (الكترونية) جنوداً سابقين على درجة كبيرة من الهذيان، ثمة أشياء لا تطالب إلا بالثأر وأشياء أحقر مما تتصور. من وجهة نظر تاريخية، أعرف أن ثمة أشياء لا تبدو دقيقة، بل تقريبية في "فن الحرب الفرنسي". ثمة بعض الإضمارات الزمنية التي توافقني فعلاً. لكن علينا أن ننسى بأن جميع هذه الحروب، التي تعرف باسم الحروب الاستعمارية، كانت تبدل ـ من سنة إلى أخرى ـ اتجاهها وتوجهها وطبيعته.

÷ لماذا افتتحت روايتك هذه بتذكر حرب الخليج، العام 1991؟
} إن الخيار الأساسي لبطلي خيار واقعي. لقد شاهدت في الحقيقة التحقيق الذي أصفه، شاهدت الجنود الفرنسيين الذين كانوا يرحلون إلى الجبهة. رأينا زوجاتهم، أطفالهم، الخ... وهذا ما أثر بي بعمق، مسني حقاً بينما أنا أنحدر من عائلة يسارية. أذكر ملصقاً للفنان كابو، يقول فيه: "العدالة العسكرية هي بالنسبة إلى العدالة ما تمثله الموسيقى العسكرية للعمل الموسيقي". ترعرعت في هذه الروحية. حتى أني شخص لم يقم بخدمته العسكرية...

÷ في اللحظة التي يلتقي فيها الراوي بفيكتوريان سالانيون، نتساءل إن لم يكن ينقص الجيل الشاب حرب حقيقية. هل في الأمر تحريض ما من جانبك؟
} أبداً. إنها بالضبط استيهامات شاب في العشرين من عمره، لا يعرف بتاتاً أين يجد موطئاً لقدمه. لقد طرحت على نفسي أحياناً السؤال هذا، وبخاصة وأنا أقرأ كتاب "المصور الفوتوغرافي" لهيرفيه غيبير. قلت، سحقاً، ما الذي أفعله في الثمانينيات، بدلاً من أن أذهب لأرى اللحظة الراهنة؟ في تلك الحقبة، كنت أتابع دراستي كصبي شاطر، كنت أضحك مع أترابي، وأعيش حياة عادية طبيعية. بينما لم يكن أحد من الأشخاص الذين كانوا في عمري ينتمون إلى أفغانستان.

رواية تعليمية
÷ ما رأيك بروايات جان ـ كريستوف روفان؟
} لنقل إني أحببت الكتاب الذي كتبه عن أثيوبيا، ما عدا ذلك، أجد أن رواياته فيها الكثير من "المغامرات" بالنسبة إليّ...

÷ لقد اهتم ريشار مييه بكتابك (المحرر في دار النشر) ونجد أنه هو من اهتم بكتاب "العطوفات". ألم تخشى بأن يشبهوا كتابك تلقائياً بكتاب جوناثان ليتل؟
} المدهش في الأمر، هو أني قرأت أعمال ريشار مييه في الثمانينيات وتوقفت عن قراءته في التسعينيات. بعد شهر من إرسال المخطوط عرفت أنهم سينشرونه وبأن عليّ أن أعيد العمل عليه وبسرعة.... حين بدأ الاهتمام بكتابي، عدت وقرأت كتابه "حب الأخوات بيال الثلاث"، وفهمت لاحقاً أن كتابي يبدو كوريث لهذا الكتاب. ووعيت بأن البعض سيقولون بأن كتابي سيكون الجزء الثاني من "العطوفات"...

÷ تكلمت الصحافة كثيراً عن نظرتك للحرب العالمية الثانية والحرب في الهند ـ الصينية والحرب في الجزائر. ومع ذلك نجد أن بعض العناصر تستدعيها بشكل اقل..؟
} بالتأكيد. لدي علاقات وجدانية مع الصين. أمارس "التاي ـ شي شوان" منذ أكثر من 15 سنة، كما أني أمارس التاوية، الحقيقية، الكلاسيكية على الطريقة القديمة. في "فن الحرب الفرنسي" هناك أيضاً ما له علاقة بفن الرسم. أحب فعلاً أن أرسم بشكل صحيح، بالحبر الأسود الصيني. حين بدأت كتابة هذه الرواية، بدأت بالرسم أيضاً، من هنا كل ما أكتبه عن الإبداع قمت بتجربته. في العمق، أعتقد بأني كتبت رواية تعليمية إذ أن ممارسة فن وايجاده أمر في قلب الرواية...

÷ عبر هذه الاستدعاءات، تحدثت أيضاً (وبخاصة) عن فرنسا اليوم. ألا تحس بالخوف، أيضا، بأن يقرأوا كتابك قراءة سياسية؟
} أجل، وهنا الخطورة في الواقع. سأتفهم الأمر إن ركزوا على هذه الناحية. إلا أن هذا الكتاب يشكل مكتبة كبيرة، مليئة بالموضوعات المختلفة. الجانب السياسي فيها لا يمثل أكثر من عشرين بالمئة. صحيح أنه ظاهرة للعيان...

÷ وبخاصة فيما يتعلق بالهوية الفرنسية التي تجتاز 600 صفحة...
} بالطبع، لكني لم أكن أبحث في ذلك عن فضيحة أو عن تحريض ما من جانبي. أضطلع بكل شيء. يبدو أن الجميع يهذون حول هذه النقطة. كيف يمكن لنا الحديث عن الفحص الجيني؟ هل نحن على حق في التشكيك بإمكانية اندماج الجزائريين في حين أن بلدينا يملكان الكثير من الأشياء المشتركة؟ أنا نفسي حفيد مهاجر سويسري...

÷ نجد روايتك الأولى هذه على قائمة كل جوائز الخريف: غونكور، فمينا، ميدسيس، رونودو...
} لم أكن أنتظر ذلك. إنه أمر رائع. كتبت هذه الرواية ولم أكن أتوقع أيضاً أن تنشر. كنت أتمنى ذلك، بالطبع. تمنيتُ لو أنها تقرأ من قبل عدد صغير، لكان الأمر شكل سعادة لي. أن تكون على جميع اللوائح، يبدو الأمر كحكاية خرافية بدأت عبر مغلف تم إرساله في البريد وها هو يستمر...

÷ هل بحثت طويلاً عن ناشر؟
} الزمن الذي استغرقه البريد كي يصل المغلف إلى دار "غاليمار" والوقت الذي استغرقته القراءة. المحاولة الأولى كانت مناسبة...

÷ كم استغرقت كتابة هذه الرواية؟
} خمس سنوات تقريباً. عادة يندهش الجميع حين أقول ذلك. لكني لم أقم بذلك عمداً. أشعر بأنه يتوجب هذه المدة كي نقوم بعمل مماثل، كي نبحث عن الوثائق. بالنسبة إليّ، كانت خمس سنوات من ممارسة الكتابة...


ترجمة : اسكندر حبش- السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...