أمريكا النازية: جرائم الحرب المرتكبة "باسم 9/11" ( ج 1)
الجمل - بروفسور ميشيل تشوسودوفسكي- ترجمة: د. مالك سلمان:
المؤتمر الدولي حول "9/11 مرة أخرى – البحث عن الحقيقة"
"مؤسسة بردانا للسلام العالمي"
كوالالمبور, تشرين الثاني 2012
مقدمة
تشكل أحداث 11 أيلول/سبتمبر 2001المأساوية علامة رئيسة في التاريخ الأمريكي, خطاً فاصلاً, ونقطة تحول.
تم تضليل الملايين من البشر بخصوص أسباب ونتائج 9/11.
يفتح 11 أيلول/سبتمبر 2001 منطقة أزمة واضطرابات وعسكرة المجتمع الأمريكي. حيث تتصف مرحلة ما بعد 11 أيلول/سبتمبر 2001 بتجريم دولة الولايات المتحدة, بما في ذلك أجهزة القضاء والسياسة الخارجية والأمن القومي والاستخبارات.
تحدد 9/11 إطلاق "الحرب الكونية على الإرهاب", التي تم استخدامها كذريعة وتبرير – من قبل الولايات المتحدة والناتو – لشن "حرب بلا حدود", حرب كونية أشبه بالغزو.
تم إطلاق عقيدة أمريكية عسكرية بعيدة المدى بُعَيدَ 9/11.
كما شكلت 9/11 عتبة نحو إبطال الحريات المدنية, وعسكرة تطبيق القانون وإقامة "دولة الولايات المتحدة البوليسية".
في تقويم الجرائم المرتبطة ب 9/11 في سياق إجراء قانوني, يجب أن نميز بين الجرائم المرتبطة بالحدث الفعلي, أي الموت ودمار الملكية في 9/11, و الجرائم المرتكبة بعد 11أيلول/سبتمبر 2001 "باسم 9/11".
الثانية مبنية على الأولى. نحن نتعامل مع بُعدَين مرتبطين للجرمية. الجرائم المرتكبة "باسم 9/11" التي تنطوي على أعمال حربية بعيدة المدى, والتي أدت إلى مقتل الملايين من البشر بالإضافة إلى تدمير بلدان بأكملها.
يتم استخدام حدث 9/11 بحد ذاته – الذي يصبح رمزياً – لتبرير الأجندة العسكرية للولايات المتحدة والناتو بعد 9/11, تحت راية "الحرب الكونية على الإرهاب", عداك عن إدخال الدولة البوليسية و إبطال الحريات المدنية.
تتكون الجرائم المرتكبة باسم 9/11 بشكل عام من عمليتين مترابطتين بشكل وثيق:
1. إطلاق "الحرب الكونية على الإرهاب", التي تم استخدامها كذريعة وتبرير من أجل شن حرب أشبه بالغزو. وقد تم استخدام التفويض بهذه الحرب لتبرير غزو 2001 و 2003 لأفغانستان والعراق. وقد تم توسيع تفويض هذه الحرب إلى عدد كبير من الدول في أفريقيا والشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا, حيث تقوم الولايات المتحدة وحلفاؤها في الناتو بشكل انتقائي تحت التفويض بمكافحة الإرهاب.
2. انتهاك الحريات المدنية وإقامة جهاز دولة بوليسية "أورويلية" داخل الدول الغربية. في الولايات المتحدة, عمل إدخال تشريع "الوطنية" وبناء "مكتب الأمن الوطني" بُعَيدَ هجمات 9/11 على تحضير الأرضية لإعادة بناء الجهاز القضائي والقانوني الذي تم تتويجه بتشريع الاغتيالات الخارجة عن القانون تحت تفويض مزعوم بمكافحة الإرهاب.
تشكل هجمات 9/11 ما يشار إليه في لغة الاستخبارات ب "حدث تنتج عنه إصابات كبيرة" فيما يتعلق بموت المدنيين.
يتم استخدام فقدان القتل الدراماتيكي صبيحة 9/11 كذريعة ومبرر لشن حرب انتقامية واسعة النطاق, باسم 9/11, ضد المرتكبين المزعومين لهجمات 9/11, أي "الدول الراعية للإرهاب", بما في ذلك أفغانستان والعراق, وكذلك إيران.
نتعامل هنا مع موضوع وحشي وإجرامي. يشكل القتلى المدنيون الذين ذهبوا ضحية 9/11 أداة للدعاية الحربية التي يتم استخدامها لتشكيل إجماع يدعم حرباً مباشرة تهدف إلى السيطرة الكونية.
إن صانعي الدعاية الحربية هذه متورطون في السلوك المهيمن على جرائم الحرب الواسعة, من حيث تبريرهم الفوري للعمليات الحربية على أنها عمليات مكافحة إرهاب و/أو عمليات إنسانية هدفها حماية المدنيين. يسود هنا مفهوم "الحرب العادلة": إن قتلَ المدنيين في أفغانستان والعراق يتم "بشكل محق" انتقاماً للقتلى الذين قضوا في هجمات 9/11.
تتم فبركة الدلائل إلى درجة القول إن "الدول الداعمة للإرهاب" قد قامت, صبيحة 9/11, بأعمال حربية مباشرة ضد الولايات المتحدة.
يتم قلب الحقائق رأساً على عقب. الولايات المتحدة وحلفاؤها ضحايا عدوان خارجي. يتم ارتكاب جرائم الحرب الأمريكية في أفغانستان والعراق باسم 9/11 بتفويض لمكافحة الإرهاب.
يتم استخدام هجمات 9/11 لتوجيه الرأي العام لدعم حرب بلا حدود. ويتم إطلاق حروب عدوانية لا متناهية تحت العباءة الإنسانية ل "مكافحة الإرهاب".
التسلسل الزمني للأحداث
في الساعة الحادية عشرة, من صباح 11 أيلول/سبتمبر, كانت إدارة بوش قد أعلنت سلفاً أن "القاعدة" مسؤولة عن الهجمات على "مركز التجارة العالمي" و "البنتاغون". وقد تم هذا التأكيد قبل إجراء أي تحقيق دقيق للشرطة.
قال مدير "سي آي إي", جورج تينيت, في ذلك الصباح نفسه إن لدى أسامة بن لادن القدرة على التخطيط ل "عدة هجمات دون إي إنذار مسبق".
وصف وزير الخارجية, كولن باول, الهجمات بأنها "عمل حربي", كما أكد الرئيس بوش – في خطاب متلفز للأمة – أنه "لن نميز بين الإرهابيين الذين قاموا بهذه الهجمات وأولئك [الحكومات الأجنبية] الذين يحتضنونهم".
قام مدير "سي آي إي" السابق, جيمز وولسي, ودون أن يذكر أفغانستان, بتوجيه إصبعه إلى "رعاية الدول", مشيراً بشكل غير مباشر إلى تواطؤ حكومة أجنبية أو أكثر. وبكلمات "مستشار الأمن القومي" السابق, لورنس إيغلبيرغر, "أعتقد أننا, عندما نتعرض لهذا النوع من الهجمات, سوف نبين كم نحن مرعبون في قوتنا وفي انتقامنا."
في مساء ذلك اليوم نفسه, الساعة التاسعة والنصف, تم تشكيل "مجلس حربي" شمل أيضاً مجموعة مختارة من المستشارين العسكريين والاستخباراتيين. وفي الحادية عشرة من الليلة نفسها, في نهاية ذلك الاجتماع التاريخي في البيت الأبيض, تم إطلاق "الحرب على الإرهاب" بشكل رسمي.
قرر "المجلس الحربي" شنَ حربٍ إجرامية وغير قانونية على أفغانستان, مبنية على مفهومين مترابطين:
1. على الرغم من أن القاعدة المزعومة هي التي نفذت هجمات 9/11, تم التعاطي مع هذه الهجمات بصفتها هجوماً عسكرياً من قبل قوة أجنبية.
2. بناءً على الزعم القائل إن أفغانستان تدعم القاعدة, فهي تتحمل بالتالي المسؤولية عن عدوان عسكري موجه ضد الولايات المتحدة الأمريكية.
قدمت أحداث 9/11 المأساوية التبريرَ اللازمَ لشن الحرب على أفغانستان على "أسس إنسانية", مع الدعم الكامل للرأي العام العالمي وموافقة "المجتمع الدولي". وقد قدم العديد من المثقفين "التقدميين" البارزين التبريرات ل "الانتقام من الإرهاب", على أسس أخلاقية. ومن خلال موقفهم هذا, أضفوا الشرعية على جرائم الحرب. تم قبول العقيدة العسكرية "القضية العادلة" وتبنيها بمفهومها الظاهري بمثابة ردٍ شرعي على 9/11.
بُعيدَ هجمات 9/11, تم عزل الحركة المناهضة للحرب بشكل كامل. فقد ابتلعت اتحادات العمال ومنظمات المجتمع المدني الأكاذيبَ الإعلامية والدعاية الحكومية.إذ باركوا حرباً ثأرية ضد أفغانستان, هذه البلد الفقيرة في آسيا الوسطى التي يبلغ عدد سكانها 30 مليون إنسان.
شكلت أسطورة "العدو الخارجي" وخطر "الإرهابيين الإسلاميين" حجرَ الزاوية في العقيدة العسكرية لإدارة بوش, والتي تم استخدامها بمثابة ذريعة لغزو أفغانستان والعراق, ناهيك عن إبطال الحريات المدنية والحكومة الدستورية في أمريكا. كما تميزت فترة ما بعد 9/11 بنشوء "رُهاب الإسلام" ("إسلاموفوبيا"), بما في ذلك التحريات والتصنيفات الإثنية الروتينية الموجهة ضد المسلمين.
أين كان أسامة بن لادن يوم 11 أيلول/سبتمبر 2001 ؟
هل هناك أي دليل على أن أسامة بن لادن, هذا البُعبُع, قد نَسَق هجمات 9/11 كما يزعم السرد الرسمي لأحداث 9/11؟
تبعاً لمحطة "سي بي إس" الإخبارية (دان راذر, كانون الثاني/يناير 2002), تم إدخال "العدو رقم واحد" إلى جناح البَولية في مشفى باكستاني عسكري في راوالبندي في 10 أيلول/سبتمبر 2001, بناءً على معلومات من حليف أمريكا القوي, باكستان. و راولبندي هي مقر قيادة الجيش الباكستاني, بما في ذلك جهازه الاستخباراتي. كان من الممكن إلقاء القبض عليه على الفور و "تجنيبنا كل هذه المشاكل", ولكن لما كنا حصلنا على "أسطورة أسامة" التي غَذت السلاسل الإخبارية والخطابات الرئاسية في السنوات ال 11 الأخيرة.
دان راذر. بينما تستمر الولايات المتحدة وحلفاؤها في البحث عن أسامة بن لادن, حصلت "سي بي إس نيوز" الليلة على معلومات حصرية عن مكان تواجد بن لادن وماذا كان يفعل في الساعات الأخيرة قبل أن يهاجمَ أتباعُه الولايات المتحدة في 11 أيلول/سبتمبر.
هذه نتيجة تحقيقات صحفية حثيثة من قبل فريق "سي بي إس نيوز" الصحفي, ومن قبل واحد من أفضل المراسلين الأجانب في المهنة, باري بيترسون العامل في محطة "سي بي إس". إليكم تقرير بيترسون:
(يبدأ عرض شريط فيديو) باري بيترسون, مراسل "سي بي إس" (صوت): الجميع يذكر ما حدث في 11 أيلول/سبتمبر. إليكم قصة ما يمكن قد حدث في الليلة السابقة. إنها قصة ملتوية مثل البحث عن أسامة بن لادن.
حصلت "سي بي إس" على معلومات تفيد أنه في الليلة السابقة لهجمات 11 أيلول/سبتمبر الإرهابية, كان أسامة بن لادن في باكستان. كان يتلقى الرعاية الطبية بدعم من الجيش الذي أعلن, هو نفسه, بعد ذلك بعدة أيام دعمَه لحرب الولايات المتحدة على الإرهاب في أفغانستان.(راجعوا تقرير "سي بي إس": http://www.globalresearch.ca/articles/CBS203A.html
http://www.cbsnews.com/stories/2002/01/28/eveningnews/main325887.shtml
الصورة التي عرضتها "سي بي إس نيوز" لمشفى راوالبندي, في باكستان, حيث يُزعَم أن بن لادن كان يتلقى العلاج في اليوم السابق ل 9/11:
يشير تقرير "سي بي إس" الهام إلى حقيقتين اثنتين:
1. لم يكن بمقدور أسامة بن لادن, من الناحية المنطقية, أن ينسق هجمات 9/11 من سريره في المشفى؛
2. كان المشفى تحت سلطة "القوات المسلحة الباكستانية" التي تربطها علاقات وثيقة ب "البنتاغون". كان مكان تواجد أسامة بن لادن معروفاً للجيش الباكستاني والأمريكي.
كان المستشارون العسكريون والاستخباراتيون الأميركيون المتمركزون في راوالبندي يعملون بالتنسيق مع نظرائهم الباكستانيين. ومرة أخرى, لم تكن هناك أية محاولة لاعتقال الهارب رقم واحد الذي تبحث عنه أمريكا. وقد زعم وزير الدفاع الأمريكي, دونالد رمسفلد, آنذاك أن مكان تواجد أسامة بن لادن مجهول. وتبعاً لرمسفلد: "الأمر أشبه بالبحث عن إبرة في كومة من القش".
كيف يمكن لأسامة بن لادن, الذي كان قيد العلاج في مشفى راوالبندي, أن ينسق هجمات 9/11؟
كيف يمكن تحميل أفغانستان مسؤولية هذه الهجمات التي نفذتها القاعدة؟ بن لادن مواطن سعودي لم يكن, تبعاً ل "سي بي إس نيوز" في أفغانستان أثناء الهجمات, بل في باكستان.
12 أيلول/سبتمبر 2001: غزو أفغانستان: عقيدة الناتو في الأمن الجماعي
كان الرد الفوري للولايات المتحدة وحلفائها في الناتو على هجمات 9/11 من خلال إعلان حرب انتقامية ضد أفغانستان على أساس أن حكومة طالبان تؤوي "العقل المدبر الإرهابي" أسامة بن لادن, الذي كان أثناء الهجمات في باكستان تحت حماية الجهاز العسكري والاستخباراتي الباكستاني. وفي مفارقة مريرة, عرضت الحكومة والجيش الباكستاني, اللذان ساعدا في إدخال بن لادن إلى المشفى في راوالبندي في 10 أيلول/سبتمير, المساعدة للولايات المتحدة في "ملاحقة بن لادن". وقد تم الوصول إلى اتفاق بهذا الشأن في 12 أيلول/سبتمبر في واشنطن بين رئيس الاستخبارات العسكرية الباكستانية, الجنرال محمود أحمد, ووزير الخارجية كولن باول.
في محاكاة ببغائية للتصريحات الرسمية, كانت وسائل الإعلام الغربية المشعوذة قد صادقت سلفاً, في 12 أيلول/سبتمبر 2001, على إطلاق "أعمالا انتقامية" موجهة ضد أهداف مدنية في أفغانستان. وبكلمات وليام سافاير في "نيويورك تايمز": "عندما نحدد قواعد ومخيمات مهاجمينا, علينا أن نبيدهم, مع التقليل من خطر الضرر المتلازم والقبول به, ونعملَ بشكل سري على زعزعة تلك الدول التي تستضيف الإرهابيين".
من خلال الزعم أن الحكومة الأفغانية تؤوي أسامة بن لادن, أصبحت هي بالتالي متواطئة – تبعاً للإدارة الأمريكية والناتو – في شن الحرب على الولايات المتحدة.
الحرب على أفغانستان: المرحلة الأولى من "الحرب الكونية على الإرهاب"
بدأت الحرب على أفغانستان بعد ذلك ب 26 يوماً, صبيحة يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر 2001. يثير توقيت هذه الحرب السؤالَ التالي: كم من الوقت يستغرق تحضير وتنفيذ مسرح حرب رئيسة على بُعد آلاف الأميال؟
سوف يؤكد المحللون العسكريون أن التحضير لمسرح حرب رئيسة عدة أشهر يمكن أن تصل إلى سنة كاملة من التحضيرات المتقدمة. وقد أكدت التقارير الصحفية أن الحربَ على أفغانستان كانت قد قطعت شوطاً متقدماً من التحضير قبل 11 أيلول/سبتمبر 2001, مما يدل على معرفة مسبَقة بهجمات 9/11.
بكلمات أخرى, تم استخدام هجمات 9/11 كذريعة لإطلاق أجندة عسكرية كانت جاهزة سلفاً على مخططات "البنتاغون" و "الناتو".
وقد تم إبطال الحريات المدنية في أمريكا بالتوازي مع قصف وغزو أفغانستان. فبعد 9/11 مباشرة, تم إقرار تشريع "الوطنية". كما تم إطلاق جهاز الأمن "الوطني" بهدف "حماية الأمريكيين من الإرهابيين". لقد تم رسم هذا الإطار القانوني والدستوري لما بعد 9/11 بعناية شديدة قبل هجمات 9/11.
المادة 5 من "معاهدة واشنطن": حُجج الناتو القانونية
عبر تفعيل المادة 5 صبيحة 12 أيلول/سبتمبر 2001, أقرت "هيئة الأطلسي" أجندة عسكرية إجرامية منافية للقانون الدولي.
تمثلت الحجة القانونية المقدمة من قبل الولايات المتحدة والناتو لغزو أفغانستان في الفكرة القائلة إن هجمات 11 أيلول/سبتمبر شكلت "هجوماً مسلحاً" غيرَ معلن "من الخارج" من قبل قوة خارجية غير مسماة, وبالتالي يمكن تطبيق "قوانين الحرب" التي تسمح للأمة التي تعرضت للهجوم بالرد باسم "الدفاع عن النفس".
في صباح 12 أيلول/سبتمبر 2001, استجابت "هيئة شمال الأطلسي" لحلف الناتو, المجتمعة في بروكسل, لقرار "المجلس الحربي" – المتخذ قبل عدة ساعات في الساعة 11 مساءً – بتبني القرار التالي:
"إذا تم إثبات أن هجوم [11 أيلول/سبتمبر 2001] على الولايات المتحدة كان موجهاً من الخارج [من أفغانستان] ضد ‘منطقة شمال الأطلسي’, فسوف يتم اعتباره عملاً تغطيه المادة 5 من ‘معاهدة واشنطن’".
في هذا الخصوص, تنص المادة 5 من "معاهدة واشنطن" على ما يلي:
"تجمع الأطراف على أن الهجوم المسلح على طرف أو أكثر في أوروبا أو شمال أمريكا سوف يعتبر هجوماً على جميع الأطراف, وبالتالي تتفق على أنه في حال حصول هجوم مسلح من هذا النوع, سوف يقوم كل من هذه الأطراف, من باب حق الدفاع عن النفس الفردي أو الجماعي والذي تقره المادة 51 من ميثاق ‘الأمم المتحدة’, بتقديم المساعدة ل ‘الطرف’ أو ‘الأطراف’ التي تتعرض لمثل هكذا هجوم من خلال القيام, بشكل فردي أو بالتنسيق مع ‘الأطراف’ الأخرى, بما يراه ضرورياً, بما في ذلك استخدام القوة العسكرية, لاستعادة وحفظ أمن منطقة ‘شمال الأطلسي."
تم اعتبار عمل حربي قامت به دولة أجنبية (أفغانستان) ضد عضو في"حلف الأطلسي" (الولايات المتحدة) عملاً حربياً ضد جميع أعضاء الحلف في ظل عقيدة الناتو في الأمن الجماعي.
لا يمكن لمخيلة مهما بلغت درجة خصوبتها أن تصنفَ الهجوم على "مركز التجارة العالمية" و "البنتاغون" بصفته عملاً حربياً منى قبل دولة أجنبية. لكن يبدو أن أحداً لم يتعب نفسَه في إثارة هذه المسألة.
"استخدام القوة العسكرية" فقط "إذا تم إثبات..."
كان هناك "إذا" في قرار أيلول/سبتمبر 2001. يتم تطبيق المادة 5 فقط إذا تم إثبات أن دولة أفغانستان متواطئة, أو تقف خلف, هجمات 9/11.
من الناحية العملية, كان قد تم التخلي سلفاً عن هذه ال "إذا" قبل 9/11. فقد كانت ترسانة الناتو برمتها جاهزة للحرب. ومن الناحية العسكرية, كانت قوات الناتو والولايات المتحدة في حالة متقدمة من الجاهزية سلفاً. من المعروف للمحللين العسكريين, وغير مذكور أبداً في وسائل الإعلام الغربية, أن التحضير لمسرح حربي كبير يحتاج إلى سنة على الأقل من التخطيط العملياتي المتقدم قبل انطلاق الغزو.
من المرجح أن المخططين العسكريين قد تأملوا ملياً في استخدام المادة 5 من "معاهدة واشنطن" كذريعة لشن الحرب, قبل 9/11.
ومع ذلك, لم يكن هناك إعلان رسمي للحرب في 12 أيلول/سبتمبر. فقد انتظر "الحلف" حتى 3 أيام قبل الغزو لإعلان الحرب على أفغانستان, هذه الدولة الفقيرة التي لا يمكن للمرء أن يصدق, مهما كان خياله جامحاً, بأنها قد شنت هجوماً ضد دولة عضو في "منطقة شمال الأطلسي".
كان قرار "هيئة الأطلسي", في 12 أيلول/سبتمبر, بحاجة إلى "إثبات" ودليل على أن:
1) القاعدة, بقيادة أسامة بن لادن ودعم من قوة أجنبية, قد أمرت ب "الهجوم من الخارج" على الولايات المتحدة الأمريكية.
2) هجمات 9/11 شكلت عملية عسكرية حقيقية (تحت بنود المادة 5) قامت بها دولة أجنبية (أفغانستان) ضد دولة عضو في الناتو, وبالتالي ضد كافة دول الناتو الأعضاء في ظل عقيدة الأمن الجماعي:
" المادة 5 وقضية الهجمات الإرهابية على الولايات المتحدة: تعرضت الولايات المتحدة لهجمات إرهابية وحشية. وقد سارعت على الفور إلى التشاور مع أعضاء ‘التحالف’ الآخرين. قرر ‘التحالف’ أن الولايات المتحدة كانت هدفاً لهجوم مسلح. ولذلك اتفق أعضاء ‘التحالف’ على أنه إذا ثبت أن هذا الهجوم قد تم توجيهه من الخارج, فسوف يتم النظر إليه بصفته مغطى بالمادة 5. وقد قام الأمين العام لحلف الناتو, لورد روبرتسون, بإعلام الأمين العام للأمم المتحدة بقرار ‘التحالف’.
وبذلك تم تفعيل المادة 5, ولكن لم يتم التأكد بعد أن الهجوم ضد الولايات المتحدة كان موجهاً من الخارج. وإذا تم إثبات ذلك, سوف يقرر كل حليف نوع المساعدة التي سيقدمها. وسوف يتم تقرير أي عمل جماعي يقوم به الناتو من قبل ‘هيئة شمال الأطلسي’. وبمقدور الولايات المتحدة أيضاً أن تقوم بأعمال مستقلة, بما يتوافق مع حقوقها والتزاماتها تحت ميثاق الأمم المتحدة.
بمقدور الحلفاء تقديم أي مساعدة يرونها ضرورية للتعامل مع الوضع. ولا تكون هذه المساعدة عسكرية بالضرورة, بل تعتمد على الموارد المادية لكل بلد. إذ يحدد كل عضو كيفية المساعدة التي سيقدمها ونوع التشاور الذي سيجريه مع الأعضاء الآخرين, مع الأخذ بعين الاعتبار أن الهدف النهائي هو ‘استعادة وحفظ أمن منطقة شمال الأطلسي."
من خلال تفعيل المادة 5, عبر أعضاء الناتو عن تضامنهم مع الولايات المتحدة وأدانوا, بأقوى طريقة ممكنة, الهجمات الإرهابية على الولايات المتحدة في 11 أيلول/سبتمبر.
في حال توفرت شروط تطبيق المادة 5, سوف يقرر حلفاء الناتو الطريقة التي سيساعدون بها الولايات المتحدة. (عرض العديد من الحلفاء تقديم المساعدة الطارئة بشكل واضح) . كل حليف مُلزَم بمساعدة الولايات المتحدة من خلال القيام, بشكل فردي أو بالتنسيق مع الحلفاء الآخرين, بما يراه مناسباً. هذا واجب فردي على كل حليف, وكل حليف مسؤول عن تحديد ما يراه مناسباً في هذه الظروف المعينة.
لن يتم القيام بعمل جماعي من قبل الناتو قبل إجراء المشاورات و حتى تقوم "هيئة شمال الأطلسي" باتخاذ قرارات أخرى.
- (يتبع في الجزء 2)
الجمل- قسم الترجمة
إضافة تعليق جديد