أنان يعلن وقف القتال في 10 نيسان ودمشق تطلب التزاماً سعودياً قطرياً تركياً
أبلغ مبعوث الامم المتحدة والجامعة العربية الى سوريا كوفي انان مجلس الامن الدولي، امس، ان دمشق بدأت بالتنفيذ التدريجي لبنود خطته عبر اتخاذ خطوات على صعيد سحب القوات العسكرية بحلول 10 نيسان الحالي، على أن يقوم مساعده ناصر القدوة بإقناع المعارضة السورية المسلحة بالالتزام «بإنهاء عملياتها خلال الساعات الـ48 التي تلي وقفا كاملا لأعمال العنف من قبل الحكومة» حسب تعبير واشنطن.
وطلب أنان من مجلس الامن عبر دائرة مغلقة من جنيف، دعمه والتفكير في نشر بعثة مراقبين للاشراف على وقف إطلاق النار، وهو ما سارعت دمشق الى التأكيد انه سابق لأوانه، محملة السعودية وقطر وتركيا مسؤولية «التشويش» على مهمة انان، داعية المبعوث الدولي للعمل على وقف تسليح «المجموعات الارهابية».
وانتقدت موسكو مؤتمر «أصدقاء سوريا» في اسطنبول رافضة تحديد أي «مهلة» أو «إنذار» لتطبيق خطة انان، موضحة ان «الانذارات والمهل المصطنعة نادرا ما تكون مفيدة». وأعلنت القاهرة والامين العام لحلف شمال الاطلسي اندرس فوغ راسموسن رفضهما تسليح المعارضة السورية،.
في هذا الوقت، وصل رئيس اللجنة الدولية للصليب الاحمر جاكوب كيلنبرغر الى دمشق في زيارة تستغرق يومين لإجراء مباحثات حول توسيع نطاق المساعدات الانسانية ووقف القتال وزيارة المعتقلين.
وقال المتحدث باسم انان، أحمد فوزي «السوريون أبلغونا بأنهم وضعوا خطة لسحب وحداتهم العسكرية من المناطق السكنية والمناطق المحيطة بها. بدأت الخطة امس (الاول) وهو اليوم الذي تلقينا فيه الرسالة وستكتمل بحلول العاشر من نيسان». وقال «إذا تمكنا من التأكد من حدوث هذا يوم العاشر (من نيسان) فسيبدأ العد التنازلي لوقف القتال، من جانب المعارضة ايضا. نتوقع أن يوقف الجانبان القتال في غضون 48 ساعة» من انتهاء المهلة.
وقالت مندوبة الولايات المتحدة لدى الامم المتحدة سوزان رايس، التي تترأس بلادها مجلس الامن لهذا الشهر بعد ان تحدث انان مع مجلس الامن، ان النظام السوري وعد انان بالبدء «فورا» بانسحابات عسكرية على ان ينهيها في 10 نيسان، موضحة ان الوعود السورية جاءت في رسالة وجهتها وزارة الخارجية السورية الى انان أول امس.
وأضافت رايس ان ما ورد في الرسالة ينص على ان «تبدأ القوات السورية على الفور باتخاذ الاجراءات التالية: التوقف عن القيام بأي تقدم وعن استخدام الاسلحة الثقيلة، والانسحاب من وسط التجمعات السكانية»، على ان يتم الانتهاء من تنفيذ هذه الخطوات العسكرية بحلول 10 الحالي.
وأضافت رايس ان مساعد المبعوث الدولي ناصر القدوة سيقنع من جهته المعارضة المسلحة بالالتزام «بإنهاء عملياتها خلال الساعات الـ48 التي تلي وقفا كاملا لأعمال العنف من قبل الحكومة». ووصفت المحادثات مع المعارضة «بالبناءة». وتابعت ان النظام السوري «لم يضع أي شرط مسبق» على موافقته، موضحة ان انان يتوقع الحصول من الحكومة السورية «قريبا جدا» على تفاصيل حول باقي النقاط في خطته.
وطلب انان من مجلس الامن دعمه والتفكير في نشر بعثة مراقبين للاشراف على وقف إطلاق النار. وقد عبر أعضاء مجلس الامن الـ15 عن «الدعم الكامل» له، وأكدوا «استعدادهم» لدرس مسألة المراقبين. ويفيـد دبلوماسيون بأنه لا بد من وجود 250 رجلا غير مسلحين على الاقل للقيام بهذه المهمة يتم اختيارهم من الجنود التابعين للامم المتحدة المنتشرين حاليا في جنوب لبنان أو في الجولان السوري المحتل.
لكن رايس أشارت الى ان واشنطن ودولا غربية تشكك في رغبة دمشق بالوفاء بوعدها. وقالت ان «التجارب السابقة تقودنا الى التشكك والقلق بأن نشهد خلال الأيام القليلة المقبلة تصعيدا في العنف بدلا من تراجعه».
وقال مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري إن «الدول التي تعمل على تسليح الإرهابيين في سوريا ومدّهم بالأموال وأجهزة الاتصالات تسعى لإفشال مهمة أنان، وتنتهك السيادة السورية وتعلن الحرب عليها، وهذه الدول متورطة في تعقيد الأزمة وعليها تحمل مسؤوليتها والالتزام بخطة أنان».
وأضاف ان «وزير خارجية السعودية لم يخف تدخله الشخصي في الشؤون الداخلية السورية عندما دعا علنا إلى تسليح المعارضة المسلحة بل اعتبر ذلك واجبا». وتابع ان «هذه التصريحات وغيرها تدل على ازدواجية في اللغة تخالف النهج التوافقي الذي سار عليه مجلس الأمن، وهي تمثل دعوة لإفشال مهمة أنان الذي قال منذ البداية إنه يود التحدث إلى السلطات السورية بصوت واحد، وبالتالي هناك من يشوش على صوته من خلال خلق مسارات موازية كما هو حال اجتماع أعداء سوريا الذي حصل في اسطنبول، والذي يعتبر بحد ذاته تشويشا على مهمة أنان وانتهاكا لها وتناقضا معها».
وشدد الجعفري على أن «سياسة الحكومة التركية الحالية عدائية تجاه سوريا، فهي استضافت اجتماعا على أرضها يقوّض سيادة دولة جارة بما يعتبر إعلان حرب عليها». وأوضح أن «الالتزام بخطة أنان يجب أن يسري على الجميع، بما في ذلك السعودية وقطر وتركيا وكل من يعمل على تجاوز السيادة السورية وخلق مسارات موازية لمجلس الأمن غير معترف بها دوليا، كما أن على من ينقل الأسلحة إلى الأطراف المسلحة أن يتحمل مسؤولية عمله».
وقال إن «سوريا تفعل كل ما بوسعها لإنجاح مهمة أنان الذي يعمل مع المسؤولين السوريين بانتظام. وأضاف «اننا نتوقع من أنان وأعضاء مجلس الأمن أن يكون لديهم الالتزام نفسه من أجل إنجاح الخطة، فليس هناك في العمل الدبلوماسي فرض لأي شروط مسبقة، والأهم في ذلك كله الحفاظ على السيادة السورية، والكلام عن المراقبين سابق لأوانه قبل انتهاء المفاوضات مع أنان». وتابع «اننا نتوقع أيضا من أنان أن يعمل على الاتصال مع الأطراف الأخرى، ولا سيما أولئك الضالعين في رعاية المجموعات الإرهابية وتسليحها بهدف وقف أعمال العنف».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي ان وفدا من الامم المتحدة سيصل الى سوريا غدا الاربعاء لبحث آلية تطبيقية لمهمة انان، رافضا الخوض في ما أعلن عن مهل زمنية لتنفيذ المهمة. واعتبر أن إعلان دول عربية صراحة عن رصدها ملايين الدولارات لتسليح المعارضة السورية ليس «سوى إشهار لأمر معروف».
وقال مقدسي، ان فريقا تابعا لإدارة عمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة سيزور دمشق الأربعاء لبحث «رؤية مشتركة للتطبيق العملياتي للخطوات التي تم الاتفاق عليها»، مشيرا الى أن «التصور الذي سيُبحث يتضمن مسائل تقنية لها صلة بأعداد المراقبين وتحركاتهم وحمايتهم عبر التنسيق مع الجانب السوري».
وأضاف مقدسي ان «سوريا ترغب عبر هذا (الامر) في إظهار جديتها اتجاه إنجاح المهمة، وبهدف تعزيز مكانة المبعوث الدولي بحيث يتمكن من الضغط على الأطراف الأخرى التي تعيق التوصل إلى حل، ولا سيما الإقليمية منها».
وكشف مقدسي، ردا على سؤال عن المهل الزمنية التي أشار إليها أنان في كلمته امام مجلس الأمن، الى أن «دمشق بحالة تداول منظم مع أنان وفريقه، وأن ثمة الكثير من التفاصيل التي يجب الوقوف عندها»، رافضا الإعلان عن تواريخ في الوقت الراهن.
وعلق مقدسي على إعلان دول خليجية رصدها مساعدات لتسليح المعارضة السورية بأن هذا التصرف «يستهدف الأمن الوطني السوري من جهة وعرقلة صريحة لمهمة أنان من جهة أخرى»، مشيرا الى أن هذا الفعل الذي جاء عقب مؤتمر اسطنبول «لم يكن سوى كلام مكرر وإشهار لأمر معروف».
وأبدى وزير الخارجية الروسي سيرغي معارضته لتحديد أي «مهلة أو إنذار» لدمشق لتطبيق خطة انان، مؤكدا ان «الانذارات والمهل المصطنعة نادرا ما تكون مفيدة».
وأكد لافروف، في مؤتمر صحافي بعد لقائه نظيره الارمني ادوارد نالبانديان في يريفان، انه لا يعود الى مؤتمر «أصدقاء الشعب السوري» تحديد كيفية تطبيق خطة انان، بل الى مجلس الامن. وقال ان «انان تلقى تفويضه من الامين العام للامم المتحدة ومجلس الامن الدولي، وسيعود الى مجلس الامن الحكم على من يطبق قراراته وكيف».
وأكد أن «روسيا تسعى إلى إيجاد حل سلمي للأزمة السورية، وتريد وقفا فوريا لإطلاق النار في سوريا»، مشيرا إلى أن على «الحكومة السورية أن تبادر بإخراج القوات من المدن السورية التي تشهد حوادث إطلاق النار، ولكن إذا لم تصاحب ذلك خطوات مماثلة يقوم بها من يحارب ضد الحكومة السورية فلا أظن أننا سنحقق النتائج».
وقال لافروف، في لقاء مع طلاب جامعة يريفان، «من الواضح أن الحكومة تأخرت في إصلاحاتها، لكنه من الخطأ تجاهل قيامها بالإصلاحات، مع أنها قد تكون غير شاملة ونصفية أحيانا. ولكي تصبح الإصلاحات مقبولة أكثر في المجتمع يجب خوض الحوار السياسي. أما تصريحات المعارضة بأن المخرج الوحيد هو رحيل الأسد فليست إلا دعوات إلى سفك الدم».
وقال المتحدث باسم البحرية الروسية الكابتن فياتشيسلاف تروخاتشيف لوكالة «انترفاكس» ان مدمرة تابعة للاسطول الروسي في البحر الاسود تقوم بمهمة في البحر المتوسط حاليا، فيما قال مصدر عسكري دبلوماسي لوكالة «نوفوستي» ان السفينة، المزودة بصواريخ والقادرة على التصدي للغواصات والطائرات، ستقوم بتوقف في مرفأ طرطوس السوري.
وقال الامين العام لحلف شمال الاطلسي اندرس فوغ راسموسن، في مؤتمر صحافي في بروكسل، «لا أعتقد ان الحل السليم يكون في تزويد المجموعات (المتمردة) بالسلاح». وأضاف «هناك خطر كبير في ان يؤدي تقديم السلاح لمجموعات في سوريا الى انتشار خطير محتمل للاسلحة في المنطقة». وأشار الى انه يأمل «التوصل الى حل سياسي ودبلوماسي على أساس المهمة التي قام بها انان» لهذا البلد.
وأكد راسموسن ان الحلف الاطلسي «لا ينوي على الاطلاق» التدخل في سوريا رغم انه وصف من جديد «القمع الدامي الذي يقوم به نظام الرئيس بشار الاسد بالمشين جدا».
ووصف وزير الخارجية المصري محمد عمرو «الوضع في سوريا بأنه خطير ومؤسف للغاية». وقال، بعد اجتماعه مع نظيره التشيكي كارل شوارزينبرغ، إن «تسليح المعارضة السورية، حسب ما ترى مصر، سيزيد من معدلات القتل وسيحول الوضع في سوريا برمته الى حرب أهلية كاملة»، مشيرا الى «اننا نريد ان نعطي فرصة لمهمة انان لنرى ما سينتج منها». وأعرب عن أمله في أن «يكون هناك حل غير عسكري للازمة من خلال مبادرة الدول العربية».
وقال وزير الثقافة والإعلام السعودي عبد العزيز خوجة، في بيان عقب جلسة مجلس الوزراء برئاسة الملك عبد الله في الرياض، إن «المجلس شدد على أن الوقف الفوري للقتل في سوريا ينبغي أن يشكل أولوية الجهود الدائمة وفق خطة الجامعة العربية وفي الإطار العام للشرعية الدولية».
وتابع خوجة «عبر مجلس الوزراء عن تقدير السعودية لمختلف الجهود الدولية المبذولة لاحتواء الأزمة السورية ومن بينها مؤتمر أصدقاء الشعب السوري في اسطنبول الذي اعترف في ختام أعماله بالمجلس الوطني السوري المعارض ممثلاً شرعياً لجميع السوريين والمظلة للمنظمات المعارضة الموجودة فيه ومحاوراً رئيسياً للمعارضة مع المجتمع الدولي، فضلاً عن تأكيده مجددا على أهمية التطبيق الكامل من جانب النظام السوري لمقررات الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية وخطة أنان المؤلفة من 6 نقاط». وأشاد «بموقف تركيا المشرّف والمعبر عن صداقة حقيقية للشعب السوري بكل طوائفه وجماعاته».
وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الاميركية ان الولايات المتحدة ودولا عربية وأجنبية تقدمت خطوة إضافية خلال مؤتمر «أصدقاء سوريا» للتدخل العسكري المباشر في الازمة السورية، عبر تعهد دول عربية بدفع 100 مليون دولار للمسلحين، وموافقة الادارة الاميركية على إرسال أجهزة اتصالات الى المعارضين.
ونقلت عن العضو في المجلس الوطني السوري ملهم الدروبي قوله ان المعارضة تلقت وعودا بالحصول على 176 مليون دولار مساعدات إنسانية، و100 مليون دولار لدفع رواتب المسلحين داخل سوريا لمدة 3 أشهر، مشيرا الى ان بعض الاموال أرسلت بالفعل الى المقاتلين، بينها 500 الف دولار نقلت الاسبوع الماضي «بطريقة لا يمكنني الافصاح عنها». وأوضحت الصحيفة ان غالبية الاموال تأتي من قطر والسعودية ودولة الامارات.
وذكرت وكالة الانباء السورية (سانا) ان «السلطات أحبطت محاولة تسلل مجموعة إرهابية مسلحة من الاراضي التركية إلى الأراضي السورية بالقرب من قرية خربة الجوز الحدودية» بريف ادلب. وأضافت ان «الاشتباك أسفر عن مقتل واحد من المجموعة المتسللة بينما لاذ باقي الارهابيين بالفرار».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد