أنقرة تدفع بفكرة «المناطق العازلة» اليوم ودمشق تتوقع فشلها
الرئيس بشار الأسد ماض في الخيار العسكري ضد «أعداء الداخل». هذا ما أكده في مقابلة تلفزيونية مع قناة «الدنيا» بثت أمس، وأوحت لهجتها بأنها موجهة في الدرجة الاولى، إلى الداخل في ظل انسداد افق طروحات سياسية جديدة لحلّ الأزمة. الأسد الذي تمسك بدور الجيش وأحقيته في محاربة «العدو الداخلي» منذ اللحظة الاولى في درعا، ترك نافذة مفتوحة أمام ما قد يخرج عن قمة طهران اليوم، حيث جرى الاعلان عن تشكيل مجموعة اتصال ثلاثية تضم ايران ومصر وفنزويلا. وفيما حمل تركيا «المسؤولية المباشرة» عن إراقة الدماء، اعتبر الأسد فكرة المنطقة العازلة «غير منطقية»، وأشار إلى «تغير في المزاج الشعبي» لمصلحة النظام في الفترة الأخيرة.
وفي طهران، اتفقت دول عدم الانحياز على إطلاق المبادرة الايرانية بتشكيل مجموعة اتصال من شأنها طرح خطة عمل لوقف العنف في سوريا والتمهيد لحوار بين السلطة والمعارضة.
وتسابق المبادرة الايرانية، وتوازيها المبادرة المصرية بتشكيل لجنة رباعية، طرح «المنطقة العازلة» الذي ستجدده تركيا أمام الاجتماع الوزاري لمجلس الأمن اليوم، والذي من المتوقع ألا يحقق المشاركة المطلوبة لاعطائه أي زخم سياسي. لكن دولا عديدة أبرزها فرنسا، أكدت أن خيار المنطقة العازلة «شديد التعقيد»، ويستلزم أيضا فرض منطقة حظر جوي.
وقال الأسد عن وجود الجيش داخل المدن إن «مهمة الجيش والقوات المسلحة في كل دول العالم هي حماية الوطن، وحماية الوطن لا تعني فقط الحماية من الخارج، بل الحماية من الداخل أيضاً... هذه المرة تحرك العدو من الداخل وليس من الخارج، وأي سوري يقوم بتنفيذ مخطط أجنبي ومعاد يتحول إلى عدو. وعن حديث الشارع عن تأخر الدولة في الحسم وتورط الكثيرين الذين اعتقدوا أن الدولة ضعيفة وبالتالي تسلحوا أكثر وغرر بهم أكثر، أكد الأسد أن «الدولة لم تتأخر والدليل أن القوات المسلحة عندما شعرت أن هناك تصعيدا كبيرا في درعا في بدايات الأحداث في الأشهر الأولى دخل الجيش إلى درعا. لم نتردد لحظة واحدة في الحسم».
وفي سياق مواز، قال الأسد إن «الحديث عن مناطق عازلة اولا غير موجود عمليا وغير واقعي حتى بالنسبة للدول التي تود انشاء هذه المناطق».
وبالحديث عن دور دول الجوار، قال الاسد إن موقف الدولة التركية معروف وهي تتحمل مسؤولية مباشرة في الدماء التي سفكت في سوريا ولكن... الشعب التركي وقف معنا خلال الازمة ولم ينجرف برغم الضخ الاعلامي والمادي لكي يذهب في الاتجاه المعاكس ونحن علينا أن نفكر اولا بالشعوب لان الدول عابرة... والامداد اللوجستي لو لم يكن له احتضان شعبي لبقي ضعيفا».
وردا على سؤال حول ما إذا كانت سوريا قد تلقت طلبات من الخارج، على أن تؤدي تلبيتها ضمنيا إلى تخفيف الضغط عن البلاد، قال الأسد «نعم، طلب منا بشكل واضح ومتكرر الابتعاد عن ايران»، مؤكدا أن دمشق رفضت ذلك. وقال «فشلوا في ضرب علاقتنا بالمقاومة وايران في فترة الانفتاح الغربي علينا واخذوا من «الربيع العربي» عنوانا لتبرير تدمير سوريا».
ورحّب الأسد بالمبادرة الايرانية لحل الازمة، قائلا ان أي مبادرة تأتي من الخارج، يتم التعامل معها على أساس الجهة التي تطرحها وعلاقتها بالمصلحة السورية. كما أشار إلى «تغير في الاجواء السياسية والأمنية، والمزاج الشعبي، يصب في مصلحتنا».
وأعلن المتحدث باسم الموفد الدولي الجديد إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي، أحمد فوزي بعد اجتماع أول غير رسمي بين الإبراهيمي وسفراء الدول الـ15 الأعضاء في مجلس الأمن، أن الموفد الدولي «عازم على التوجه إلى سوريا»، مضيفاً: «لم ينه بعد هذا المشروع ولكن هذه الزيارة قد تتم قبل الدورة المقبلة للجمعية العامة» للأمم المتحدة التي تبدأ في 24 أيلول المقبل.
وأعلن المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران آية الله علي خامنئي، خلال لقائه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بحضور مساعده جيفري فيلتمان في طهران، أن «شرط حل الأزمة السورية هو الحد من إرسال السلاح إلى المجموعات عديمة المسؤولية». وأكد أن «الحقيقة المرة بشأن سوريا هي أن مجموعة من الحكومات دفعت المجموعات المعارضة للحكومة السورية إلى خوض حرب بالنيابة عنها، وهذه الحرب بالنيابة تمثل الواقع الحالي للأزمة السورية».
من جهته، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمانبرست عن توصل الدول الاعضاء في حركة عدم الانحياز إلى اتفاق على تشكيل مجموعة اتصال مع الحكومة السورية والمعارضة بهدف بلورة حل سلمي وفي إطار مصالح الشعب السوري.
وأشار مهمانبرست إلى مقترح مقدم إلى القمة بتشكيل لجنة تضم إيران ومصر وفنزويلا لتولي مهمة ايجاد حل للازمة السورية، مشيراً الى ان الدول الاعضاء في حركة عدم الانحياز ستؤكد في مسودة البيان الختامي لقمة طهران على حل الازمة السورية ومعارضة التدخل الاجنبي في سوريا ودعم البرنامج النووي الايراني.
وكشفت قناة «الميادين» عن نسخة من مشروع البيان الختامي لقمة دول عدم الانحياز الذي صاغه وزراء خارجية الدول المشاركة، وفيه شجب المجتمعون العقوبات الأميركية على سوريا، ودعوا إلى الشروع في حوار أميركي ـ سوري.
وحمّل وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري طرفي النزاع في سوريا وبعض الجهات الإقليمية الداعية للتدخل العسكري في هذا البلد مسؤولية فشل مساعي حل الأزمة السورية، وقال إن الأمر يحتاج إلى «جهد خارق» لبدء عملية حوار سياسي لإيجاد مخرج للأزمة. وقال زيباري في مقابلة مع قناة «العالم» ان الأزمة السورية لم تعد أزمة سورية بحت أو عربية أو إقليمية، بل أصبحت أزمة دولية.
وحول المبادرة التي طرحها الرئيس المصري محمد مرسي في القمة الإسلامية في مكة لحل الأزمة في سوريا، وإيجاد مجموعة اتصال تضم إيران والسعودية وتركيا ومصر، أعلن زيباري أن الحكومة العراقية لديها بعض الملاحظات على هذه المبادرة، معتبراً أن الأزمة السورية لا يمكن حلها عبر تشكيل لجان اتصال، لكن هناك دولا معنية بهذا الموضوع لا يمكن تجاهل دورها في حل الأزمة السورية.
وكشفت «الميادين» عن مشروع عراقي للمساهمة في حل الأزمة عبر تبني مبادرة صندوق دولي لإعانة سوريا.
وقبل توجهه إلى نيويورك حيث يشارك اليوم في اجتماع لوزراء خارجية دول مجلس الأمن حول سوريا، دعت إليه فرنسا لن يشارك فيه وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف ولا نظيرته الأميركية هيلاري كلينتون، قال وزير الخارجية التركي أحمد داود اوغلو «نتوقع من الأمم المتحدة مناقشة مسألة حماية النازحين داخل سوريا وإيوائهم اذا أمكن في مخيمات هناك». وقال داود اوغلو «عندما نتحدث عن أرقام بمئات الآلاف فان هذه المشكلة لا تصبح مشكلة صراع داخلي في دولة ما وانما مشكلة دولية خطيرة».
وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس «اذا تجمع هؤلاء الاشخاص (اللاجئون) في مناطق محررة خاضعة لسيطرة الجيش السوري الجديد، سيكون من الضروري حمايتهم. وهذا يسمى منطقة عازلة. نحن نفكر حاليا في ذلك، الامر شديد التعقيد. ولا نستطيع القيام به بدون موافقة الاتراك ودول اخرى».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد