أنقرة تسعى لاحتواء التوتر الروسي- "الأطلسي" وموسكو توفّر غطاءاً جوياً للقوات السورية
تسعى أنقرة إلى احتواء التوتّر الذي خلّفته الأزمة الجوية التركية-الروسية بين موسكو وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، بعدما اعتبر "الناتو" أن اختراق الطائرات الروسية الأجواء التركية "لم يكن عرضياً"، الأمر الذي اعتبرته موسكو "استغلالاً غربياً لتشويه أهداف حملتها الجوية في سوريا".
وأكد رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، اليوم الأربعاء، أنه لا يُريد أن يتحوّل الصراع في سوريا إلى أزمة بين روسيا وحلف شمال الأطلسي (الناتو) أو إلى نزاع بين روسيا وتركيا.
لكنّه شدّد في الوقت نفسه، على أن تركيا، وهي عضو في الحلف، "لن تتهاون في أمن حدودها أو مجالها الجوي".
وأكد متحدث باسم حزب "العدالة والتنمية" الحاكم عمر غيليك، اليوم الأربعاء، أن أنقرة تنظر "بشكل إيجابي" لعرض روسي بالاجتماع ومناقشة قضية انتهاك المجال الجوي التركي، لكنّ أي انتهاك آخر هو "تهديد".
وقال: "نرى أن عرض روسيا للجلوس معاً والتفسير أمراً إيجابياً. روسيا صديق لكن إذا تواصلت التوغلات فسنعتبر ذلك تهديدا وليس مسلكاً ودياً".
وأعلنت وزارة الخارجية التركية، بدورها، أن أنقرة "منفتحة" على فكرة الاجتماع مع مسؤولين من الجيش الروسي في أنقرة لمناقشة إجراءات لتفادي تكرار الانتهاكات، لكنّها نفت طرح تأسيس مجموعة عمل مع موسكو.
وحول الضربات الروسية في سوريا، أشار داود أوغلو أن هذه الغارات "ليست موجّهة ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام-داعش، بدليل أن غارتين من أصل 57 غارة شنّتها موسكو استهدفت التنظيم بينما استهدفت الغارات الـ 55 الأخرى المعارضة المعتدلة".
وقال داود أوغلو: "إذا كان الغرض مواجهة داعش، فلنواجهه جميعنا معاً، لكن إذا كانت العملية تُنفّذ ضدّ المدنيين والمعارضة المعتدلة قرب الحدود التركية، بشكل يؤدي إلى موجات لجوء جديدة، فهذا يعني أن هناك مسألة خطيرة للغاية، وعلينا جميعاً أن نجلس معاً ونناقشها".
وفي سياق متّصل، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، اليوم الأربعاء، أن موسكو يُمكن أن تأخذ باقتراحات أميركية تهدف إلى تنسيق ضرباتها الجوية في سوريا مع غارات "التحالف الدولي" الذي تقوده الولايات المتحدة، فيما شنّت الطائرات الحربية الروسية مع بدء الأسبوع الثاني على عملياتها الجوية في سوريا غارات كثيفة في وسط وشمال غرب البلاد.
وترافقت الضربات الروسية للمرة الأولى مع توسيع موسكو نطاق عملياتها لتشمل توفير غطاء جوي للقوات السورية التي تخوض مواجهات عنيفة ضدّ الفصائل المقاتلة في محافظة حماه، وفق ما أكد "المرصد السوري لحقوق الانسان" ومصدر أمني سوري.
وقال مدير "المرصد" رامي عبد الرحمن: "شنّت طائرات حربية روسية منذ ليل الثلاثاء-الأربعاء الخميس حتى الآن عشرين غارة على الأقل على ريف حماة الشمالي، بالإضافة إلى 12 غارة استهدفت محافظة ادلب (شمال غرب)"، واصفاً الغارات بأنها "أكثر كثافة من المعتاد".
وأوضح أن "الاشتباكات مستمرة بين الطرفين في محافظة حماة (وسط) وقد وقعت إثر هجوم عنيف لقوات النظام والمسلّحين الموالين لها على محاور عدة".
ويسيطر "جيش الفتح" المؤلف من فصائل اسلامية عدة بينها جبهة "النصرة" (ذراع تنظيم القاعدة في سوريا) وحركة "أحرار الشام" على محافظة ادلب (شمال غرب). وتنتشر هذه الفصائل الاسلامية بالإضافة إلى مجموعات اخرى مقاتلة في مناطق عدة في ريف حماة الشمالي.
وأكد مصدر عسكري سوري الأربعاء "بدء الجيش السوري والقوات الرديفة له عملية برية على محور ريف حماة الشمالي، وتحديداً على أطراف بلدة لطمين الواقعة غرب بلدة مورك، تمهيداً للتوجّه نحو بلدة كفر زيتا، تحت تغطية سلاح الجو الروسي".
وبحسب عبد الرحمن، أحرزت القات السورية "تقدماً على جبهة لطمين على الرغم من ارسال الفصائل الاسلامية المقاتلة تعزيزات".
وفي شمال سوريا، أفاد "المرصد" بمقتل "مواطنتين وطفلة الاربعاء في غارات لطائرات يعتقد انها روسية في بلدة دارة عزة في ريف حلب الشمالي الغربي".
ونقل التلفزيون السوري، من جهته، عن مصدر عسكري قوله إن "القوات الجوية في روسيا الاتحادية بالتعاون مع القوات الجوية الروسية توجه ضربات دقيقة على اوكار تنظيم داعش في مناطق عدة من حلب وريفها".
وتأتي الضربات الروسية في وقت يشنّ الائتلاف الدولي بقيادة اميركية غارات جوية تستهدف منذ ايلول 2014 مواقع للتنظيم في سوريا، من دون أن يتمكّن من القضاء على التنظيم أو الحدّ من توسّعه بعد سيطرته على نصف مساحة سوريا تقريباً.
وتُجري موسكو وواشنطن منذ ايام اتصالات تهدف إلى إيجاد سبل تفادي أي احتكاك يُمكن أن يحصل بين الطرفين في المجال الجوي السوري.
وأعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية الجنرال ايغور كوناشنكوف، اليوم الاربعاء، أن وزارته "استجابت لطلبات البنتاغون ودرست عن كثب الاقتراحات الأميركية حول تنسيق العمليات في إطار مكافحة تنظيم الدولة الاسلامية الارهابي على الاراضي السورية".
وأكد في تصريحات نقلتها وكالات الأنباء الروسية أن "هذه الاقتراحات يمكن تنفيذها بصورة اجمالية"، لكنه اضاف "نحاول فقط ان نوضح من جانبنا بعض التفاصيل التقنية التي سيتم بحثها اليوم بين خبراء وزارة الدفاع الروسية وخبراء البنتاغون".
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) بيتر كوك، من جهته، "نتطلّع إلى الردّ الرسمي من الروس ومعرفة التفاصيل. ونحن مستعدون للقاء مرة اخرى بأسرع ما يمكن لمواصلة المحادثات التي أجريناها في السابق".
وذكر مسؤولون أن الالتزامات التي قطعتها موسكو في الجولة الأولى من المحادثات الأسبوع الماضي، تشمل تعهّدات بشأن اللغة التي سيستخدمها الطيارون الروس والأميركيون في اتصالاتهم، واختيار تردّد اللاسلكي لنداءات الاستغاثة، والارتفاع التي تحلق عنده الطائرات.
وكانت وزارة الدفاع الروسية أعلنت أن طائراتها قصفت، الثلاثاء، 12 هدفاً مرتبطاً بتنظيم "داعش" في منطقة محيط دير الزور ومناطق في محافظات دمشق وإدلب واللاذقية.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد